بغداد ـ «القدس العربي»: لم تنته أصوات الاشتباكات في معركة تحرير الفلوجة بعد حتى عادت أصوات المناكفات السياسية والتهديدات إلى الارتفاع بين القوى الفاعلة في المشهد العراقي ما يعكس الصراع وعدم الاستقرار والاضطراب.
ومن الفلوجة أعلن رئيس الحكومة حيدر العبادي، الاحد، إنجاز تحرير الفلوجة من قبضة تنظيم «الدولة»، ولكنه انتقد في الوقت نفسه وبحدة من أسماهم بـ«دواعش السياسة» الذين حاولوا عرقلة تحرير الفلوجة واستغلوا بعض الحالات للتهجم على القوات المسلحة وأداء الحكومة، مؤكدا أن أمثال هؤلاء لن يكون لهم دور في السياسة كالسابق، دون أن يحدد المقصود بذلك. وفي حديث آخر قال العبادي بعد عودته إلى بغداد إن «الصراعات أدت إلى ضياع مدينة الموصل وبقية المناطق، واليوم ما زال البعض يتصارع على المناصب وغيرها».
وأشار خلال مأدبة إفطار إلى «أنّ المصالحة يجب أن تعزل الذين يحاولون التفرقة بين الشيعة والسنة، وبين العرب والأكراد والتركمان، بشكل طائفي وأثني»، معربا عن أسفه من تصرف بعض الساسة في بغداد الذين قال «إنهم يقاتلون على المقاعد ويصدرون بيانات متشنجة». وأكد ضرورة عدم احتكار الأحزاب للمناصب وإنما تكون لكل العراقيين.
إلى ذلك يتوقع المراقبون في العاصمة العراقية عودة الصراع السياسي وخاصة تحت قبة البرلمان بعد الانتهاء من معركة الفلوجة بين حيدر العبادي وحركة الإصلاح للنواب المعتصمين التي يحركها نوري المالكي رئيس كتلة القانون وذلك بهدف إفساد فرحة النصر الذي حققه العبادي في الفلوجة من خلال التركيز على أخطاء الحكومة وسلبيات أداء الأجهزة الحكومية كالفساد.
من جانبه قال رئيس كتلة منظمة بدر النيابية قاسم الأعرجي في بيان له بمناسبة تحرير الفلوجة انه «لا يوجد اليوم أمام دواعش السياسة إلا واحد من اثنين إما أن يكونوا مع الحشد الشعبي والأجهزة الأمنية وبلدهم العراق أو يكونوا مع داعش والبعث والإرهاب».
وأوضح بدر أن «الوقت الذي يكون فيه السياسي مدافعا عن داعش من جهة ومنتميا للعملية السياسية والحكومة والبرلمان من جهة أخرى قد انتهى»، مشددا على ضرورة «تصفية المؤسسة النيابية والحكومية والعسكرية من أصحاب الأفكار الداعشية والعنصرية التي تحاول تمزيق الوحدة الوطنية وتقسيم العراق».
وردا على الأصوات المشككة في دور الجيش العراقي في معارك تحرير الفلوجة والمدن الأخرى أكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أن من حرر قسما من المناطق «المغتصبة»، من تنظيم «داعش ـ هو الجيش العراقي ـ حصراً»، مشيراً إلى أن ـ مصادرة ـ جهود الجيش في تحرير تلك المناطق «قبيح وممنوع».
وقال الصدر في رده على سؤال من أحد اتباعه، مساء الاحد، بشأن اتهامات قادة الأحزاب للجيش العراقي بـ«الخيانة» وعدم تمكنه من تحرير الأراضي، «إن من يجب أن يحرر المناطق المغتصبة بل وإن من حرر قسماً منها بالفعل هو الجيش العراقي البطل حصرا» قائلا : «لا داعي لمصادرة جهوده فذلك قبيح وممنوع».
وعن الأوضاع المتوقعة في الفلوجة بعد تحريرها من التنظيم الإرهابي قال التدريسي في جامعة بغداد الدكتور ليث العزاوي لـ«القدس العربي» إن «أمام الحكومة العراقية والسلطات المحلية وعشائر الفلوجة مسؤوليات كبيرة لإعادة الحياة الطبيعية إلى المدينة التي خضعت لسيطرة داعش حوالي سنتين ونصف السنة، حيث يتعين بذل جهود لتطهير أحياء المدينة من العبوات والأنقاض الناجمة عن القتال والقصف لسنوات، وإعادة تأهيل خدمات البنية التحتية الأساسية وذلك تمهيدا لعودة النازحين إلى مناطقهم».
وشدد على أن أهم مشكلة ستواجه الحكومة هو تهيئة قوات محلية لمسك الأرض بعد تحرير المدينة لضمان عدم عودة تنظيم داعش أو أي قوة إرهابية جديدة».
وأشار العزاوي إلى مشكلة كبيرة أخرى ستواجه عودة النازحين وهي الثارات العشائرية التي يتوقع ظهورها بين عشائر المدينة بسبب وقوف بعض أبنائها إلى جانب تنظيم داعش وارتكابهم جرائم القتل والانتهاكات بحق سكان المدينة»، مؤكدا أهمية «الدعوة للمصالحة الداخلية والعفو عن المغرر بهم من أبناء الفلوجة الذين أجبروا على الانتماء إلى التنظيم ولم يقتلوا أحدا».
كما لفت إلى مشكلة آلاف المحتجزين والمفقودين من أبناء الفلوجة الذين يتعين على الحكومة أن تحسم أمرهم بأسرع وقت وتحدد مصير المفقودين منهم.
يذكر أن مسؤولين محليين في الأنبار أعلنوا عن اعتقال 2000 شخص فقط من بين 23 الف محتجز، وتجري التحقيقات معهم للاشتباه بارتكابهم جرائم أو الانتماء إلى تنظيم «الدولة».
وكان قائد عمليات تحرير الفلوجة الفريق عبد الوهاب الساعدي أعلن، صباح الاحد، عن تحرير مدينة الفلوجة بالكامل، وقال إن قوات مكافحة الإرهاب ستسلم الملف الأمني للمدينة إلى الشرطة المحلية خلال يومين.
مصطفى العبيدي