الجامعة الأمريكية المصدر الرئيسي لموظفي الرئاسة وخبرائها… والفضائيات الخاصة والرسمية أدوات الدولة القمعية

حجم الخط
0

القاهرة «القدس العربي» : موضوعان رئيسيان تنافسا على اجتذاب اهتمامات الأغلبية في الصحف المصرية هما، تغطية احتفالات شم النسيم في المنتزهات والحدائق العامة والمصايف، وتحذيرات وزارة الصحة المواطنين من أكل الفسيخ، والتوجه مباشرة إلى المستشفيات والوحدات الصحية إذا شعروا بأعراض التسمم، وأوضحت لهم وزارة الصحة هذه الأعراض ولم تنس أن تقول في بيانها، إن سعر الكيلوغرام الواحد من الفسيخ تسعون جنيها، بينما علاج المصاب بالتسمم يكلف الوزارة تسعين ألفا، وبخلاف تحذيرات وزارة الصحة فلم تظهر مثل الأعوام السابقة الفتاوى التي تحرم أكل الفسيخ لأنه في حكم الميتة.
أما القضية الثانية الأكثر اجتذابا للاهتمام فكانت أزمة نقابة الصحافيين مع وزارة الداخلية، واتهامها باقتحام مقرها في سابقة لم تحدث من قبل، للقبض على اثنين من الصحافيين بأوامر النيابة العامة، من دون أن يكون مع القوة ممثلون للنيابة العامة أو نقيب الصحافيين أو من ينيبه عنه، كما ينص قانون النقابة، وسريان موجة غضب شديدة ولوحظ أنه بينما كانت جريدة «الأخبار» الحكومية هي الأكثر تغطية لغضب نقابة الصحافيين ومطالبتها بإقالة وزير الداخلية، وتردد «الأهرام» و»الجمهورية»، في البداية إلا أنه لوحظ أمس أن «الأهرام» تصدرت المشهد بأن طالبت في مقالها الذي يعبر عن رأيها بإقالة الوزير وشنت حملة عنيفة ضد الداخلية.
كما عكست التعليقات والمقالات تناقضات في مواقف أصحابها من هجوم على الداخلية ودفاع عن النقابة إلى هجوم عليها لأنها فتحت أبوابها لاختباء مطلوبين من النيابة العامة وأحدهما ليس عضوا فيها، بالإضافة إلى الإجماع في استنكار تصرف الداخلية.
ومن الأخبار الأخرى في الصحف المصرية، خبر الجسر الجوي الذي أقامته شركة طيران «إير سينا» لإعادة آلاف المصريين المسيحيين الذين أدوا الحج إلى القدس، والمعروف أن الأرثوذكس يتهمون الكاثوليك بأنهم الذين يخرقون قرار الكنيسة الأرثوذكسية بعدم التطبيع مع إسرائيل، ومن المعروف أن شركة «إير سينا» أنشأتها شركة مصر للطيران عام 1979 بعد اتفاقية السلام مع إسرائيل، حتى لا تقوم بالرحلات إليها، وتتعرض لقرارات القمة العربية في بغداد، التي نصت على مقاطعة كل الشركات والأفراد الذين يقومون بالتطبيع مع إسرائيل. أيضا لا تزال الأغلبية تولي اهتماماتها لامتحانات نهاية العام واستقبال شهر رمضان ومن المنتظر أن يتراجع اهتمامها المفاجئ بأزمة الداخلية والصحافيين. وإلى بعض مما عندنا..

لن تنجح وزارة الداخلية
في تكميم أفواه الصحافيين

ونبتدئ التقرير بأزمة نقابة الصحافيين مع وزارة الداخلية ورأي جريدة «الأهرام» ومما قالته: «لقد ارتكبت وزارة الداخلية أخطاء عدة خلال الفترة الماضية، واختتمتها بتصرفها المؤسف في حق الصحافيين والإعلاميين، فهي لن تنجح في مرادها الخبيث بتكميم الأفواه وكبت حريات الرأي والتعبير، التي نص عليها الدستور، الذي لم يقرأه بعد قيادات الأمن، الذين يصدرون للقيادة السياسية تصورا مخادعا بأنهم يحافظون على كيان الدولة وأمنها، وإذا كانوا اليوم يحتلون مناصب قيادية فما يدريهم بمكانهم غدا؟ لقد علمتنا التجارب التي لم تدركها أجهزة الأمن للأسف أن الشعب هو الذي يختار مصيره بإرادته وليس القيادات، وإذا هب هذا الشعب لنيل حريته لا يوقفه أحد ولا أعتى متاريس الأمن وسلاحه. أخطأت وزارة الداخلية بكل أجهزتها في اقتحام نقابة الصحافيين معقل الحرية في مصر، وللأسف في وقت يحتفل فيه الصحافيون بالعيد الماسي لـتأسيس نقابتهم الجامعة، التي تحوى كل أطياف العمل السياسي والحزبي فالصحافيون ليسوا إرهابيين كي يقتحم ثلة من رجال الأمن بيتهم العتيق، مهما تكن الأسباب، ثم يخرج علينا المتحدث باسم الداخلية ويدعي أن الأمن لم يفعل كذا وكذا. ثمة خطوة متوقعة وهي إعلان إقالة وزير الداخلية ردا على هذا العمل البشع الذي أصاب مصر كلها بالغثيان، في وقت تئن فيه عائلات كثيرة غاب شبابها وراء جدران السجون بلا قضية».

فضيحة دولية تتصدر
كل وسائل الإعلام العالمي

كما قال أحد مديري تحريرها زميلنا وصديقنا فتحي محمود في مقاله في الصفحة الحادية عشرة: «أسئلة كثيرة تثيرها بعض تصرفات أجهزة وزارة الداخلية في الفترة الأخيرة، وعلى رأسها جريمة اقتحام مبنى نقابة الصحافيين في سابقة هي الأولى من نوعها منذ 75 عاما وبالمخالفة للقانون ولكل الأعراف، وعشية الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، ليتحول الأمر إلى فضيحة دولية تتصدر كل وسائل الإعلام العالمي، في وقت نحاول فيه تحسين صورة مصر في الخارج ومواجهة المؤامرات التي تستهدفها، ولكن من الواضح أن المؤامرة الحقيقية هي مثل هذه التصرفات التي لا تفيد سوى أعداء 30 يونيو/حزيران…. بعد جريمة اقتحام نقابة الصحافيين، فإن تدخل الرئيس لإقالة مجدي عبد الغفار ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة أمر حتمي للحفاظ على الكتلة الصلبة التي تشكل القوام الأساسي لدولة 30 يونيو».

من سيخرج النظام من أزمته؟

أما جريدة «البوابة» اليومية المستقلة فقد أوردت خبرا عن احتمال إقالة مدير أمن القاهرة بصفته المسؤول: «وفي الوقت ذاته تتواصل الاتصالات على أعلى المستويات من رئيس الوزراء إلى الصحافيين الأعضاء في مجلس النواب لإيجاد مخرج من هذه الأزمة التي وجد النظام نفسه فيها.

مع تحيات وزارة الداخلية

أما زميلنا وصديقنا الرسام الموهوب في «المصري اليوم» عمرو سليم فقد أخبرنا أمس بأنه لا إقالة لوزير الداخلية أو لمدير أمن القاهرة، والدليل ما شاهده في الشارع من تهنئة وزارة الداخلية باليوم العالمي لحرية الصحافة وشاويش يقبض على صحافي ويقول مع تحيات وزارة الداخلية.

ستبقي النقابة حصنا للحريات

وإلى «الشروق» عدد الأحد وزميلنا محمد سعد الحفيظ «ناصري» وقوله وهو غاضب جدا: «حاصرت قوات الأمن النقابة ومُنع أعضاء الجمعية العمومية من الدخول إلى مقر نقابتهم، وهو ما لم يقدم أي نظام على فعله منذ تأسيس النقابة قبل 75 عاما، لم تكتف قوات الأمن بذلك، بل ألقت القبض على 33 صحافيا كانوا يمارسون عملهم في تغطية الاحتجاجات المناهضة لتسليم جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، منهم الزميلان أحمد البرديني ومحمد مجدي من «الشروق»، حيث تم خطفهما من شارع طلعت حرب وحجزهما في مدخل إحدى العمارات لمدة 3 ساعات، من دون أي سند قانوني وفي الوقت الذي منع فيه الأمن أعضاء النقابة من الدخول إلى شارع عبد الخالق ثروت سمح لعدد من البلطجية الذين رافقوه بالصعود على سلالم النقابة وتعليق صور الرئيس السيسي ووزيري الدفاع والداخلية على مدخلها، وسب أعضاء مجلس النقابة بأقذر الشتائم والرقص بعلم السعودية على أنغام «تسلم الأيادي» .الأولى خرجت احتجاجا على اعتداء ميليشيا الشاطر على الصحافيين أمام مقر الإخوان في المقطم، والثانية خرجت ضد اعتداء قوات عبد الغفار على الصحافيين أمام بيتهم. لم تهزم النقابة في كل معاركها قتل السادات مغدورا وسقط مبارك ولحقه مرسي وبقيت النقابة وستبقي حصنا للحريات».

العلاقة متوترة بين الشرطة والشعب

وفي «اليوم السابع» في يوم الأحد أيضا اتخذ زميلنا عادل السنهوري «ناصري» موقفا مختلفا بقوله: «نعم ننتقد تجاوزات الشرطة وسلوكيات عدد من أفرادها ونسعى دائمًا إلى أن يتطور الأداء الشرطي في مصر، ويرتقى لمثيله في العالم، خاصة بعد ثورتين كان المطلب بالكرامة الإنسانية واضحا وبارزا فيهما.
نعم هناك أخطاء يرتكبها أفراد منتسبون لجهاز الشرطة في مصر، وهناك عقاب فوري لم يحدث من قبل، وفي فترات سابقة، وهناك صرامة في الجزاء الفوري والوعود بتحسين الأداء وحسن معاملة المواطنين في أقسام الشرطة والمرور، نسمعها بين الحين والآخر، والقيادة السياسية مهتمة بالقضية وتطالب دائما بتطبيق مبادئ حقوق الإنسان في التعامل مع المواطنين وتحسين العلاقة بين الشرطة والشعب، أحيانا كثيرة نقسو على الشرطة حتى لو وقع بعض الظلم على أفرادها، وكانوا هم الضحايا، ودائما هم في قفص الاتهام قبل أن نستمع إلى دفاعهم في الاتهامات الموجهة إليهم بحكم التربص التاريخي بالشرطة».
علاقة المخبر بالحرامي

وفي يوم الأحد أيضا تناول زميلنا في «الأهرام» الحكومية محمد حسين قضية الشرطة بقوله: «عندما يوطد «المخبر» علاقته بـ«الحرامي» سواء كان اسمه «الدكش» أو «كوريا» وتنشأ بينهما علاقة محرمة تكلل في النهاية بزواج متعة، فإن المواطن هو الذي يدفع الثمن فادحا خصما من أمنه ومن اطمئنانه على حياته ومقدراته، كما أن الوطن يصبح رهنا لعصابات الجريمة التي «تنحر» المجتمع بإصرار واستقواء، كنت أظن وبعض الظن أمل أن مصر مواطنين ونخبة ومؤسسات معنية سوف تصاب بصدمة هائلة وسوف تنتفض من الخوف والرعب وتقف على قدم واحدة ولن تهدأ إلا بعد أن تتكشف الحقائق كاملة في التحقيقات المتعلقة بتورط بعض عناصر الشرطة من مديرية أمن القليوبية في التعاون مع عصابات الجريمة في «المثلث الذهبي» نظير رواتب شهرية مقابل إمداد هذه العصابات بأسرار عمل وخطط الأمن ضدها وهو ما أدى إلى الفشل طويلا في تطهير هذه المنطقة الموبوءة، كما أدى إلى مصرع عدد من الضباط والأفراد بعد وشاية زملائهم بهم، خاب ظني ولم يحدث شيء سوى بعض التعليقات عن التسريبات المتاحة من التحقيقات في القضية، دونما إعلان كامل للحقيقة تساعد على الكشف عن قاع البئر «العطن»، خاصة أن القضية كان يجب ألا تترك التحقيقات فيها لوزارة الداخلية وحدها، بل كان لابد من مشاركة أجهزة سيادية أخرى لأنها قضية أمن قومي تتعلق بسلامة وأمن المصريين وأيضا بسلامة بنيان الدولة المصرية».

معارك الجزيرتين

وإلى أبرز المعارك التي لا تزال مستمرة حول إعلان الحكومة المصرية أن تحديد خط المياه الإقليمية للسعودية ومصر أظهر أن جزيرتي تيران وصنافير ملك للسعودية، بالإضافة إلى ما أثبتته الوثائق التاريخية، ولعبت الوثيقة التي قدمتها الدكتورة هدى عبد الناصر التي تثبت ملكية السعودية للجزيرتين دورا حاسما في إنهاء البلبلة حول الاتفاق،
وهو ما أغضب صديقنا القيادي في التيار الشعبي وحزب «الكرامة» الناصري أمين إسكندر فقال يوم السبت في المقال مهاجما الدكتورة هدى: «فجأة ظهرت عندنا وديعة نظرا لكوننا حقانيين مثلما قالت السيدة هدى عبد الناصر، وهي تدعي بالكذب على الزعيم عبد الناصر، الذي أعلن مصرية الجزيرتين للسعودية وفي أثناء زيارة العاهل السعودي إلى القاهرة وقيامه بتقديم عدة مليارات للاستثمار في مصر، وهكذا ربط الناس بين استثمارات السعودية والتنازل عن الجزيرتين، مصطفين خلف السعودية التي تحارب من أجل أن تأخذ دور مصر في قيادة المنطقة، الذي أهدرته اتفاقية كامب ديفيد ولماذا لا؟ ونحن مصطفون خلف السعودية في ما يسمي الحلف الإسلامي المقاوم للإرهاب، رغم علمنا جميعا بأن الإرهاب مصدره الفكر الوهابي والتمويل الخليجي والسعودي على وجه الخصوص، وكذلك الرجال من السلطة الوهابية في العالم وهؤلاء هم من يحاربون في سوريا راغبين في تقسيم سوريا».
لكن كان لزميلنا في «الأهرام» الشاعر فاروق جويدة رأي مخالف لما ذهب إليه أمين، إذ قال في يوم السبت نفسه، في عموده اليومي «هوامش حرة»: «إن ما قدمته د. هدى عبد الناصر حول هذه القضية جهد علمي محترم، وشهادة تحسم مواقف كثيرة. وللإنصاف فإن د. هدى قامت بجهد كبير في جمع تراث والدها في مشروع ضخم قدمت فيه دراسات وأبحاثا ووثائق كثيرة نادرة، بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية، وإذا كان هذا الجهد يمثل إنصافا تاريخيا لوالدها أمام حملات ضخمة تعرض لها بعد رحيله، إلا أنه في الحقيقة إضافة تاريخية مهمة لجزء عزيز من تاريخ مصر المعاصر، في فترة أحاطت بها ملابسات كثيرة ما بين المؤيدين والمعارضين. لم يكن جهد هدى عبد الناصر فقط وفاء لوالدها بل كان وفاء لتاريخ مصر، وتاريخ واحد من رموزها العظيمة، وإن كان هناك سؤال حائر أين يا سادة وثائق مصر منذ قيام ثورة يوليو/تموز وحتى الآن؟».

خرائط ليست رسمية

أما زميله الدكتور حسن أبو طالب فقد هاجم في مقال له يوم السبت أيضا في جريدة «الأهرام المسائي» اليومية، من حاولوا تزوير خرائط تضع الجزيرتين في مياه مصر الإقليمية وقال: «لقد أفصح الجدل حول مصير الجزيرتين أننا بحاجة ماسة إلى أن نضع القضايا المصيرية بيد الخبراء المعنيين، والمشهود لهم بالكفاءة والمصداقية والخبرة في المجال، وأن نكف عن إثارة الآراء غير الدقيقة لغرض الإثارة الإعلامية والسياسية. وهؤلاء الذين خرجوا علينا بخرائط ليست رسمية، وإنما تطبعها مطابع ومكتبات في عواصم مختلفة، وكثير منها يفتقد إلى الدقة ولا يعد محررا رسميا بأي حال، ولكنهم اعتبروها حجة دامغة، عليهم أن يدركوا أنهم بذلك يضعون الوطن في مأزق كبير، فكثير من الخرائط المطبوعة دوليا تضع أجزاء من جنوب مصر تحت سيادة دولة أخرى، وهو أمر يدعو إلى عدم الثقة في تلك الخرائط أبدا مهما أعطت لمصر حقوق سيادة على جزر هنا أو جزر هناك».

ستبقى تيران وصنافير مصريتين

ورغم ما كتبه جويده وأبو طالب فقد استمر في «الشروق» خالد سيد أحمد على موقفه المعارض بقوله يوم السبت: «ما حدث في «ميادين المحبة» من ممارسات مست الشعور والكبرياء والكرامة الوطنية مثل، رفع أعلام دولة شقيقة، والحديث المبتذل عن إمكانية إهدائها «الهرم وأبو الهول وأم الهول» لا يمكن أبدا أن توضع في خانة انتصار لطرف على حساب طرف آخر، وإنما خسارة للجميع وتعميق للانقسام في المجتمع بشأن قضية يفترض أنها جامعة لا مفرقة بين أبناء الشعب الواحد. من يراهن على عنصر الوقت لكي ينسى المصريون أمر الجزيرتين «واهم» ومن يعتقد أن الحشود المصطنعة في «ميادين المحبة» رخصة للتنازل عنهما «مخطئ»، ومن يعتقد أن عصا الأمن كفيلة بإسكات صوت الاحتجاج بشأن قضية تتعلق بالسيادة والتراب والكبرياء الوطني، لم يتعلم من دروس التاريخ القريب، فالجزيرتان ستبقيان مصريتين في وجدان المواطنين حتى لو تم تسليمهما للسعودية غدا».

خواء إعلامي

ومثلما لم يقتنع خالد بما كتبه جودة وأبو طالب، فإن زميلنا وصديقنا في «الأخبار» محمد الشماع لم يقتنع بما كتبه خالد ولذلك قال في اليوم التالي الأحد: «لعل أهم ما كشفت عنه أزمة الجزيرتين تيران وصنافير، هو ذلك الخواء الإعلامي الموجود في مصر، ولنفترض معاً أن الأستاذ محمد حسنين هيكل، رحمه الله، كان حياً وخرج على الناس لكي يؤكد ما ذكره في كتابه «الانفجار» من أن الجزيرتين سعوديتان لصدقه الناس، لأنه رحمه الله كان يملك مصداقية لم تستطع أن تنال منها حوافر الأرزقية الذين انطلقوا أو أطلقوا لمهاجمة الرجل. شهادة واحدة من صحافي موثوق به كانت تكفي لكي تجنبنا الجدل الذي أثير حول الجزيرتين، لقد أورد الأستاذ هيكل في كتابه «الانفجار» واقعتين، الأولى أنه إبان الصراع بين المغفورين لهما جمال عبد الناصر والملك فيصل فقد التقطت محطات اللاسلكي المصرية إشارة لاسلكية تفيد بأن توجيها صدر بتحريك قوات عسكرية سعودية للوجود في الجزيرتين. ولما عرض الأمر على عبد الناصر قال اتركوهم حتى تصبح السعودية من دول المواجهة مع إسرائيل، ثم بعد ذلك التقطت المحطات اللاسلكية نفسها إشارة موجهة إلى قائد المنطقة العسكرية في «تبوك» في المملكة العربية السعودية تأمره بأن يعيد هذه القوات مرة أخرى من حيث أتت، إذ يبدو أن الملك قد تنبه لخطورة الوجود في الجزيرتين أثناء عام 1967».

طبقة مهنية جديدة
تتحدث باسم الرئاسة

كما تعرض الرئيس عبد الفتاح السيسي لانتقادات ومحاولة لتحليل موقفه من القطاع الخاص ورجال الأعمال، إذ هاجمه يوم السبت زميلنا في «الأهرام» عمرو عبد السميع في مقال له في جريدة «البوابة» اليومية المستقلة بقوله: «أولا: السماح لبعض السياسيين والإعلاميين بالالتفاف حول الرئيس، وادعاء أنهم الطبقة المهنية الجديدة المتحدثة باسمه وباسم نظامه، وقد ثبت أن أولئك كانوا أول المتآمرين عليه، الذين حاولوا إعادة إنتاج سيناريو مؤامرة يناير/كانون الثاني 2011 مرة أخرى بالمنهج نفسه والتفاصيل نفسها، ويدهشني ويغضبني كذلك أن بعض الذين قاموا بتسويق هؤلاء وإقناع الرئيس بأن يكونوا حوله في كل المناسبات، استخدموا نظرية (الاحتواء) التي يؤكد أصحابها للرئيس أنهم بتقريب تلك العناصر إنما يأمنونهم ويحيدون خطرهم، والواقع أن ذلك لم يتحقق ولو بنسبة واحد في المئة. ثانيا: وبمفهوم المخالفة فإن الرئاسة كما قربت من لا يستحقون الاقتراب فإنها أبعدت من هم جديرون بالاقتراب. وقد عرفنا في هذا السياق أشكالا عدة من الإقصاء منه الإقصاء على أساس سياسي، يقوم على نفي وتجاهل وحصار وخنق كل من ظهر في مشهد نظام حسني مبارك، بما أدى إلى فقدان الدولة جزءا لا بأس به من نخبتها المهنية والسياسية والفكرية، ومن دون معنى أو سبب إلا إطاحة كل من يستحق التقدم على حثالة يناير، وبشكل يحرص على أن يكون الإقصاء تحت غطاءات تبدو سياسية أو ثورية…. رابعا: هناك ظاهرة لافتة في أداء الدولة المصرية تفسح الطريق أمام قوى شعبية كثيرة للغضب أو الشعور بالاغتراب إزاء النظام الوطني، وهي أن الجامعة الأمريكية صارت هي المصدر الغالب لتعيين موظفي الرئاسة وخبرائها، ولا أعرف ما هي الرسالة التي تريد الدولة إخبارنا بها عبر ذلك التوجه؟ هل يعنى ذلك أن خريجي الجامعات المصرية لا مستقبل لهم؟ فإذا كان مستواهم لا يرقى لدرجات تلك الوظائف فلماذا لا نحسن مستواهم حتى يرتفعوا إلى مصاف خريجى الجامعة الأمريكية؟».

الرئيس هو الدولة

وفي اليوم التالي الأحد شن زميلنا محمود سلطان رئيس التحرير التنفيذي لجريدة «المصريون» المستقلة هجوما آخر قال فيه: «لا أدري ما إذا كان الرئيس أم مؤيدوه يعتقد بأن الرئيس هو الدولة، لأن ذلك يعتبر عقيدة مفزعة ومحملة بنزعة تخوين للمعارضة، قد تضع الأخيرة في السجون ما تبقى لها من عمر، لأنها تعتبر معارضة الرئيس هي معارضة للدولة، أي مظاهرات ضده تعتبر تحريضا من قوى الشر لإسقاط الدولة، لاحظ في هذا السياق أن كل من ينتقد النظام في الخارج يوصف بأنه يشتم الدولة، ويجري التسويق لهذا المعنى على الفضائيات الحكومية والخاصة التي باتت جزءا من أدوات الدولة القمعية».

السيسي يائس من النخبة السياسية والثقافية

ولو تركنا «المصريون» وتوجهنا إلى «الوطن» في يوم الأحد نفسه سنجد أن زميلنا وصديقنا في «الأهرام» الأستاذ في الجامعة الأمريكية الدكتور جمال عبد الجواد يتناول جانبا آخر من شخصية الرئيس، وهو موقفه من القطاع الخاص ورجال الأعمال والنخبة المثقفة فقال: «العلاقة بين الرئيس وجماعات النخبة السياسية والثقافية ليست على ما يرام، لا يفوت الرئيس في كل مرة تحدّث فيها إلى الشعب التذكير بأنه لا يوجّه كلامه للمثقفين، وإنما إلى عموم المصريين من غير جماعات النخبة. ظاهر كلام الرئيس يوحى بأن الرئيس لا يريد أن يوجه النقد لجماعات النخبة، ولا يريد لكلامه أن يمثل ضغطاً عليهم، أما جوهر كلامه فيشير إلى أن الرئيس لا يريد أن يكون طرفاً في مجادلة مع المثقفين وجماعات النخبة، إما لأن الرئيس لا يرى في جماعات النخبة ما يكفى من الجدارة لتصبح طرفاً في حوار معه، أو أنه لا يرى فائدة تُرجى من الحوار مع هؤلاء. ليس لدى الرئيس ثقة كبيرة في النخب المقبلة من جهاز الدولة، باستثناء ذوي الخلفية العسكرية، فالبيروقراطية المدنية أصابها التكلس والكسل والفساد، فتحولت إلى عبء على عملية التنمية. المؤشر القوي على يأس الرئيس من النخبة البيروقراطية نجده في التعديل الوزاري الأخير الذي أتى بعدد كبير من التكنوقراط غير الحكوميين لمنصب الوزارة، الخبرة الواسعة التي اكتسبها الكثير من الوزراء الجدد في القطاع الخاص توحي بأن الرئيس يحب الطريقة التي يعمل بها القطاع الخاص، حتى إن كانت لديه شكوكه في القطاع الخاص نفسه، خاصة نخبة المال من المستثمرين الكبار الذين يرى فيهم الرئيس أنانية مفرطة، كما أن لديه أسباباً للقلق من توظيفهم لما تحت أيديهم من موارد اقتصادية لزيادة نفوذهم السياسي».

معارك سياسية

وعلى طريقة الشيء بالشيء يذكر فما دام عبد الجواد قد أشار إلى موقف الرئيس من النخبة المثقفة، فإننا سنشير إلى ما تجمع لدينا من معاركها التي تخوضها هذه الأيام ويبدأها من يوم السبت زميلنا في مجلة «روز اليوسف» الأسبوعية الحكومية وائل لطفي بقوله: «من أمثلة المكايدة أيضا أن تنشر أخبار كاذبة على مواقع مزيفة تدعي أن وزير الدفاع قد صرح بكذا وكذا مما لم يصرح به الرجل، أو أن تنشر خبرا فاجرا يدعي أن مسؤولا سعوديا سينضم لعضوية المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو خبر فاجر في كذبة تجد نشاطا وشخصيات تحسب نفسها في المعارضة تنشر مثل هذه الأخبار على حساباتها الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي رأيي أن هذا ليس سوى «فجر» في الخصومة لا يليق بمن يدافعون عن مبدأ نبيل أو قضية وطنية، وفي رأيي أيضا أنه يليق بالمعارضين أن يحددوا لأنفسهم كودا أخلاقيا يلتزمون به ويلزمون أنصارهم بأتباعه هذا لو كانوا يريدون أن يحافظوا على نبل معركتهم وأخلاقياتهم».

كل من يخالف ويعارض «صايع ومرتزق ومأجور»

وفي يوم السبت أيضا وجه زميلنا في «الجمهورية» الحكومية السيد البابلي هجومه في اتجاه آخر قال فيه: «يتحدث أحد أصحاب البرامج «الملاكي» في فضائية خاصة ملاكي أيضا عن متظاهري 25 أبريل/نيسان، فيقول إنهم «خونة وشوية عيال صيع ومرتزقة ومأجورين»، والاتهامات التي تطلق على هذا النحو لا تساهم في علاج قضية ولا في توعية المجتمع، بقدر ما تحدث أثراً عكسياً ومعادياً أيضا، ولا يجوز أن ننطلق في خلافاتنا في الرأي من منطلقات تستمر في تخوين الآخرين، وتشويه صورتهم، وتوجيه الاتهامات المدمرة لهم. وفي محاولتنا للسعي إلى دولة الديمقراطية والحريات فإننا يجب أن نحترم حق الاختلاف والتعبير عن الرأي، وإن كنا في الوقت الحالي لا نحبذ أسلوب ونهج المظاهرات، لأسباب تتعلق باستقرار المجتمع، ولكن هذا لا يعني أن كل من يخالف ويعارض هو «صايع ومرتزق ومأجور… عيب».

سجن طره جاهز لاستقبال أي متظاهر!

وإلى «الشروق» عدد يوم السبت وزميلنا الكاتب فهمي هويدي الذي وجه هجومه ضد المجلس القومي لحقوق الإنسان بقوله عنه: «من المفارقات الطريفة أن المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي هو حكومي بامتياز وبياناته حافلة بمجاملة السلطة والتستر على انتهاكاتها، لم يستطع أن يغطي على الممارسات «الحضارية» للشرطة، فأصدر بيانا نشرت «المصري اليوم» خلاصة له، انتقد القبض العشوائي على المواطنين وتوسيع دائرة الاشتباه في احتجازهم بالمخالفة للدستور، خلاصة الرسالة التي لا يكف الإعلام الأمني عن الإلحاح عليها هذه الأيام هي أن كل متظاهر، إما أنه مخرب ومتآمر، وإما أنه مغيب وملعوب في رأسه وبهذا المنطق فليس بين المتظاهرين مخلص لوطنه وغيور عليه وغاضب لما أصابه، وهي ليست رسالة فحسب ولكنها إنذار مبطن لكل من تسول له نفسه أن يغضب لوطنه أو يغار عليه، فهؤلاء لا مكان لهم في الميادين ولكن سجن طره جاهز لاستقبالهم وتلقينهم الدرس الذي لم يتعلموه».

الشعب يعرف حجم التحديات

وإلى «اليوم السابع» عدد السبت وابن الدولة الذي توقع باسمه الجريدة مقالها اليومي للرد على المعارضين قال: «بعض الحقوقيين لا يعرفون شيئا عن الشعب الذي يتحدثون باسمه، لم يروا ردة الفعل؟ وكيف أن الشعب يفهم ويعرف أكثر منهم ويدرك حجم التحديات، ويعرف أن الأزمة الاقتصادية في العالم وحتى الدول النفطية تعاني منها، ويرى المصريون ما تحقق على الأرض من بناء ومشروعات تنفي ادعاءات حول تقييم النجاح، مشروعات كبرى مثل الإسكان الاجتماعي.. زيادة مقررات التموين لمواجهة ارتفاعات الأسعار، وغيرها من التحركات التي يعرف الشعب أنها تتكلف مليارات، وأنها تشير إلى إحساس الدولة بهم وبأحوالهم، ولا يعني هذا أن كل شيء تمام، وإنما هناك مشكلات وعراقيل كثيرة وعيوب وتراكمات نحتاج إلى أن نعبرها».

العزل السياسي للفاسدين

وهنا تدخل بعد لحظة واحدة المستشار بهاء أبو شقة سكرتير عام حزب الوفد وعضو مجلس النواب ورئيس اللجنة التشريعية فيه ليحدد ما يجب فعله وقال يوم السبت: «من أساسيات الثورة التشريعية التي يجب أن تكون، وضع النصوص التشريعية العقابية التي تكافح الفساد وتقضي عليه وعلى أهله الذين قاموا بتخريب الوطن، وارتكبوا من الحماقات الكثيرة التي أثرت بالسلب على المجتمع، في مناهج كثيرة. الذين يرتكبون الفساد لابد لهم من قوانين رادعة تجعلهم عبرة لغيرهم، وأن تكون حاسمة فاصلة بدلاً من قيام هؤلاء باستغلال القانون في ارتكاب جرائمهم وخروجهم من مصائبهم، من دون توقيع عقاب رادع لهم، بالإضافة إلى ضرورة توقيع عقوبة أخرى على هؤلاء الفاسدين وتشمل حرمان هذا الفاسد من مباشرة حقوقه السياسة ويعلن عنه في جميع وسائل الإعلام، حتى يصبح شخصاً منبوذاً في المجتمع. كما أنه لابد من تشديد عقوبة جرائم الفساد حتى تصل إلى تنفيذ نصوص تشريعية في إطار هذه المكافحة وأبرزها كما اقترح هو تنفيذ عقوبة العزل السياسي لهؤلاء الذين يثبت تورطهم في قضايا فساد مالي أو خلافه».

مشاكل وانتقادات

وإلى المشاكل والانتقادات، حيث قام الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس جمعية الدعوة السلفية بالإشارة إلى واحدة منها في مقاله يوم الجمعة في جريدة الفتح الناطقة بلسان الجمعية وحزب النور الذراع السياسي للجمعية فقال: «من نظر إلى مجتمعنا الكبير وجد ظاهرة العنف طاغية، بل وأثرت على مجتمعاتنا الأصغر، حتى في الجماعات التي على نهج واحد ونسق واحد دخلها من العنف في الأقوال والأفعال في نوع الكلمات ونبرة الكلام وطريقته، ثم في العمل والسلوك، بل وفي داخل الأسرة وفي العلاقة بين الزوجين وبين الآباء والأمهات وبين الأولاد وبينهم وبين الجيران وبين الزملاء في العمل، كل هذا نذير شر مستطير وسبب شقاء وتعاسة للأفراد والمجموع، وازداد الأمر سوءًا بانتشار ثقافة العنف في كتابات صفحات التواصل الاجتماعي التي صارت من أعظم أسباب سوء الخلق وإفساد العلاقات وحصول التقاطع والتدابر لا التواصل. نريد أن نرفع شعارًا ونطبقه: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه» .

الجامعة الأمريكية المصدر الرئيسي لموظفي الرئاسة وخبرائها… والفضائيات الخاصة والرسمية أدوات الدولة القمعية

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية