إن داني دنون الذي أعلن ان نتنياهو لا يُطلق شعار ‘الدولتين’ بجدية، لا يهتف رافعا عقيرته ‘الملك عار’، بل ‘الملك لابس’.. لكن نتنياهو هو ملك خاسر خسر في الانتخابات وأنقذ كرسيه بصعوبة بحلف خاسرين مع ليبرمان الذي خشي الهزيمة هو ايضا. من المُلح ان نفحص عن خيارات نتنياهو، اذا حاول أن يُرضي أنصاره الجدد من اليسار ويدخل في تفاوض في ‘الدولتين’ فان ‘البيت اليهودي’ سيعتزل، واذا حاول ان يستبدل ‘شاس’ به فسيعتزل حزب ‘يوجد مستقبل’. وستطلب يحيموفيتش في مقابل دخولها ثمنا سياسيا يقسم الليكود ويترك نتنياهو بلا بيت، واليسار لن يتبناه خلافا لشارون. بقي 20 عضو كنيست لليكود فقط، لأن اليسار لم يصوت له رغم خطبة بار ايلان، وهرب اليمين بسبب تلك الخطبة نفسها. وأقام نتنياهو ائتلاف تسيبي ليفني مع تسيبي حوتوبلي، ويعقوب بيري مع أوريت ستروك. كيف؟ بالتنويم، فما بقيت ‘المسيرة السياسية’ نائمة، بقيت بنية الائتلاف التي لا يوجد اسمنت يرص لبناتها بعضها الى بعض واقفة في مكانها، وإن كان فارغا من كل هدف ومضمون سياسي واجتماعي واقتصادي (ربما اذا استثنينا ايران، لكنها تبدو مثل مشروع خاص لرئيس الوزراء). تقف الحكومة على رجلين، وهما الـ31 عضو كنيست من ‘الليكود بيتنا’ الذين يربطهم بالائتلاف البقاء في الحكم، والـ31 عضو كنيست من ‘يوجد مستقبل’ و’البيت اليهودي’ الذين يربطهم معا مثال ‘المساواة في العبء’، أي إبعاد الحريديين عن التأثير. وسيطول هذا الحلف ايضا ما بقي الموضوع السياسي نائما. فما الذي يحث نتنياهو اذا على اخراج ‘الدب الفلسطيني’ من الغابة؟ هل انتخابات جديدة يُشك في ان يُنتخب فيها؟ الى أين يمكن في الحقيقة ان تؤدي محادثات سلام في عالم عربي أخذ يزداد تطرفا، وهو يغرق في حمامات دماء؟ هل يستطيع أبو مازن البعيد من ان يكون السادات (الذي لم يعش) في وقت كهذا أن يسير على أثره؟ هل يستطيع ان يتخلى عن صدع واحد في الحائط الغربي ولا ‘يُستشهد’؟. يُعزي معسكر السلام نفسه بأنه يجب اقتلاع 150 ألف مستوطن ‘فقط’. وسيبقى 250 ألفا في اماكنهم في ‘الكتل الاستيطانية’. لكن مساحة يسكنها هذا العدد الكبير من الناس مع العقارات الباهظة الكلفة جدا التي يسكنها 200 ألف يهودي في القدس الشرقية، ستقتضي اقتطاع مساحات بديلة كبيرة جدا من النقب ومنطقة لخيش وغور بيسان. ولم يستطع نتنياهو الى الآن ان يواجه ‘مستوطني’ هذه المناطق، وحينما سيحاول سيشتاق الى مستوطني الايام الستة. ومن اجل ماذا سيعرض نتنياهو كرسيه للخطر؟ هل ليجلس الى جبريل الرجوب الذي لو ملك قنبلة ذرية كما قال لألقاها علينا؟ هل ليجلس الى أبو مازن الذي تقول وسائل اعلامه إن يافا وحيفا وبئر السبع فلسطينية وارض محتلة منذ 1948؟ والذي يسمي كل جادة وساحة عامة ومدرسة ونادٍ باسم مخربين قتلوا يهودا؟ أقسم نتنياهو ألا يعتمد على أي اتفاق، بل على الجيش الاسرائيلي الذي سيوضع في ‘الارض الفلسطينية’. فهل يؤمن بجدية أن يوجد شريك عربي في ذلك؟ وحينما يبدو كل مفهوم الدولة الفلسطينية داحضا بهذا القدر فلماذا نعجب من داني دنون الذي حاول في الحاصل العام ان يزعم ان رئيس وزرائنا لم يفقد سلامة عقله؟