ريو دي جانيرو – «القدس العربي»: رغم اقتراب موعد انطلاق فعاليات دورة الألعاب الأولمبية المقبلة (ريو دي جانيرو 2016)، ما زالت التحديات الصعبة التي تواجهها هذه المدينة البرازيلية تطغى على خيال وحلم استضافة أول أولمبياد في قارة أمريكا الجنوبية.
وبدأ يوم الأربعاء الماضي العد التنازلي لآخر 100 يوم متبقية على موعد انطلاق فعاليات الدورة وسط العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية التي تخيم على البرازيل. ودأب إدواردو بايس عمدة ريو دي جانيرو في الآونة الأخيرة، بشكل شبه أسبوعي، على افتتاح المنشآت والمواقع الرياضية المضيفة لفعاليات أولمبياد 2016. وقال المنظمون في ريو إن 98 من مواقع ومنشآت الاستضافة أصبحت جاهزة بالفعل. وأوضح بايس، خلال الزيارة العاشرة الأخيرة لفريق التفتيش المكلف من اللجنة الأولمبية الدولية لمتابعة سير استعدادات هذه الدورة الأولمبية: «اجتزنا أكبر التحديات التي تواجه تنظيم مثل هذه الأحداث الرياضية الضخمة. كما يتفق معه كريستوف دوبي المدير التنفيذي للجنة الأولمبية الدولية حيث قال: «الأمور الجوهرية جرى تنفيذها مشيرا إلى أن ما يتبقى الآن هو الكماليات».
ويضع بايس أولمبياد 1992 في برشلونة كنموذج له. ومثلما كان الحال في برشلونة، يرغب بايس في أن تكون الدورة الأولمبية في ريو حافلة بالسعادة والبهجة حتى تساهم في تقديم صورة رائعة لهذه المدينة كدفعة هائلة في الترويج السياحة لريو إحدى أجمل المدن في العالم. ويسعى بايس لتجنب خلو المدرجات من المشجعين في الاستادات المختلفة خلال فعاليات الدورة الأولمبية المرتقبة.
ويمثل مجمع السباحة الجديد بشكله الفني الرائع، جوهرة للمتنزه الأولمبي في ريو دي جانيرو. وراعى تصميم هذا المجمع وجود نظام للتهوية الطبيعية. ولا يتأخر عن جدول العمل المقرر سلفا سوى مركز «فيلودروم» الذي يستضيف سباقات الدراجات على المضمار ولكنه سيكون جاهزا في الوقت المناسب، حسبما أكد المنظمون. وعلى عكس ما كان عليه الحال في أولمبياد أثينا 2004، لا تمثل المواقع الرياضية المشكلة الأكبر للمنظمين في ريو رغم شكوى بعض الاتحادات الرياضية من صغر سعة بعض المنشآت عما كانت نظيرتها في العاصمة البريطانية لندن قبل أربع سنوات خلال فعاليات الدورة الأولمبية السابقة. وتبلغ سعة الاستاد الذي يستضيف فعاليات ألعاب القوى 60 ألف مشجع فقط، وهو استاد فريق بوتافوغو لكرة القدم. ويهدف المنظمون في ريو إلى الاستمرارية وعدم الإفراط في تكاليف استضافة الدورة الأولمبية. ولهذا، لا يوجد استاد أولمبي «فعلي» لاستضافة فعاليات الدورة الأولمبية هذا العام حيث ستقام فعاليات حفلي الافتتاح والختام على استاد «ماراكانا» الأسطوري.
ويعاني البرازيليون من مخاوف أخرى. وتراجع إجمالي الناتج القومي في 2015 بنسبة 3.8 بالمئة كما تواجه البرازيل أكبر فترة ركود في تاريخها منذ الثلاثينات. وبلغ حجم البطالة في البرازيل نحو 9.6 مليون شخص. كما تعاني البرازيل من أزمة سياسية حادة حيث وافق الكونغرس البرازيلي قبل أيام على بدء إجراءات عزل ديلما روسيف رئيسة البرازيل التي فقدت معظم شركائها في الائتلاف. وإذا جرى عزلها بالفعل، سيفتتح نائبها ميشيل فعاليات الدورة الأولمبية في ريو. وتأتي هذه التطورات وسط فضيحة فساد ضخمة تشير تقارير إلى تورط أكثر من 50 سياسيا فيها. وتبدو البرازيل حاليا في انقسام هائل كما اضطر منظمو أولمبياد ريو إلى تقليص هائل في نفقات الاستضافة بسبب الوضع الاقتصادي الصعب لبلادهم. وفي ظل هذا التقليص في النفقات، سيتراجع عدد المتطوعين لخدمة الدورة الأولمبية بنحو آلاف من المتطوعين، كما ستتراجع سبل الراحة للرياضيين المشاركين في هذه الدورة الأولمبية. وينتظر أن يكون حفلا الافتتاح والختام أقل في المستوى مما كان مخططا لهما.
ويمثل خط المترو الجديد المصدر الأكبر لقلق منظمي أولمبياد 2016. ويربط خط المترو الجديد مدينة ريو دي جانيرو بالمتنزه الأولمبي في منطقة «بارا». ويمثل هذا الخط المشروع الأهم من مشاريع البنية الأساسية حيث يستحوذ على نحو ربع الميزانية الإجمالية للأولمبياد ولكنه قد لا يكتمل كلية في الموعد المناسب قبل افتتاح فعاليات الدورة. وكان مقررا أن تبلغ تكلفة إنشاء خط المترو الجديد 8.5 مليار ريال برازيلي ولكنه الآن قد يجتاز عشرة مليارات ريال برازيلي (2.8 مليار دولار أمريكي). ويحاول المنظمون إيجاد حلول وسط. وفي أسوأ الأحوال، سيضطر السائحون إلى قطع مسافة 40 كيلومترا من وسط المدينة إلى المتنزه الأولمبي بحافلات نقل الركاب. ومع الازدحام المروري الذي يسيطر دائما على الطرق المؤدية إلى «بارا»، قد يصاب مئات الآلاف من زائري ريو بالتوتر والعصبية.
هل يمكن لقوة الصور، مثل التمثال الضخم للمسيح الفادي الذي يطل على ممارسي رياضة التجديف في بحيرة رودريغو دي فريتاس، أن تساهم في اجتياز المشاكل. وشهدت هذه البحيرة مقتل الأسماك نتيجة التلوث. والمأساة الأكبر من هذا كانت درجة جودة المياه في شاطئ غوانابارا. وتسببت القاذورات والبكتيريا في هذه المياه في صدور توصيات بعدم السقوط في الماء. وأدى هذا الجدل بشأن التلوث إلى مخاوف بيئية حظيت بتركيز سياسي أكبر. لكن هذا الشاطئ، الذي تعبره سفن الحاويات العملاقة في طريقها إلى الميناء، يبدو كبيرا بدرجة يصعب معها إحداث تحسن في جودة المياه بشكل سريع.
ربما تسببت المخاوف من فيروس زيكا الغامض في عزوف بعض المشجعين عن حضور أولمبياد ريو. ورغم أن البعوض الحامل لهذا الفيروس يتواجد بشكل أقل كثافة في شهور الشتاء كما أن ريو دي جانيرو ليست من المناطق المتأثرة بفيروس زيكا الذي ينتشر بشكل أكبر في شمال شرقي البرازيل، بلغت نسبة بيع تذاكر الأولمبياد 62 بالمئة حتى الآن من 7.4 مليون تذكرة. ويراود الأمل المنظمون في تزايد معدل بيع التذاكر بعد إجراء قرعة المنافسات في الفترة المقبلة.
ستعتمد أجواء الدورة أيضا على مدى نجاح الرياضيين البرازيليين ولكن التوقعات بشأن الميداليات لا تبدو جيدة حيث سقط سيزار سيلو السباح الوحيد الذي أحرز ميدالية ذهبية للبرازيل في التصفيات. كما ستتابع آنا كلوديا ليموس أفضل عداءة برازيلية فعاليات أولمبياد ريو دي جانيرو من مواقع المشجعين بعد سقوطها في اختبار للكشف عن المنشطات. وتحتاج البرازيل بشكل هائل للفوز بالميدالية الذهبية لمسابقة كرة القدم حيث فشل الفريق من قبل في إحراز هذه الذهبية رغم فوز البرازيل بكأس العالم خمس مرات (رقم قياسي). ويعلق المنتخب البرازيلي آمالا عريضة في هذا على نجمه وقائده نيمار بعدما وافق ناديه برشلونة على المشاركة في الدورة الأولمبية. وخلال أولمبياد لندن 2012، احتلت البعثة البرازيلية المركز 22 في جدول ميداليات الدورة برصيد ثلاث ذهبيات وخمس فضيات وثلاث برونزيات. لكن منظمي أولمبياد 2016 يأملون في أن تؤدي استضافة الدورة الأولمبية هذه المرة إلى طفرة في نتائج البعثة البرازيلية لمنح الجماهير السعادة والحماس.
مواقع استضافة فعاليات الأولمبياد
تستضيف مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية فعاليات دورة الألعاب الأولمبية في أربع مناطق رئيسية هي المتنزه الأولمبي في «بارا» ومنطقة ماراكانا التي يوجد بها الاستاد الأولمبي، واستاد «ماراكانا» الأسطوري لكرة القدم ومنطقة ديودورو التي تستضيف منافسات عدد من الرياضات منها الفروسية وشاطئ كوباكابانا/ غوانابارا. وفي ما يأتي نظرة عامة على المواقع والمنشآت الرياضية لأولمبياد 2016 في ريو دي جانيرو:
متنزه «بارا» الأولمبي:
تبلغ مساحته 1.2 مليون متر مربع ويوجد فيه 14 من 31 موقعا رياضيا لاستضافة فعاليات هذه الدورة الأولمبية المرتقبة وتشهد هذه المواقع بمتنزه «بارا» منافسات 16 لعبة رياضية. ويقع المتنزه الأولمبي على بعد نحو 40 كيلومترا من وسط مدينة ريو دي جانيرو. ويوجد بالمتنزه الأولمبي كل من مركز البث التلفزيوني والمركز الصحفي للدورة الأولمبية.
كاريوكا 1: لاستضافة مباريات كرة السلة وتبلغ سعته 16 ألف مقعد.
كاريوكا 2: لاستضافة منافسات الجودو والمصارعة وتبلغ سعته عشرة آلاف مقعد
كاريوكا 3: لاستضافة منافسات المبارزة والتايكوندو وتبلغ سعته عشرة آلاف مقعد.
ملاعب التنس: تبلغ سعة الملعب الرئيسي عشرة آلاف مقعد والملعب رقم (1) تبلغ سعته خمسة آلاف مقعد والملعب رقم (2) تبلغ سعته ثلاثة آلاف مقعد.
فيلودروم: تبلغ سعته خمسة آلاف مقعد.
كرة اليد: تبلغ سعة الملعب 12 ألف مقعد.
استاد السباحة: تبلغ سعته 18 ألف مقعد ويستضيف أيضا فعاليات كرة الماء.
متنزه ماريا لينك للألعاب المائية: تبلغ سعته خمسة آلاف مقعد ويستضيف منافسات الغطس والسباحة التوقيعية.
ملعب ريو الأولمبي: تبلغ سعته 12 ألف مقعد ويستضيف منافسات الجمباز.
مركز ريو (ريو سينترو): يضم أربع قاعات الأولى للملاكمة (تسعة آلاف مقعد) والثانية لرفع الأثقال (6500 مقعد) والثالثة لتنس الطاولة (6500 مقعد) والرابعة للريشة الطائرة (6500 مقعد) ويقع هذا المركز على بعد خمس دقائق من المتنزه الأولمبي.
الغولف: أقيم ملعب الغولف على أطراف محمية طبيعية بالقرب من المتنزه الأولمبي ويمكنه استضافة 15 ألف مشجع.
القرية الأولمبية: صممت القرية الأولمبية لاستضافة 15 ألف شخص.
مركز البث الدولي: ويقع على مساحة خمسة آلاف متر مربع ويتسع مع المركز الصحفي لنحو عشرة آلاف صحفي وإعلامي.
منطقة ماراكانا:
تضم منطقة ماراكانا أربعة مواقع رياضية لاستضافة فعاليات الأولمبياد وهي:
استاد جواو هافيلانغ الأولمبي: وتبلغ سعته 60 ألف مقعد ويستضيف فعاليات ألعاب القوى.
استاد ماراكانا الأسطوري: تبلغ سعته 78 ألف و600 مقعد ويستضيف حفلي الافتتاح والختام وبعض منافسات كرة القدم.
سامبودرومو: تبلغ سعته 30 ألف مقعد ويشهد ختام سباق الماراثون وفعاليات القوس والنشاب.
ماراكانزينيو: تبلغ سعته 12 ألف مقعد ويستضيف فعاليات الكرة الطائرة.
منطقة كوباكابانا:
كوباكابانا فورت: تبلغ سعته خمسة آلاف مقعد ويستضيف فعاليات الترايثلون والسباحة والدراجات.
الكرة الطائرة الشاطئية: تبلغ سعته 12 ألف مقعد ويقع على شاطئ كوباكابانا الشهير.
استاديو دا لاغوا: تتراوح سعته بين عشرة آلاف و14 ألف مقعد ويشهد فعاليات التجديف والكانوي.
مرسى (مارينا دا غلوريا): تبلغ سعته عشرة آلاف مقعد ويشهد منافسات الشراع في شاطئ «غوانبارا».
منطقة ديودورو:
استاد الفروسية: تبلغ سعته 35 ألف و200 مقعد.
استاد الهوكي: تبلغ سعة الملعب الرئيسي ثمانية آلاف مقعد والملعب الثاني خمسة آلاف مقعد.
مركز الرماية: تبلغ سعته 7500 مقعد.
قاعة السباحة: تبلغ سعتها ألفي مقعد وتشهد منافسات السباحة الخاصة بمسابقة الخماسي الحديث.
موقع سباقات القوارب الصغيرة في مجاز متعرج: تبلغ سعته 8500 مقعد.
موقع سباق «بي إم إكس»: تبلغ سعته 7500 مقعد.
موقع سباقات الدراجات الجبلية: يمكن لنحو 25 ألف مشجع مشاهد السباق بطول الطريق.
ملعب الشباب: تبلغ سعته خمسة آلاف مقعد ويشهد منافسات كرة السلة والخماسي الحديث.
استاد ديودورو: تبلغ سعته 15 ألف مقعد ويشهد منافسات الفروسية ضمن مسابقة الخماسي الحديث إضافة لمنافسات الرغبي.
وتقام منافسات كرة القدم أيضا في مدن ماناوس وبرازيليا وساو باولو وبيلو هوريزونتي وسالفادور.
أولمبياد ريو في أرقام
الأرقام الآتية توضح بعض الحقائق عن الدورة الأولمبية قي ريو دي جانيرو:
306: عدد الميداليات الذهبية (منها 136 للسيدات و161 للرجال وتسع ميداليات للمختلط)
10 آلاف و500: عدد الرياضيين المشاركين في الدورة ويمثلون 206 دول.
3200: عدد الحكام المشاركين في الدورة ومساعديهم.
38.7 مليار: تكلفة استضافة الدورة بالريال البرازيلي (10.96 مليار دولار).
45 ألفاً: عدد المتطوعين في خدمة الدورة الأولمبية.
85 ألف: عدد أفراد الأمن المكلفين تأمين الدورة (مقابل 42 ألفا فقط شاركوا في تأمين أولمبياد لندن 2012).
6.5 مليون: تعداد ريو دي جانيرو ويرتفع إلى 12.2 مليون نسمة مع إضافة الضواحي والمناطق المحيطة بالمدينة.
763: عدد الأحياء الفقيرة التي يقطنها أكثر من 20 بالمئة من تعداد ريو دي جانيرو.
24: عدد الشواطئ في ريو دي جانيرو. وأشهرها كوباكابانا.
33 ألفاً: عدد سيارات الأجرة في ريو دي جانيرو والتي تكون عالقة دائما في الازدحام المروري بالمدينة.
1202: عدد القتلى في ريو دي جانيرو خلال 2015 وهو العدد الأقل بالمدينة منذ 1991