السليمانية ـ «القدس العربي»: بمناسبة مرور عام على تعطيل عمل برلمان إقليم كردستان، أكد رئيس البرلمان يوسف محمد ان تعطيل البرلمان هو انقلاب على الشرعية وان استقواء بعض الأحزاب الكردية بالدول الاخرى عقّد امكانية حل المشاكل في الإقليم، ومؤكدا حق الشعوب بتقرير المصير.
وفي لقاء حصري لـ«القدس العربي» برئيس برلمان إقليم كردستان يوسف محمد في مدينة السليمانية شمال العراق، أكد ان هناك محاولات لإعادة تفعيل برلمان الإقليم من خلال عقد تحالفات بين بعض الأحزاب ومنها اتفاق الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير مؤخرا الذي ينص في احد بنوده على إعادة تفعيل البرلمان، خاصة مع تأييد بعض الكتل والنواب لهذا الاتفاق، اضافة إلى وجود وساطات دولية في هذا الاتجاه من اجل تصحيح الاوضاع السائدة في كردستان، معربا عن الأمل في رؤية نتائج طيبة لهذا التحرك قريبا.
وكشف رئيس البرلمان ان السبب الرئيسي لقيام مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني بالغضب وتعطيل البرلمان، هو قيام خمس كتل برلمانية بطرح مشاريع قوانين في البرلمان بهدف تصحيح واعادة تنظيم الحياة الدستورية في الإقليم ومنها المطالبة بالنظام البرلماني بدل النظام الرئاسي او المختلط السائد حاليا، وتعديل قانون الرئاسة بما يكفل انتخاب رئيس جديد للإقليم وتعديل صلاحياته، مؤكدا ان مسعود البارزاني طلب تأجيل او عدم طرح تلك المشاريع في البرلمان، ولكننا قمنا بواجبنا حسب القانون، إلا انه، وللأسف، أخذ الأمور بشكل شخصي وقام بالانقلاب على الشرعية في إقليم كردستان رغم انتهاء ولايته والتمديد الممنوح له في 19 آب 2015 وعدم سماح القانون رقم 19 لسنة 2013 بالتمديد له، ولكنه لا يوافق على ترك منصبه ويتمسك به لذا منعنا من دخول اربيل وعطل عمل البرلمان الممثل الشرعي لشعب إقليم كردستان، حسب قوله.
وأشار يوسف محمد إلى وجود خيارات متاحة الآن أمام برلمان الإقليم من الناحية القانونية والسياسية وخاصة ان عدد نواب الاتحاد الوطني وحركة التغيير ( كوران) وبعض النواب المؤيدين للاتفاق الثنائي بينهما، اصبحوا قادرين على عقد جلسة للبرلمان في اربيل او كركوك أو حلبجة أو أي مكان، لإعادة تفعيل البرلمان واصدار القرارات الضرورية، مستدركا «ان رأينا هو انه من الأفضل تطبيع الأمور وعقد الجلسة في أربيل».
وحول الاستفتاء على تقرير المصير، أكد رئيس البرلمان انه لا يمكن إجراء عملية الاستفتاء إلا بوجود برلمان يشرع قانون الاستفتاء ويحدد آلياته وعواقبه ونتائجه، وهل يتم اعلان دولة مستقلة عن العراق، وهو امر يجب ان يتم بقوانين يشرعها البرلمان، معبرا عن الشكوك بمدى جدية طرح هذا الموضوع من قبل اربيل مع استمرار تعطيل البرلمان من قبل مسعود البارزاني، كما ان هناك إشكالية أخرى تخص المناطق المتنازع عليها وكيفية مشاركتهم في الاستفتاء والمشاكل مع الحكومة الاتحادية حول الاستفتاء.
وفي سؤال عن العلاقة بين بغداد والإقليم وهل هناك محاولات لتحسينها وحل الازمات ولو جزئيا، وما علاقة زيارة المالكي بهذا الموضوع؟ اجاب رئيس البرلمان: يجب ان يكون هناك حوار بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان لحل المشاكل المختلف عليها وهناك جملة قضايا يجب حلها منها ما يتعلق بالنفط والغاز ورواتب البيشمركه والمناطق المتنازع عليها، لذا يجب ان يوجد هناك حوار لحلها، وكذلك يجب ان يكون هناك حوار بين المكونات الموجودة في العراق لتحقيق المصالحة الوطنية وتسوية النزاعات القائمة بينها وخاصة بعد تحرير الموصل وانهاء المنظمة الإرهابية داعش، إذ يجب ان يكون هناك حوار لطرح كل البدائل على طاولة النقاش كالفيدرالية أو الكونفدرالية كخيار مشروع للشعوب أو حتى ان يكون هناك اتفاق على علاقة حسن الجوار بين المكونات المختلفة ويجب ان لا يكون هناك خط أحمر على أي من الخيارات المستقبلية، لأن الخلافات على هذه القضايا أدى سابقا إلى سفك دماء الملايين من العراقيين والجرحى والمفقودين وخسائر مادية كبيرة، كما أدت الخلافات إلى ظهور صراعات إقليمية وتنازل عن حقوق العراق ومنها تنازل نظام البعث عن شط العرب إلى إيران لمجرد القضاء على الحركات الكردية وايقاف مساندة إيران لتلك الحركات، مشيرا إلى تراجع النظام السابق عن الاتفاقية لاحقا ونشوب الحرب العراقية الإيرانية، ولذا فإن النزاعات الداخلية في العراق لم تؤد إلى زعزعة الوضع الداخلي بل أدت إلى زعزعة استقرار المنطقة ايضا، مشددا انه يجب ان يكون هناك حرمة لدماء العراقيين، كفى دم ويجب ان نحل المشكل بيننا بالحوار.
وعن الخلافات بين الأحزاب الكردية في الإقليم، اكد انه دوما كان هناك الاستناد إلى الدول الإقليمية في الصراعات الداخلية كما حصل في الصراع العربي الكردي في العراق وادى إلى وجود يد للدول في إقليم كردستان، وادى مساندة بعض الدول الإقليمية لبعض الأحزاب إلى التشدد في المواقف وعدم التنازل للأطراف الأخرى لتسوية المشاكل والخلافات.
اما عن تمويل عمل برلمان الأقليم في الوقت الحاضر، فأشار يوسف محمد إلى ان البرلمان يعمل بربع ميزانيته والنواب يتقاضون ربع رواتبهم، وهو جزء من الضغوط التي يتعرض لها البرلمان من اجل تغيير مواقفه.
وكانت حكومة أربيل، وفي مثل هذا الوقت من العام الماضي قد منعت رئيس الإقليم يوسف محمد المتواجد في السليمانية من الدخول إلى اربيل فتعطل عمل البرلمان منذ ذلك الوقت، كما منعت أربع وزراء في حكومة الإقليم من ممارسة عملهم في أربيل، وهؤلاء جميعا اعضاء في حركة التغيير. واتهمت حكومة اربيل وقتها حركة التغيير بانها وراء التظاهرات المطالبة بصرف الرواتب المتوقفة التي خرجت ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، بينما دعت كوران إلى إلغاء ما سمته تفرد الحزب الديمقراطي الكردستاني بالقرار السياسي في الأقليم، معتبرة تمسك البارزاني بالرئاسة تجاوزا للدستور والقوانين.
مصطفى العبيدي