تونس -«القدس العربي»: قال الأمين العام لحزب «البناء الوطني» رياض الشعيبي إن مبادرة حكومة الوحدة الوطنية في تونس «وُلدت ميتة»، مشيراً إلى أنه من حق حركة «النهضة» المطالبة بمراعاة حجمها الانتخابي في الحكومة المقبلة، كما اعتبر أن الغاية من اقتراح مشروع قانون «المصالحة الاقتصادية» هي تحرير «التجمعيين» المتهمين بقضايا فساد من هيمنة اليسار داخل «نداء تونس»، ونفى من جهة أخرى ما أشيع من مقابلته لشخصيات معارضة في السفارة الإيرانية، مشيراً، في المقابل، إلى وجود علاقة لطهران وسواها من الدول الإقليمية مع بعض الأطراف السياسية ومنظمات المجتمع المدني في تونس.
وأضاف في حوار خاص مع «القدس العربي»: «مقترح حكومة الوحدة الوطنية ولد ميتاً، والفكرة التي طرحت في البداية لم تكن حكومة وحدة وطنية (على الأقل كما جاءت في خطاب رئيس الجمهورية) وإنما المبادرة كانت توسيع الائتلاف الحاكم ليضم مجموعة من المنظمات الوطنية وبعض الأحزاب الأخرى، ونحن في حزب البناء الوطني طالبنا بأكثر من بيان بتشكيل حكومة سياسية ينتمي رئيسها للحزب الفائر بالأغلبية في الانتخابات التشريعية (البرلمانية) الأخيرة ويقدم برنامج حزبه حتى تكون هناك مسؤولية سياسية لأنه لا يمكن أن تستقيم ديمقراطية بدون وجود مسؤولية سياسية، وتشكيل الحكومة الحالية يضيع مفهوم المسؤولية السياسية ولا نستطيع نحن كأطراف سياسية أن نتعامل مع الحكومة بسبب تهرب كل الأحزاب السياسية من المسؤولية عما تقوم به وعن خياراتها وتوجهاتها، وهذا أكيد إلى ضياع المسؤولية السياسية تحت مسمى حكومة التكنوقراط أو الحكومة المحايدة، وأخشى أن تسير فكرة حكومة الوحدة الوطنية في الاتجاه نفسه».
وأضاف «الإشكال هو أنه بعد الانتخابات الأخيرة لم يعد هناك حل سوى تشكيل حكومة سياسية ولا بأس أن تتشكل من مجموعة من الأحزاب، ولكن المهم أن يكون هذا التوجه السياسي موجود داخل الحكومة من خلال تولي رئيس حكومة ينتمي لهذه الأحزاب ومن خلال العمل على برنامج لهذه الحكومة يكون موضوعاً للنقاش في الساحة السياسية وموضوعاً للمحاسبة سواء بالنجاح أو الفشل»، مشيراً إلى أن حزبه يرفض المشاركة في الحكومة المقبلة لأنه لا يرى فيها أي مصلحة للبلاد في هذه المرحلة.
وحول مطالبة الناطق باسم حزب «نداء تونس» عبد العزيز القطي بأن يكون رئيس الحكومة المقبلة من «النداء»، قال الشعيبي «الصراع الحاصل داخل نداء تونس والتوجهات السياسية بين أحزاب الائتلاف الحاكم تمنع تولي رئيس حكومة ينتمي لحزب الأغلبية (نداء تونس)، لذلك هناك أزمة عميقة داخل الرباعي الحاكم الآن وداخل منظومة الحكم، ونحن نرى أن الحكومة والدولة التونسية بمؤسساتها بدأت تتآكل وتتفكك شيئا فشيئا، وثمة هبوط حاد في الخدمات الإدارية التي تقدمها الحكومة والإدارة عموماً، وهذا يمكن أن ينذر بأوضاع خطيرة في المستقبل، لذلك عوض البحث عن توسيع الائتلاف الحاكم، الأولى هو أن تجلس هذه الأحزاب (الحاكمة) وتتفق فيما بينها على رؤية مشتركة للحكم في المرحلة المقبلة».
واعتبر، في السياق، أنه من حق حركة النهضة المطالبة بمراعاة حجمها الانتخابي ووزنها السياسي «لأنك عندما تفوز بعدد معين من المقاعد في البرلمان فلا بد أن يترجم ذلك في الحكومة من خلال مشاركتك بعدد من الوزراء، بل إننا ندعم هذا التوجه القائم على حكومة سياسية تشارك فيها الأطراف السياسية بحجمها الحقيقي وبخياراتها الاقتصادية والاجتماعية التي تتبناها، حتى نستطيع أن نتداول في ما بيننا كأحزاب سياسية من خلال النقد والتوجيه مجمل هذه الخيارات (للحكومة) باعتبار الانتخابات الأخيرة ونتائجها».
من جهة أخرى، استغرب الشعيبي إصرار رئاسة الجمهورية ومن ورائها بعض الأحزاب الموجودة في الحكم على تمرير قانون المصالحة الاقتصادية «دون تقديم وجهة نظر معقولة يمكن أن تقنع المجتمع التونسي بفوائد هذا القانون»، مشيراً إلى وجود «خلفيات سياسية وراء تمرير هذا القانون، دون أن تكون هناك مصلحة وطنية حقيقية في إقراره وعرضه على المجلس (البرلمان)».
وأضاف «لا أعتقد أن هناك اختلافاً في تونس حول أهمية المصالحة الوطنية والحاجة إليها، ولكن هل هذه المصالحة (التي ينادي بها القانون) تتم بناء على قواعد معلومة للجميع تراعي المصلحة الوطنية وحق المجموعة الوطنية في الثروات التي نُهبت على مدى سنوات طويلة؟ أم هي لاعتبارات سياسية لتغليب طرف معين داخل نداء تونس على حساب طرف آخر؟».
وأوضح أكثر بقوله «كان هناك وعد واضح من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لمجموعة من رجال الأعمال المتورطين في قضايا مالية بأنهم إذا ما دعموه في الانتخابات الرئاسية السابقة فإنه سيقوم برفع العقوبات عنهم، وهذا تداوله المجتمع السياسي على نطاق واسع قبل الانتخابات، ولكن أعتقد أن الإصرار على عرض هذا القانون يتجاوز مجرد الإيفاء بالوعود إلى محاولة إيجاد توازنات سياسية جديدة داخل نداء تونس، وقد نبهنا سابقاً أن الصراع داخل النداء سيلقي بظلاله على مؤسسات الدولة، ونحن نرى اليوم كيف أن الصراع داخل النداء حول النفوذ والمواقع تحول إلى مؤسسات الدولة سواء من خلال تموقعات داخل مواقع القرار في الحكومة أو من خلال تمرير هذا القانون الذي يريد من خلاله طرف في النداء تحرير التجمعيين السابقين (نسبة إلى حزب بن علي) المتهمين بقضايا تتعلق بفساد مالي وإداري من هيمنة اليسار داخل النداء الذي يستغل هذا الملف لاستعمالهم في الصراع السياسي».
على صعيد آخر، نفى الشعيبي ما تناقله بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حول مقابلته لشخصيات سياسية معارضة في السفارة الإيرانية في تونس، مضيفا «هذا موضوع غير جدي، بل دعني أصارحك وأقول إنني لا أعرف حتى مكان السفارة الإيرانية في تونس أوعنوانها».
ولكنه لم ينفِ وجود دور لإيران وغيرها من الدول الإقليمية في تونس، فـ«إيران دولة إقليمية ومن الأكيد أن لها أدواراً تقوم بها في محيطها الإقليمي بما يعزز مصالحها كغيرها من الدول الإقليمية في المنطقة، وبالتالي ليس مستغربا أن تكون هناك علاقات سياسية بين بعض الأطراف السياسية أو المجتمع المدني وهذه القوى الإقليمية، وليست إيران فقط من تحاول لعب دور في تونس خلال هذه المرحلة ولكن هناك كثير من القوى الإقليمية التي تبحث عن دور تلعبه حفاظا ًعلى مصالحها في تونس خلال المرحلة السابقة وربما المقبلة».
وحول الملفات التي تقدم بها أخيرا لهيئة الحقيقة والكرامة، يقول الشعيبي «تقدمت بملفين، الأول حول ما تعرضت له عبر عشرين سنة من سجن ومتابعة وملاحقة أمنية وقضائية، والثاني يتعلق بأحد أصدقائي وهو الباحث في التاريخ د. محمد الفاضل الجبري الذي توفي داخل السجن عام 2000 بسبب التعذيب والإهمال الصحي خلال عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وأنتظر تحديد موعد من قبل الهيئة لتقديم المستندات المطلوبة».
حسن سلمان
أين من انتخبه الشعب ولم يهنئ الشعب بمناسبة عيد الفطر. إن شاء الله المانع خيرا.
هل غدا يقع حل البرلمان وفقا للدستور ثم يخلف رئيس الحكومة الرئيس لمدة 60 يوما إلى حين إجراء انتخابات. أم أن السيف قد سبق العدل ووقع ما ليس في الحسبان ووقع التباطؤ في تشكيل ما تسمى بحكومة وحدة وطنية يقع من خلالها الترتيب لمن سيكون رئيسا في حال شغور. ثمة ضبابية في ما يجري. هل تتحمل النهضة مسؤوليتها أمام حالقها والوطن والشعب وتصدح بالحقية ثم استباق كل السيناريوهات الغير واضحة وتستغل كتلتها النيابة لتنقذ تونس فتغير مباشرة الحكومة وفق وزنها البرلماني.