بيروت ـ «القدس العربي»: لم تحسم الحكومة اللبنانية بعد قرارها في هوية مرشحها إلى منصب أمين عام منظمة «اليونيسكو» في الانتخابات المرتقبة خلفاً للرئيسة الحالية البلغارية إيرينا بوكوفا التي رشّحت نفسها لخلافة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
ويبدو لبنان الرسمي متأرجحاً بين ترشيحين: الاول فيرا خوري المتزوجة من الفرنسي جورج لاكوي والموظفة في مندوبية «سانت لوسي» في المنظمة الدولية منذ 20 عاماً، وقد زارت لبنان اخيراً طالبة الدعم الرسمي لقرار ترشحها للمنصب في العام 2017، والترشيح الثاني هو غسان سلامة وزير الثقافة السابق في لبنان الذي أعلن ترشيح نفسه في 17 آذار/مارس عبر شاشة «إل بي سي آي» LBCI وطلب من الحكومة اللبنانية دعمه للمنصب.
إلا أن الحسابات السياسية والمناكفات الداخلية في لبنان قد تحول دون التفاهم على مرشح واحد، وأفيد أن وزير الخارجية جبران باسيل يدعم ترشيح فيرا خوري وأنه أرسل كتاباً بترشيح فيرا خوري لمنصب الأمانة العامة لـ«اليونيسكو» قبل خمسة أيام من إعلان غسان سلامة ترشيحه لهذا المنصب، ويؤيده في هذا التوجّه وزير الثقافة روني عريجي.
وبحسب المعلومات فإن ترشيح سلامة المقرّب سابقاً من الرئيس الشهيد رفيق الحريري يحظى بدعم عربي وأوروبي وحتى من داخل المنظمة نفسها حيث تعتبره المديرة إيرينا بوكوفا أهلاً للمنصب، أما فيرا خوري فأفيد بانها تتمتع بفضل زوجها الفرنسي بعلاقات واسعة قد تساعد في تسهيل فوزها وهذا ما دفع وزير الخارجية اللبناني إلى اقتراح تعيينها ممثلة للبنان في المجلس التنفيذي للمنظمة ومن ثم ترشيحها إلى منصب المدير العام لـ»«اليونيسكو».
غير أن الأوساط المعترضة على ترشيح فيرا خوري تربط ترشيحها برجل الاعمال اللبناني جيلبرت شاغوري الذي رتّب في باريس اللقاء بين رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية.
وتعود علاقة فيرا خوري بشاغوري إلى كونها تعمل دبلوماسية في سفارة جزيرة «سانت لوسي» التي يمثلها في فرنسا شاغوري والذي يسعى إلى تأمين أصوات عدد من الدول الافريقية بفضل علاقاته الواسعة وحجم اعماله في القارة الافريقية.
وكان وصل إلى بيروت قبل أيام مندوب لبنان الدائم لدى «اليونيسكو» السفير خليل كرم للمشاركة في عيد الفصح، وللتشاور مع رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل والمسؤولين في الموقف اللبناني من الترشيحات المطروحة لبنانياً، وامكان حصرها بواحد لرفع حظوظ لبنان في الفوز.
تزامناً، بدأت في العاصمة اللبنانية حملة ضاغطة لتبني ترشيح غسان سلامة ذهبت إلى حد وصف ترشيح فيرا خوري بأنه «فضيحة دبلوماسية». وسأل المعترضون على خوري «هل يكفي دعم رجل الأعمال الشاغوري للدبلوماسية العاملة في جهازه الدبلوماسي في باريس، ليتخلى لبنان عن ترشيح رجالات ورموز علمية وثقافية بحجم غسّان سلامة وجوزيف مايلا، لمصلحة السيدة فيرا خوري؟».
ولفت آخرون إلى «أن فيرا خوري ليست معروفة أبداً في آفاق عالم الثقافة والدبلوماسية والسياسة، وما تتمتع به فقط هو علاقتها بالثري جيبلبر شاغوري».
وكان هناك موقف لرئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط داعم لغسان سلامة جاء فيه «خبر سعيد. لقد قام الاستاذ غسان سلامه بترشيح نفسه لمنصب الأمين العام لمنظمة اليونيسكو. إن غسان سلامه خير لبناني وعربي يستطيع أن يدير هذه المؤسسة لخبرته وكفاءته وعلمه وعلاقاته. يبقى على الحكومة اللبنانية أن تحزم أمرها دون تردد. فمن غير غسان سلامه جدير بهذا المنصب؟».
وقال «إن غسان سلامة قيمة فكرية وسياسية وإنسانية وهو من تلك النخبة اللبنانية التي رفعت إسم لبنان عالياً في شتى المجالات، وحذار أن تطل علينا من بعض أزقة السراي أو بعض النوافذ الجانبية ترشيحات مشبوهة مصدرها رجال مال من حديثي النعمة يعيثون فساداً حيثما حلوا، مثلهم مثل العصابة الأمنية والسياسية وراء شبكة الانترنت هؤلاء إن نظرت إليهم ومواكبهم وغيرها من مناظر الفساد والثراء والاستكبار والجهل».
وختم «آن الأوان لوقفة مسؤولة وجدية بعيداً عن السمر والسهر في الأروقة المشبوهة!».
والى حين حسم الأمر حول الترشيحات إلى «اليونيسكو»، ثمة من يتخوّف بأن تضيع الفرصة ليس فقط امام لبنان بالفوز بل امام الدول العربية التي يمثّلها في المجلس التنفيذي لليونيسكو كل من لبنان وسلطنة عمان وقطر والسودان.
كما ثمة من يتخوّف أن تسهم الترشيحات العربية في إضعاف فرصة انتخاب رئيس عربي في ظل وجود مرشحين بارزين في طليعتهم الوزير والدبلوماسي القطري حمد بن عبد العزيز الكوّاري، فيما لم تحدّد مصر بشكل نهائي من سيقع عليه الاختيار لتمثيلها، من بين أسماء متداولة، منها وزير التعليم العالي أشرف الشيحي، ومندوب مصر في «اليونسكو» محمد سامح عمرو، والسفيرة مشيرة خطاب.
سعد الياس