تونس ـ «القدس العربي»: يعيش الجمهور التونسي هذه الأيام مع موعده السنوي مع فعاليات مهرجان قرطاج الدولي في دورة جديدة انطلقت في 13 تموز/يوليو وتتواصل حتى 25 آب /اغسطس. ويقدم هذا المهرجان العريق، الذي يستمد جذوره من حضارة قرطاجية ضاربة في القدم، لرواده الأوفياء فسحة للراحة والتأمل والترحال إلى عوالم بعيدة من خلال أضوائه الزاهية وشتى ألوان وصنوف المشاهد الفنية الموسيقية والمسرحية والسينمائية في مسرحه التاريخي الذي عايش الحقب الزاهية لسيدة المتوسط «قرطاجة العظيمة».
وتعد هذه التظاهرة العريقة مناسبة سنوية يتواصل فيها الجمهور التونسي المتوسطي مع العالم من خلال مشاركات فنانين وفرق موسيقية ومسرحية عربية وافريقية وأجنبية تأتي لتساهم في تأثيث سهرات هذا المحفل الذي حاز على شهرة عالمية استمدها من عراقته ومن نوعية العروض الراقية المقدمة لرواده. ويقام المهرجان في المسرح الأثري في قرطاج وتحديدا في هضبة الأوديون غير بعيد عن القصر الرئاسي. وشكل هذا المسرح منذ قرون فضاءً ثقافيا هاما للقرطاجيين الذين كانوا عاشقين للعروض المسرحية والموسيقية وفن المحاكاة والفلسفة.
وفي حديثه لـ«القدس العربي» قال محمد أمين بوهلال المسؤول الإعلامي للمهرجان ان الاهتمام الأكبر لهذه الدورة من المهرجان هو الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المتابعين والانتشار من خلال الوصول إلى المناطق الشعبية داخل الجمهورية وتأمين البث المباشر لبعض العروض.
واختار المنظمون هذا العام ان تفتتح الدورة بالموسيقى السمفونية من خلال المجموعة الأوركسترالية للإذاعة الأوكرانية والمجموعة الأوركسترالية لتونس بمشاركة الفنان التونسي لطفي بوشناق في عرض متميز حضره رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد وأبدع من خلاله بوشناق وخرج عن المألوف وأثبت قدرته على التنويع في تجاربه الموسيقية وانفتاحه على مختلف الثقافات.
افتتحت الدورة بنشيد السعادة وهو عمل سيمفوني قدمته الأوركسترا التونسية بقيادة الموسيقار رشيد قوبعة لأول مرة بالاشتراك مع الأوركسترا السمفونية للإذاعة الأوكرانية بقيادة الموسيقار فلاديمير شايكو، هذا التلاحم بين حضارتين وثقافتين، أنتج سمفونية رائعة تعبر عن سعادة الإنسان ورقيه أثناء التحليق صوب الكون ومخلوقاته اهتزت لها طربا أرجاء المسرح الأثري. في بداية العرض تألق 140 منشدا بأداء روائع الموسيقى الكلاسيكية على غرار مقطوعة «هكذا تكلم زرادشت» لريشارد شتراوس وتفاعل معها الجمهور بشكل لافت. وفي القسم الثاني تألق المنشدون بأداء مقطوعة موسيقية باسم «قوة القدر» للموسيقار الايطالي جوزيبي فيردي. وكان طيف بيتهوفن حاضرا بين الجموع من خلال سمفونيته التاسعة الشهيرة «انشودة الفرح» أو «نشيد السعادة» لتحلق ملائكة الفرح فوق الحضور في ليلة صيفية من ليالي تونس الحالمة. في هذا النشيد عزفت الطيور وغنت العصافير أجمل الألحان وذابت الأغصان ثم انطلق صوت ملكة الغابة ليأسر بجماله وهيبته كل من حضر وينشد عن الحلم وعن الحياة وعن النهر الغريب وعن المحبة التي تتوحد بامتزاج الحضارات. العمل الأوركسترالي التونسي والاوكراني قدم نموذجا نادرا لهذا التلاحم بين الهويات المختلفة لشعوب متباينة فتحققت وحدة الخلق والكون والفلسفة على مسرح تونس الكبير. وفي الجزء الأخير من الحفل تألق الفنان التونسي لطفي بوشناق بأدائه الصوتي المميز في تجربة جديدة امتزج خلالها صوته بألحان معزوفة «قطار السعادة « لريشارد شتراوس.
ومن أبرز الوجوه الفنية المشاركة هذه السنة في المهرجان، جاسون درلو، ونجوى كرم، والشاب خالد، وملحم بركات، إضافة إلى عدد من العروض على غرار «من إشبيلية إلى تونس» لسيرين بن موسى بمشاركة روزا أنخيليس إضافة إلى عرض «شيفا الأندلسي» لخالد بن يحيى٬ وغيرها من العروض المحلية والعالمية. وبعد سنوات من الغياب عادت الفنانة المغربية سميرة سعيد لتحيي حفلا ناجحا على مسرح قرطاج مقدمة البومها الجديد «عايزة أعيش» فكان الحفل مناسبة للعودة إلى الأغاني القديمة التي أحبها جمهور سميرة سعيد وتفاعل معها فغنت باقة منوعة بين الكلاسيكي والرومانسي والطربي مثل «هوى هوى» و«عايزة أعيش» و«اللي بينا» و«ع البال».
ولم يفصح المسرح عن كل ثماره، فالمشوار ما زال طويلا وسيكون الجمهور على موعد مع العرض الفني «أحب البلاد» للفرقة الوطنية للموسيقى بقيادة الفنان محمد الأسود، وخلال المواعيد المقبلة ستحتفل قرطاج بضيوفها وفنانيها العرب مثل الشاب خالد، وكاظم الساهر، وصابر الرباعي، وملحم بركات وغيرهم من عمالقة الغناء والطرب العربي.
المسرح أيضا له حصة في جعبة قرطاج المنوعة فسيتم ليلة 6 آب/اغسطس تقديم عرض مسرحية «عنف» للفنان المسرحي التونسي الكبير الفاضل الجعايبي . كما اختار المنظمون في هذه الدورة توجيه تحية لرموز وفنانين رحلوا من خلال عروض مثل «ذكرى» لفرقة الوطن العربي للموسيقى وهو تحية لروح الفنانة ذكرى محمد في عيد ميلادها الخمسين. وفي العاشر من اب/اغسطس سيكرم نيلسون مانديلا من خلال عمل موسيقي. ومن الإبداعات العالمية أيضا سيكون هناك عرض خاص لافريقيا في صوت افريقيا الحرة وسينتهي المشوار بحفلة تحييها الفنانة التونسية يسرى محنوش.
وبذلك فإن تونس، التي تواجه الإرهاب بجيشها وقوى أمنها التي تبلي البلاء الحسن وأيضا من خلال الثقافة والفن، تثبت للعالم استحقاقها لجائزة نوبل للسلام وبأنها ستبقى على الدوام واحة متوسطية منفتحة على محيطها ومنتجة للحضارة، رغم كل شيء.
.
– أتمنى للإخوة التونسيين أكبر قدر ممكن من الحبّ ومن السلام . لكن…
.
– لكن ليس هذا هو ما يحتاجونه حاليا وبإلحاح .
.
– كانت ثروة البترول نقمة . وكانت ثورة الربيع نقمة .
.
– الشعب التونسي أعطى مثلا خالدا ورائعا لتاريخ البشرية في التضحية والمقاومة والإنتقفاضة ضد الغستبداد والفساد .
لا شبيه له مثل الشعب التركي الذي قال ” لا ” للعسكر بكفية رائعة كذلك .
.
– لكن الغرب لا يريد بشعوب متحررة . مستقلة متقدمة .
الغرب يريد شعوبا عبيدا . خاضعين . لا يخدمون سوى مصالح الغرب . وبمجرد أن يبدء شعب ما بالتفكير فيما هو مشروع ، في مصالحه ، فذاك الشعب يصبح في اعتقاد الغرب ، ” عدوّا ” . ويجب شيطنته .
.
– تونس مثلها مثل لبنان والعراق وسوريا واليمن والسودان وغيرهما …
.
– المعادلة ، ” العلمانية تحارب الدين ” ، سلاح استعمله الغرب بمهارة عالية لقضاء مصالحه .
.
– ظهرت في تونس حركة شعبية حقوقية ” ممسامحينش ” ( ؟ ) ، وقررت التبليغ عن المفسدين …
.
– والسؤال هو :
.
**** طيب التبليغ عن المفسدين جميل ، ضروري ، لكن لمن ؟ .
للقضاء ، ألم يكون القضاء فاسدا ؟ .
للشرطة ، ألم يكون البوليس فاسدا ؟ .
للدرك ؟ للجيش ؟ للإعلام ؟
فلمن يا ترى سيبلغ المواطن العربي عن الفاسدين ؟ **
.
******