الأردن وسوريا بعد قمة الثمانية: هاجس الإنفجار الديمغرافي وهوس (الإنقلاب) ضد بشار ومعركة بين حزب إلله والقاعدة

حجم الخط
2

رئيس الوزراء الأردني عبدلله النسور

عمان- القدس العربي- بسام البدارين: رغم أن رئيس الوزراء الأردني عبدلله النسور حرص على لقاء المراسلين الإعلاميين في عاصمته عمان  مساء السبت لأغراض تتعلق بشرح توجهات حكومته الإقتصادية بصورة أولية إلا أن السؤال السوري جال بقوة وفرض إيقاعه على المائدة التي أعدها النسور للمراسلين وحضرتها القدس العربي.

بوضوح شديد يبدو أن رئيس وزراء الأردن لا يملك جوابا واضحا على كل الإحتمالات والإستفسارات عندما يتعلق الأمر بالمشهد السوري المنفلت والمفتوح على كل الإحتمالات.

لكن الرجل يبدو جادا وهو يشير لإن الدولة الأردنية تفكر بكل تفصيل وهي جاهزة لكل الإحتمالات ملمحا: لا يمكن أن تكون مجاورا لمشهد سوريا المؤلم اليوم بدون التفكير بالإحتمالات.

من خلال السؤال والجواب والحوار يمكن التوصل إلى عدة إستنتاجات في فهم طبيعة تفكير الدولة الأردنية تحديدا بعدما حسمت قمة الثمانية إتجاهات العمل بتعطيل مسار الحسم العسكري وإعادة إنتاج المشهد بحيث  يتم التركيز على تنظيم القاعدة وحزب إلله والسعي الحثيث للتخلص منهما معا.

التقارير الدبلوماسية والإستراتيجية التي إطلع عليها نخبة من صناع القرار الأردني خلال اليومين الماضيين كانت تشير بوضوح لوقائع جديدة على الأرض من المرجح أنها أثرت في الإستراتيجية الأردنية الرسمية.

أولا- لا يمكن القيام بأي عمل من أي نوع في سوريا بدون المجتمع الدولي وقوى هذا المجتمع اليوم وتحديدا بعد قمة الثمانية الأخيرة لديها بوصلة واضحة المعالم نجح الروس في إنضاجها وتتمثل في أن الأولوية بسوريا تتمثل في القضاء على تنظيم القاعدة وفرعها جبهة النصرة والعمل على تفعيل وتقديم مواجهته مع حزب إلله قدر الإمكان.

ثانيا- ليس من السهل العمل حثيثا على خطة من أي نوع لإسقاط النظام السوري الحالي دون التوافق على شكل وهوية النظام البديل.

ثالثا- الأمريكيون لا يريدون توجيه رسائل عسكرية للنظام السوري تنطوي على تدخل مباشر لهم لكنهم وعبر (قوة عسكرية) غير هجومية  على الحدود الأردنية مع سوريا سيوجهون رسالة فكرتها (نحن نراقب الوضع), الأمر الذي يتقاطع مع إهتمام الأردن بتعزيز دفاعاته العسكرية تحسبا للإحتمالات.

رابعا- ليس من السهل على الأمريكين رغم إنقسامهم الداخلي في المسألة السورية المجازفة بنجتح التحالف بين إيران وحزب إلله في تحدي لعبة النفوذ في المنطقة.

هذه الوقائع على الأرض دفعت الرئيس النسور فيما يبدو لإطلاق حزمة من التعليقات الدبلوماسية على هامش الحوار الذي شاركت فيه القدس العربي.

 هذه التعليقات نفهم منها أن التواجد العسكري الأمريكي يقتصر على 700 جندي فقط يمثلون قوة دفاعية غير هجومية وظيفتها إدارة منصة باتريوت وطائرات إف- 16 التي ستبقى في الأردن إضافة لتدريب فرق عسكرية أردنية على هذه المرافق.

الحزمة تتضمن أيضا الميل الواضح لتجنب التصعيد دبلوماسيا مع دمشق فقد رفض النسور التعليق على إستفسار بعنوان مناكفات السفير السوري في عمان بهجت سليمان واصفا العلاقات مع سوريا اليوم بانها (عادية) وموضحا بأن السفير السوري في عمان يواصل مهامه والأردني في دمشق كذلك, لكن الأخير لا يقيم بصورة دائمة في دمشق ويزورها بين الحين والأخر لمقتضيات أمنية.

يعني ذلك بلغة أوضح بان عمان ليست بصدد قطع شعرة معاوية سياسيا ودبلوماسيا مع النظام السوري.

لكن عمان في هوامش نفس حزمة التوضيحات دخلت في هوس الخوف من بدائل النظام السوري الحالي والأهم أنها تصدق رواية عدم وجود بديل يمكن أن يضمن مصالحها الحيوية والأساسية ويبدد مخاوفها.

إضافة لذلك وفي هذا المحور تحديدا تجد عمان نفسها متأثرة بكل الأحوال فإدامة الصراع بسوريا تؤثر سلبا عليها وحسمه لصالح إسقاط النظام الحالي يؤثرعليها أيضا وعودة النظام الحالي كما هو مستقبلا غير مضمونة.

إنها خيارات صعبة ومعقدة جدا ..هذا ما  أوحى به النسور قبل ان يغرق مربع القرار الأردني بسيناريوهات  الفوضى السورية المحتملة المؤسسة على موجات النزوح واللاجئين فسقوط النظام بعد معركة عسكرية يعني حصول إنفجار ديمغرافي في سوريا وتوجه موجات جديدة من اللاجئين نحو الحدود الأردنية ستكون هذه المرة من نوعيات مختلفة عن  الموجة الأولى.

هنا حصريا تفترض عمان بان اللاجئين الجدد لن يكونوا على وئام مع القدامى مما يتطلب إجراءات عزل خاصة إذا حصل ذلك.

لكن عمان تفترض بأن تغيير النظام بإنقلاب داخلي كسيناريو محتمل لن يقود إلى موجات لجوء او إنفجارات ديمغرافية في مقاربة تستلهم الفكرة التي توافق عليها الفرقاء بعد قمة الثمانية وهي العمل على إسقاط بشار الأسد من الداخل (إنقلاب).

إلى ان ينتهي الأمر بأي نتيجة ستبقى عمان تعتبر نفسها في خانة الصدام والخصومة مع تنظيمات القاعدة والنصرة مع القلق من تنامي نفوذ حزب إلله داخل سوريا  والإحساس بعدم وجود وصفة جيدة من أي نوع للتخلص من تداعيات النار السورية بأي كلفة.

وإلى أن يقضى الأمر تعتبر عمان نفسها على  مسافة (آمنة) من مجريات الأحداث فهي لا زالت ترفض خيار التصعيد العسكري ولا تنوي التورط بأي شكل وتحتفظ بقنوات يمكن إستخدامها في لحظات التأزم مع نظام بشار الأسد.

هنا حصريا  كرر النسور أمام المراسلين الصحفيين عدة (لاءات): لا نريد ولا ننوي التدخل بالشأن السوري ..لا يوجد قوات أجنبية او أمريكية على حدودنا.. لا يوجد برامج تدريب في أراضينا لمعارضين مسلحين ..حدودنا لن تكون منطلقا لأي أعمال عسكرية هجومية ونراقب المجريات والتفاصيل لحماية الحدود الأردنية والتصرف بطريقة دفاعية إذا أفلتت الأمور.

توضيحات الرجل تضمنت أيضا: مقتل لاجيء سوري مؤخرا تسلل حصل بسبب التدافع ولا يوجد شبهات أمنية وراء القصة.. قوة الخبراء العسكرية الموجودة على الحدود ليست قتالية بل فنية بغرض مراقبة (الكيماوي) تحسبا لإحتمالات توجيه أسلحة كيميائية لإيذاء تجمعات اللاجئين السوريين في الأراضي الأردنية.

قبل ذلك إستمعت (القدس العربي) من أحد المسئولين الأردنيين لتشخيص تفصيلي لمسألة اللاجئين السوريين الذين نتجت عنهم مشكلتان أساسيتان: الأولى هي تكاثر عددهم بصورة غير طبيعية دون توفير دعم مالي موعود, والثانية وهي مشكلة مسكوت عنها حتى الأن تتعلق بالمشكلات الناتجة عن (إحتكاك) اللاجئين بالمجتمع المحلي حيث رصدت تشابكات ومشكلات معقدة في السياق.

لذلك تتجه الدولة الأردنية ليس لإقفال الحدود مع سوريا ولكن لجعل اللجوء ليس خيارا سهلا ومتاحا وسريعا كما كان في الماضي ولتقنين أعداد اللاجئين الذين يمكن دخولهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول جميل:

    هل هذه الصواريخ لحماية الحدود مع اسرائيل ؟

  2. يقول احمد Iبوالغنم:

    أنا أوافق الرأي مع تعليق رقم ١

إشترك في قائمتنا البريدية