اربيل عاصمة اقليم كردستان تشهد تطورا وازدهارا اقتصاديا خلافا لبقية مناطق العراق
23 - يونيو - 2013
حجم الخط
0
اربيل – ا ف ب: يبتسم عبد الله عبد الكريم وهو يجلس عند معرض لبيع السيارات في اربيل، عاصمة اقليم كردستان العراق الشمالي الذي يشهد تطورا وازدهارا سريعا فيما يعيش وسط وجنوب البلاد موجة عنف متواصلة. وعبد الكريم ليس الوحيد الذي يلمس ان الحياة في اربيل تسير كل يوم نحو الافضل. فالاوضاع الاقتصادية في اقليم كردستان وعاصمته اربيل، تنمو بشكل متواصل وسريع، مقارنة مع باقي مناطق التي يسكنها العرب في وسط وجنوب العراق. و كردستان تتالف من محافظات اربيل والسليمانية ودهوك وتحمل كل منها الاسم ذاته لعواصمها. ولها رئيس مستقل ورئيس وزراء يدير حكومة الاقليم. وفي اربيل (320 كلم شمال بغداد) تنتشر المقاهي التي يجلس زبائنها على امتداد الارصفة دون خوف من التعرض لاي هجوم. وقد يكون هذا الاستقرار الدافع الاكبر وراء سعي المستثمرين الاجانب لاتخاذ موقعا فيها. ويقول جورج ريستريبو، وهو اميركي من اصل كولومبي يدير شركة استشارات لصالح شركات اسبانية وكندية في كردستان، انه من ‘السهل جدا ان تفتح لك متجرا هنا’. واضاف ان ‘حكومة كردستان منفتحة للغاية على الاجانب’. وتمكن الاقليم من الاعتماد على نفسه بشكل كبير عن باقي مناطق العراق، على مدى 22 عاما، منذ فرض منطقة حظر للطيران لمنع دخول قوات نظام صدام الى هنا. وتتولى قوات البشمركة (جيش) و الاسايش (الأمن) مسؤولية حفظ الامن في الاقليم. ويتمتع الاقليم حاليا بنمو اقتصادي يصل الى 12 بالمئة، وفقا للجنة الاستثمار في الاقليم، في حين يتوقع ان تصل نسبة النمو الكلية في باقي انحاء العراق الى تسعة بالمئة هذا العام، وفقا لصندوق النقد الدولي. وشجع استقرار اوضاع الاقليم نحو 800 شركة غالبيتها من تركيا المجاورة للاقليم على الدخول الى اسواقه، مستفيدة من قانون الاستثمار للاقليم لعام 2006 الذي يعفيها من الضرائب على الاستيراد والاستثمار على مدى العشر سنوات الاولى من العمل، في الاقليم. ووفقا لرئيس لجنة الاستثمار في الاقليم كاميران مفتي فان هذه الشركات ليست ملزمة تعيين موظفين محليين ويمكنها تحديد ارباحها حسب تقديراتها. لكن فارق الوضع الامني يبقى العامل الرئيسي بين الاقليم وباقي مناطق العراق. وتقول غادة جبارة، المدير التنفيذي لشركة كورك للاتصالات، ان ‘الامن هو مفتاح النجاح، فعلا’. وكورك ثالث اكبر شركة اتصال للهواتف النقالة في العراق، ومقرها الرئيسي في اربيل. وكانت حصيلة ضحايا العنف في العراق خلال شهر ايار/مايو الماضي الاعلى منذ عام 2008، وفقا لمفوضية الامم المتحدة ومصادر رسمية عراقية. وفي الوقت ذاته يؤكد مفتي ان اقليم كردستان لم يشهد اي احداث عنف خلال الشهر الماضي. وبالاضافة الى فارق الوضع الامني بين الاقليم ومناطق العراق، هناك فوارق كثيرة اخرى بينها الفساد المالي والاداري. ويرى ريستريبو ان ‘البيروقراطية كبيرة هنا (في كردستان) لكن في بغداد هناك انقسامات دينية (سنة وشيعة) والفساد بالطبع’ منتشر هناك. ويأتي العراق في المرتبة الـ169 بين 176 دولة الاكثر فسادا في العالم، وفقا لمنظمة الشفافية الدولية. فيما يؤكد مفتي ان قادة اقليم كردستان قد ‘وضعوا خطة لمكافحته’. اما الاوضاع العامة، فتبدو جيدة في الاقليم حيث اعتمد المسؤولون الاقتصاد المختلط وليس كباقي مناطق البلاد، فهناك الاسمنت والمواد الطبية والمعادن والكهرباء. ويغطي انتاج الكهرباء حاجة الاقليم ويكفي لتلبية قسم كبير من حاجة محافظات المجاورة مثل كركوك ونينوى ، فيما تتواصل معاناة باقي مناطق العراق اثر نقص الكهرباء. ويشترك اقليم كردستان مع باقي مناطق البلاد، بالاعتماد على انتاج النفط في بناء اقتصاده. ويشكل انتاج وبيع نفط الاقليم، الذي يقدر المسؤولون فيه وجود احتياطي يصل الى 45 مليار برميل اي (ما يعادل ثلث احتياطي البلاد)، ازمة مستمرة بين الاقليم والحكومة المركزية في بغداد. وتعتبر الحكومة المركزية العقود التي ابرمها الاقليم مع الشركات الاجنبية، دون موافقة وزارة النفط في بغداد غير شرعية كما تعد تصدير نفط الاقليم الى تركيا عملية ‘تهريب’. وترى رئيسة شركة كورك ان الخلافات بين الاقليم وبغداد التي تشمل مناطق متنازع عليها تمتد على الحدود مع ايران (شرقا) واخرى الى جانب سوريا (غربا)، تمثل’حوار ديموقراطي صحي’ فيما يرى مسؤولون ومحللون انها تشكل اكبر تهديد على الاستقرار في البلاد. ولا يدعو الخوض في الاعمال التجارية في اربيل، الى القلق. ويقول عبد الكريم انه يريرد عند وكالة لبيع السيارات في اربيل، شراء شاحنة صغيرة يصل سعرها الى 24,500 دولار. اما صاحب الوكالة هونار مجيد فيبدو متفائلا في بقاء اسعار السيارات التي يملكها على حاله. ويؤكد عبد الكريم الذي كان يرتدي الزي الكردي ‘في الماضي، الحياة كانت صعبة، لم اكن استطيع ابدا ان ادفع قيمة هذه الشاحنة’، مؤكدا ‘لكن الان، كل شيء اصبح افضل’.