الفن رحلة عطاء ..والمرأة عطاء بلا حدود ..ذلك أن عوالمها الشاسعة التي ألهمت الشعراء والفلاسفة تظل مجالات حية للخصب والأمل والحياة..وهي حالة أخرى وبالأساس من حالات الانسان الابداعية بالنظر لدورها في الفعل الانساني..هي المدرسة الأولى والجنة تحت أقدامها ..المرأة هذا الكائن الجميل ..
والابداع مجال من مجالات المرأة الحيوية لاثبات كيانها وتحقيق ذاتها، فالتربية وما يحف بها فسحة لا تضاهى في الحيز الواسسع للابداع والابتكار ومن هنا ننظر طبيعيا لابداعاتها في مجالات أخرى كالفنون والحقول الثقافية والفكرية عامة..المرأة مبدعة ..فقط يفسح لها المجال كغيرها لتفصح عن اعتمالات الذات والكينونة والاسئلة والهواجس..
في المنستير ومنذ سنوات تجاوزت العقد انطلقت فكرة بسيطة وعميقة في الآن وهي في شكل سؤال..ماذا لو يفسح المجال للمرأة عموما لتبرز قدراتها وابتكاراتها في مجالات العبارة التشكيلية ..و هكذاô.انطلقت الفكرة وبدعم من المندوبية الثقافية بالجهة..
كانت الدورة الأولى..و قبل أيام قليلة اختتمت فعاليات الدورة (13) ..والمحصلة ألوان وأشكال وأساليب وأفكار متعددة وعلى امتداد ثلاثة أيام ..تحولت فضاءات المركب الثقافي والساحات المجاورة الى خلايا نحل حيث الورشات والمعارض واللقاءات والنقاشات ..و .. ما الى ذلك من المتطلبات التي بها تبرز المرأة العصامية حيزا من ابداعاتها الفنية والجمالية ..
حوالى (80) امرأة وفتاة من شتى الجهات والمدن والمناطق التونسية وبعض المشاركات من البلدان الأجنبية مع الاقامة بتونس..كلهن التقين وتحلقن حول أعمالهن..حقيقة بوسعك وأنت تتفقد الأعمال تشعر بأنك في بستان من الألوان الزاهية والأعمال الجميلة المحببة الى الذات ..انه البوح الجمالي الأخاذ الذي يفضي الى كون هائل من الابتكارات والتحف الجميلة..وتخطر ببالك عبارة ‘يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر’.
ثم ماذا..تنخرط في قراءات للأعمال المعروضة أي المشاركة فتكتشف عمق العبارة التشكيلية في عديد اللوحات والمنجزات الفنية الى جانب البناء التشكيلي والمهارات المتعددة بخصوص التقنيات المستعملة والأنماط الفنية ..
حيز شاسع من الابداع التلقائي المحفوف بحب المعرفة والتعلم بقصد الامساك بجزئيات وتقنيات العملية التشكيلية ولذلك حرصت هيئة المهرجان على أن تكون الجوانب العلمية والتكوينية حاضرة حتى تستفيد المشاركات لتنضاف للعصامية جوانب تقنية عامية أكاديمية وهذا مهم بالنسبة اليهن. وقد كان الانتباه بينا خلال مداخلة الفنان سامي بشير التي احتضنها فضاء الفندق بالمنستير بخصوص القراءة العلمية والاستيتيقية للأعمال المشاركة في الدورة وهي مناسبة للاستفادة من الأخطاء البسيطة والتي قد تفسد العمل.. وعموما ثمن المحاضر الفسحة المتوفرة في منجز العصاميات من حيث الابتكار والتنوع والبحث وتعاطى نقديا مع جل الأعمال والتي منها ‘ليلة راقصة’ لآمال الحجار و’استراحة ‘ للفنانة اليابانية شين مانلينغ ولوحتان للفرنسيتين بريجيت كوربو وبياتريكس بارجير و’زخرفات’ لألفة العفاس و’همسات لابتهال مزالي و’ذاكرة حية’ لبية بالعربي ولوحة للمغربية زهور المعناني و’الامل’ في فن الفوتوغرافيا لسامية بن يوسف و’في السوق’ لسميرة الخلفي و’موجة’ لسهيلة حمزة و’قمرت’ لعائشة دبيش و’المتاهة’ لفاطمة الزهراء زرياب من المغرب و’أشكال’ لفاطمة هامرلان من الجزائر و’مشهد تجريدي’ لليلى دغسن و’الكون’ لمبروكة البرينسي و’فسحة ‘ لمنوبية حاج سعيد و’القمع’ لمنى جماعة و’المروحة’ لهندة عبد الكافي و’الحيوان ضحية الانسان’ لسفيلتانا بوجانيك من صربيا و’ميناء سيدي بوسعيد’ لعائدة الهمادي …
ومن ناحية أخرى كانت حصة الفنان نجيب الونايدي حول ‘ توازن المفردات في الفضاء التشكيلي مميزة بالنظر لماتضمنته من اهمية الاساسيات التشكيلية وهي مناسبة استفادت منها المشاركات بعدة ملاحظات وافكار خاصة في ما يتصل بمستوى وأفق نظر الرسام ضمن الفضاء التشكيلي المقترح..
الورشات متعددة منها ورشة الرسم الزيتي وورشة الخزف الفني وورشة البلور المشكل بالحرارة وفي تأطير واشراف للفنانين نورالدين تابرجا من الجزائر وسحنون قلالة ووليد جاوحدو..
جولات ترفيهية وسياحية لمواقع ومعالم بالمنستير كانت مبرمجة لضيوف الدورة والمشاركات من ذلك زيارة متحف بورقيبة بالقصر الرئاسي القديم بالمنستير .
الافتتاح كان بتدشين المعرض الجماعي للأعمال المشاركة من قبل وزير الثقافة الدكتور المهدي مبروك حيث طاف وتنقل بين مختلف اللوحات والأعمال التي كانت ضمن عنوان ‘الى النور فالنور عذب جميل..’ وذلك بمرافقة المندوب الثقافي سمير زقية ومدير المركب الثقافي محمد المداني جقيريم وعدد من مبدعي ومثقفي وفناني المنستير..
المنستير خلال أيام 24و25و26 مايو تحولت الى حديقة غناء للفن التشكيلي، كما أن الحفل الاختتامي كان عرسا ثقافيا حيث تم تكريم قيدومة المشاركات منوبية حاج سعيد المرأة التي زادها تقدم السن ابداعا ومحبة من الجميع كما كرمت الدورة الجامعي والفنان سامي بن عامر بالنظر لابداعاته ولاشتغالاته العلمية والأكاديمية على المدونة التشكيلية التونسية وغيرها..
ضيوف الشرف سلموا شهادات التقدير والمشاركة للمشاركات وسط اهازيج وأغاني مجموعة موسيقية ومنهم الممثلة كوثر بلحاج والفنان نور شيبة والشاعر وعدد من الاعلاميين والفنانين منهم عمر عبادة حرزالله ومحمد الحبيب الركباني..
وتم تسليم ميداليات اللمسة العصامية لتختتم الدورة (13) لهذه الفعالية المميزة بعمقها وخصوصياتها وتلقائيتها أيضا وهذا يعد مجالا للحديث عن حرص الهيئة المنظمة وأسرة الملتقى على مزيد الاحاطة بالفعالية ومنح المجال للعصاميات للابداع والابتكار خدمة لابداعات المرأة التونسية مع الانفتاح على بعض المشاركات العربية والأجنبية وهذا المهم بعيدا عن موضة ان يصبح الملتقى عربيا أو دوليا وهذه مصيبة التسرع لدى بعض الفعاليات التونسية التي عندما تنطلق ويشتد عودها تتسرع وتحرص على ماذكرنا لتنتهي بسرعة وتصبح في عداد الأطلال والأشباح الثقافية..
هذا الملتقى مناسبة بارزة في المشهد التشكيلي ويمكن القول انه من المهم التفكير في متحف ومكان يحوي الأعمال والاستفادة من عرضها في مدن تونس وخارجها للاطلاع على حيز مهم من ابداعات المرأة بتونس الأصالة والفن والجمال والهوية..