الإعلاميون يرقصون بدون ترخيص والمسؤولون يرقصون بدون ترخيص… والشعب هو الضحية

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»:جاء قرار إقالة وزير العدل المستشار أحمد الزند ليخطف الأضواء من أزمة الدولار، مثلما اختطف الدولار الأضواء من الجميع، وهو ما عكسته الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 14 مارس/آذار في تغطيتها للأزمة، التي تسبب فيها كلام الزند في أحد البرامج التلفزيونية يوم الجمعة عن الرسول «صلى الله عليه وسلم « وكبرت الأزمة بسرعة وسط احتجاجات من الأزهر ومن الكثيرين.
حتى أن زميلنا الرسام إسلام في جريدة «الوطن» أخبرنا أمس الاثنين أنه شاهد مشهدا عجبا ثلاثة أطفال «بيهظروا فاتحبسوا بتهمة ازدراء الأديان، وبجوارهم كاتب ألفّ رواية فحبس بتهمة خدش الحياء وبجوارهما وزير تطاول على الأنبياء ما يجراش حاجة عادي».
والملاحظ في هذه الأزمة أن الرئيس السيسي ظل بعيدا عنها، رسميا على الأقل، وترك لرئيس الوزراء أمر معالجتها، رسميا على الأقل أيضا، حتى يظهر بأنه مسؤول عن وزرائه، خاصة أنه مقبل على شيئين، الأول تعديل وزاري، والثاني إلقاء بيان حكومته أمام مجلس النواب بعد أيام للحصول على ثقته، وهو من مدة يعقد اجتماعات متواصلة مع أعضاء المجلس عن كل محافظة على حدة، لمعرفة اقتراحاتهم ومطالبهم. وأول أمس اجتمع مع أعضاء المجلس عن محافظة القليوبية وبحث مطالبهم، وأكد أنه لا صحة ولا نية لما يقال عن بيع القطاع العام، وإنما هناك تدعيم له وإصلاح وضخ استثمارات جديدة وطرح جزء من أسهم شركاته في البورصة.
أما الموضوع الثاني الذي اهتمت به الأغلبية فكان العاصفة الترابية التي هبت، والأمطار التي سقطت، ومباريات كرة القدم، وترقب أسواق المال لمعدل انخفاض سعر الدولار، واهتمام أهل الفن بالمسلسلات والبرامج التلفزيونية التي سيتم عرضها في شهر رمضان المقبل. وإلى شيء من أشياء عديدة لدينا..

الزند: المسألة تم تضخيمها لأغراض سياسية

ونبدأ مع الحدث الذي جذب اهتمام الأغلبية، والذي تمثل في كلام وزير العدل المستشار أحمد الزند في لقائه مع قناة «صدى البلاد» الذي أساء فيه للرسول الكريم. وقد نشرت «الأهرام المسائي» يوم الأحد تحقيقا جاء فيه: «كان المستشار الزند في لقاء تلفزيوني على قناة «صدى البلد»، قد توعد كل من يخوض في شرفه ومهنيته وحبه وانتمائه لبلده. مؤكدا أنه لن يسمح لأي شخص أن يخوض في شرفه أو شرف عائلته، حتى لو كان صحافيا. وقال بأن من يخطئ لابد من محاسبته وفقا للقانون والتشريعات الدستورية، التي تنص على معاقبة المخطئ كائنا من كان، وأضاف «أومال السجون أتعملت عشان مين». وأثناء سؤال الإعلامي حمدي رزق مقدم البرنامج للمستشار الزند «تسجن صحافيين؟»، رد الزند «إنشا الله يكون نبي.. عليه الصلاة والسلام .. استغفر الله العظيم يارب». وأضاف أن المخطئ أيا كانت صفته فهو معرض للحبس والمعاقبة وفقا للقانون. وقال أنه ليس في خصومة مع الصحافة ولا مع الصحافيين على الإطلاق، لكن المخطئ يحاسب أيا كانت صفته أو مهنته. وفي اعتذار له في لقاء تلفزيوني على القناة نفسها، كشف المستشار الزند عن غضبه من مهاجميه الذين تركوا الحوار الذي بلغت مدته 4 ساعات وركزوا على عبارة خرجت منه من دون قصد قائلا، «أستغفر الله العظيم يا سيدي يا رسول الله، جئتك وأنا معتذر وأعرف أن اعتذاري مقبول، لأنك قبلت اعتذار الكفار عندما أطلقت سراحهم في فتح مكة، وقلت لهم إذهبوا فأنتم الطلقاء. وأنا لست منهم لكن المسألة تم تضخيمها لأغراض سياسية. إن ما حدث خطأ كبير غير مقصود واستغفرت الله في التو واللحظة وكانت زلة لسان».ولكن رئيس الوزراء اتصل به وطلب منه تقديم استقالته، لكنه رفض لأن الاستقالة ستدينه، وهو لم يقصد، لكن قرار الإقالة صدر وهو ما أدى إلى إعلان نادي القضاة معارضته الإقالة.

عبد الله فتحي:
شريف إسماعيل تعمد إهانة القضاة

كما نشرت «الأهرام المسائي» أيضا أمس الاثنين، تصريحات أدلى بها المستشار عبد الله فتحي رئيس نادي القضاة بعد اجتماع طارئ للمجلس لزميلنا حفني واقي قال فيها: «إن مجلس إدارة النادي يرفض تماما طريقة قرار الإقالة، لأنها بمثابة إهانة لجميع القضاة، ونحن لا نتدخل في أعمال السلطة التنفيذية، ولكننا ندافع عن كرامة القضاة. وكان يمكن لرئيس الوزراء إخراج المستشار أحمد الزند من منصبه في التعديل الوزاري المقرر له قبل يوم 27 مارس/آذار الحالي، ولكن شريف إسماعيل تعمد إهانة القضاة في منصب الوزير، خاصة أن الزند كان رئيسا لنادي القضاة لسنوات وقدم الكثير والكثير للحفاظ على استقلال السلطة القضائية. وقال المستشار محمد عبده صالح أمين صندوق نادي القضاة، إننا لن نسكت على هذا القرار وسوف تكون لنا خطوات تصعيديه إذا اقتضي الأمر لذلك، ولن نقبل بأي ترشيح لمنصب وزير العدل بمعرفة نادي القضاة وليس غصبا عنهم».

«والنبي أنت عسل يا معالي الوزير»

لكن الزند تعرض في «الأخبار» أمس إلى غارة شارك فيها ثلاثة من زملائنا الأول أحمد جلال وقوله في بروزاه «صباح جديد»: «المستشار محفوظ صابر وزير العدل السابق استقال أو أقيل لأنه صرح في أحد البرامج التلفزيونية، أبناء عمال النظافة لن يكونوا قضاة، ولم يشفع له تصريحه بأن ما قاله زلة لسان. والمستشار أحمد الزند وزير العدل قال في برنامج تلفزيوني «سأحاسب المخطئ أيا كانت صفته إن شا الله يكون النبي»، وما قاله الزند حتى لو كان زلة لسان تجاوز غير مقبول من وزير عدل وقاض، المفروض أنه يزن كلامه بميزان حساس. الطريف أن الزند قال بعدها أثق بأن الرسول سيقبل اعتذاري مثلما فعل مع الكفار، بعد فتح مكة. والنبي أنت عسل يا معالي الوزير».

الكلام الحلو يسعد الناس

والهجوم الثاني شنه زميلنا في «الأخبار» أيضا عبد القادر محمد علي في بروازه اليومي «صباح النعناع» وقال فيه: «الكلام الحلو يسعد الناس ويسعد صاحبه والكلام العِفِش يسد النفس ويعكر المزاج ويجلب لصاحبه الاشمئزاز. واختيار الكلام والألفاظ توفيق من عند ربنا، إذا كان ربنا راضي عنك لسانك يقول كلام زي العسل، وإذا كان غضبان عليك من أفعالك الهباب لسانك يبخ بلاوي زرقا، اللهم أحفظنا. ويسيبك تغلط في الناس وفي الأنبياء لحد ما تصحى يوم من النوم ما تلاقيش نفسك وزير… الملافظ سعد».

هل يقبل المجتمع اعتذار الزند؟

والهجوم الثالث شنته زميلتنا الجميلة أماني ضرغام بقولها في بروازها اليومي «مفروسة أوي»: «هل يقبل المجتمع من المستشار الكبير أحمد الزند اعتذاره، ولا يقبل اعتذار أطفال الصعيد، رغم أن الازدراء واحد، وكلاهما غير مقصود. أنا شخصيا مع قبول اعتذار المستشار أحمد الزند ولكن بشرط براءة أطفال الصعيد وخروجهم من السجن بعد أن اعتذروا واعتذر أهلهم».

ما تفوه به الزند جرم عظيم

أما في «المصريون» فكتب رئيس تحريرها التنفيذي محمود سلطان قائلا: «كان للزميل حمدي رزق، موقف سابق، بشأن صدام الزند مع الصحافيين، وكتب مرة ناصحًا له: تراجع.. لأنك في الحالتين خاسر.. فإذ حُبس الصحافيون سيقال إنه قد جامله أصدقاؤه.. وإذا خسر القضية، سيقال إن ما نشر بشأنه من تحقيقات صحافية، نسبت إليه وقائع إهدار مال عام وغيره «ملف أرض الحمام»، كان صحيحًا. ولا أدري السبب الذي جعل رزق يستضيفه في حلقة مساء يوم الجمعة الماضي 11/3/2016، إذ بدا للناس وكأنها رتبت له ردًا على حلقة قناة «الحرة»، التي استضافت الأستاذ جمال سلطان ورئيس تحرير «بوابة الأهرام» الزميل هشام يونس، التي كانت إحدى أقوى الحلقات الكاشفة، لاستخدام أدوات الدولة في الثأر الشخصي، لذوي النفوذ والسلطة. المستشار أحمد الزند، أساء لمقام النبوة، وعلى الهواء مباشرة، وهي «جريمة» لا تسقط بالاعتذار، بزعم أنها «زلة لسان».. وإنما تستوجب الإقالة والمحاكمة: فالزند ليس من عوام الناس، وإنما «شيخ» أزهري وقاض ووزير عدل، وهو ما يجعل ما تفوه به أعظم جرمًا، و«كبيرة» دينية وسياسية وأخلاقية لا يطهرها أن تُغسل سبع مرات إحداها بالتراب.. وإنما توقع عليه العقوبة علانية.. ويشهد عذابه طائفة من المؤمنين. هذه باتت مسلمة، لا يجادل فيها عاقلان، فضلاً عن أمور أخرى، على هامش متن الأزمة، ولعل أبرزها، أن وجوده من الأصل، على رأس مؤسسة العدالة، يعكس كفاءة «الفلاتر» التي تمر من خلالها دورة اختيار الوزراء.. ذلك إذا افترضنا غياب مبدأ «الشللية» الممسكة بمفاصل الدولة المهمة.. فأداء الرجل قبل وبعد تولي حقيبة العدل، كانت تفرض قدرًا من المسؤولية والتدقيق وتقديم المصلحة الوطنية، على غيرها من نزعات تغلب ولاءات ما قبل الدولة، وتنتصر فقط للمجاملة وإسناد المناصب كمكافأة على الطاعة والولاء للباب العالي. على الزند أن يقبل بإقالته ومحاكمته طواعية وعن رضا، تكفيرًا عن ذنبه، فلم يعد في العمر متسع، للمكابرة والعند وتعليق «التوبة».. إلى أن تنحسر الأضواء ويأفل نجم الجبروت ويجلس في بيته نسيًا منسيًا. غير أن ذلك لا يعفي الزميل حمدي رزق، من مسؤوليته، ولا يعفي مالك القناة رجل الأعمال محمد أبو العينين أيضًا من تحمل مسؤولية الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فاستضافة الزند في أي فضائية، باتت ممارسة خطرة، فهو لا يملك مواصفات رجل الدولة الحصيف والمسؤول والوعي الكافي بمعنى ومغزى ودلالة منصبه كوزير في حكومة، كل حركاته وسكناته محسوبة عليها (الحكومة) وعلى رئيس الدولة.. «زلات اللسان» تتكرر بتلقائية وعفوية وكأنه يبتلع حبات الأسبرين.. وليس بوسع المحاور له أن يتوقع من أين تأتي الكارثة أو المصيبة التي لا تمس شخص الزند وحده، وإنما الأمن القومي المصري، وسمعة مصر في المجتمع الدولي بوصفها «دولة مسؤولة»! لم يبق إلا أن نعيد ونكرر: على الزند أن يستقيل أو يقال وأن يحاكم عقابًا من جهة وتكفيرًا عن ذنبه من جهة أخرى.. وعلى رزق وأبو العينين أن يعتذرا للمسلمين في جميع أنحاء العالم».

«ده مش مجلس الشعب
ده مسرح مجلس الشعب»

رغم انصراف الناس عنها، بل نسيانها لا تزال قضية إسقاط عضوية توفيق عكاشة من مجلس النواب، بسبب ما تباحث به مع السفير الإسرائيلي حول قضايا تخص رئيس الجمهورية والوزراء ومجلس النواب، وما أثير حول التطبيع مع إسرائيل، تجتذب اهتمامات عدد من الكتاب والسياسيين، مثل صديقنا الكاتب والسياسي جمال أسعد عبد الملاك الذي قال يوم الأربعاء في مقال له في «اليوم السابع»: «إسقاط العضوية أمر واجب ولا يختلف عليه غير المتعاطفين مع العدو الصهيوني، من باب الاستفادة الذاتية والعلاقات الشخصية غير المعلنة، أو كراهية في عبد الناصر ومواقفه التي ما زالت آثارها الجماهيرية باقية حتى الآن. وهؤلاء يبررون تلك المواقف المتخاذلة وغير العروبية بحجة السلام، وكأننا ضد السلام، أو كأن إسرائيل تريد السلام ونحن نرفضه «سبحان الله»! ولا تعد واقعة إسقاط عضوية العكش هي الأولى، فهناك سابقة برلمانية أخرى لإسقاط العضوية، رغم اختلاف الأسباب، وكان بطلها الشيخ عاشور محمد نصر النائب عن دائرة الجمارك في الإسكندرية، وكان وقتها المهندس سيد مرعي هو رئيس مجلس الشعب، وحدث أن طلب النائب عاشور الكلمة فطلب منه مرعي الجلوس فانفعل عليه وغادر القاعة وهو يردد «ده مش مجلس الشعب ده مسرح مجلس الشعب». بعدها أحال مرعي الشيخ عاشور إلى اللجنة التشريعية لإهانته المجلس قائلاً: «ليتفضل الشيخ عاشور خارج الجلسة» ووافق الأعضاء على الإحالة فهتف عاشور «يسقط أنور السادات»، فطالب الأعضاء بمحاسبته على ما قاله وإسقاط عضويته وهو ما حدث بعد ذلك، حيث تم إسقاط عضوية الشيخ عاشور ليعتزل بعدها العمل السياسي».

عكاشة شخص مزيف ومأجور

أما زميلنا وصديقنا في «الجمهورية» ورئيس مجلس إداراتها الأسبق محفوظ الأنصاري فقال يوم الخميس عن التطبيع: «هل بعد كل ما فعله واقترفه عكاشة من أفعال، تمثل كل منها جريمة وطنية، وخروجا على مقدسات هذا الوطن واختياراته، وحتى على روحه وقناعاته، يمكن أن يخرج أحد للدفاع عنه؟ فإذا كان هذا الشخص – عكاشة – قد أساء لنفسه قبل أن يسيء لوطنه، فهل ينتظر أحد العفو عنه؟ وإذا كان بالفعل يستحق العفو هل من الطبيعي أن يتقدم للناس بهذا الشكل المزري والقبيح، ويستجدي الدخول لقاعة البرلمان ليعتذر ويعلن التوبة؟ وهل لمثل هذا النموذج حق في أن يقف أحد إلى جانبه؟ والمسألة كما قرر البرلمان ليست لأنه التقى بسفير إسرائيل، أو أنه دعاه إلى منزله وإنما المسألة أن هذا الزعيم الشعبي، الذي ملأ الدنيا عويلا وضجيجا، كان من بدايته وحتى نهايته شخصا مزيفا مصنوعا ومدفوعا وبالتأكيد مأجورا».

ساويرس: هل أصبح البرلمان
المصري دولة داخل الدولة؟

وإذا كان محفوظ قد اندهش يوم الخميس من أن يدافع البعض عن عكاشة، فقد فعلها يوم الأحد رجل الأعمال خفيف الظل ومؤسس حزب «المصريين الأحرار» نجيب ساويرس بالقول عنه في مقاله الأسبوعي في جريدة «الأخبار» الحكومية: «حين استضاف توفيق عكاشة السفير الإسرائيلي في منزله وأعلن عن ذلك، ونشر صورا تجمعهما معا، قامت الدنيا ولم تقعد، وتم بسرعة فائقة عزله من البرلمان ،في حشد وتجمع غريب وسريع، يظهر فيه الإصرار والترصد، رغم اعتذاره. أولا: تعالوا بنا نحلل بأمانة وتجرد ما فعله عكاشة من الناحية القانونية، هو لم يخالف القانون أو جزءا منه، لأنه استقبل سفير دولة معتمدة في مصر هي إسرائيل. ثانيا: عكاشة حر في رأيه في أن السلام مع إسرائيل في مصلحة مصر، وأنا هنا أدافع عن حريته في رأيه، وليس عن رأيه… هل أصبح البرلمان المصري دولة داخل الدولة يحكمها الصوت الأعلى والتربيط والحذاء المرفوع في وجه أي اختلاف في الرؤية والرأي، من دون أي اعتبار لأبسط مبادئ الديمقراطية ممن هم من المفروض أنهم، بحكم وجودهم تحت قبة البرلمان، حراس للديمقراطية وأول المدافعين عنها؟ عموما أنا لم التق بتوفيق عكاشة من قبل وعلى الإطلاق، وأيضا لم أسلم من هجومه وتريقته، وإن كان كعادته يمدح أحيانا ويهاجم أحيانا، لكني حزنت لما حدث معه، وللأسف تضامن أعضاء من حزبي «المصريين الأحرار» مع قرار استبعاده، وهو كحزب ليبرالي كان لابد أن يدافع عن النائب عكاشة ليس توافقا مع فعلته ولكن دفاعا عن حريته في رأيه! وأخيرا سوف اتصل بعكاشة وسوف أقابله لكي أقول له : « قد لا أتفق معك فيما فعلته لكني سأدافع عن حقك في رأيك دائما» والحمد لله إني مش نائب وإلا كانوا رفتوني أنا كمان».

القضية أكبر من «العكش»

ونظل في عدد «الأخبار» نفسه لنكون مع زميلنا وصديقنا جلال عارف نقيب الصحافيين الأسبق ورئيس المجلس الأعلى للصحافة وقوله في عموده اليومي «في الصميم»: «لا أظن أن عزومة عكاشة للسفير الإسرائيلي هي وحدها السبب في إثارة قضية التطبيع، بعد أن ماتت وشبعت موتا! ولا أعتقد أن المحشي والمشويات و«اللازانيا» التي قدمها العضو المطرود من مجلس النواب لسفير الكيان الصهيوني لكي «يطفحها» في العشاء الملعون، هي التي فتحت الباب مرة أخرى لكي نترك قضايانا الحيوية ونتفرغ للحديث عن «التطبيع» مع الكيان الصهيوني، القضية أكبر من «العكش» ومن «اللازانيا» القضية تثار في وقت يتم فيه إعداد المنطقة كلها لسيناريو جديد، تم إعداده من سنوات لكي تشطب فيه نهائيا كلمة «العروبة»، ونحن حين نتابع جهود فرقة التطبيع الآن ندرك أنهم ـ عامدين أو غافلين ـ يعملون في خدمة هذا المخطط المعادي لكل المعاني الوطنية والقومية، التي قاتل شعبنا من أجلها، ولهذا يقاوم شعب مصر التطبيع، كما يقاوم الإرهاب، وكما يقاوم أيضا فسادا مازال ينخر في جسد الوطن ويتصور أن مستقبله في التطبيع مع الصهاينة والتصالح مع الإرهاب، وهذا هو مكمن الخطر الذي ينبغي مواجهته بكل حسم».

الكيان الصهيوني شاذ طبعا وتطبعا

وإلى جريدة «الوطن» عدد يوم الأحد ذاته والدكتور أحمد شوقي وقوله: «بعد اتفاقية السلام قامت دولة تحترم معاهداتها بالتطبيع السياسي والاقتصادي (اتفاقية الكويز نموذجاً) وترك التطبيع الشعبي اختيارياً كما يجب أن يكون. مارس بعض رجال الأعمال والكتاب والفنانين والعمال ذلك بشكل شبه فردي، لكن الغالبية الكاسحة من أبناء الوطن ومؤسساته الثقافية والإعلامية والعلمية والتعليمية والرياضية تحفظت عليه، لم يكن ذلك رفضاً للسلام الرسمي، لكنه حس حضاري أصيل باعتباره ورقة الضغط الباقية للوصول إلى السلام العادل بالنسبة لكل القضايا المعلقة، وهو موقف استراتيجي ريادي يتسق مع عروبة مصر ودورها المحوري في المنطقة، وهو نموذج رائع لتوافق الطبع الفطري الإنساني، الذي يفرق بين الحق والباطل. لا أظننا في حاجة إلى أن نشير إلى المستفيد من «فرقعة» التطبيع الأخيرة، نحن أمام «كيان شاذ» طبعاً وتطبعاً متمرس في إحداث الثغرات في حائط الصد العربي لمخططاته، والاستفادة منها، وعلينا أن ندير صراعنا الحضاري معه مدركين ذلك، ومصرين على التماسك والتمسك بثوابتها الصحيحة التي سيثبت المستقبل صدقها وحضاريتها، بل فاعليتها لتحقيق «السلام المستدام» الذي ذكرناه».

«دواعش السياسة»

ثم أتحول من «الوطن» إلى «المصري اليوم» عدد يوم الأحد، حيث خصص الكاتب وجيه وهبة في مقاله الأسبوعي فقرة في نهايته لمهاجمتي ووصفي بأنني داعشي ناصري ومصاب بالعصاب، لأنني تعرضت في تقريري الـ«لقدس العربي» لما كتبه عن التطبيع، فقال من دون أن يذكر اسمي أو اسم «القدس العربي» مكتفيا بالاتهامات:
«رمتني بدائها وانسلَّت: يبدو أن مقالي السابق عن «دواعش السياسة» قد أثار أحد هؤلاء الدواعش المصابين بـ«العصاب الناصري»، فبلغني أنه قد تجاوز وتطاول همزاً ولمزاً فهو معتاد على الابتزاز، ولكن كيف يبتز مَن يكسب عيشه من فنه؟ هنا مشكلته فكان لابد من الكذب كعادته، وعلى الرغم من أنه يعمل لدى «الرأسمالية الخليجية» ويطعم منها منذ أكثر من ثلاثين عاما، فإن البجاحة أنه لا يترك فرصة إلا ويهاجم ويبتز «الرأسمالية المصرية» وفي الوقت ذاته ينعم بطعامها وشرابها وبذورها وزرعها وطلعها وطلحها. بلطجي الصحافة كيف يتصور أن مَن تكونت ثقافته عبر خمس لغات يمكن أن يعجز عن الرد المناسب على «خرتى الخليج»؟».
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم كل هذه الصفات أكتشفها فيّ وجيه وهبة بسبب عبارة لم تتطرق إلى شخصه أبدا. هو صديق شخصي للمرحوم علي سالم، ومن الوفاء الجميل الدفاع عن صديقه، لكن هذا شيء وكونه لم يحترم القارئ ويخبره باسم الشخص الذي يهاجمه، وماذا قال عنه حتى يغضب لهذه الدرجة، كما أن من أبسط حقوق قارئه عليه أن يكون أمينا معه، ويخبره باسم هذا الصحافي «خرتي» الخليج الداعشي الناصري والمعتاد على الابتزاز، مع ذكر واقعة عن ابتزازي له، ليدفع لي أي شيء ولغيره من الرأسماليين المصريين الذين أنعم بطعامهم وشرابهم وبذورهم وزرعهم وطلعهم وطلحهم، فمن هم رجال الأعمال الذين أنعم ببذورهم بحيث أصبحت بلطجي الصحافة؟ وماذا تفيدني البذور هل أحولها إلى حسابي في البنك؟ أهذا مستوى من يقول عن نفسه أن ثقافته تكونت عبر خمس لغات؟

أزمة الدولار

وإلى أخطر الأزمات التي تثير قلق الجميع بسبب آثارها السيئة على ارتفاع الأسعار وهي أزمة الدولار، وسياسة البنك المركزي الجديدة لمواجهتها، وقول محافظه طارق عامر لزميلنا في «الأهرام» خليفة أدهم يوم الأحد في صفحة الأحد الاقتصادي: «لم يعد هناك طلب حقيقي متأخر على الدولار، بعد العطاء الاستثنائي الذي ضخ فيه المركزي 500 مليون دولار يوم الأحد الماضي، حيث أدى إلى الإفراج عن جميع السلع العالقة في الموانئ، ولم يعد هناك طلب حقيقي متأخر. لافتا إلى أنه لم تعد هناك قوائم انتظار في البنوك على السلع الأساسية. وأضاف أن التراجع الكبير في سعر الدولار في السوق السوداء، يؤكد أن الأسعار في السوق السوداء لا تعبر عن اقتصادات السوق، وتكشف محاولات البعض للترويج بغرض هز الثقة في الجنيه، في إطار أهداف تحكمها مصالح اقتصادية وغير اقتصادية تستهدف تشكيك وهز الثقة في الوضع الاقتصادي والعملة المحلية. إن البنك المركزي يتخذ الإجراءات والقرارات التي يحتاجها السوق وتخدم الاقتصاد في التوقيت المناسب وبشكل متدرج وفق خطة مدروسة، لتحقق الهدف منها. لافتا إلى أن إلغاء القيود على حد السحب والإيداع النقدي للدولار للأفراد، إلى جانب الشركات المستوردة للسلع الأساسية، جاء بعد رفع حد الإيداع النقدي الدولاري إلى مليون دولار للشركات المصدرة، التي تحتاج إلى فتح اعتمادات لاستيراد احتياجاتها، مشيرا إلى أن هذه القرارات متكاملة وتسهم في زيادة النقد الأجنبي في البنوك، وإعادة تكوين الاحتياطي الأجنبي، موضحا أن تيسير الحدود لإيداع الشركات المصدرة أدى إلى تدفقات دولارية كبيرة في البنوك. كما نتج عن انسياب حركة التجارة الخارجية، أن السوق المصرية تشهد نموا بخلاف ما يحدث في اقتصادات بلاد كثيرة. واستدرك: غير أننا على دراية تامة بأن بعض القطاعات الاقتصادية لديها بعض التحديات ونعمل على حلها وتيسير الأمور بهدف الوصول إلى الاستقرار النهائي، وانتظام العمل والنشاط بشكل جيد، وهو ما يستغرق بعض الوقت، وستظهر نتائجه خلال الشهور القليلة المقبلة. سوف نعبر هذا العام بكل بسلام، ويجب النظر إلى التطور الاقتصادي في مصر على ضوء ما يحدث في الاقتصاد العالمي والمشاكل التي تواجهها كثير من الاقتصادات في دول العالم، حيث يعاني معظمها من تباطؤ النمو، وبعضها حقق نموا بالسالب، ومنها الاقتصاد البرازيلي، وهو اقتصاد كبير ومع ذلك فقد استطاعت مصر أن تنأى باقتصادها عن ذلك المصير، بفضل خطة التنمية الطموحة، التي يتم تنفيذها على مستوى المشروعات الكبيرة، لاسيما في البنية التحتية، إلى جانب مشروعات التنمية التي تم انجاز بعضها في وقت قياسي، وجار تنفيذ البعض الآخر على قدم وساق».

العملة الخضراء تمنى بخسارة كبيرة

وما أن قرأ زميلنا في «الوفد» رئيس تحريرها السابق مجدي سرحان ذلك وعدم تطرق محافظ البنك المركزي لحكاية مؤامرة حجب الدولار، حتى قال ساخرا في يوم الأحد نفسه في عموده اليومي «لله والوطن»: «بعد أيام قليلة من تطبيق البنوك قرار البنك المركزي إلغاء الحد الأقصى للإيداع والسحب بالعملات الأجنبية، تراجع الدولار بمعدلات كبيرة نسبيا في السوق السوداء، المتعاملون اعتبروا ما حدث أكبر خسارة يومية منيت بها العملة الخضراء منذ سنوات طويلة، دلالة ذلك هي أن هناك عوامل فنية وخطا متعلقا بالسياسات النقدية، كان وراء حالة الشح التي أدت إلى خلق طلب كبير يفوق المعروض من العملة الأمريكية، وهو ما دفع أسعار صرفها إلى مستويات قياسية تاريخية، ويشكك ذلك أيضا في تأثير الرواية التي تداولاتها أوساط أمنية وسياسية مؤخرا حول تنظيم الإخوان الإرهابي في افتعال هذه الحالة المزعجة».

مهمة الإعلامي تهييج الرأي العام

وإلى حالة الإعلام التي لم تعد تسر عدوا ولا حبيبا وقال عنها يوم الأحد زميلنا في «الأخبار» علاء عبد الهادي: «ما هو دور المذيع؟ هل دوره أن يبدي استحسانه أو استياءه من شيء؟ أم أن دوره يجب أن يبقى حياديا؟ هذا هو المفروض ولكن أيا من هذا لم يعد يحدث، وبالذات في فترة ما بعد الثورة، وتحول المذيع إلى إعلامي والإعلامي – على فكرة أصبحت صفة مذمومة -إلى مهيج للرأي العام والتهييج له أدواته مرة بالخوض في أعراض الناس ونشر الرذيلة، وأخبار الجن والخزعبلات، وترويج الإباحية تحت مسميات عصرية. ومرة بتبني موقف سياسي معين والحشد له عمال على بطال. ومرة بتهييج الروابط الرياضية وتقليب وتخريب المزاج العام. وانتهى بنا الحال إلى مزاج عام عكر وسيئ وأخلاق متردية ولغة حوار في خبر كان».

صافيناز تمارس مهنتها

أما زميله في «الأخبار» أيضا أحمد جلال فقال في بروازه اليومي «صباح جديد»: «الراقصة صافيناز تمت إحالتها للمحاكمة العاجلة بتهمة الرقص بدون ترخيص، وطبعا أنا لا اعترض على محاكمة صافيناز أو حبسها طالما خالفت القانون، لكن ما أتعجب منه أننا كلنا نرقص وكل واحد يرقص بطريقته وأسلوبه، وأيضا بدون ترخيص ومع ذلك لم نسمع عن محاكمة واحدة لأي شخص يرقص! الإعلاميون يرقصون بدون ترخيص والمسؤولون يرقصون بدون ترخيص حتى بعض علماء الدين أصبحوا يرقصون بدون ترخيص، لذلك استغربت من محاكمة صافيناز لأنها على الأقل تمارس مهنتها، أما الباقون فهم يرقصون والشعب هو الضحية، مش صافيناز بس اللي بترقص من غير ترخيص».

الإعلام والفقر المهني

وإلى «وفد» يوم الأحد أيضا وزميلنا كامل عبد الفتاح وقضية الإعلام نفسها التي قال عنها: «حالة الفقر المهني هي الغالبة على معظم من يطلون من خلال شاشات التلفزيون المصري والقنوات الخاصة، والأمثلة كثيرة ويعرفها أبسط الناس– وإذا كان تقمص المحاور لشخصية الخطيب السياسي، أو زعيم المعارضة وانتقاده لرئيس الدولة إلى حد التطاول بلغة غير لائقة، أمراً مرفوضاً مهنياً، فإن الحال نفسه يجب أن ينطبق على نوع آخر من مقدمي البرامج الذين يتقمصون دور زعيم الأغلبية، ويمجدون شخص القائد ويعددون إنجازاته لأن هذا أيضاً ليس دورهم، ويجب محاسبة من يهرتل ومن يطبل على حد سواء. أما القنوات الخاصة فإن برامج التوك شو بها عبارة عن منابر سياسية لمقدميها ولا يمكن تجاهل أو غض الطرف عن العلاقة غير الشرعية بين أصحاب رأس المال المالكين لمعظم الشبكات الفضائية وبين مجموعة من مقدمي البرامج، خاصة الذين يجمعون بين العمل الصحافي وتقديم البرامج التلفزيونية والإذاعية، الشاشات تحولت إلى بورصات مصالح ولوبيهات ضاغطة تدافع بشراسة وحماقة أحياناً عن مصالح أفراد أو جماعات بعينها».

الإعلام المرئي خطر على العامة والبسطاء

أخيرا إلى «المساء» عدد يوم الأحد أيضا وزميلنا وصديقنا محمد غزلان وقوله في عموده اليومي «عين الطائر»: «مئات القنوات التلفزيونية وعشرات من مقدمي البرامج لا يعلم أحد من أين تخرجوا، أو أين تدربوا، بل ظهروا فجأة واقتحموا على الناس منازلهم واحترفوا إثارة البلبلة والقضايا التافهة. والحقيقة إذا كان الإعلام مقسمًا بين مكتوب ومرئي ومسموع فإن المرئي هو الأخطر على العامة والناس البسطاء. الإعلام المطبوع من جرائد ومجلات تتعامل معه شريحة من الناس تعرف على الأقل القراءة والكتابة، ولديها من الحس ما يجعلها تفرق بين الحقائق والأكاذيب، بينما الذين يتعاملون من القنوات التلفزيونية قد يكونون من الأقل حظًا من الثقافة والمعرفة، بما يسهل وقوعهم في دائرة الضلال. فوضى الإعلام في حاجة الآن أشد من أي وقت مضى إلى وقفة خاصة، وأن هناك الكثير من القضايا المهمة والحيوية الوطنية والقومية التي يتجنب هذا النوع من الإعلام الخوض فيها، والاكتفاء بتوافه الأمور. الإعلام بالفعل يحتاج إلى تنظيم أو إعادة تنظيم، حيث يجب عدم ترك الأمور على هذا الحال مما يجعل من الصعب في ما بعد تدارك مثل هذه الأمور. وكمتابع لبعض القنوات التلفزيونية العجيبة التي ظهرت علينا، أرى في كثير من الأحيان ما يعف اللسان عن ذكره، أو الخوض فيه. قنوات تسويقية شغلها الشاغل المنشطات الجنسية وأنواعها وكيفية استخدامها وشرائها وتوصيلها حتى للمنازل، والغريب أن هناك صورًا لهذه المنتجات وماذا تفعل وفي الخلفية الصوتية آيات من الذكر الحكيم».

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Deutschland:

    العدل أساس الملك.. السيسي لم يعدل بل يبطش وشاهدنا أحكام في عهده من قضاة فاسدين يقشعر لها الأبدان ويضرب العدالة في مقتل وأصبح شباب أبرياء وأطفال يحاكمون من قضاة غلآظ وقلوبهم غلف بالسجن.. وعتاة الإجرام مثل مبارك ورجالآته برآءة .

إشترك في قائمتنا البريدية