نتنياهو وخيمة السلام بين القدس ورام الله من اجل مفاوضة الفلسطينيين

حجم الخط
0

يتحدث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الايام الاخيرة بحماسة عن انشاء دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل، ويُحذر من دولة ذات شعبين، ويدعو الى نصب ‘خيمة سلام’ بين القدس ورام الله. فماذا حدث له؟ هل تأثر باحتفالات يوم ميلاد الرئيس شمعون بيرس؟ أو أقلقته ‘خطبة الشظية في المؤخرة’ للوزير نفتالي بينيت الذي تحدث عن تأبيد الصراع؟ أم هو مجرد مشتاق الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس؟
يمكن ان نلاحظ اربعة اسباب للتوجه الى اليسار، أولها الملل والوحدة. فقد فقدَ نتنياهو سيطرته على العمل السياسي حتى قبل الانتخابات، ولم يُعده الى يديه منذ ذلك الحين. وأصبحت تحذيراته من الخطر الايراني تثير اهتماما ضئيلا لدى الجمهور الذي يحصر عنايته في الوضع الاقتصادي. ويحافظ نتنياهو على بُعد عن الاقتصاد، لأنه ليست لديه حلول ولكي يتجه الغضب على الضرائب والتقليصات على خصمه وزير المالية يئير لبيد. لكن النتيجة في هذه الاثناء عكسية، فقدْ فقدَ لبيد من شعبيته حقا، لكنه أصبح يُرى الرجل المركزي في الحكومة. وليس عند نتنياهو ما يقوله وهو مُحتاج الى رسالة جديدة، تعيده الى الوعي العام بصفة زعيم.
ويريد نتنياهو ثانيا ان ينقض الحلف بين لبيد وبينيت، فهذا هو مصلحة رئيس الوزراء السياسية العليا، وهو الذي يواجه منذ كانت الانتخابات الجبهة الحصينة لـ’يوجد مستقبل’ و’البيت اليهودي’ ويصعب عليه ان يخترقها. فالسبيل الوحيد للفصل بين ‘الأخوين’ تمر في الطريق الفلسطيني، حيث توجد فروق عميقة في التوجه بين بينيت ولبيد. فأحدهما يعارض الدولة الفلسطينية معارضة شديدة، أما الآخر فيراها ضرورة، كما قالا لمجرية اللقاء الصحافي ليلي فايموت من صحيفة ‘واشنطن بوست’. إن اختراق طريق مع الفلسطينيين، ولا سيما اذا كان مصحوبا باجلاء مستوطنين سينبذ بينيت عن الحكومة ويسجن لبيد فيها.
وثالثا زاد انتخاب حسن روحاني رئيسا لايران من خوف نتنياهو من صفقة امريكية ايرانية تكون على حساب اسرائيل. وهذا هو سبب تشدده في طلبه وقف برنامج ايران الذري. إن وضعه يُذكرنا بعزلة شانغ كاي شيك زعيم تايوان قُبيل زيارة ريتشارد نيكسون للصين. إن تولي روحاني مقاليد الحكم يضائل احتمال ان تهاجم اسرائيل ايران، لكن اذا كان نتنياهو ما زال يحلم بعمل عسكري، واذا كان لا يريد سوى أن يصغوا اليه، فعليه ان يضمن التأييد الامريكي وان يدفع عنه تنازلات للفلسطينيين.
ورابعا إن نتنياهو قلق من ازدياد قوة القطيعة الدولية مع اسرائيل. إن أكثر الاسرائيليين ما زالوا لا يشعرون بها، لكن رئيس الوزراء مضغوط. فهو يسمع تحذيرات مجموعة الاعمال من الضرر الذي يسببه الجمود السياسي، ويقول ان الدعوات الى القطيعة مع اسرائيل هي النسخة الحالية من معاداة السامية التقليدية. لو أنه كان يعتقد أن هذه زمزمة غير مُضرة لتجاهل المشكلة أو رآها قزما. لكن نتنياهو خائف كما يبدو من ان يتم تذكره بأنه زعيم أُبعدت اسرائيل في مدة ولايته من أسرة الأمم.
كل هذه الاسباب تدفع نتنياهو، زيادة على الرسائل التي عرضها قبل اربع سنوات في خطبة بار ايلان التي أيد فيها الدولة الفلسطينية أول مرة. لم يذكر آنذاك خطر الدولة ذات الشعبين، وهو الآن يتبنى مصطلحات اليسار الصهيوني التي يعتبرها اليمين جيفة.
ماذا يستطيع نتنياهو ان يفعل؟ إن احتمال تسوية دائمة صفر. ولن توقع حماس على ‘انهاء الصراع وانهاء المطالب’، ولن يعترف محمود عباس بأن اسرائيل دولة الشعب اليهودي، ولن توافق اسرائيل على حق اللاجئين الفلسطينيين واولادهم في العودة الى داخلها. ويستطيع نتنياهو ان يعترف بدولة فلسطينية في الجمعية العمومية القريبة للامم المتحدة وان يعلن بأن حدودها ستُرسم بالتفاوض.
ولن يكتفي ‘العالم’ بكلمات وسيطلب منه مطالب جدية على صورة اخلاء المستوطنات حتى بصورة رمزية. وسيؤيده الجمهور الاسرائيلي. وليس واضحا مع كل ذلك أقادر نتنياهو على ان يسلك سلوك ارييل شارون في حينه، وعلى ان يثور على قاعدته السياسية. فهو اليوم يحجم عن ذلك. لكن هل عنده خيار في المقابل؟

هآرتس 24/6/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية