غزة – «القدس العربي» : كشفت مصادر فلسطينية خاصة أن المبعوث الدولي للشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، عاد من جديد خلال الأيام الماضية لطرح ملف التهدئة القائمة في قطاع غزة بين الفصائل وإسرائيل، من أجل الوصول إلى «تهدئة طويلة الأمد»، وذلك بعد مناوشات كادت أن تؤثر على الوضع القائم، في الوقت الذي توعدت فيه المقاومة بالرد على إسرائيل وعدم السماح لها بـ «تجاوز الخطوط الحمر» في القطاع.
وعلى مدار أسبوع في قطاع غزة، وهو وقت لم يعتد من قبل على قضائه في قطاع غزة، بحث ميلادينوف مع مسؤولي الفصائل الفلسطينية تثبيت التهدئة الحالية، وتطويرها حسب الأفكار السابقة للوصول إلى «تهدئة طويلة الأمد»
ولم يصدر أي تصريح صحافي عن الفصائل، غير أن مصادر خاصة قالت لـ «القدس العربي» إن المبعوث الدولي طرح تفعيل الأفكار السابقة من أجل الوصول إلى هذه التهدئة الطويلة، وتثبيت التهدئة الحالية.
ونصت الأفكار السابقة على «تهدئة طويلة» تستمر لأكثر من عشر سنوات، مقابل إعطاء مزيد من الحريات لسكان غزة المحاصرين، من خلال تخفيف القيود على حركة البضائع والسكان، وبحث إمكانية إقامة ميناء بحري لحركة السفر. وربطت هذه المصادر بين الزيارة هذه وبين التصريحات الأخيرة لعدة مسؤولين إسرائيليين، بينهم عسكريون، عن ضرورة إعطاء سكان غزة ميناء من أجل تجنب الانفجار.
ويعاني قطاع غزة من حصار إسرائيلي محكم منذ عشر سنوات، يمنع بموجبه دخول العديد من السلع، وخلال هذه السنوات شنت إسرائيل ثلاث حروب آخرها صيف عام 2014، وقد توقفت الحرب وفق تفاهمات أبرمت في القاهرة، تنص على وقف الهجمات المتبادلة.
إلى ذلك اتضح من المعلومات التي وصلت «القدس العربي» أن المبعوث الدولي لم يبلغ حسب العادة عن موعد زيارته لغزة، وأراد أن تبقى في طور السرية، بعيدا عن وسائل الإعلام، رغم أنه ترك في المرات السابقة التي وصل فيها غزة لمكتبه الإعلان عن الزيارة، وشهدت زياراته السابقة قيامه بتنظيم مؤتمرات صحافية.
وعلى عكس المرات السابقة لم يدل ميلادينوف، خلال زيارته التي دامت أسبوعا لقطاع غزة، بأي تصريحات صحافية، وهو ما يؤكد طبيعة الزيارة السرية.
يشار إلى أن الحديث عن «التهدئة طويلة الأمد» التي بادر اليها مبعوث اللجنة الرباعية السابق توني بلير، والمبعوث الدولي السابق روبرت سيري، توقف منذ فترة طويلة.
وفي زيارته قبل الأخيرة لغزة، أكد ميلادينوف على ضرورة استمرار الهدوء في القطاع، من أجل استمرار عملية الإعمار، وتحسين حياة السكان المحاصرين.
وذكرت بعض التقارير أن ميلادينوف طالب حركة حماس في زيارته الأخيرة بالحفاظ على التهدئة القائمة، وذلك بعد تجدد عمليات خرق الاتفاق، بإطلاق صواريخ من غزة، ورد إسرائيل بقصف قطاع غزة. ووقع شهيدان مطلع الأسبوع الماضي.
وحسب ما ذكر فإن المبعوث الأممي أوضح أن الأمم المتحدة قلقه حيال الوضع في قطاع غزة، وأنها طلبت عدم تدهور الأوضاع.
يشار إلى أن كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وجهت تهديدا لإسرائيل في أعقاب الغارات الجوية الأخيرة على قطاع غزة. وأكدت في بيان مكتوب أن «دماء الأطفال الزكية لن تذهب هدرا». في الوقت ذاته هدد وزير الجيش الإسرائيلي موشيه يعلون الحركة بـ «الضرب بقوة أكبر» في حال استمر إطلاق الصواريخ من القطاع على البلدات الحدودية.
وفي هذا السياق توعد مصدر في المقاومة الفلسطينية، برد صارم للمقاومة على الاحتلال ضد أي اعتداء أو تجاوز من قبل العدو الإسرائيلي على حدود قطاع غزة، وأكد أن المقاومة «لن تسمح للجيش الصهيوني بتجاوز الخطوط الحمراء مهما كلف الأمر».
وجاءت هذه التصريحات بعد أيام من نشر تقدير موقف عن الجيش الإسرائيلي يفيد بأن المقاومة لن ترد في حال وجه الجيش ضربات لـ «أنفاق المقاومة» على الحدود في غزة، وبعد سلسلة من التصريحات المغلفة بالتهديد ضد غزة ومقاومتها.
وشدد المصدر على أن أي قوة عسكرية إسرائيلية تتقدم داخل غزة «سيتم التعامل معها بحزم، ولن يتم استيعاب أي ضربات حمقاء قد يقدم عليها العدو الصهيوني نحو أي أهداف كانت».
وأكد أن المقاومة برغم كل التهديدات وفق وسائل الإعلام الإسرائيلية «لم تتوقف عن استكمال استعداداتها للمعركة المقبلة»، وأنها «مستمرة في حفر الأنفاق وتطوير الصواريخ وإعداد العدة للدفاع عن غزة ضد أي عدوان آت».
وقال المصدر إن «الأوضاع في غزة التي تعيش فوق صفيح ساخن، تزداد تدهوراً بعد استمرار حلقات الحصار والتضييق والخنق وإغلاق المعابر وتقليل البضائع الأساسية الواردة إليها»، مشيرا إلى أن الواقع المتدهور ينذر بـ «احتمالية انفجارها في أي وقت».
ومن أجل عدم الوصول إلى لحظة الانفجار في غزة، أوصت دوائر عسكرية وسياسيون بأن توافق الحكومة على إقامة ميناء في غزة. وقال وزير البناء والإسكان الإسرائيلي يوآف غالنت، أول أمس، إن على بلاده إقامة ميناء لسكان قطاع غزة يكون ممرا ومنفذّا لهم إلى العالم. وقال «يجب على إسرائيل السير في مشروع إقامة ميناء على جزيرة اصطناعية يشكل بالنسبة لسكان القطاع قناة إلى العالم تمر من خلالها البضائع والمعدات المطلوبة لحياة غزة وازدهاره».
وفي سياق متصل، قال يعلون إن سبب لجوء الفصائل المسلحة في غزة إلى حفر الأنفاق يعود إلى تفوق الجيش فوق الأرض. وأضاف خلال حديثه لمجموعة من الطلبة الإسرائيليين أن قطاع غزة يعج بالأنفاق المنتشرة في كافة المناطق، وأنه سبق أن اكتشف الجيش أربعة أنفاق حتى قبل بداية الحرب الأخيرة على غزة.
وفيما يتعلق بالمنطقة الشمالية، قال يعلون إن إسرائيل لم تكتشف حتى الآن أي نفق أو إشارة على وجود أنفاق عابرة للحدود مع لبنان، مشيرا إلى أن حفر الأنفاق في تلك المنطقة أكثر تعقيدا من غزة، لأن طبيعة أرضها أكثر صلابة من ارض القطاع، إضافة إلى كون المنطقة غير مستوية كما هو الحال في غزة.
ومؤخرا جرى التركيز في إسرائيل على «أنفاق المقاومة» التي تبنيها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس في قطاع غزة، لمواجهة الجيش الإسرائيلي.
وأعلن مسؤولون كبار في إسرائيل، على رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أنه سيتم البدء قريبا في إنشاء عائق لاعتراض وكشف أي نفق يخترق الحدود الفاصلة. وعقب ذلك أعلن مسؤولون عسكريون أن أيا من هذه الأنفاق لم يخترق الحدود، ورفض المستوى السياسي والعسكري الخضوع لرغبات المعارضة بشن عمل عسكري لتدمير هذه الأنفاق.
ونشر الجيش الإسرائيلي مؤخرا على حدود غزة من أجل التصدي لهذه الأنفاق مئات الجنود والحفارات للبحث إن كان أي منها قد اجتاز الحدود.
أشرف الهور