الناصرة – «القدس العربي»: تستعد اللجنة الوزارية لشؤون التشريع في إسرائيل لطرح مشروع قانون يحظر صوت الأذان بشكل مطلق من المساجد المقدر عددها بنحو 500 مسجد بذريعة الحفاظ على جودة البيئة.
مشروع القانون الذي تم تعديله عدة مرات منذ اقتراحه قبل أربع سنوات من قبل حزب «يسرائيل بيتنا» تمت مناقشته أمس وسيطرح للتصويت بعد أسبوعين. ويبدو أن طرح هذا المشروع من جديد لا ينم عن اعتبارات شعبوية لكسب النقاط من قبل مقدميه، بل هو تعبير مباشر عن تفاقم عدوى العنصرية وهوس الدولة اليهودية المتفشي في إسرائيل لحد الجنون في السنوات الأخيرة نتيجة عدة أسباب أهمها ازدياد قوة فلسطينيي الداخل كما وكيفا وجفاف مصادر الهجرة اليهودية.
ويحاول عضو الكنيست مردخاي يوغيف (البيت اليهودي) المبادر لمشروع القانون تبريره بالزعم أن حرية العبادة لا تعني المساس بجودة الحياة، لافتا لـ «الضجة» المؤذية للسكان خاصة في المدن المختلطة جراء صوت أذان المساجد في الفجر والعشاء.
وحسب النص المعدل الأخير لمشروع القانون سيتم توكيل وزير الداخلية صلاحية منع استخدام مكبرات الصوت في دور العبادة في ساعات الليل والفجر. ويقول يوغيف إن مشروع القانون يهدف أيضا لمنع استخدام مكبرات الصوت في المساجد لمنع رسائل دينية وقومية أحيانا تكون «تحريضية». ويدعي يوغيف الذي يشاركه في المشروع نواب آخرون أنه تلقى الكثير من الشكاوى من مواطنين يهود يتذمرون من صوت الأذان المرتفع لا سيما في المدن الساحلية المختلطة.
ويذهب الناطق بلسان وزارة الاتصالات الإسرائيلية يحيئيل شيبي للقول للإذاعة العامة أمس إن الحركة الإسلامية تستخدم مكبرات الصوت لتحقيق هدف سياسي. متطابقا مع عضو الكنيست يوغيف يقول شيبي إن الهدف السياسي للأذان يتمثل بفرض الهوية الفلسطينية على الحيز العام ومحاولة اضطرار الجيران اليهود لمغادرة أماكن سكناهم. بيد أن شيبي يقترح على الكنيست تعديل القانون بحيث يتم تطبيقه فقط في الأماكن المختلطة للمسلمين وغيرهم ممن يزعجهم صوت المؤذن.
والمشروع بصيغته الحالية يحظى بدعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي سبق وقال إنه لن يسمح باستمرار المساس بجودة البيئة والحياة بواسطة مكبرات الصوت في المساجد. ويحاول الناطق بلسان ديوان رئيس الحكومة أوفير غانديلمان تبرير تأييد مشروع القانون بالقول إن الكتب المقدسة لا تدعو لجعل حياة الناس بائسة بمكبرات الصوت. كذلك يقول إن الظاهرة هذه غير موجودة في الدول الأوروبية، وإن مشروع القانون يستند لقانون حماية البيئة منذ عام 1961 ..
لكن فلسطينيي الداخل يرفضون هذه المزاعم ويعتبرونها استمرارا لتضييق الخناق عليهم ويذهب بعضهم لاعتبار مشروع القانون إعلان حرب عليهم. وفي خطابه أمام الهيئة العامة للكنيست قال النائب في القائمة المشتركة مسعود غنايم أمس إن المؤذن في السنوات الأخيرة أصبح نجمًا من نجوم بعض اقتراحات القوانين لأعضاء كنيست يبحثون عن البروز والشهرة والصعود في السلم السياسي في إسرائيل. وتابع «يبدو أن صوت المؤذن يجلب أصواتا من نوع آخر في الانتخابات هي أصوات الجمهور اليهودي اليميني الذي يدعم أي خطوة أو قانون فيها إقصاء وإخفاء لكل إشارة وعلامة تدل على كل ما هو عربي». وشدد على أن الأذان هو دعوة للصلاة عند المسلمين، وهو قيمة ومعلم ديني، والمسّ به يعتبر مسًّا بحرية العبادة والتعبير. موضحا أنه لا يلوم بعض أعضاء الكنيست الصغار الذين يقترحون مثل هذه القوانين، بل اللوم على رئيس الوزراء الذي أعطى الزخم لهذه الملاحقة العنصرية عندما تحدث في جلسة الحكومة بعد خطاب «ديزنغوف» عن الأذان كمصدر إزعاج وكدليل على غياب القانون». وخلص إلى القول «إن الأذان كان وسيبقى رغم أنف العنصريين، وسوف يبقى هذا الصوت عاليً ا مرتفعًا فوق صوت كل عنصري حاقد يريد إسكاته».
وهذا ما يؤكده زميله عضو الكنيست من القائمة المشتركة طلب أبو عرار بالقول إن نتنياهو يصعد بذلك التحريض على فلسطينيي الداخل ويعلن الحرب على المسلمين. ويؤكد أنه إذا كان نتنياهو يعتبر صوت الأذان إزعاجا سنبقى «مزعجين» ولن يطلب المسلمون منه إذنا لممارسة شعائرهم. ويتابع «لو كان نتنياهو صادقا لعالج فوضى السلاح المتفشية في الشارع العربي بدلا من إهمالها وتأجيجها».
ويرى أبو عرار أن تأييد نتنياهو لمشروع القانون يندرج ضمن مناوراته السياسية من أجل البقاء في سدة الحكم.
من جهته يلفت مدير جمعية الأقصى الشيخ كامل ريان إلى أن ضجيج السيارات طيلة معظم ساعات اليوم أكبر بكثير من صوت الأذان الذي يدوم ثلاث دقائق فحسب. وفي تصريح لـ «القدس العربي» يربط ريان بين مشروع القانون وبين ما يعتبره تدهورا أخلاقيا في البرلمان الإسرائيلي. ويشير لتناقض المشروع مع الحق بالعبادة. ويوضح أن مشروع القانون يندرج ضمن هوس «يهودية الدولة» الذي يجتاح إسرائيل في السنوات الأخيرة، مشددا على أن الفلسطينيين يقيمون في وطنهم ولم يهاجروا له وأن صوت الأذان في البلاد يسبق نتنياهو ورفاقه بقرون وأنه سيبقى إلى ما شاء الله.
وتابع «ليعلم القائمون على هذا المشروع أنهم يلعبون بالنار ويدفعون العرب واليهود في المدن المختلطة لنزاع خطير». يشار إلى أن هناك العشرات من المساجد التي تنتهك حرمتها في أراضي 48 بعد تحويلها لحظائر وخمارات وملاه ليلية ومخازن وكنس وبعضها الآخر موصد ومهمل مآذنها خرساء بعدما تم إسكاتها بتهجير أصحابها عام 1948.
وديع عواودة