تسريبات جنبلاط لـ «وثائق المختارة» تكشف ذئاب السلطة ولا تقلّ أهمية عن «وثائق بنما»

حجم الخط
0

بيروت- «القدس العربي»: منذ أن دخل الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط عالم « تويتر» بات يغرّد بشكل يومي تقريباً متناولاً كل القضايا والملفات، وكاشفاً كل العورات بدءاً من فضيحة الانترنت غير الشرعي إلى كاميرات المراقبة في بلدية بيروت مروراً بمعالجة أزمة النفايات وصولاً إلى شبكة الدعارة التي تمّ كشف النقاب عنها في المعاملتين والتي تشغّل قسراً 75 سورية في ما اصطلح على تسميته الاتجار بالبشر.
وإذا كانت تسريبات «وثائق بنما» قد كشفت النقاب عن فضائح هزّت قادة العالم، فإن تسريبات «وثائق المختارة» الجنبلاطية كشفت النقاب بدورها عن فضائح كبرى في لبنان وعن استغلال للنفوذ. وباتت تغريدات جنبلاط أو تسريباته مادة دسمة للإعلام اللبناني يستخدمها في إعداد تقارير وفي الإضاءة على مكامن الفساد والهدر كما يحصل في ملف الانترنت غير الشرعي.
وبالأمس كان للنائب جنبلاط موقف عبر حسابه على «تويتر» اختار فيه الحديث عن شبكة الدعارة ليتشعّب يميناً ويساراً مصيباً أكثر من مسؤول وقاض وضابط وإعلامي قائلاً «في خضم هذا الكم من الفضائح المالية التي تتكشف والأبواق المدفوعة التي تتناطح كسيد البلاط البلدي بالأمس (ويقصد رئيس بلدية بيروت بلال حمد)، هل تعلم أن شبكة الدعارة التي اكتشفت إنما كان الأمر بالصدفة ومن قبل ضابط حر الضمير، وأن هذه الشبكة تعمل منذ سنوات وبالتواطؤ مع المسؤولين الكبار في سرية الآداب».
أضاف «وهل تعلم أن قاضياً من الصقور (ويقصد القاضي صقر صقر) طلب من قاض مرؤوس التمهل في التحقيق في الشبكة غير الشرعية للانترنت، وكيف لا وكبار الأمنيين والإعلاميين والإداريين (ويقصد رئيس هيئة أوجيرو عبد المنعم يوسف) مشتركون في فرقة الانترنت غير الشرعية؟».
وقال «أما قضية الحلوم ( ويقصد التاجر علي حلوم ) في الأمن الداخلي فهي قديمة لكن الذئاب في السلطة يتناتشون في ما بينهم الحصص». وفي تغريدة ثانية، قال جنبلاط: بالعودة إلى مصابيح المراقبة في بلدية بيروت، فلماذا تم التلزيم بالتراضي لتلك الشركة المفلسة أصلاً؟»
قبل ذلك بيوم، كشف جنبلاط «أن بلدية بيروت ستقوم بتركيب كاميرات مراقبة عبر متعهد معروف السيد ج ع»، ( ويقصد جهاد العرب المقرّب من الرئيس سعد الحريري). وفي تصريح له على مواقع التواصل الاجتماعي أشار إلى « أن كلفة الالتزام ستكون قرابة 50 مليون دولار»، معتبراً أن هذا «مبلغ هائل لكاميرات عادية».
إلا أنه رأى أنه «بعد فضيحة الانترنت وعدم التحقيق الجدي والتلكؤ من قبل القضاء وتواطؤ أركان الوزارة، فإن كل شيء ممكن في الإدارات الأخرى كبلدية بيروت ومن يحميها من كبار القوم». ورأى أنه «الجوع العتيق الذي يستشري ويستفحل في كل مكان».
وفي جديد شبكة الدعارة، إعلان وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور قراره على أثر اكتشاف شبكة الدعارة في جونيه، إقفال عيادة الطبيب النسائي رياض العلم، إستنادا إلى اعترافاته في التحقيق الذي حصلت وزارة الصحة على نسخة عنه، بقيامه بعمليات إجهاض لفتيات شبكة الاتجار بالبشر وسحب إجازة مزاولة مهنة الطب منه، كما قرّر أبو فاعور سحب إجازة مزاولة مهنة التمريض من الممرضة جيزيل أراكيلو التي قامت بمعاونته. وعلى الأثر داهم فريق من وزارة الصحة العيادة بتوجيهات من أبو فاعور وبمؤازرة القوى الأمنية، وقام بتنفيذ القرار وختم العيادة بالشمع الأحمر. وتوقف أبو فاعور عند «الفضائح التي يتوالى اكتشافها وآخرها شبكة الدعارة»، مشدداً على «وجوب استعادة الدولة لهيبتها ودورها واتخاذها الموقف الحازم على مستوى الإجراءات القضائية والإدارية والإجراءات في المؤسسات قبل الإجراءات بحق المخالفين».
ومن ضمن الملفات التي كان جنبلاط قد ألقى الضوء على جوانب منها قضية شبكة الانترنت غير الشرعي حيث كانت شركات خاصة توزّع الانترنت بأسعار مخفّضة مستخدمة محطات تلتقط الانترنت من قبرص وتركيا. وفي إطار متابعة هذا الملف عقدت لجنة الإعلام والاتصالات النيابية اجتماعاً جديداً أمس بحضور وزيري الدفاع والاتصالات سمير مقبل وبطرس حرب في ظل وجود انطباع بمحاولات للفلفة القضية لم يخفها رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النائب حسن فضل الله.
وبحسب معلومات «القدس العربي» فقد طرحت أسئلة كثيرة عن مسار التحقيقات في الملف الذي يسير على 4 محاور: أولاً التباين بين تقرير موظفي أوجيرو حول محطة الزعرور الذي تحدث عن مسلحين احتجزوا عناصر أمنية وموظفي هيئة أوجيرو من جهة وبين ما خلص إليه القضاء العسكري في ضوء إفادات عناصر من الدرك نفوا وجود مسلحين، ثانياً إمكانية اختراق شبكة الانترنت غير الشرعية بهدف التجسس وخصوصاً من قبل إسرائيل، ثالثاً كيفية إدخال المعدات إلى لبنان عبر الحدود والجمارك وتركيب صحون لاقطة وأعمدة بث من دون أن يلاحظها أحد وهل من تواطؤ معين أو تقصير من قبل الأجهزة الأمنية التي تسارع إلى التدخل عند بناء أي حجرين في أبعد قرية لبنانية، رابعاً طرق استجرار الانترنت من الخارج ومدى استخدام الكابل البحري ومدّ كابل في البحر بين ضبيه ونهر إبراهيم.
وإزاء ما رافق أسئلة النواب من احتمال وجود لفلفة للقضية خرج المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر في داخل الاجتماع وأكدوا قيام القضاة بمسؤولياتهم بمعزل عن أي ضغوط.
من جهته، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل أن تحقيقات مستمرة في الانترنت غير الشرعي.
وسألته «القدس العربي» متى يتوقع انتهاء التحقيقات وإنجاز التقرير فقال «إن تحقيقات مديرية المخابرات في الجيش اللبناني مستمرة وإن التقرير سينتهي بعد 15 يوماً وسيشمل كل جوانب الملف من دخول المعدات إلى تركيبها «، مشيراً إلى أنه « لم يثبت لغاية الآن أي احتمال لاختراق الشبكة «، نافياً أي لفلفة.
وقال وزير الاتصالات بطرس حرب «إن وزارته هي التي اكتشفت الفضيحة وبالتالي هي تقوم بواجباتها كاملة»، وأضاف «التفتيش المركزي معطل ولا أساس لإتهام وزارة الاتصالات بأنها كانت على علم بالشبكة، فوزارة الاتصالات دورها فني وهي ليست معنية بالجمارك، وعلى قوى الأمن أن تسأل من يمدّد وماذا يمدّد وهناك تقصير من القوى الأمنية ويجب أن يحاسب من قصّر إذ لا يجوز أن تكون الأمور سائبة. وأوضح « أن النيابة العامة لم تنه تحقيقاتها حتى الآن وثمة موقوف من آل غرابي ووزارة الاتصالات لا تتهم أحداً وإنما القضاء هو من يعلن الحقيقة. وثبت أن بعض من ظهرت أسماؤهم هي نفسها التي ظهرت في قضية محطة الباروك التي كشفت سابقاً».
ولفت النائب حسن فضل الله إلى «أن المتورطين بدأوا بكشف المتورطين معهم والحلقة تجر، وثمة أسماء جديدة تنكشف في شبكة الإنترنت غير الشرعي نتيجة صراع بين المستفيدين. الأمور تتدحرج وإلى مزيد من التدحرج وسنكمّل لنصل إلى آخر قاع في هذه المغارة»، لافتاً إلى أن «الرئيس بري يواكبنا ونضعه في أجواء ما نكتشفه وما نتابعه. ومن مسؤوليتنا كلجنة رقابية مساءلة وزارة الاتصالات في حال أي تقصير».
وأضاف «أثناء النقاش استمعنا إلى القضاء عن كل الملف، لا إلى نقطة معينة وكل المحطات وطرح في الضنية وباكيش وفقرا وعيون السيمان والزعرور حيث قيل إنه تم منع القوى الأمنية من القيام بمسؤولياتها، والقضاء من يقول إن كان ذلك صحيحاً، وله الكلمة النهائية».
أما اجتماع لجنة المال والموازنة حول الكلفة المالية المرتفعة لمعالجة أزمة النفايات فأرجأ بسبب عدم اكتمال النصاب.
وسط كل ذلك، علّق رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون عبر «تويتر» بالقول «ناهب البلد «يدعى الباسل الخطر» وفاضح الأمر «مذموم ومحتقر» من دون أن يُسمي عون صراحة من هو ناهب البلد ومن هو فاضح الامر.

سعد الياس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية