الأردن يثبت نظرية الاختلاط بين اللاجئين والإرهابيين: إستراتيجية عزل الحدود مع سوريا تواجه «الضغط الدولي»

عمان ـ «القدس العربي»: للأسبوع الثالث على التوالي يبدو الأردن صلبا وصامدا إزاء كل محاولات الضغط الدولي عليه للتراجع عن قراره بوقف استقبال المزيد من اللاجئين السوريين وإغلاق حدوده باعتبارها عسكرية ومغلقة.
الأردن له مصلحة أساسية وسياسية في هذا القرار السيادي، وطوال الوقت بعد عملية مخيم الركبان الإرهابية تتعرض الحكومة الأردنية لضغوط سياسية ودبلوماسية دولية للتراجع عن القرار الذي أتخذ بعد الاعتداء الحاصل في منطقة الركبان حيث تفجرت سيارة مفخخة وكانت النتيجة ثمانية شهداء من القوات الأردنية وثلاثة عشر جريحا.
الضغوط الدولية أخذت أكثر من شكل خلف الستارة طوال الأسبوعين الماضيين، حيث انتقدت منظمة العفو الدولية في تقرير لها الإجراء الأردني قبل اتصال هاتفي بين العاهل الملك عبد الله الثاني والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. في الأثناء أعرب سفراء الدول الغربية في عمان عن انزعاجهم من القرار العسكري الأردني، في الوقت الذي تصر فيه السلطات على ان تقدم أي تسهيلات من أي نوع لللاجئين السوريين في الركبان وغيرها عبر عملية تنسيق بمعايير أمنية مشددة.
جراء القرار الأردني تراكمت عناصر أزمة ذات بعد إنساني في منطقة الركبان تحديدا، حيث يتجمع أكثر من 60 ألفا من اللاجئين وسط الصحراء في مخيم مؤقت على بعد نحو ستة كيلو مترات من نقطة الحدود الأردنية.
التقارير الصادرة عن المخيم والنشطاء فيه بعد إغلاق الحدود عسكريا تتحدث عن نقص حاد في المواد الغذائية ومياه الشرب والمستلزمات الطبية.
الأردن بدروه مصر على موقفه، والناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني أعلن ان ما يجري في الركبان على هامش أزمة اللجوء مشكلة دولية وليست أردنية بصورة محددة.
خيارات الدعم اللوجستي في السياق تبدو ضيقة جدا فالمنظمات الناشطة في المنطقة لا تستطيع التحرك بدون حماية لوجستية من الجيش الأردني وبعض الأفكار المتداولة وصلت لحد تأمين مواد غذائية عبر الإنزال الجوي وهو خيار انتحاري وفقا للتقديرات الأمنية بسبب وجود الحاجة لغطاء ناري جوي في حال اعتماده.
عمليا من الصعب معالجة وضع اللاجئين في الركبان بدون الجيش الأردني.
وعمليا أيضا تصر الجهات الرسمية الأردنية على ان المعالجات دولية وبأقصى معايير الأمن الأردنية وبدون أي مجازفة بعمليات مماثلة للإرهاب الذي ضرب نقطة عسكرية أردنية.
وجود مجموعات مسلحة في قرية نتف المجاورة وفي حوض نهر اليرموك يساهم في تصعيب المسألة وإرباك جميع الأطراف، والأردن مصر على اتخاذ التدابير الأمنية الكاملة ويرفع شعار رفض إقامة مخيمات جديدة أو استقبال لاجئين جدد بعدما أثبت اعتداء الركبان الإرهابي نظرية الأردنيين بخصوص الاختلاط المقلق بين اللاجئين والأرهابيين.
التقارير الأردنية الداخلية تعتبر الإجراء منتجا للغاية، بدليل ان فرصة الاشتباك عبر الحدود الأردنية مع أي محاولة للتسلل أو لتجاوز الحدود أفضل بكثير في حال عدم وجود مدنيين وعدم تحويل الأرض الحدودية من الجانب السوري إلى نطاق لوجستي لخدمة مخيمات لجوء.
الرأي الفني الأردني يعتبر ترحيل اللاجئين ومنظمات الإغاثة لمناطق أبعد من الشريط الحدودي هو الحل الأمثل الذي يمنح قوات حرس الحدود الأردنية الأفضلية الميدانية في الهجوم والاشتباك مع أي محاولة تسلل غير شرعية. يحصل ذلك لأن المهاجمين في حادثة الركبان استفادوا من الخاصرة اللوجستية الرخوة على الأرض لتنفيذ الهجوم الذي أثار ضجة واسعة في الأردن ودفع قيادة الجيش لإعلان المنطقة برمتها عسكرية ومغلقة.
الأردن طالب المجتمع الدولي باحترام مصالحه الأمنية على أساس ان الفرصة غير متاحة لتكرار أو لإحتمالية المجازفة بتكرار ما حصل في الركبان.
العناد الأردني في هذا الاتجاه يسعى لمواجهة الأجندة السياسية الضاغطة من قبل سفراء وممثلين للمجتمع الدولي، والصلابة الأردنية في مواجهة الضغوط خصوصا من المنظمات الدولية تجد مساندة كبيرة لدى الرأي العام الأردني خصوصا وان مخاوف المواطنين من النمو الكبير للديموغرافيا السورية ومن إدماج المكون السوري تطفوا على السطح في كل الأحوال.
المجتمع الأردني وبسبب مشكلات اقتصادية ومعيشية من الصعب ان يقبل المجازفة بسقوط المزيد من الشهداء ووجود مساحات ورقع على الحدود خصبة لعمليات لوجستية لها علاقة بإيواء اللاجئين يشكل نقاط ضعف تحاصر هوامش المناورة وتقلص الأفضلية في البعد العسكري عند حرس الحدود الأردني.
لكن الأمر لا يقتصر على الجانب الأمني والعسكري، ففي الجانب السياسي أيضا يتواصل شعور المؤسسات الأردنية بان المجتمع الدولي خذل عمان بشأن المساعدات المتعلقة بملف اللجوء السوري وشعور الخذلان نفسه يطال بعض الدولة العربية الشقيقة.
بالنسبة للحكومة الأردنية فإن مؤتمر لندن للمانحين لم يتعامل بجدية مع المتطلبات والاحتياجات الأردنية. والأمريكيون لا يبذلون الجهد الكافي لتأمين أموال ومخصصات تساهم في ايواء وتغذية وتعليم وصحة وطبابة وإقامة اللاجئين.
في الوقت نفسه لا تقدم السعودية والدول العربية الدعم الحقيقي الكافي، ويتواصل نزيف الموازنة الأردنية بسبب اللاجئين مع انها موازنة تعاني أصلا من مشكلات عميقة.
بهذا المعنى وجد الأردنيون فيما حصل في الركبان مادة حيوية تعكس حجم تضحياتهم وتحاول لفت النظر إلى احتياجاتهم الحقيقية، الأمر الذي يبرر الموقف الصلب في مسألة إعلان الحدود عسكرية ومغلقة خصوصا وان المناوشات مع متسللين محتملين هنا وهناك استمرت وتواصلت بكفاءة أفضل بعد حظر أي نشاط مدني على طول الحدود.

الأردن يثبت نظرية الاختلاط بين اللاجئين والإرهابيين: إستراتيجية عزل الحدود مع سوريا تواجه «الضغط الدولي»

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمود عبنده USA:

    اذا تواجد على كوكب الأردن دوله تحملت ما تحمله الأردن والاردنيين ساتخلى عن جنسيتي الاردنيه التي اتشرف بها, عمان أصبحت جامعه الدول العربيه ومصفاه لدول الدمار العربي , ابتداءا من العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين وليبيا, لا يحق لاي كان ان يزاود على الأردن بمتاجرته باللاجئين بل الأردن حرم أبناء شعبه من اجل الغير الأردنيين يعانون بسبب الأمم التي أتوا من كل فج عميق, وخير دليل على ان الأردن قدم ما لم يقدمه الأخ لاخيه : ان الأردن بفضل الله وبفضل ملكا نفتخر به وبفضل العقليه التي يتمتع بها الأردنيين لم يجروا بلادهم الى دمار يشتتهم ويهدر كرامتهم في بقاع الأرض, هذه هي العقليه التي استقبلنا بها من لجأ الينا وليست عقليه المتاجره التي تغلب على الكثيرين, من لجأ الينا استرد كرامته وانسانيته التي سلبت منه في بلده في اللحظه التي عبر فيه حدود الأردن , كاذب وفاجر ومنافق من يقول انه ذل او اهين في الأردن وصادق من يقول انه لا يشعر بوجوده كانسان في بلدان كثيره لجأ اليها السوريين . ما يقدم للاخوه السوريين واجبا لا تفضلا.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية