شارون فشل في الجلوس الي الفلسطينيين ومحادثتهم.. فهل سيستطيع ورثته فعل ذلك؟

حجم الخط
0

شارون فشل في الجلوس الي الفلسطينيين ومحادثتهم.. فهل سيستطيع ورثته فعل ذلك؟

اهدر حياته الطويلة في بناء مئات المستوطنات التي ازالهاشارون فشل في الجلوس الي الفلسطينيين ومحادثتهم.. فهل سيستطيع ورثته فعل ذلك؟ عاش ارييل شارون جزءا كبيرا من حياته، حياة فلاح ـ جندي، ربما مثل واحد من قضاة اسرائيل في أيام حكم القضاة: دافع عن قريته، ودفع وطارد اعداءه، واحتل وأخرب قراهم، وأقام بدلا منها قري جديدة، ودافع عنها أيضا، وطارد العدو ـ وهكذا دواليك. ان الحياة التي بدأت بتحرشات مسلحة بين فتيان من العاملين في الارض ورعاة الضأن نمت لتصل الي معارك بين فرق مدرعة في صحراء سيناء. لكن الرجل شارون بقي الي نهاية ايامه شارون نفسه تقريبا، في حرب التحرير، وفي حرب يوم الغفران، وفي حرب لبنان وفي المشروع الاستيطاني. كان يبدو أن تصوره العام يلخط بمبدأين: ـ ما لا يمكن الحصول عليه بالقوة سنحصل عليه بقوة أكبر. ـ سننشيء حقائق في الميدان، وسيضطر العرب الي ابتلاع هذه الحقائق ويضطر العالم الي الاعتياد.ان تصفحا سريعا لمجموعة صور شارون يذكرنا بالشخص مع الضماد الابيض في قناة السويس، والذي يهدد الساسة بأن يغري المحاربين بهم اذا ما تخلوا للعدو حتي تخليا صغيرا واحدا.في صورة اخري يظهر القائد الذي يهبط من جبال الشوف وينقض علي بيروت لكي يصنع فيها، وفي الشرق الاوسط كله نظاما جديدا . في غضون أكثر من ثلاثين سنة زرع شارون مئات المستوطنات ومئات الاف المستوطنين في الضفة، وفي قطاع غزة، وفي رفح وهضبة الجولان. لقد كان بطلا محتلا وموطنا علي شاكلة الغرب المتوحش. في غضون عشرات السنين اشمأززت منه. فقد كان يرمز عندي الي ما لا استطيع احتماله في بلدي: ادعاء البر العنيف، والمزج بين العضل الحديدي والرحمة الذاتية، والطمع القومي والشخصي الذي لا يعرف الشبع، والمواعظ الدينية ـ الصوفية التي كانت تبدو لي عند خروجها من فم شخص محارب علماني شره منافق دائما. في الحقيقة لم يكن هناك شخص آخر رمز بشخصيته، كشارون، الي سكر القوة عند الاسرائيليين والي الضربة الخاطفة . لم أعرفه شخصيا. يقولون ان شارون في نطاق ضيق كان انسانا حميما، وسخيا وعظيم السحر. سمعتهم يقولون انه كان ذات فكاهة ظريفة، وحضور لطيف وشهوة كبيرة للمتع وللطعام الجيد. وهنا قبل سنتين بازاء نواظرنا، وبين ليلة وضحاها تقريبا، حدث له تحول غامض. تغيرت خطابه تغيرا تاما. لقد بدأ بين ليلة وضحاها يستعمل معجم الكلمات والتعبيرات عند حركة السلام. أعترف بانه عندما قال شارون لاول مرة، قبل نحو سنتين، ان الاحتلال سييء للمحتلين لا للواقع عليهم الاحتلال ـ لم استطع تصديق ما سمعت اذني.وعندما بدأ يتحدث بدولتين لشعبين شككت في أنه يسخر من اليسار. وعندما تحدث بالخروج من المناطق المحتلة ارتبت بأنه يأخذ بحيلة او خداع. لم اصدق انه سينفذ خطة الانفصال. كان شارون جرافة وما زال جرافة. كانت كل اعماله تشبه حربا خاطفة. كانت هذه حاله في ميدان المعركة، وفي احتلال الليكود ايضا، وفي المعركة الانتخابية، وفي اخلاء المستوطنات. توجهت الجرافة بلا رحمة الي ابناء المستوطنين، ولم يقر لها قرار حتي لم تترك، خلفها، في غزة مستوطنا واحدا، او مبني كاملا واحدا. اجراؤه السلمي يشبه اجراءات الحرب في كل شيء. هل كان يفكر حقا في الاستمرار باقتلاع المستوطنات في الضفة الغربية؟ أو جزء منها؟ او كلها؟ مع اتفاق؟ او بغير اتفاق؟ لم يجهد شارون نفسه في التحدث الينا. كل ما قاله كان: اعتمدوا علي. ربما كان يفكر في أن يحتل السلام بالقوة ايضا، كما يحتلون هدفا حصينا. لكنه لم يكن له وقت. فقد كان لستين سنة رجل حروب وموسع حدود، وبقيت له سنة أو سنة ونصف بصعوبة ليبدأ في تقويض مشروع حياته.ان شيئا واحدا لم ينجح شارون في عمله ولو لمرة في ايام حياته، لا في عشرات السنوات التي لبس فيها الخوذة ولا في السنة ونصف السنة التي حمل فيها غصن الزيتون: انه لم ينجح في أن يجلس الي الفلسطينيين ويحادثهم، كما يجلس الجار الي الجار. وكما يجلس ابن عائلة جريح الي ابن عائلة جريح. ولا حتي كما يجلس عراب الي عراب بعد حرب عائلات . وها هو ذا يتركنا وهو يلمح: فهمت خطأ حياتي. حاولت اصلاحه. او تحطيمه. لم املك الوقت. كانت الحياة قصيرة جدا. وماذا سيفعل ورثته؟ أربما بدل تكرار اخطاء شارون، او تحطيم اخطاء شارون، سيحاولون علاجها؟ عاموس عوزكاتب واديب اسرائيلي يساري(يديعوت احرونوت) 8/1/2006

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية