العطش يضرب هبة النيل..وسد النهضة يخرج لسانه… والفلاحون يكتفون بالتيمم

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي» : من يتأمل حال الصحف المصرية القومية وكثير من المستقلة هذه الأيام، يكتشف أن مصر ارتدت في خطابها الإعلامي عقوداً إلى الوراء، فلا حديث سوى عن الإنجازات التي يراها الظمآن ماء، فيما الحقائق على الأرض تشير إلى أن القلق والخوف يعتصران الناس.
ومع كامل التقدير لرغبة الرئيس، الذي يصر على السير بسرعة الصاروخ في قطار الإنجازات، إلا أن الأغلبية الفقيرة لازالت أبعد من غيرها عن حصد ثمار مشروع الرئيس، فلازال احتياطي الحلم عند السواد الأعظم من المصريين يقف عند حد الخبز والأمن. ما لا يدركه الرئيس، بحسب رأي الكثيرين من خبراء الاقتصاد، أنه لا يمكن له بأي حال أن ينجح في مشواره بدون التخلص من عفن دولة مبارك، الذي لازال ينخر في جسد الدولة، إذ أن آلة الفساد تعمل بكل ما أوتيت من قوة، والتحق بها مزيد من الكوادر، فيما تسرب اليأس للكثيرين الذين كانوا يراهنون على أن الرئيس سيبدأ حربه على الفساد في اللحظة ذاتها التي يحارب فيها الإرهاب.
وأمس 13 يونيو/حزيران مضت الصحف في غيها، حيث الطريق لقلب الرئيس يبدأ وينتهي عند حد عدم معارضة مشاريعه، أو حتى أفكاره، وهو الأمر الذي جر على الكثيرين غضب المقام الرئاسي. وقد تنوعت المعارك الصحافية بالأمس بين تيار الموالاة وتيار المعارضة، غير أن أبرز القضايا كانت حول الجفاف الذي يضرب العديد من القرى في الصعيد والدلتا، وهو الأمر الذي دفع كتابا ليتساءلوا عن علاقة ذلك بسد النهضة.
ومن أخبار أمس المهمة قيام النائب مصطفى بكري بجمع توقيعات النواب للتقدم بمشروع قانون إلى الدكتور علي عبدالعال، ينص على استبدال نص المادة 68 من القانون 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة بالآتي: «يصدر رئيس الجمهورية قرارا بتشكيل المجلس الأعلى للصحافة للقيام بالمهام المنوط بها، ولحين صدور قانون بتنظيم الصحافة والإعلام». وأكد بكري أنه جمع حتى عصر أمس نحو 322 توقيعا، مشيرا إلى أن الموافقة على مشروع القانون سوف تتيح لرئيس الجمهورية تشكيل المجلس الأعلى للصحافة، وبالتالي إعادة تعيين رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير الصحف القومية، لحين صدور التشريعات الإعلامية، مشيرا إلى أنه سيتقدم بالمذكرة لرئيس المجلس.. ويرى معظم أعضاء مجلس نقابة الصحافيين أن التحركات التي يقوم بها بكري تهدف لإحكام النظام قبضته على «صاحبة الجلالة» والعاملين في بلاطها وإلى التفاصيل:

العطش يهدد المصريين

البداية مع أزمة المياة التي تضرب العديد من القرى وبعض المدن، وهناك سكان 11 قرية صغيرة يزيد عددهم على 25 ألفا، وهي قرى تتبع مركز أولاد صقر في محافظة الشرقية، ومشكلة الأهالي هناك مزمنة مع انقطاع المياه، التي شحت وندرت في بعضها، وانقطعت تماما في البعض الآخر.
«قرية إبراهيم حسن، كما يشير فهمي هويدي في «الشروق» نموذج لضحايا الانقطاع التام. إذ لم تصلها المياه منذ أكثر من شهرين حتى أصبح سكانها يتيممون للصلاة، في حين انتشرت بينهم الأمراض الجلدية. وصاروا يستعينون بمياه الصرف للغسيل والنظافة. القرى الأخرى التي تعاني من العطش والجفاف هي: العزايزة ــ أباظة ــ موسى عوض جعفر ــ الحاج حسين ــ عبدالنبي ــ 15 مايو ــ حنورة واحد واثنين ــ محمد محمد ــ محمد حسين. وبحسب الكاتب، في السابق كانت تصل المياه إلى هذه القرى لفترات لا تتجاوز ساعتين في اليوم. وكانوا يعتمدون بصورة أساسية على مياه الترع. وحين شحت مع تزايد أعداد السكان، فإنهم لجأوا إلى شراء المياه، خصوصا في مواسم الحصاد، حتى وصل سعر عبوة المياه (الجركن) إلى ثمانية جنيهات للواحدة، وإذا توافرت فإنها تأتيهم معبأة في «فناطيس»، إما عن طريق مجلس المدينة أو بواسطة بعض الشركات مجهولة المصدر. وهذه المياه تستجلب من المراكز والقرى المجاورة في محافظة الشرقية أو القرى الحدودية مع الدقهلية. مشكلة تلك القرى إنها تقع في نهايات الترع. في السابق كان يطبق نظام المناوبة لإيصال المياه إليها بالتناوب مع ترع أخرى، إلا أن ذلك النظام فشل بسبب انخفاض منسوب المياه وانتشار الجفاف.
ليس لدى هويدي تفسير لذلك الواقع العبثي الذي أحال بعض القرى إلى صحراء جرداء ماتت فيها الزراعات، واضطر الناس للتيمم للصلاة. علما بأن وسائل الإعلام تحدثت في وقت سابق عن جفاف وعطش مماثلين في بعض قرى الصعيد، ولا يعرف هل لذلك صلة بترتيبات ملء سد النهضة الإثيوبي في العام المقبل، مطالبا بشفافية تشرح للرأي العام حقيقة ما يجري. أما المفارقة الأكبر فتتمثل في أن يحاصر الجفاف والعطش بعض قرى الدلتا والصعيد، في حين يشاهدون على شاشات التلفزيون إعلانات المدن والمنتجعات الجديدة، التي تحفل بحمامات السباحة وتتوزع نوافير المياه على جنباتها».

فتش عن القانون

«مثلما يحدث كل عام، تحفل تقارير متابعة امتحان الثانوية العامة بأنباء الغش، التي بلغت هذا العام آفاقا عالية ليس لها سابق، وهو استخدام شبكة المعلومات الدولية – إنترنت ــ في تسريب امتحانين مقدما مع نماذج الإجابة، وتكرار ذلك بعد وقت قصير من بداية الامتحان، وتعددت التفسيرات لهذه الظاهرة، وفق ما يشير إليه مصطفى كامل السيد في «الشروق»، من انهيار الأخلاق في المجتمع، وتدهور المنظومة التعليمية، وضرورة تغيير نظام امتحان الثانوية العامة، وطبعا كان من الضروري استحضار شبح الإخوان المسلمين، أو بعبارة أشمل «أهل الشر» باعتبارهم المسؤولين عن هذه الظاهرة. معظم هذه التفسيرات ــ باستثناء حكاية الإخوان المسلمين وأهل الشر ــ لها وجاهتها، ولكن الخطير في هذا الموضوع أنه يشير إلى آفة كبرى في حياتنا في جميع جوانبها، وننخرط فيها جميعا حكاما ومحكومين، ألا وهي الاستهتار بالقانون. القائمون بالغش والمتسترون عليه والمشجعون عليه كلهم يعرفون أنهم ينتهكون القانون الذي لا يسمح بالغش ويعاقب عليه، ومع ذلك لا يأبه هؤلاء بهذه الملاحظة، وطبعا سيتهمون من يثيرها بأنه ساذج، لا يفهم شيئا، أو ينصحونه بأن يلتزم هو أو هي بحكم القانون ويتركهم في شأنهم ويؤكد الكاتب على أن المصريين جميعا حكاما ومحكومين يستهينون بالقانون. والأمثلة لا تعد ولا تحصى. ولنبدأ بسلوكنا كمواطنين. تأمل كيف نتجاهل قواعد المرور أو نتفاوض بشأنها مع جنود المرور. وعندما يتحول ضباط المرور أنفسهم إلى قيادة السيارات فهم يفعلون ما يعاقبون الجمهور عليه».

لا فرق بين الحالتين

فضح الأسرار يتساوى مع تسريب الامتحانات.. هكذا يقر محمد علي إبراهيم بتلك الحقيقة في «المصري اليوم»: «تشويه رجال أعمال أو سياسيين أو إعلاميين مناهضين للنظام، يتساوى مع من سرب الامتحانات فأضاع تكافؤ الفرص وضيع جهد عام على الطلاب. لقد تغيرت أخلاق الشعب بعد أن أصبح الإعلام بـ«زراير» يتم توجيهها لخدمة أهداف ومصالح.. فقد دأبت قيادات أمنية وسيادية على تسريب معلومات وتسجيلات لتشويه خصومها في برامج «توك شو» يديرها صحافيون اسما ولكنهم عملاء فعلا وواقعا. في الحالتين غاب القانون والضمير.. القوتان الأساسيتان لتقدم الأمم والشعوب.. لم يحفل الذين تطوعوا لفضح المعارضين ما إذا كانت المعلومات موثقة أو مجرد شائعات للنيل من سمعة من يتجرأ على النظام بتصريح أو مقال أو حوار، بل أن النظام وجد نفسه متورطا في حرب تسريبات لمعلومات على أعلى مستوى، كانت مهداة لمن هم محل ثقة، فإذا بنا نكتشف أن هناك اختراقا للصحافة القومية أو بعض مؤسسات الدولة، بحيث لم ينج منها أحد.
برامج التشويه التي يطلق على مقدميها تجاوزا صفة صحافيين، هدفها في النهاية التلطيخ والإقصاء وتشويه المعارض بأي ثمن حتى لو كان بريئا.. نحن لا نعترف بقانون حماية الأسرار الشخصية ولا بالحرية الفردية ولا بالديمقراطية.. وطبعا الذين تطولهم الفضائح يعرفون إنها «قرصة أذن» فلا يرفعون قضايا ولا يجدون منبرا يتحدثون فيه عن الحقيقة».

أيهما أفضل؟

ومن مقالات الأمس المهمة تلك التي عقد خلالها صلاح منتصر في «الأهرام»: «مقارنة بين محطة كهرباء بنى سويف التي تقيمها «شركة سيمنس» الألمانية بالاشتراك مع «شركة السويدي» المصرية، وبين مشروع المحطة النووية في الضبعة الذي يدخل الاتفاق عليها مع روسيا مراحله الأخيرة توضح ما يلي: تهدف كل محطة (بني سويف) و(الضبعة) إلى إنتاج 4800 ميجاوات سنويا، الأولى بني سويف ويتم انشاؤها في 3 سنوات بملياري يورو، بينما النووية تقام في 10 سنوات بتكلفة 25 مليار دولار.. تكنولوجيا تشغيل محطة بني سويف معروفة وخبراتها متوافرة، بينما تكنولوجيا المحطة النووية تجعلنا معتمدين على المقاول الروسي، يضيف الكاتب لا توجد مشكلة بالنسبة لوقود تشغيل محطة كهرباء بني سويف، وهو الغاز الطبيعي، بينما محطة الضبعة النووية يحتاج تشغيلها إلى وقود خاص يقتضي ارتباطنا بالمورد الروسي والاستجابة له.. ويشير الكاتب إلى التصرف القاسي لروسيا بعد سقوط طائرتها فوق سيناء وعليها أكثر من مئتي سائح روسي، وقرار روسيا بوقف رحلات السياحة التي كانت «رايحة جاية» بين روسيا والبحر الأحمر، ما أثر بصورة واضحة على اقتصاد مصر ومشروعات أصحاب الفنادق والعاملين في شرم الشيخ، وكأن روسيا تعمدت الانتقام منهم، رغم إنها في درجة صديق مع مصر، وهو ما يجعلنا نسأل إذا كان هذا تصرف الصديق وقد مضى على حادث سقوط الطائرة سبعة أشهر، فماذا كانت ستفعل لو كانت عدوا لمصر؟ كما يؤكد منتصر أنه ليس لمحطة بني سويف نفايات تشكل خطورة، بينما محطة الضبعة، أو أي محطة نووية لها نفايات، إن لم يتم التخلص منها بعناية واحتياطات مشددة تشكل خطورة كبيرة» .

عيش وملح مع الرئيس

نتوجه حيث مولد الثناء على الرئيس ويفتتحه محمد أمين في «المصري اليوم»، إذ اقترب من الرئيس ضمن مجموعة من الشخصيات حضرت دعوة رئاسية بعنوان إفطار الأسرة المصرية: «كل الذين ذهبوا إلى الإفطار ذهبوا من أجل الرئيس.. ليس من أجل الطعام.. حالة الدفء الأسري والعائلي تحققت في الاحتفال.. رأينا وزراء لم نرهم، وفنانين لم نلتق بهم.. ورأينا أصدقاء وزملاء تمنعنا ظروف العمل من ملاقاتهم.. الرئيس أراد أن يحقق هذا الهدف أيضاً.. يقول سنعمل معاً.. يقول: لم أُنجز وحدي، وإنما أنجزنا كلنا.. كأنه يشير إلى كل واحد في المكان، كثيراً ما يردد كلمة «إحنا». فكرة الهوية المصرية، والحفاظ على العادات والتقاليد، في وعي الرئيس أيضاً.. لم يصبح رئيساً لكي ينسى كل الذين كانوا معه.. بالعكس.. هناك فلاحون بالجلباب البلدي، وهناك سيدات بسيطات بالجلباب والطرحة.. هي دي مصر.. وهم يبذلون جهداً مشكوراً في تنظيم مثل هذه اللقاءات.. لا تفوتهم أي ثغرات قدر المستطاع.. الرسالة التي تلقيتها بعلم الوصول أن مصر للجميع، وليس للرئيس فقط. يضيف امين: كانت مصر للرئيس فقط على مدى عقود.. وقبلها كانت للملك والسلطان.. والآن أصبحت مصر للمصريين.. عندما تتابع الفيلم الوثائقي ستجد عنوانه «مصر في عامين»، وليس «السيسي في عامين».. نقاط مهمة يؤكدها الرئيس في كل مناسبة.. أنتم الذين أنجزتم، لا يوجد رئيس يدوس على الزر فينجز وحده.. معان مهمة.. ميزة من مزايا الرئيس المنتخب، يبحث طوال الوقت عن إرضاء ناخبيه .. أكلنا عيشاً وملحاً مع الرئيس.. كانت لقمة بسيطة لكنها ذات معنى..».

لماذ صمت الرئيس؟

ونبقى مع إفطار الأسرة المصرية، حيث يتساءل حسن أبوطالب في «الأهرام»: «لماذ لم يتطرق الحاضرون إلى قضية الغش في امتحانات الثانوية العامة، إذ يرى الكاتب أن ثمة حاجة إلى كلمة رئاسية حول الأمر، نظرا لأنه يمس عصب عملية التنمية الشاملة، التي نحرص عليها جميعا، وهي بناء الإنسان الشريف الواعي والمخلص لبلده، وهذه عملية تنشئة تتم بالدرجة الأولى في مراحل التعليم المختلفة، ومهما وضعت المؤسسات من الخطط المتكاملة نظريا وبرامج التنفيذ المُعدة زمنيا على أرقى مستوى، سيظل وجود إنسان غشاش وعابث ويضرب بالقوانين عرض الحائط عقبة كؤودا سوف تطيح بكل الخطط والبرامج، وحينها ستبقى الأمور على حالها، إن لم تكن قد أصحبت أكثر سوءا وتخلفا ويؤكد الكاتب أن الغش الذي حدث والتسريب الذي تواطأ عليه كثيرون من مستويات مختلفة بداية من بضعة معلمين باعوا ضمائرهم إلى الشيطان، وعمال طباعة لا يعرفون معنى الأمانة، ومراقبين تجاهلوا الموضوع في العديد من اللجان، وآخرين يرون أنفسهم ناشطي سوء يطوعون تكنولوجيا الاتصالات من أجل نشر فسادهم، وطلاب مهملين وكُسالى ويريدون النجاح بأي ثمن وبأي طريقة، وأولياء أمور لديهم إمكانات مادية يشترون بها أجهزة اتصالات حديثة يصعب اكتشافها من أجل نجاح أبنائهم بالغش والتدليس، بل يتباهى البعض بنشر صور الأبناء وهم يغشون عبر أجهزة الهاتف المحمول في اللجان، ومن وراء ذلك منظومة تعليم جامدة لم تتغير في آلياتها وبرامجها لعقود طويلة تبدلت فيها مفاهيم العلم والتعليم والتربية والتنشئة من الجذور، ومع ذلك بقينا كما نحن من دون أي خطوة للأمام، كل ذلك يجعلنا نعتقد أننا أمام أزمة مجتمع فقد رُشده، وأزمة ضمير والتزام لم يعودا موجوديْن عند نسبة كبيرة من المصريين»..

«شبه الدولة» لا تنجح

على قدر تفاؤل محمد أمين في «المصري اليوم» إلا أن زميله في الصحيفة نفسها مصطفى حجازي يبدو متشائماً: «لن نستطيع أن نبني شبه مستقبل.. بشبه حلم، ولا أن نقيم شبه دولة بشبه مجتمع، ولا أن نحقق شبه إبداع بأشباه عقول، ولا أن نحرز شبه نصر على شبه عدو، ولا أن نحقق شبه مجد من شبه علو.. لن نؤلم بشبه ألم من شبه جرح.. ولن نداوي شبه داء بشبه دواء، لن نُؤتى شبه السكينة من شبه الورع.. ولن نُؤتى شبه اليقين بشبه الصدق لن نصل حتى إلى شبه الرقي.. بشبه الترقي.. ولن نحصد حتى شبه حصاد.. من شبه زرع .. لن نأمن شبه أمن.. بشبه العدل.. ولن تكون شبه حرية.. من شبه ديمقراطية. لا قدرة لشبه سلطة.. في شبه حكم فلا شبه قبول.. من شبه إقناع ولن تكون شبه شرعية.. من شبه قبول.. لن يبني دولة.. شبه السياسة.. ولا شبه اقتصاد.. ولا شبه تعليم.. ولا شبه ثقافة.. ولا شبه دين.. ولا شبه أمن.. ولا شبه سلطة.. ولا شبه هيبة .. لن تصنع القسوة شبه الهيبة. ولن يصنع شبه الهيبة.. دولة ولا شبه دولة.. ولن ينقذ دولة ولا شبه دولة.. آن لنا أن نعي في أي صراع نحن.. إلامَ ننتصر وعلامَ ننتصر.. في دنيا الحقيقة لا في شبه الحقيقة.. فَكِّروا تَصِحُّوا».

هل أسقطنا حكم المرشد؟

السؤال يطرحه سامح عيد في «التحرير» بعد أن فوجئ بفتوى لجنة الفتوى التي جعلت من الجهر بالإفطار في رمضان اعتداء على قدسية الدين: «لم يكذب المسؤولون التنفيذيون الخبر، وحدث المتوقع حيث قام نائب رئيس حي العجوزة، بمداهمة المقاهي لضبط المفطرين في رمضان، وكان ياسر فرج، نائب رئيس حي العجوزة، قد شن حملة مبكرة على عدد من المقاهي؛ لضبط المُفطرين في نهار رمضان جهرًا، تحت إشراف رئيس الحي. وضبطت الحملة 177 كرسيًّا و50 ترابيزة و25 شيشة، في عدد من المقاهي في الكيت كات في شارع العلمين، واتخذت الإجراءات اللازمة، وتحررت محاضر ضدهم. هكذا تحولت مصر إلى دولة للمطوّعين ولجان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ويذكر الكاتب أن في القاهرة 10 ملايين مقيم و10 ملايين وافد يوميًّا، وهؤلاء الملايين العشرة هم غالبا المتجولون في وسط البلد لقضاء حوائجهم، وهم مسافرون لهم حق الإفطار كرخصة، وإن الله يحب أن تُؤتى رخصه كما تُؤتى عزائمه، كما يقول الفقه. يضيف عيد، ربع النساء لهم حق الإفطار بسبب أعذار شرعية، سواء الحيض أو النفاس أو الرضاعة، لدينا ثلث الشعب هو من غير المكلفين، بمعنى أنهم لم يبلغوا حد التكليف، فالصوم لهم سنة وليس فرضا، ومعظمهم الآن في النوادي أو مراكز الشباب يمارسون الرياضة وربما يعطشون ويأخذون بالرخصة، أما الحديث عن الأمراض المزمنة فهو أمر آخر: لدينا 20 مليون مرضى «فيروس سي» و7 ملايين مرضى السكري و16 مليونًا مرضى ضغط الدم. وهناك فتاوى كثيرة عن جواز الإفطار لمن يمارسون الأعمال الشاقة».

الفاكهة المحرمة

تتوالى الأحكام بالسجن بحق شباب مصري تهمته التظاهر بدون الحصول على ترخيص، الأحكام قاسية للغاية، كما يشير عماد جاد في «الوطن»: «سجن من خمس إلى ثماني سنوات، ومَن أُلغي الحكم بسجنه فرضت عليه غرامة مالية قدرها مئة ألف جنيه، مع شرط دفعها بالكامل نقداً، حيث رفضت المحكمة طلبات تقسيط المبلغ. تتوالى هذه الأحكام، في الوقت الذي بدا واضحاً فيه أن هناك موافقة سياسية عليا على تعديل قانون التظاهر، بحيث يخفف من شروط التظاهر القانوني ويبت في عقوبة الحبس في مخالفات التظاهر. نعلم جميعاً أن كل دول العالم الديمقراطي تقنن التظاهر وتنظمه وتضع له شروطاً عديدة، واشتراطات مسبقة بالحصول على ترخيص من الجهة المعنية، وتحديد مكان التظاهر ووقته بدقة، وهناك قواعد صارمة لا بد من اتباعها من قِبل المتظاهرين، فلا عنف ولا اعتداء ولا تطاول ولا تجاوز للمكان المحدد من قِبل السلطات المعنية للتظاهر، من يخالف ذلك يلقى القبض عليه فوراً ويقتاد إلى جهة الاختصاص، التي تصدر حكمها بموجب نصوص القانون، شاهدنا ذلك عندما خرجت مظاهرات من قِبل أنصار جماعة الإخوان في نيويورك في سبتمبر/أيلول عام 2014 ضد الرئيس عبدالفتاح السيسي إبان اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد التزم أنصار الجماعة بنصوص القانون الأمريكى التزاماً تاماً. وأكد الكاتب أن كل دول العالم المتحضر لديها قوانين صارمة تنظم الحق في التظاهر، أما نحن في مصر فقد أصدرت حكومة الدكتور حازم الببلاوي قانوناً للتظاهر مثيراً للجدل، فقد قيد حق التظاهر ولم ينظمه!».

في قبضة الأمن

كشف الكاتب الصحافي محمد طرابية، في «المصريون» عن مقدمات حركة التغييرات المقبلة داخل اتحاد الإذاعة والتلفزيون «ماسبيرو»، مشيرا إلى تصارع أجهزة سيادية من أجل الدفع بالأشخاص الموثوق فيهم من جانب الأمن إلى صدارة القيادة: «لا حديث للكثيرين داخل ماسبيرو سوى عن حركة التغييرات المقبلة؟ وكيف سيكون شكلها؟ ومن سيبقى ومن سيرحل من القيادات؟ وهل ستنجح صفاء حجازي رئيسة الاتحاد في الوفاء بوعدها الذي قطعته على نفسها بتطوير الشاشة خلال ثلاثة أشهر. ونوه الكاتب إلى أن صفاء ليست لها السلطة الأعلى في هذه التغييرات، لأن يدها مغلولة في هذا الأمر، وربما تكون أقصى سلطة لها في هذا الموضوع إجراء تغييرات حتى درجة المدير العام. يخطئ من يتصور أن المهندس شريف إسماعيل، وبحكم التفويض الممنوح لرئيس الوزراء من رئيس الجمهورية «في اختصاصات الرئيس بشأن اتحاد الإذاعة والتلفزيون وفقا للقانون 13 لسنة 1979، بما في ذلك تشكيل مجلس أمناء الاتحاد، في ما عدا إصدار قرار تحديد الوزير المختص بشؤون الإذاعة والتلفزيون، وفقا للمادة الرابعة من القانون»، له أيضا اليد الطولى في موضوع التغييرات، حيث أنه يقوم بالتوقيع فقط بناء على التقارير المقدمة إليه والشخصيات المرغوب تعيينها. وللعلم هو لا يملك حتى حق الاعتراض، بدليل أن تعيين صفاء حجازي رئيسة للاتحاد تم على غير رغبته. تلعب التقارير المقدمة من الأجهزة السيادية والرقابية الدور الأكبر في الحسم النهائي لأسماء المرشحين والمعينين في المناصب العليا داخل المبنى».

مع الجيش ذلك أفضل

ونتحول نحو المشروعات المدنية التي يقوم بها الجيش حيث يرى جمال سلطان رئيس تحرير «المصريون» أنه: «بإنجاز شبكة الطرق القومية الجديدة في سيناء وشرق البلاد وغربها وجنوبها، سيتم إحياء ثروة هائلة من الأراضي المؤهلة للاستثمار بمختلف أنواعه، لأن شق الطرق يضاعف قيمة الأراضي إلى مئات الأضعاف وأكثر، ويفتح آفاقا خصبة جدا للاستثمار، وهذه الثروة إذا تركت للجهاز الإداري في الدولة بوضعه الحالي فهي معرضة للضياع ، قولا واحدا، وستكون مثل سابقتها، وستنتهي إلى «كروش» حفنة صغيرة من رجال الأعمال، الذين احترفوا اللعبة ويجيدون شبكة علاقاتها مع عالم البنوك والبورصة ودولة الفساد العميق، ومن ثم ففي تصوري أن القرار الجمهوري بمنح القوات المسلحة الإشراف على تلك الأراضي، خاصة تلك التي تحيط بشبكة الطرق القومية الجديدة، لمسافة كيلومترين على جانبي الطريق، هو أفضل الحلول في الوقت الراهن لحماية ما تبقى من ثروة مصر، لأن منظومة السيطرة والتحكم في القوات المسلحة أفضل كثيرا من الجهاز الإداري، وتلك بديهة لا يمكن لأحد إنكارها، على أن تكون هناك ضوابط مكملة لهذا القرار تسمح باستثمار هذه الثروة بشكل صحيح وبما يحقق دفعا لمسارات التنمية الشاملة، وليس مجرد تعزيز القدرات المالية لهذه المؤسسة أو تلك.. وبحسب الكاتب لا يوجد أبدا ما يمنع الشراكة بين القوات المسلحة والشركات الاستثمارية الجادة، ففي النهاية، القوات المسلحة جزء من بنية الدولة، بل هي في الظروف الحالية عمود الخيمة بالنسبة للدولة المصرية».

هل وجدتم ما وعدكم حقا؟

عامان مرا على حكم السيسي وبهذه المناسبة قرر مجدي مغيرة أن يتوجه بعدد من الأسئلة للجماهير في موقع «إخوان أون لاين»: «حينما آتاكم السيسي منذ عامين ونصف العام آمنتم به إيمانا عظيما، وبنيتم عليه آمالا عراضا، وتناقلتم عنه في ما بينكم حكاياتٍ أشبه بحكايات السندباد والشاطر حسن وعنترة وأبو زيد الهلالي، وفوضتموه فيما زعم بأنه مواجهة الإرهاب المحتمل، فاستحللتم من أجله دماء الأبرياء الذين عاشوا بينكم دهرا طويلا لم تروا منهم غير الخلق الحسن، ولم تسمعوا منهم غير الكلمة الطيبة، ولم يدخروا جهدا في تقديم ما تحتاجونه من الخدمات المتنوعة بلا مَنٍّ عليكم ولا أذى لكم، قدموها لكم بالمجان أو بأجور رمزية، في حين قصرت فيها الحكومات التي تأخذ منكم الضرائب بمختلف أنواعها وأشكالها، وهتفتم لـ»الفناكيش» التي أعلنها بدءا من جهاز الكفتة، مرورا بمشروع قناة السويس. ومازلتم مستعدين لتصديقه في ما يقول مهما خالف كلامُه كلَّ عقل وكل منطق وكل بديهة، وبررتم تنازلاته، ورضيتم بالخروج من إنسانيتكم وآدميتكم، فهل وجدتم شيئا مقابل كل ذلك هل استقرت أحوالكم؟ وارتقت أموركم؟ هل انتعشت تجارتكم؟ ودارت مصانعكم؟ هل زادت مرتباتكم؟ وتضاعفت حوافزكم؟ هل اخضرت مزارعكم؟ وفاض ماء نيلكم؟ هل وجد مرضاكم الدواء بسعر يناسب دخلكم؟ وهل وجدتم سريرا يليق بآدميتكم في المستشفيات الحكومية؟».

فرق تسد

«التشرذم الذي تشهده القوى الوطنية يدركه الجميع، لكن ما هي الأسباب التي دفعت بالمصريين للفرقة؟ محمد شريف كامل في «الشعب» يميل لاتهام النظام باستخدام سلاح الفتنة المجرب تاريخياً من أجل إحكام القبضة على الجماهير. وتتجلى الجريمة بأوضح الأشكال في تطورات ما بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، حيث سعى النظام ونجح في إقتلاع الوحدة التي زرعتها الثورة، والتي مثلت ومازالت تمثل أكبر الأخطار على بقاء ذلك النظام ودولته ومموليه في الداخل والخارج، فأحداث ماسبيرو كانت محطة على هذا الطريق، وحرق الكنائس الذي بدأ في التوقيت ذاته محطة أخرى، ثم اختلاق مشاكل عائلية يتبعها تهجير أسر، كانت جميعها خطوات تندرج تحت باب الجريمة المنظمة لضرب وحدة المجتمع، بالإيقاع بين أبناء الوطن، ثم إحداث الفتنة تمهيدا للدخول في مرحلة التطهير العرقي والتدخل الدولي تمهيدا للتقسيم، فيوغوسلافيا والسودان تجارب شاهدة على ذلك، واليوم العراق وسوريا واليمن وليبيا قد دخلت بالفعل هذه المرحلة التعيسة، ومصر ليست ببعيدة عن ذلك.
تذكرت ذلك وأنا أتابع أحداث ما عرف بــ«تعرية سيدة المنيا»، التي صورها البعض على إنها اعتداء على أسرة آمنة، وصورها البعض الآخر على أنها حالة فضح علني وإهدار كرامة امرأة، وأكد البعض أن ذلك لم يحدث من الأصل وما هي إلا إشاعات، ووفقا للروايات المختلفة، فالمرأه المعتدى عليها مسيحية والمعتدون مسلمون ولذا فهي، حدثت أم لم تحدث، مادة خصبة لتأجيج الصراع الطائفي، والعودة بالذاكرة لأكذوبة أن المسلمين أو الإسلاميين هم الأعداء الحقيقيين للمسيحيين وليست إسرائيل ولا النظام الديكتاتوري، بل أن ذلك النظام هو الوحيد القادر على حمايتهم. إن المخرج الوحيد من هذه المأساة التي يعيشها شعب مصر تحت الحكم الفاشي هو تطبيق القانون على الجميع وهذا ما تفتقده مصر، ولا يمكن أن يحدث في ظل انقلاب، لأن الانقلاب في حد ذاته يمثل أكبر عملية إهدار للقانون، ولذا فإنه مع إسقاط الانقلاب وعودة القانون المتمثل في عودة الشرعية، أول ما يجب علينا عمله هو تثبيت مفهوم المواطنه والمساواه للجميع أمام القانون، أليس هذا ما قامت من أجله الثوره، أليست هذه هي العدالة؟».

الثعابين في ضيافة السجينات

عاودت الثعابين الظهور مرة ثانية في سجن القناطر للنساء، في مشهد لا يحدث إلا في دولة أهدرت كرامة وحقوق الإنسان بحسب «إخوان أون لاين» وقالت أسر الفتيات المعتقلات أن ثعابين ظهرت في السجن للمرة الثانية. وكانت الناشطة الحقوقية عايدة سيف الدولة قد قالت في وقت سابق، إن «أعدادا كبيرة من الثعابين انتشرت في العنابر المتاخمة لحديقة سجن القناطر، إثر اشتعال النار في أشجارها الأسبوع الماضي، ما أدى لهروب الثعابين إلى العنابر». وأضافت في حسابها على «فيسبوك»: «قتلت السجينات الجنائيات ثعبانا في عنبر 9 المجاور للحديقة قبل أن يظهر ثعبان آخر في عنبر الفتيات السياسيات المجاور (عنبر الإيراد – التحقيق)، اللاتي صرخن حتى حضرت سجينة جنائية وقامت بقتله وتابعت «عايدة»: «اشتكت الفتيات عبر رسالة مسربة من أن إدارة السجن تجاهلت إثبات الأمر في محاضر رسمية أو تمشيط الزنازين، بينما اكتفى أحد الضباط بالرد على إحدى طالبات الأزهر اللاتي اشتكين له تهديد الثعابين لحياتهن بالقول: لما حد منكم يموت هنبقي نعمل محضر. وقالت الناشطة الحقوقية إنه «لم يتسن للطالبات المعتقلات معرفة مدى سُمية الثعابين أو درجة فتكها، نظرا لانعدام الخبرة حيال هذا الأمر، لكنهن أكدن وجود الفئران بعدد كبير داخل العنابر، وهي الطعام المفضل لدى الثعابين التي بالطبع ستنتشر في العنابر بحثا عنها. فيما تقول والدة إحدى الطالبات المعتقلات من جامعة الأزهر – التي فضلت عدم الكشف عن اسمها حرصا على سلامة ابنتها- أن الطالبة المعتقلة خرجت إليهم في الزيارة الأسبوعية تحمل على وجهها فزعا لم يكن باديا من قبل وقالت والدة الطالبة أن ابنتها أخبرتها أنهن ينمن وسط الزنزانة في نبطشيات حراسة دورية من أجل اتقاء شر ثعابين بدأت في الظهور عبر شقوق الزنازين وحماماتها».

العطش يضرب هبة النيل..وسد النهضة يخرج لسانه… والفلاحون يكتفون بالتيمم

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول حسن الحساني:

    أنه لا يمكن له بأي حال أن ينجح في مشواره بدون التخلص من عفن دولة مبارك، الذي لازال ينخر في جسد الدولة، انتهى الاقتباس:سيدي كاتب المقال هذا تزيف للواقع وهروب من الحقيقة… مصر وشعب مصر هم جميعاً ضحية حكم العسكر الذي يحكم مصر منذ 1952 بداية بوجه عبد الناصر ثم بوجه السادات وبعد ذلك وجه حسني مبارك وأخيراً السيسي … الوجه الوحيد الذي خرج عن هذا المسار هو مرسي لذلك لم يتحمله المجلس العسكري وأطاح به وكأن مصر وهي أظنها مع الأسف كذلك حكر على العسكر …لا تقول لي مبارك أو غيره هم العسكر ولا غيرهم من يخرب مصر.

إشترك في قائمتنا البريدية