حركة الرق انتجت موجة اسلامية واسعة وهزيمة الجيوش العربية كانت وراء هجرة كبيرة
الاسلام والمسلمون في امريكا لجين سميث:حركة الرق انتجت موجة اسلامية واسعة وهزيمة الجيوش العربية كانت وراء هجرة كبيرةالقاهرة ـ القدس العربي ـ من محمود قرني: عن مطبوعات المشروع القومي للترجمة الذي يصدره المجلس الأعلي للثقافة صدر كتاب الاسلام والمسلمون في أمريكا للباحثة الأمريكية جين سميث أستاذ الدراسات الاسلامية في مجمع هارتفورد العلمي في ولاية كونكتيكت وترجمة الكتاب محمد الخولي خبير الاعلام والترجمة الدولية. بدأ الكتاب بمقدمة للمترجم تناول فيها السلسلة التي صدر ضمنها الكتاب وهي سلسلة التعريف بالأديان الكبري في أمريكا المعاصرة التي تصدرها جامعة كولومبيا.وينقل المترجم عن تقرير الناشر للكتاب في تعريفه للاسلام بأنه عقيدة تدين بها واحدة من أسرع الجامعات الدينية نموا في الولايات المتحدة، ويرصد التحول الواسع للاسلام الي ما قبل الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) من عام 2001، حيث أحداث برجي التجارة، ويشير الي أن مجتمع المسلمين في الولايات المتحدة يتكون من المجتمع الملون للأفرو أمريكيين أو مجتمع اللاتينو من الأمريكيين والمسلمين من أصل اسبانية وكذلك المنتسبين الي اللغة الاسبانية من أصول أمريكية جنوبية وكذلك مسلمي البحر الكاريبي، اضافة الي موجات الهجرة من الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.بعد ذلك ينتقل المترجم الي رصد الجهد الذي قامت به الباحثة جين سميث في العودة الي الأصول الأولي لتاريخ حركة الاسترقاق التي استغلت مواطنيها أسوأ استغلال في مجتمع ينقسم الي سادة وعبيد وكان بين هؤلاء عدد كبير من مسلمي غرب أفريقيا.ويثني المترجم علي عودة المؤلفة الي تلك المرحلة سواء في المقتنيات أو الوثائق المحفوظة في الأرشيف القومي الأمريكي. ويرصد المترجم في مقدمته ما يقول أنه مساهمات لها أهميتها أسداها الأزهر الشريف في مصر الي الجماعة المسلمة في أمريكا وبالذات في مجال تخريج كوادر غير مصرية، تولي بعضها في ما بعد، زمام القيادة العقائدية أو التنظيمية في المجتمع الأمريكي.وينوه المترجم الي أن الاستخدام المتكرر من المترجمة لمصطلح الاسلام الأمريكي لا يعني محاولة لتفكيك الاسلام أو أمركته ولكنه يعني ـ حسب المترجم ـ نوعا من الوقوف علي جوانب مختلفة من حياة المسلمين المعاصرين.أما مقدمة المؤلفة فتبدأ بمقدمة سيدة تحولت الي الاسلام وكان والدها يهوديا، وهو مدخل رأت أنه مناسب للدخول الي فهم الكيفية التي تجذب الأمريكيين الي الاسلام، وتقول: انهم يفهمونه علي انه ديانة مباشرة وطبيعية تنفذ الي عمق الأشياء وتكفل الانضباط. وتضيف أن الزعيم الأسود المسلم مالكولم اكس وغيره ممن دخلوا في هذه العقيدة عن طريق الانتماء الي حركات مثل أمة الاسلام يشعرون بهذه الجاذبية بل كانت هي مضمون الدعوة الي الاسلام التي عاشت في وجدان المهاجرين المسلمين الذين يعتقدون أن واجبهم يتمثل في دعوة الآخرين للانضمام الي الجماعة المسلمة.وبعد أن استعرضت المترجمة جذور نشأة الاسلام وتصورها لجذور هذه النشأة حسبما تضمن الفصل الأول من الكتاب، تشير الي جهدها في اطلاع الأمريكيين علي جوانب كثيرة من الاسلام، بعيدا عن المقولات المشوهة التي تسود النظرة العامة والسطحية التي يتم ترويجها في الدوائر الغربية دون وعي أو فهم.وتستعرض المؤلفة في فصليها الأول والثاني من الكتاب المرجعية التاريخية والدينية للاسلام من حيث نزوله وفرائضه ودور الرسول في نشر الاسلام فيما بعد، وهي معلومات تبدو بدهية بالنسبة لعموم المسلمين لا سيما في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، لكنها بداية من الفصل الثالث تتناول الموجات الأولي من المسلمين الذين استوطنوا الولايات المتحدة، وتعود الي بعض الأضابير التي تعود بدخول المسلمين هناك الي عام 1492 وهو العام الذي رست فيه سفن كريستوفر كولمبس علي شواطئ أمريكا غير أنه العام نفسه الذي انتهي فيه الوجود الاسلامي بشكل رسمي في شبه القارة الأيبيرية لاسبانيا وما حولها، وتشير المؤلفة الي أنه رغم بعض السير المتداولة عن وجود اسلام قبل هذا التاريخ الا أن ذلك لا يرقي الي مستوي الدليل القطعي وليس هناك من الشواهد التاريخية الكبري ما يؤيده.أما التاريخ الموثق لدخول المسلمين الي هذه القارة فيظهر أنها حدثت بين عامي 1815 و1912 حيث الهجرة السورية والأردنية والفلسطينية واللبنانية فيما كان يعرف بسورية الكبري. وتقول جين سميث أن معظم هذه الهجرات المبكرة ما زالت في معظمها غير مصنفة ولا معروفة لدينا علي وجه التحديد مع استثناءات هنا أو هناك ومنها مثلا اسم الحاج علي ويسميه الأمريكيون هاي جولي الذي استقدمه سلام الفرسان في الولايات المتحدة الي صحراء أريزونا وكاليفورنيا في عام 1856 للمساعدة علي تربية الابل، ولما منيت هذه التجربة بالفشل يقال ان الحاج علي ظل هناك وأقام في كاليفورنيا بحثا عن الذهب.أما الموجة الثانية من الهجرات فتقول جين أنها تمت مع نهاية الحرب العالمية الأولي وبعد زوال الامبراطورية العثمانية التي كانت تسيطر علي معظم أرجاء الشرق الأوسط المسلم، وتضيف أن ذلك تزامن مع موجة الحكم الغربي الاستعماري في ظل نظام الانتداب بالشرق الأوسط، أما الموجة الثالثة فاستمرت علي مدي معظم سنوات عقد الثلاثينيات، والرابعة هي التي دامت بين عام 1947 و1960 حيث شهدت توسعا كبيرا في مصادر الهجرة بعد أن صدر قانون الجنسية عام 1953 ليعطي لكل بلد حصة سنوية من المهاجرين، وتقول المؤلفة ان هذه الهجرات كانت تستند الي النسب السكانية المئوية في الولايات المتحدة في نهاية القرن التاسع عشر، فمعظم المهاجرين الذين سمح لهم بدخول البلد كانوا من أوروبا، ومع ذلك استمرت تسربات المسلمين الذين أصبحوا يأتون ليس فقط من الشرق الأوسط ولكن من أجزاء كثيرة من العالم بما في ذلك شبه القارة الهندية ومن شرقي أوروبا، أما الموجة الأخيرة والختامية التي ترصدها المؤلفة فهي التي تتصل ـ حسبما تقول ـ بالقرارات الداخلية الصادرة في الولايات المتحدة وكذلك بالأحداث التي وقعت في عدة أجزاء من العالم الاسلامي. وتذكر انه في عام 1965 وقّع الرئيس ليندون جونسون قانونا للهجرة يلغي الحصص التي كانت قائمة علي أساس التنوع القومي ضمن الولايات المتحدة. وللمرة الأولي منذ بدايات القرن، لم يعد حق المرء في دخول أمريكا يتوقف تحديدا علي أصله القومي أو العرقي. ولهذا انخفض مسار الهجرة من أوروبا بينما ارتفع ارتفاعا مثيرا المسار القادم من الشرق الأوسط وآسيا وكان أكثر من نصف الوافدين الجدد من المسلمين.وتذكر المؤلفة أنه علي مدار العقود الأخيرة أدي الاضطراب السياسي في كثير من أقطار العالم الاسلامي الي زيادة تيار الهجرة، ففي عام 1967 وبعد الهزيمة بدأ يحدث خروج كثيف من الفلسطينيين تجاه الغرب وكذلك بعد ثورة ايران عام 1979 حيث هاجر عدد كبير من الايرانيين، وكذلك بعد الحرب الأهلية التي وقعت في باكستان والتي انتهت بانفصال الشرق عنها واعلان دولة بنغلاديش، فضلا عن أحداث الاضطهاد المعادية للمسلمين في الهند، ثم الانقلاب العسكري في أفغانستان والحرب الأهلية اللبنانية، كل ذلك تري المؤلفة أنه أسهم في زيادة وجود المسلمين في أمريكا وترصد المؤلفة أهم التجمعات الاسلامية في الولايات المتحدة وتبدأ بتجمع الغرب الأوسط في نورث داكوتا التي كانت موطنا لعدد من أولي الجماعات المسلمة التي تم توثيقها في أمريكا وكذلك في ميتشيغان بولاة انديانا حيث تم انشاء مركز اسلامي في وقت مبكر يرجع الي عام 1914، وكذلك سيدار رابيدز بولاية أيوا حيث لها تاريخ طويل وقد ضمت جمعية مسلمة كان أعضاؤها من الباعة الجوالين الذين تحولوا الي أصحاب محلات يعرضون السلع التي تحتاجها الحياة اليومية بين صفوف مزارعي المنطقة.أما في نيويورك فترصد المؤلفة أن الاسلام موجود بالمدينة منذ أواخر القرن التاسع عشر وما بعدها بقدر ما كان تاريخ هذا الوجود حافلا ومعقدا، وتري جين أنه تم انشاء الجمعية المحمدية الأمريكية في ضاحية بروكلين عام 1907 علي يد مهاجرين من بولندا وروسيا ولتوانيا.وتضيف جين أيضا أنه علي مدي العقود الأخيرة وفيما زاد عدد سكان مدينة نيويورك الكبري زاد أيضا انشاء المساجد والمراكز الاسلامية، بعضها كان عبارة عن منازل أعيد بناؤها وبعضها الآخر كان عبارة عن مبان ادارية ومكتبية وانتاجية أعيد تجهيزها وما زال بعضها عبارة عن هياكل حديثة البناء.أما في شيكاغو فيتركز فيها مهاجرون مسلمون باعتبارها احدي المدن الكبري، وترصد جين سميث أن أولي الموجات من المسلمين وصلت اليها قبل بداية القرن العشرين وبالذات من سورية وفلسطين، وتشير الي أن هناك مصادر تقول ان شيكاغو ضمت عددا من المسلمين أكبر مما كان تضمه أي مدينة أمريكية أخري منذ أوائل القرن العشرين. وفي كاليفورنيا يتواجد المسلمون منذ عام 1895 حيث وصلوا الي هناك قادمين من شبه القارة الهندية، وفي دير بورن، ميتشيغان بدأت الرحلات بعدد من العثمانيين الأتراك من السنة في السنوات الأولي من القرن العشرين، وعن الاسلام الشيعي في أمريكا فترصد المؤلفة، أن موجة الهجرات الاسلامية الي الولايات المتحدة تنوعت بين السنة والشيعة رغم أن الشيعة يمثلون نسبة العشر من عدد مسلمي العالم اليوم الذي يتجاوز المليار مسلم، لكنها تقول إنه من الصعب العثور علي معلومات دقيقة بشأن أولي تحركات الشيعة الي هذا البلد.تتناول المؤلفة بعد ذلك موجات التحول الي الاسلام من الأمريكيين ذوي الأصل الاسباني أو من الأمريكيين الأصليين وكذلك الأمريكيين المتحولين الي الصوفية، وتناقش بعض الطرق والمذاهب الاسلامية الموجودة في الولايات المتحدة مثل الطريقة الأحمدية والدروز وبعض الطوئف الشيعية الأخري. وفي الفصل الرابع من الكتاب تتناول جين سميث الاسلام في المجتمع الأفرو ـ أمريكي وذلك منذ بداية عصر الرق والعبودية مرورا بعصر التحرر، وتتناول في ذلك دور نوبل درو علي الذي يحمل اسما أصليا هو تيموثي درو المولود في ولاية نورث كارولينا عام 1886 الذي استقر بعد ذلك في نيوجيرسي، وكان يدعو الي توحيد شعب تعرض للاضطهاد الشديد وكان يقول ان الأمريكيين من ذوي الأصول الأفريقية هم بحكم تراثهم اما ينتسبون الي آسيا واما الي أصل المغاربة ـ المور. وعليه فالجماعة التي أسسها كانت تعرف في الأصل بأنها الحركة المغربية الوطنية والالهية وما لبث ـ حسب المؤلفة ـ أن تغير اسمها لتصبح المعبد العلمي المغربي في أمريكا، وقد نشأت الحركة المعبد المغربي الأول في نيويورك عام 1913 ثم انقسمت الي مجموعتين عام 1916 بقيت الأولي في نيوجيرسي وتغير اسمها لتصبح معبد المآبيين المقدس وتحولت الأولي ومعها نوبل درو علي الي شيكاغو.تناولت المؤلفة أيضا حركة أمة الاسلام التي أسسها اليجا بوول وهي الحركة التي تسلمها منه فيما بعد بوول والاس وكان من أخلص الأتباع ثم تناولت المؤلفة دور مالكولم اكس في نشر عقيدة أمة الاسلام وذلك بعد أن أمضي وقتا طويلا من عمره في الرذيلة والجريمة، غير أنه بعد ذلك تحول الي واحد من أكبر الدعاة ثم بعد ذلك جاء والاس محمد أو وارث دين محمد المولود عام 1933 وهو ابن اليجا وقد خلفه بعد ذلك الداعية المعروف لويس فرقان وكان يهدف الي اعادة بناء جماعة أمة الاسلام القديمة، وهي الجماعة التي تجاوز عددها المليون عضو وكانت ذات نشاطات واسعة في كل المجالات، وتقول المؤلفة ان الجماعة الراهنة تعد حركة للقوة السوداء أساسا وهي مكرسة لخدمة فكرة الانفصال القديمة التي تقضي بانشاء دولة مستقلة وما زالت تعلن عن ضروب المظالم التي يتعرض لها مجتمع السود علي يد المجتمع العنصري الأمريكي الأبيض. تناولت المؤلفة أيضا الحركات السنية الأفرو أمريكية وكذلك الحركات الطائفية.وفي الفصل الخامس تتناول شؤون المرأة في سياق المجتمع الأمريكي وكذلك تربية الأبناء والتعليم ورعاية المسنين والملابس. وتختتم الكتاب بتناول بعض الشخصيات المسلمة ذات الوضعية المميزة المرموقة في المجتمع الأمريكي مثل الصحافي الكسندروب الذي أنشأ أول مؤسسة اسلامية موثقة في نيويورك هي الاخوان المسلمون الأمريكيون ، وكذلك بتي شاباز وهي أرملة الزعيم مالكولم اكس وكذلك اسماعيل الفاروقي وزوجته لمياء اللذين لقيا حتفهما في عام 1986 في منزلهما بولاية بنسلفانيا والرجل من أصول فلسطينية والزوجة كانت أمريكية وتعمل أستاذة للدراسات الاسلامية. أيضا تناولت المؤلفة الملاكم الأشهر محمد علي كلاي ومحمود مصطفي أيوب الفقيه والامام سراج وهاج وعدداً آخر من الأسماء اللامعة في حوالي 300 صفحة من القطع الكبير وصدر عن المشروع القومي للترجمة الذي يصدره المجلس الأعلي للثقافة.0