إسطنبول ـ «القدس العربي»: على الرغم من انتهاء مناورات «رعد الشمال» التي قادتها المملكة العربية السعودية بمشاركة قوات من أكثر من 20 دولة، إلا أن الجدل حول طبيعة وحجم وطريقة مشاركة الجيش التركي في المناورات الأكبر في المنطقة ما زال متواصلاً.
ويرى مراقبون أن التضارب الذي رافق المشاركة التركية التي وصفت بـ«الرمزية» يكشف حساسية التحالف السعودي ـ التركي، وحذر تركيا في علاقاتها مع المملكة في ظل التغيرات المتلاحقة في المنطقة، ومحاولة أنقرة الحفاظ على علاقاتها الاقتصادية مع إيران على الرغم من خلافاتها السياسية العميقة معها، بالإضافة إلى حساسية أنقرة من التواجد المصري القوي بالمناورة.
بدأت القصة مع أول إعلان رسمي سعودي عن القوات والدول المشاركة في المناورات قبل انطلاقها، وورد في الإعلان الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية «واس» اسم تركيا إلى جانب أسماء الدول المشاركة في المناورات التي جرت في حفر الباطن شمال المملكة.
وجاء في خبر «واس»: «تشارك في المناورة قوات تمثل دول كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن والبحرين، والسنغال، والسودان، والكويت والمالديف، والمغرب، وباكستان، وتشاد، وتركيا، وتونس، وجزر القمر، وجيبوتي، وسلطنة عمان، وقطر، وماليزيا، ومصر، وموريتانيا، إضافة إلى قوات درع الجزيرة».
كما نشر حساب «درع الوطن» الرسمي على تويتر الذي يغطي مناورات رعد الشمال؛ رسم توضيحي لأعلام الدول المشاركة في المناورات تضمن العلم التركي، بينما قالت وسائل إعلام سعودية إن تركيا أرسلت 400 جندي إلى الأراضي السعودية للمشاركة في المناورات.
لكن مصادر عسكرية تركية رسمية سرعان ما نفت وجود أي خطة لإجراء مناورات وتدريبات عسكرية مشتركة بين تركيا والمملكة العربية السعودية. ووصفت المصادر، الأنباء التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام حول اتخاذ قرار بإجراء مناورات بين القوات المسلحة للبلدين خلال زيارة رئيس هيئة الأركان التركية «خلوصي أكار» للسعودية في 30 كانون الثاني/ يناير الماضي، بأنها عارية عن الصحة.
وذكرت المصادر أنه تم الاتفاق مع السعودية على التعاون في مجال التدريب العسكري، نافيا أي اتفاق متعلّق بإجراء مناورات وتدريبات عسكرية مشتركة، وأكّدت أن القوات التركية لن تشارك في مناورات «رعد الشمال»، المرتقبة بقيادة السعودية، معتبرةً أن «ورود هذه الادّعاءات في فترة حساسة تمر بها المنطقة من شأنه أن يلحق الضرر بتركيا».
وفي وقت لاحق، قالت مصادر صحافية تركية إن الجيش التركي لم يشارك بقوات أو معدات عسكرية في مناورات رعد الشمال التي بدأت فعالياتها في المملكة العربية السعودية، السبت. وأوضحت صحيفة حرييت التركية أن ضابطين فقط من الجيش سيمثلان تركيا التي تشارك بصفة «مراقب» في المناورات.
لكن حفل الختامي للمناورات أعاد الجدل إلى الموضوع من جديد، وذلك أثر خروج صور وبعض مقاطع فيديو تظهر وجود العلم التركي ضمن سرايا القوات المشاركة في المناورات مع أعداد من الجنود، من دون أن تفصح أي جهة حجم المشاركة وطبيعتها.
وفي أحد مقاطع الفيديو الصادرة عن قيادة المناورات، يظهر جندي يلبس زي الجيش التركي خلال عرض الدول المشاركة في المناورات، كما يظهر جندي يحمل علم تركي كبير ضمن جنود يحملون أعلام جميع الدول المشاركة في المناورات وذلك خلال الحفل الختامي.
الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد زاهد غُول أكد وجود مشاركة تركية في المناورات، لكنه وصفها بالمشاركة «المتواضعة»، مشيراً إلى أن «الجهات الرسمية في الجانبين يبدو أنها غير معنية بنشر التفاصيل».
وقال في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي»: «يوجد محورين متصارعين، محور يريد تركيا بجانب السعودية، والآخر لا يريد رؤيتها كذلك ـ في إشارة إلى الإمارات العربية المتحدة ـ»، مستبعداً أن تكون لعلاقة تركيا مع إيران دور في ضعف المشاركة التركية بالمناورات.
سعيد الحاج الكاتب والباحث في الشأن التركي رجح أن تركيا عملت على الموازنة بين علاقاتها المتنامية في الفترة الأخيرة مع السعودية، وبين علاقاتها القديمة مع إيران، لافتاً إلى أن تركيا «تحرص بشكل دام على إبقاء خط رجعة مع إيران، وهي تريد في نفس الوقت التعاون مع السعودية ولكن ليس على حساب علاقاتها مع طهران».
وقال في تصريحات خاصة لـ«القدس العربي»: «تركيا شاركت فعلياً بقوة عسكرية في مناورات رعد الشمال وذلك ظهر بالصور، والجدل القائم هو حول الإعلان الرسمي»، موضحاً أن «المشاركة التركية لم تكن على مستوى كبير ورفيع وغاب أي زعيم سياسي تركي عن الحفل الختامي الذي شارك به عدد كبير من زعماء الدول المشاركة».
وقبل أيام زار رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو العاصمة الإيرانية طهران وأكد على ضرورة التعاون المشترك بين بلاده وإيران لحل مشاكل المنطقة، معرباً عن أمله بتمكن البلدين من رفع مستوى التبادل التجاري بينهما إلى أكثر من 50 مليار دولار.
ورأى الصحافي والمحلل السياسي التركي محمد أون ألمش أنه «لا يوجد تضارب في الموقف التركي.. التعامل بهذه الطريقة إحدى مميزات السياسة التركية، كما حدث مع إسرائيل، تركيا كانت تقول إنها قطعت كل علاقاتها بينما كانت العلاقات الاقتصادية في أحسن أحوالها، فمن المعروف أن تركيا لا تقطع الخطوط مع أحد».
وعن العلاقات مع السعودية، يقول لـ«القدس العربي»: «تركيا رأت الدخول في التحالف الإسلامي حتى يكون لديها خط رجعه لمواجهة المخاطر الكبيرة في المنطقة المتمثلة في إيران وتنظيم الدولة، وهي فضلت بناء تحالفات مع جيرانها في المنطقة بعيداً عن التبعية للولايات المتحدة وروسيا»، لافتاً إلى أن تركيا وعلى الرغم من تعاملها الجيد مع الجهات الحاكمة في السعودية «تقوم باستقبال عدد كبير من المعارضين السعوديين على أراضيها».
الكاتب والمحلل السياسي السعودي، جمال خاشقجي، والمقرب من دوائر صنع القرار رأى أن «المملكة العربية السعودية استطاعت جمع تركيا ومصر في حفر الباطن (خلال مناورات رعد الشمال)، على الرغم من خلافاتهم السياسية، طوال الشهر الماضي»، مشيرًا إلى أنها قادرة على جمعهما مرة أخرى. وقال في مقال له في صحيفة الحياة، تحت عنوان «قرع طبول الحرب من أجل السلام»، إنه «ربما يطرأ ظرف يجمع تركيا ومصر وغيرهما بأسرع مما نتوقع»، مضيفًا أنه «لنتذكر أننا نعيش في الشرق الأوسط حيث تسقط دول وأخرى تريد الصعود مكانها أو على بعضها»، في تأكيد آخر للمشاركة التركية.
إسماعيل جمال
الذي يتتبع مسار السياسة التركية.يرى انها تهتم بمصالحها أولا .ولا نستبعد قرب تطبيع العلاقة مع روسيا..وخاصة في ظل الخلاف الحاد مع أميركا.
ما خفي كان أعظم
فهناك طائرات حربية سعودية بتركيا
ولا حول ولا قوة الا بالله