الشارع ينتظر النتائج ويخشى ظهور الشيطان في التفاصيل الدوحة والقاهرة.. ساسة فلسطين يتحاورن والعامة مغيبون

حجم الخط
0

غزة ـ «القدس العربي»: لا يزال الشارع الفلسطيني مغيباً تماماً عما حدث في تلك اللقاءات المهمة التي احتضنتها أولاً العاصمة القطرية الدوحة، بين وفدين من حركتي فتح وحماس، لإيجاد مخارج لأزمة المصالحة المتعثرة، وما تلاها من اجتماعات أبقيت هي الأخرى طي الكتمان، وعقدت بين وفد رفيع من حماس والمسؤولين المصريين، لإنهاء حقبة الخلاف بينهما.
فرغم خروج العديد من التصريحات المنسوبة لشخصيات قيادية من الطرفين حول اللقاءات الأولى والمباحثات الثانية، إلا أن أياً ممن شاركوا في تلك الجلسات لم يخرج بتصريح صحافي بشكل مباشر، يتحدث فيه عما حدث، على خلاف الجولة السابقة من لقاءات الدوحة وحوارات القاهرة، وهو ما جعل الفلسطينيين والمهتمين في بادئ الأمر، يترقبون بلهفة تلك الأخبار الآتية من كلا العاصمتين العربيتين، قبل أن يتحول ذلك إلى تهميش الأمر، باعتبار أن التكتم في كلا الحالتين يشير إلى الفشل، وإن كان هناك من تحدث عن «إشارات إيجابية».
مجمل السكان والمعنيين خاصة في غزة الذين يترقبون المصالحة الشاملة بين فتح وحماس، لرؤية مخرجاتها التي ستتمثل في رفع الحصار، وإنهاء حالة الفقر المدقع والقضاء على البطالة، وفتح الآفاق بشكل أكبر، وكذلك مصالحة حماس ومصر، التي يريدون من ورائها فتح صفحة جديدة في العلاقة، تعيد لهم التواصل مع العالم الخارجي، من معبر رفح البري، الذي تغلقه سلطات القاهرة.
فكلا الأمنيتين وهما المصالحة الداخلية وفتح صفحة العلاقات الجديدة بين حماس ومصر، يتلهف الغزيون لمعايشتها قريباً، حتى لو تحققت لهم إحداها، خاصة في ظل ما يعيشونه من أوضاع صعبة خلقها الحصار الإسرائيلي الممتد منذ عشر سنوات، وسببه الأساسي الانقسام وسيطرة حماس على غزة.
وبالرجوع إلى ما حدث في الدوحة ومن ثم القاهرة، فلا أحد يعرف ما دار في خبايا اللقاءات سوى من شارك فيها، إضافة إلى القيادة العليا للتنظيمين الفلسطينيين الكبيرين فتح وحماس، حتى أن استفسارات «القدس العربي»، عن فحوى تلك المباحثات، من قادة الصف الثاني لم تصل إلى الوقائع الرسمية، وما كان منهم سوى تقديم بعض المعلومات المنقوصة، التي تحتاج إلى تفسيرات أكثر.
وخالف هذه المرة قادة الحركتين ما جرى في الجولة الأولى من الحوارات التي استضافتها قطر في الثامن من شهر شباط/فبراير الماضي، حيث صدر بيان مشترك جرى خلاله الإعلان عن توصلهما إلى «تصور عملي محدد» لتطبيق بنود المصالحة، وهو التصور الذي عاد الفريقان للدوحة من جديد مطلع الأسبوع الماضي، لتقديم ردودهما النهائية حوله، ويشمل كيفية حل الملفات الخلافية، التي ذكرت في اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة عام 2011، وأبرزها مشكلة دمج المؤسسات الحكومية وتوحيدها بين غزة والضفة، وكذلك حل مشكلة موظفي غزة المعينين من قبل حماس خلال الانقسام، وما أضيف إليها من ملفات جديدة أبرزها ملف تشكيل حكومة وحدة وطنية، تشارك فيها الفصائل بما فيها حماس، وهو ما فتح خلافاً جديداً بين الطرفين حول برنامجها السياسي، إضافة إلى ملف الانتخابات، وعقد الاجتماع للإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وحول ما جرى في الدوحة، ذكرت العديد من التقارير أن الطرفين بحثا نقاطاً عدة ما زالت موضع خلاف، وتمركزت هذه النقاط في البرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية المقترحة، وعضوية منظمة التحرير ومصير الموظفين الذين يديرون قطاع غزة تحت حكم حماس.
أمين مقبول المسؤول في حركة فتح، ويشغل منصب أمين سر المجلس الثوري للحركة، كان أكثر من أعطى تفاؤلاً حول ما جرى هناك، بعد صمت طويل من القادة.
وتوقع مقبول أن يلتقي الرئيس محمود عباس، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، في الدوحة، تتويجاً للقاءات الحركتين، لإنهاء الانقسام الفلسطيني، خلال شهر نيسان أبريل الحالي.
وقد أشار إلى وجود تقدم ملحوظ طرأ على اجتماعات وفدي حركتي فتح وحماس في الدوحة، وأنه بناء على ذلك يجري الترتيب لعقد لقاء بين الرئيس عباس ومشعل، وذلك تتويجاً للمباحثات والإعلان عن آلية لتطبيق الاتفاقات.
وحول القضايا العالقة قال مقبول إنها تشمل قضايا الأمن وموظفي حركة حماس وبرنامج حكومة الوحدة، وأنه يجري العمل للتوافق حولها.
وبعد صمت طويل وصدور تصريحات من غير المشرفين على الحوار، خرج عزام الأحمد رئيس وفد حركة فتح، وقال إن تلك اللقاءات تمكنت من حسم قضايا عدة. وأشار الرجل إلى حدوث تفاهم في مسألة تشكيل حكومة الوحدة وبرنامجها، وكذلك تفاهم حول ملف الموظفين في غزة.
وقد استبقت الحوارات هذه بأن أكد إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، أن حركته تعتبر ان المصالحة خيار إستراتيجي، وأعلن عن تأييد حماس لتشكيل حكومة وحدة وطنية، على أن يتم تشكيلها بـبرنامج سياسي أساسه وثيقة الوفاق الوطني.
ورغم حالة التفاؤل هذه التي أبداها السياسيون في تصريحاتهم، إلا أن الشارع المغيب عن التفاصيل، لم يأبه كثيراً للتصريحات الإيجابية، وكعادته لجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي يتحدث بحذر وسخرية عما يقال، مستنداً في ذلك إلى حوارات أخرى فشلت في تطبيق المصالحة، عندما تدخل الشيطان في التفاصيل، وآخرها «اتفاق الشاطئ» الذي وقع في نيسان أبريل من العام 2014، وأفضى لتشكيل حكومة وفاق وطني.
أما في الملف الثاني، وهو حوارات القاهرة بين مصر وحماس، فرغم أن الحركة وعلى لسان الدكتور محمود الزهار، عضو مكتبها السياسي، أعلنت أن زيارتها الثانية للقاهرة خلال أسبوع، ستشمل تقديم إجابات من الحركة على تساؤلات ومطالب القاهرة التي قدمت في اللقاء الأول، إلا أن الحركة لم تعلن أيضاً خلافاً للقاء الأول نتائج أو الملفات التي جرى بحثها، في ظل ترقب سكان غزة بلهف لرؤية التحسن في علاقة الحركة مع مصر «واقعاً ملموساً» ينعكس إيجاباً على حركة معبر رفح البري المغلق من جانب سلطات القاهرة.
وعاد الوفد القيادي الذي كان قد غادر غزة للمرة الأولى بعد غياب طويل بسبب الخلاف، من جديد مساء الأربعاء إلى القطاع مجدداً، بدون أن يدلي بأي تصريحات جديدة.
ويدور الحديث أن حماس أبدت تفهماً للمطالب المصرية الخاصة بملف الأمن في سيناء، لارتباطها الجغرافي مع قطاع غزة، خاصة فيما يتعلق بحفظ الأمن على الحدود المشتركة، وطالبت الحركة بتحسين الوضع الإنساني بالقطاع، وإعادة فتح معبر رفح بشكل كامل، إضافة إلى وقف الهجمة الإعلامية التي تتعرض لها الحركة في وسائل الإعلام المصرية.
وفي هذا السياق قال الدكتور محمود الزهار، إن زيارة الوفد للقاهرة تدحض اتهامات سابقة بمشاركة الحركة في اغتيال النائب العام المصري، متحدياً أي مسؤول مصري إثبات ذلك، ومستنداً في الوقت نفسه إلى أن عودة الملف الفلسطيني لجهاز المخابرات العامة المصرية خطوة في الاتجاه الصحيح.
وفي مؤشر على رغبة حماس في تطوير العلاقات مع مصر بشكل أكبر، دعت الحركة مصر لجعل معبر رفح تجارياً إلى جانب كونه معبراً للأفراد، وقال إن تحسن الوضع الأمني في سيناء يسمح بتبادل تجاري قد يصل لسبعة مليارات دولار. الزهار قال أيضاً إن المخابرات المصرية طلبت منع حركة الأفراد والسلاح من غزة لسيناء، لافتاً إلى أن هذا الأمر محظور عملياً، وكذلك التوجه بحملة إعلامية للشعب المصري لتوضيح الحقائق، وتفنيد الاتهامات الموجهة للحركة.
وقد استبقت حماس المباحثات مع مسؤولي جهاز المخابرات المصرية، بالإعلان عن عدم وجود ارتباط تنظيمي بينها وبين التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، سوى أنها تحمل أفكار الجماعة فقط.
وفي غزة بدا وجود تفاؤل بالحل القريب بين حماس ومصر، لينعكس على التسهيلات على معبر رفح، وفي خطوة تبشر بوجود مؤشرات إيجابية دعت وزارة الداخلية في غزة المسجلين للسفر، لتجديد بياناتهم، وهي خطوة عادة ما تسبق عمليات فتح هذا المعبر المغلق.
ويتردد أن نتائج المباحثات بين حماس ومصر ستظهر خلال الأيام المقبلة، غير أنه ورغم حالة التفاؤل هذه لم تبدأ مصر بترجمة ما أشير إليه على الأرض، خاصة فتح معبر رفح، الذي لم يعلن عن قرب فتحه حتى اللحظة لتسهيل حياة سكان غزة المحاصرين.

أشرف الهور

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية