أبناء المناطق العراقية الخاضعة لتنظيم «الدولة» يخسرون سنوات دراسية

بغداد ـ «القدس العربي»: خسر جيل من طلبة المدارس، عدة سنوات من الدراسة في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة» في العراق، بسبب عزوف الأهالي عن ارسال أبنائهم إلى المدارس لعدم الاعتراف بها رسميا.
وخلال جولة لـ«القدس العربي» في مخيمات النازحين في العاصمة العراقية، أفاد الكثير منهم أن ابناءهم وبناتهم في مراحل الدراسة الابتدائية والثانوية، ضاعت منهم عدة سنوات لابتعادهم مجبرين عن مقاعد الدراسة في المناطق التي سيطر عليها تنظيم «الدولة» وذلك لعدم اعتراف وزارة التربية العراقية في الشهادة الدراسية والدراسة في ظل التنظيم.
وذكر المدرس غزي العبيدي من مخيم التكية جنوب بغداد والذي جاء من بلدة القائم التي تقع على الحدود العراقية السورية لـ«القدس العربي» ان «أبناء العائلات الباقية هناك تركوا الدراسة منذ 2014 عندما سيطر التنظيم على المنطقة، وذلك لأنه قام بتغيير المناهج الدراسية وألغى الكثير منها، ما جعل وزارة التربية العراقية تصدر قرارا بعدم الاعتراف بالدراسة في المناطق الخاضعة للتنظيم».
وأضاف ان من الأسباب الأخرى لابتعاد الأهالي عن إرسال أبنائهم إلى المدارس، ان إدارة العملية التعليمية في تلك المناطق، تخضع بالكامل للتنظيم المذكور، وهو يستخدم التعليم في عملية غسيل الدماغ للطلبة حيث يلقنهم الكثير من مفاهيم التنظيم ونظرته للأمور المختلفة.
وأكد العبيدي ان الأمر لا يخص الطلبة في تلك المدارس فقط، بل شمل حتى المدرسين والمدرسات الذين تركوا التدريس واختاروا الابتعاد عن الوظيفة لكي لا يضطروا إلى تدريس مناهج تنظيم تنظيم الدولة الدراسية، وذلك رغم خسارة المرتب الذي هم في أشد الحاجة إليه.
وقال عبد الرحمن الجبوري، من الموصل، ان تنظيم الدولة جعل المدارس مكانا لتعبئة الطلبة فكريا من خلال تغيير المناهج الدراسية والمحاضرات الدينية، إضافة إلى اختيار الكثير من الطلبة بالقوة لضمهم إلى صفوف مقاتليه بعد إدخالهم في دورات تدريب عسكرية وتعبئة فكرية بما يتناسب مع نهجه، ولذا فقد فضل معظم الناس في تلك المناطق إبعاد أبنائهم عن المدارس.
وأشار إلى ان بعض الناس فضل النزوح من مناطقهم التي يسيطر عليها التنظيم والهرب إلى المناطق التي تتواجد فيها الحكومة العراقية، وتحمل المجازفة والتكاليف الكبيرة وتحمل العيش في مخيمات النازحين، من أجل ان يستمر أبناؤهم في الدراسة وعدم ضياع سنوات من عمرهم.
وفي مديرية المناهج الدراسية في وزارة التربية العراقية، أشار الموظف حميد سعدي لـ»القدس العربي» ان وزارة التربية أصدرت قرار عدم الاعتراف بالدراسة التي تجري في المناطق الخاضعة لتنظيم الدولة في الأنبار والموصل وبعض المناطق الأخرى، وذلك يعود إلى قيام التنظيم بتغيير المواد الدراسية المقررة في الوزارة.
وأوضح ان التنظيم وضمن سياسة ايذاء أهالي المناطق الخاضعة له، ألغى مواد أساسية من الدراسة مثل التاريخ والجغرافيا والعلوم واللغة الانكليزية، كما طبع كتبا دراسية جديدة في اللغة العربية والتربية الدينية بما يتوافق مع نهجه وفكره، مؤكدا ان قرار الوزارة رغم انه يسبب الضرر وضياع سنوات من الطلبة ولكن هــــذا الإجــــراء فرضه اختلاف المناهج والمواد الدراسية المقررة لكل مرحلة دراسية، ولكن سعدي اســــتدرك ان الوزارة تعمل على تخفــيف أضرار ترك أبناء تلك المناطق الدراسة من خلال اعتبارها سنوات عدم رسوب على ان يعيدها لاحقا.
ويتفق المعنيون في وزارة التربية وجميع أهالي المناطق الخاضعة لتنظيم «الدولة» ان جيلا كاملا من صغار الشباب من الطلبة، قد أصبح ضحية لظهور هذا التنظيم، وخسر سنوات من عمر الدراسة وقد لا يستطيع الكثير منهم مواصلة الدراسة لاحقا لانشغاله في أعمال أخرى، لذا يتمنى أهالي الطلبة هناك ان لا تطول فترة تحرير مناطقهم من التنظيم في العراق لكي يعود الطلبة إلى المقاعد الدراسية الطبيعية أسوة باقرانهم في المناطق الأخرى.

أبناء المناطق العراقية الخاضعة لتنظيم «الدولة» يخسرون سنوات دراسية

مصطفى العبيدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح // الاردن:

    * كان الله في عون ( الطلاب ) والمجرمة ( داعش )
    الى زوال ان شاء الله.
    سلام

إشترك في قائمتنا البريدية