الرباط – «القدس العربي»: في وقت تمر فيه العلاقات المغربية الامريكية بأزمة لم يتم حتى الآن تطويقها أعلن الجيش المغربي عن تسلمه دفعة جديدة من دبابات أمريكية تشتهر بقوتها التدميرية.
وقال الموقع الالكتروني للجيش المغربي على بالفيسبوك، إن المغرب تسلم 22 دبابة حربية من الطراز الحديث في دفعة جديدة من الأسلحة المصنعة بالولايات المتحدة الأمريكية وهي جزء من طلبية من 250 دبابة من الطراز نفسه، تقدم بها المغرب ويتسلمها عن طريق دفعات تنتهي في نهاية 2017.
وأوضح الموقع ان الأمر يتعلق بالدبابة الحربية المُدمرة، من نوع M1A1 Abrams-SA الشهيرة بقوتها التدميرية الخارقة، حيث يتوفر الجيش الإسرائيلي على مئات من النوع نفسه.
وتعرف العلاقات المغربية الامريكية ازمة جديدة على خلفية تقرير وزارة الخارجية الامريكية حول حقوق الإنسان في المغرب الذي تضمن انتقادات قاسية للسلطات المغربية واتهامات بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان مورداً أن تقدماً شهده المغرب في المجال الحقوقيّ، بإصدار دستور متقدّم، «لكن الحقوق والحريات تبقى مغيبة على أرض الواقع»، وأن «هناك فجوة بين ما هو على الورق وما هو عملي» وهو ما أثار غضب الرباط، حيث هاجمت وزارة الداخلية التقرير ووصفت مضامينه بـ»الافتراءات الحقيقية»، واستدعت وزارة الخارجية المغربية السفير الأمريكي في الرباط، دوايت بوش، عارضة أمامه حالات تثبت «زيف ما ورد في التقرير».
وأكد صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية المغربية ان بلاده لن تتسامح مع ما يمكن أن «يسيء إلى سمعتها» الا أن الأمور لم تصل إلى «أزمة ديبلوماسية» بين البلدين.
وقال إن «الولايات المتحدة الأمريكية تصدر كل سنة تقريراً حول وضعية حقوق الإنسان في العالم، ما يستلزم منها الموضوعية والمهنية، وتجنب الحسابات وان هذه المسألة تطرقنا إليها سنوات عدة ، وكنا دائما نطالب بالموضوعية لأنه لا يمكن لأي بلد أن يقبل بأن يتم الحكم عليه بأشياء ليس لها ارتباط بالواقع».
واضاف الوزير المغربي «هذه المرة يمكن القول إن هناك نقطة أفاضت الكأس، لأن الحالات، التي تم التطرق إليها وأغلبية الأشياء، التي تمت إثارتها بعيدة كل البعد عن الواقع والتطورات، التي عرفتها حقوق الإنسان في البلاد والتي جاءت نتيجة قناعة المغرب، والتزام سياسي من طرف كل الفاعلين في البلاد، لأننا نعتبر هذه المسألة من الأشياء الأساسية، التي ستسمح للبلاد بأن تتطور بشكل أسرع».
وقال تبعاً لذلك «رفضنا أن يتضمن هذا التقرير أشياء لا تمت إلى الواقع بصلة» مؤكداً أن «الرأي العام الدولي يجب ان يفهم أنه لا يمكن لبلد أن يقبل بغياب الموضوعية في هكذا تقارير، والتي من شأنها أن تؤثر سلباً في كل المجهودات، التي تقوم بها، فلا يمكن الاحتكام إلى رأي شخصين، أو ثلاثة يختلقون بعض الأمور».
من جهته أثار مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية ما ورد في التقرير الامريكي عن انتهاكات لحقوق الإنسان في المناطق الصحراوية وقال ان الحكومة اختارت أن تتعامل مع التقرير الأخير للخارجية الأمريكية بحزم وبمسؤولية وبهدوء ووضوح وبعد دراسة مستفيضة، على اعتبار أن ذلك التقرير شكل تحولاً غير مسبوق.
وأوضح الخلفي السبت في افتتاح أشغال الملتقى الوطني للصحافة والإعلام في الصحراء في دورته الثانية في مدينة العيون، أن الأمر لا يتعلق فقط بملاحظات حول منهجية التعميم أو تضخيم حالات معزولة أو تقديم أحكام قيمة بدون أدلة، أو بسط شهادات بدون تمحيصها أو توثيقها، أو اللجوء إلى معطيات متقادمة تعود إلى أربع سنوات خلت، وكمثال على ذلك معطيات تقرير المقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب إبان زيارته في سنة 2012، ومن دون الأخذ من الناحية المنهجية بالردود التي تقدمها الحكومة المغربية، وخاصة ما يتعلق باللقاء الذي عُقد في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي مع المسؤولين الأمريكيين في الرباط.
وأكد المسؤول المغربي أن الأمر يتعلق كذلك بافتراءات ومنها ما يتعلق بقضية الصحراء، فلم يكن فقط بمثابة انزلاق بل شكل انحرافاً خطيراً على اعتبار أنه أشار لأول مرة على سبيل المثال لما يسمى بحكومة المنفى، وهو انحراف ضد حركة التاريخ وضد مواقف الإدارة الأمريكية وضد قرارات الأمم المتحدة، وضد الواقع الملموس على الأرض، بعد أن قامت 46 دولة بسحب أو تجميد اعترافها بالكيان المزعوم (في اشارة إلى الجمهورية الصحراوية التي تعلنها جبهة البوليساريو من جانب واحد).
وقال الخلفي إن «التقرير يقدم الأقاليم الجنوبية للمملكة وكأنها بلا قانون، في حين أن المؤشرات الرقمية تكشف عن حوالي 24 ألف أجنبي ممن يزورون سنوياً مدينة العيون. إلى هذا ينضاف الحراك الجمعوي الذي يميز الأقاليم الجنوبية، حيث بلغ عدد الجمعيات الناشطة والفاعلة فيها ما يفوق 4800 جمعية، كما تم إحداث 149 جمعية خلال السنة الجارية مع فسح المجال للرأي والرأي الآخر، هذا بالإضافة إلى كون حرية الأنترنت متاحة ومكفولة».
وأضاف أن انحراف تقرير الخارجية الأمريكية بلغ حد إنكار الإحصاءات الأربعة التي أُجريت في الأقاليم الجنوبية بالإضافة إلى باقي ربوع المملكة ووفق معايير أممية صارمة، بالإضافة إلى تقديم معطيات مغلوطة حول شرعية وجود الصحراء ضمن مغربها، وذلك في تنكر للمسار الأممي، وتقديم الجدار الدفاعي الرملي وكأنه جدار للفصل، في حين أن الأمم المتحدة اعترفت به في الاتفاقية العسكرية المرتبطة بوقف إطلاق النار، وتم اعتباره ضمن الآليات التي أطرت هذا الاتفاق، كما أنه لا يعد جداراً للفصل لأن التنقل عبره متاح، وتقع مسؤولية شرق الجدار على عاتق الأمم المتحدة ضمن السيادة المغربية. لكل ذلك، كان لا بد من مسائلة صريحة للتقرير، لأننا نرفض أن نكون في موضع تلقي الدروس أو الخضوع للوصاية».
وقامت الخارجية الأمريكية بعد رد الفعل القوي للمغرب، بمراجعة تقريرها وقال بيان للسفارة الامريكية ان ما ورد في التقرير «خطأ لم يكن مقصوداً» في اشارة لما تضمن التقرير لاسم عبد اللطيف الحموشي المدير العام لإدارة الأمن الوطني.
وورد اسم الحموشي في التقرير مرتبطاً بإدانة صحافي مغربي 4 أشهر حبساً مع وقف التنفيذ، لكن وحسب وزارة الداخلية المغربية فإن «التقرير لم يتحر بتاتاً صحة الوقائع التي نقلها، ذلك أن السيد الحموشي لم يكن، في الفترة التي تعود لها هذه المزاعم ضده، مكلفاً بالإشراف على المديرية العامة للأمن الوطني».
وقال بيان السفارة الأمريكية إن الخطأ تسلل إلى صياغة التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان، وإن الوثيقة أشارت إلى اسم عبد اللطيف الحموشي، «بينما في ذلك الوقت لم يكن في ذلك المنصب»، مضيفة، «نود أن نقدم اعتذارنا عن هذا الخطأ الذي لم يكن مقصوداً».