مياه ليبيا وإيطاليا تسجل مآسي غرق مغاربة أكثر مما سجلته ثلاثين سنة من الهجرة السرية في مضيق جبل طارق

مدريد – «القدس العربي»: يوجد عشرات المغاربة ضمن الغرقى في شواطئ ليبيا خلال الأيام الأخيرة وقد يتجاوز عددهم الخمسين دفعة واحدة، وهذا يعتبر أكبر مأساة في تاريخ الهجرة المغربية نحو أوروبا والتي بدأت منذ قرابة ثلاثين سنة.
وتحولت مياه البحر الأبيض المتوسط ما بين ليبيا وإيطاليا إلى مقبرة حقيقية للمهاجرين الراغبين في الالتحاق بدول الاتحاد الأوروبي هرباً من مآسي الحر في ليبيا أو أولئك الذين فروا من مناطق أخرى سواء سوريا بسبب الحرب أو المغرب بسبب الأزمة الاجتماعية.
وتتحدث الصحافة المغربية وشهود مهاجرون أن عشرات المغاربة كانوا على متن القارب الذي غرق في المياه الفاصلة بين إيطاليا وليبيا، وبدأ البحر يلفظ مئات الجثث خلال هذه الأيام. وتفيد الشهادات بأن نسبة من الضحايا هم مغاربة من المقيمين في ليبيا ويهربون منها بسبب تردي الأوضاع المعيشية والأمنية، وكذلك بعض المغاربة الذين التحقوا بليبيا للهجرة أساساً نحو الأراضي الأوروبية.
وفي هذا الصدد، نقلت الجريدة الرقمية «أخبركم» بياناً لجمعية إئتلاف الكرامة لحقوق الإنسان في بني ملال (وسط المغرب) إنه تم رصد 43 حالة مفقودين يتحدرون من إقليم بني ملال في كارثة غرق قارب كبير للهجرة السرية بسواحل إيطاليا، ليكون بذلك هذا الإقليم (بني ملال) الأكثر تضرراً من الكارثة المذكورة. في الوقت ذاته، تتحدث مصادر من فاس عن غرق أكثر من عشرة في مآسي الهجرة، وفق شهادات ناجين مغاربة. وأرقام ضحايا الهجرة المسجلة خلال الأيام الأخيرة تعتبر الأعلى المسجلة في أيام قليلة أو في يوم واحد في تاريخ مآسي الهجرة المغربية خلال العقود الأخيرة.
وبدأت الهجرة السرية المغربية بحراً عبر قوارب خشبية في أواخر الثمانينيات، منذ أكثر من ثلاثين سنة، وكان بين الحين والآخر يغرق قارب في مياه مضيق جبل طارق، ولهذا سميت الظاهرة بـ «قوارب الموت». لكن المعطيات المتوفرة تشير إلى أن أعلى نسبة من الغرقى لم يتجاوز 23 مغربياً وإفريقياً سنة 2003 بالقرب من مياه طريفة في المضيق. وهذا الرقم يبقى دون الأرقام المسجلة في ليبيا مؤخراً.
واعتماداً على الأرقام، قد يكون عدد المغاربة الذين فقدوا غرقاً في مياه ليبيا-إيطاليا خلال الأربع سنوات الأخيرة أكثر من تاريخ الهجرة السرية بين المغرب واسبانيا.
وكانت القوارب التي تغادر شواطئ شمال المغرب نحو الأندلس أو من جنوبه جزر الكناري في المحيط الأطلسي لا تتعدى عشرين مهاجراً بل وفي بعض الأحيان كانت تحمل فقط أقل من عشرة. وفي حالة ليبيا، فالأمر يتعلق بسفن محملة بمئات المهاجرين. وعند وقوع مأساة غرق في حالة الأولى يكون عدد الضحايا محدوداً أما في الثانية فيكون العدد بالمئات. ورغم هذه المأساة، تلتزم الدولة المغربية الصمت، ولم تصدر بياناً في الموضوع بما فيها الوزارة المكلفة بالمهاجرين.

مياه ليبيا وإيطاليا تسجل مآسي غرق مغاربة أكثر مما سجلته ثلاثين سنة من الهجرة السرية في مضيق جبل طارق

حسين مجدوبي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عبد الكريم ايطاليا:

    ازمة الهجرة ليست حصرا على المشاكل الاجتماعية ،اظن بالنسبة للمغرب هي مشكلة ثقافية ايضا و شخصيا انا شاهد على الموجة الاخيرة التي رافقت نزوح السوريين ،مئات من الشباب قدموا الى المدينة التي اقطن بها و اصدموا بالواقع المر و اغلبهم كانوا يعملون في المغرب و كان لهم مصدر دخل و فرطوا في كل شئ من اجل تحقيق حلم الهجرة و الذي في حد ذاته غير ذي معنى و المؤسف حقا ان اغلبهم اضطروا للعودة و هم يجرون اديال الخيبة بعد كل اهوال التي مروا منها للوصول الى الجنة الموعودة التي لاتوجد الا في اذهانهم و في واقعهم الافتراضي،و اوروبا محقة في ادراج دول المغرب العربي في خانة الدول المستقرة و لكن شباب تونس و المغرب و الجزائر عليهم ان يدركوا ان مستقبلهم يبنى في بلدانهم و ليس في أوروبا و اوروبا لم تعد مستعدة لاستقبالهم و ان اتوا فليست لهم حقوق و سيبقون مطاردين كخفافيش الظلام،اتسائل اين هي وسائل الإعلام و لم لا تقوم بدورها لم لا تاتي و تخرج المسكوت عنه الى العلن ،لما تاتي لتعطي الصورة الحقيقية و بلا رتوشات و اين هي المصالح الدبلوماسية ،اتاسف حقا لواقع الحال و للخسارة الفادحة لاسر المكلومين و ان كان صوتي يصلهم اقول لهم اوروبا لا تستحق كل تلك المخاطرة و التضحية و شكرا للقدس و حبذا لو تفتح بابا لمناقشة ماساة النازحين و موجة الهجرة الجديدة لعلها توقف النزيف…شاهدت تقرير في قناة ايطالية في ظرف يومين انتشلت السلطات سبعمائة جثة و ثلات عشر الف ناج في ظرف يومين فقط و مجهولي المصير الله اعلم بهم هل هم اموات ام احياء…

  2. يقول حسين المغرب:

    الهجرة كما قال صاحب التعليق الأول ليست إجتماعية ولا اقتصادية، وإنما أزكي أنها ثقافية، فلكي تصل الى ليبيا عبر طرق ملتوية يلزمك الكثير من المال قد لا ينقص عن الف دولار، زيادة الى مصروف الانتظار في ليبيا الى حين ان تتاح لك الفرصة، ومن ليبيا الى اوروبا يلزمكا ايضا المال تدفعه للمهربين وقد لا ينقص قدره عن 5 الف دولار !!
    زيادة على أن غالبية الذين يغامرون غالبا ما يتخلون عن تجارتهم ومهنهم وبل حتى وظائفهم القارة في الدولة.
    الحافز الأمول الذي يدفع هؤلاء الى الهجرة هو وهم الثراء السريع والعودة بالالاف الدولارات وسيارة و… كدليل رجولة ونجاح ومصدر تباهي الاباء والافتخار بالابن “الناجح” وهذا طبعا وهم وخيال ولا ادري إن كان يلزم عشرات الالوف من القتلى لكي يعي الناس بأن أوروبا ليس بلد تحقيق الحلم وإنما بلد الوهم والخيال.

إشترك في قائمتنا البريدية