غزة – «القدس العربي» : قللت حركة حماس من أهمية الإجراء الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية، أول من أمس الأربعاء، بتشكيل طاقم وزاري يختص بمعالجة قضية الأسرى والمفقودين الإسرائيليين بشكل دائم، من خلال اللجوء إلى ممارسة الضغط عليها لإطلاق سراح الجنود الأسرى لديها. وقال الدكتور صلاح البردويل القيادي في الحركة لـ «القدس العربي»، إن هذه الضغوط لن تفلح في تحقيق أي نتائج، وإن ملف الجنود لن يفتح إلا بتلبية شروط حماس. وأضاف ردا على سؤال حول إن كانت الضغوط الإسرائيلية التي من المقرر أن تلجأ إليها إسرائيل، ستدفع الحركة لتقديم تنازلات، وتسليم الجنود الإسرائيليين «إسرائيل تمارس الضغط على حركة حماس منذ سنوات، ولم ولن تفلح في كسر إرادتنا.» وأشار إلى أن الضغط الممارس على حماس كان حتى قبل الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وعاد وقلل من أهمية القرار الإسرائيلي، وقال إنه جاء من أجل «إرضاء الإسرائيليين».
وشدد على أن أيا من الطرق الإسرائيلية لن تنجح في «ابتزاز حماس»، وأنها لن تخضع للضغوط مهما بلغت.» وأكد كذلك أن الضغط الذي يمارس من قبل الاحتلال على الأسرى الفلسطينيين لم ينقطع، وأنهم أي الأسرى يطالبون بالحرية ولا يهمهم الضغوط.
وبخصوص شروط حماس قال إن الحركة لا تزال تتمسك بشرطها السابق، والممثل بعدم فتح أي محاولة جديدة لإبرام صفقة تبادل، قبل أن تقوم إسرائيل بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الذين أعادت اعتقالهم بعد الإفراج عنهم ضمن صفقة التبادل الأولى «صفقة شاليط» نوفمبر/ تشرين الثاني 2011.
وسألت «القدس العربي» البردويل عن إمكانية لعب تركيا، بعد إبرامها اتفاق مصالحة مع إسرائيل، دور الوسيط الجديد في صفقة التبادل المقبلة، فقال إنه من السابق لأوانه الحديث عن وساطة تركية أو غيرها من الوساطات، قبل تلبية شرط الحركة وجناحها العسكري كتائب القسام.
وأضاف «لا أحد يقترب من الملف قبل الإفراج عن أسرى صفقة شاليط»، مشيرا إلى أن إسرائيل سبق وأن غدرت قبل ذلك وأخلت بشروط الصفقة الماضية، بإعادة اعتقال الأسرى الذين أفرجت عنهم.
وكانت إسرائيل قد لجأت صيف عام 2014، إلى إعادة اعتقال الأسرى من الضفة الغربية، الذين أطلقت سراحهم ضمن صفقة تبادل الأسرى التي أبرمت برعاية مصرية عام 2011، وهو ما جعل حماس تتمسك بشرط عدم فتح الأبواب لصفقة جديدة قبل أن تقوم إسرائيل بإطلاق سراح هؤلاء الأسرى.
وكانت حماس قد أعلنت أن لديها أربعة إسرائيليين، من بينهم جنديان أسرا من أرض المعركة خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وهم أورون شاؤول وهدار غولدين، إضافة إلى إسرائيلي من أصل أثيوني يدعى إبرهام منغستو، وآخر بدوي عربي يحمل الجنسية الإسرائيلية.
وقبل أيام غيرت إسرائيل تعريف وضع الجنديين شاؤول وغولدين إلى «قتلى وقعوا في الأسر» في مقدمة اعتبرها المطلعون على الملف للدخول في مفاوضات حول صفقة تبادل جديدة. ولا تزال حركة حماس ترفض الإدلاء بأي معلومات عن مصيرهما، كما لم تخرج كتائب القسام التي تتحفظ عليهما بأي تصريح صحافي حول آخر المستجدات، واكتفت بما أعلنته سابقا بأن أي صفقة لن تتم دون أن تقوم إسرائيل بإطلاق سراح الأسرى الذين أعادت اعتقالهم بعد إطلاق سراحهم ضمن صفقة التبادل الأولى. وتشير العديد من التقارير أن تركيا ستقوم بالتوسط بين حماس وإسرائيل في مرحلة قادمة من أجل إبرام صفقة تبادل أسرى جديدة.
وقبل الإعلان عن المصالحة التركية بساعات قال بنيأمين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي إن حكومته تواصل سرا وعلانية بذل جهود متواصلة من أجل إعادة الجنديين أورون شاؤول وهدار غولدن، وكذلك المواطنيْن الإسرائيليين المحتجزين هناك.
لكن المجلس الإسرائيلي المصغر في تل أبيب الذي اجتمع بعد ذلك للمصادقة على اتفاقية تطبيع العلاقات مع تركيا أول أمس، قرر تشكيل طاقم وزاري من أعضاء المجلس مكلف بمعالجة قضية الأسرى والمفقودين بشكل دائم، بما في ذلك ممارسة الضغوطات على حركة حماس.
وحسب ما صدر من قرارات فإن المجلس قرر عقد نقاش حول ظروف اعتقال أسرى حماس في السجون الإسرائيلية، ما دام لم تحل قضية الجنديين والمواطنين الإسرائيليين.
وأمهل وزير الأمن الداخلي غلعاد اردان الفصائل الفلسطينية مدة شهر واحد لإطلاق سراح الجنود قبل أن يجري نقاش موسع يتعلق بشروط اعتقال الأسرى في سجون الاحتلال.
وفهم من التهديد الإسرائيلي أن هناك نية لتشديد ظروف اعتقال الأسرى لاستخدامهم في الضغط على حركة حماس. يشار إلى أن إسرائيل لجأت لاستخدام تشديدات كبيرة ضد أسرى حماس والأسرى الفلسطينيين عموما عقب تمكن نشطاء حماس في غزة عام 2006، من أسر الجندي السابق جلعاد شاليط، وشنت إسرائيل حربا على غزة من أجل إطلاق سراحه، غير أن جميع الضغوط التي مورست لم تفلح في ثني حركة حماس عن مطالبها.
وفي نهاية المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين، والتي رعتها مصر، تمت موافقة إسرائيل على إطلاق سراح 1027 أسيرا فلسطينيا، غالبيتهم من ذوي المحكوميات العالية، مقابل إفراج حركة حماس عن الجندي شاليط.
وفي سياق الحديث عن ملف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، طالب مركز الأسرى للدراسات القوى الوطنية والإسلامية، والمؤسسات العاملة في مجال الأسرى، والمنظمات الحقوقية والإنسانية، ووسائل الإعلام بالبدء ببرنامج مساند وداعم للأسرى في السجون في ظل الخطوات الجماعية الاحتجاجية الرافضة لانتهاكات إدارة مصلحة السجون بحقهم.
وطالب المركز بمواجهة سياسات الحكومة الإسرائيلية التي تجمع على سياسة التضييق على الأسرى، بالتعاون مع أجهزة الأمن ، وإدارة مصلحة السجون كأداة تنفيذية لتلك القرارات غير الإنسانية.
وتعتقل إسرائيل في سجونها أكثر من سبعة آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء ورجال كبار مصابون بأمراض خطيرة.
أشرف الهور