السلطة تغلق الأبواب السلمية للتغيير وتدفع باتجاه العنف… والرئيس متهم بالتخطيط لفصل ستة ملايين موظف

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : أبرز ما في صحف أمس الأربعاء 3 اغسطس/آب كان الاهتمام الجماهيري الواضح بمحادثات صندوق النقد الدولي مع الحكومة وشروطه لمنحها القرض المطلوب، ولذلك يواصل الرئيس السيسي عقد الاجتماعات بشكل شبه يومي مع رئيس الوزراء ووزراء آخرين للتنبيه على أن لا تمس إجراءات الإصلاح الاقتصادي محدودي الدخل، وتوفير السلع لهم بأسعار معقولة خاصة ما سيتم من رفع أسعار الكهرباء وباقي الخدمات. واهتمت الأغلبية بوفاة الدكتور أحمد زويل وحزنت عليه، وكذلك بالمرحلة الثالثة للقبول في الجماعات، ومباراة الزمالك والإسماعيلي في الدور قبل النهائي على كأس مصر، وبالحادث الإرهابي المفاجئ الذي يقع داخل البلاد بإطلاق عدد من الإرهابيين، في محور 26 يوليو في الجيزة، النار على سيارة شرطة وإصابة ثلاثة جنود، كما أصيب خمسة مدنيين كانوا يستقلون سيارة البنك الذي يعملون فيه. وهو حادث يشكل صدمة للأمن الذي تمكن من التوصل إلى معظم هذه العناصر غير الظاهرة وكان فخورا بذلك. وبالنسبة لأشقائنا الأقباط فهناك ارتياح في الكنائس الثلاثة الارثوذكسية والانجيلية والكاثوليكية بقرب إصدار القانون الجديد المنظم لبناء وإصلاح الكنائس .
أما المقالات والمعارك الصاخبة حول اقتراح الدكتور عصام حجي تشكيل مجموعة للبحث في أوضاع مصر قبل انتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة والتي ملأت صفحات الصحف وتويتر والفيسبوك فلم يكن لها صدى لدى الناس، ولم يفهموا ما هو الموضوع أصلا، وكذلك الأمر بالنسبة للأحداث في تركيا فرغم امتلاء الصحف بها فلا يهتم المواطن العادي بها.
وأبرز ما نشر عنها كان لزميلنا في «الأهرام» سيد عبد المجيد يوم الثلاثاء في عموده «للعقل فقط» حذر فيه مجلس النواب من الموافقة على اقتراح قدمه أحد أعضائه بالاعتراف بمسؤولية تركيا عن مذابح الأرمن وقال :
عندما تسرع البعض منا وجنحوا لعنان السماء مهللين للتمرد العسكري الذي سيطيح وإلى الأبد بنظام اردوغان كانوا هنا يخلطون بين اقتناعهم وأمنياتهم الشخصية، وبين ما هو مفترض مهنيا أن يقوموا به تدقيقا وتمحيصا. ها هم يعودون من جديد لخلط الأوراق حينما يصعدون إلى الواجهة إبادة الأرمن والمطالبة بطرحها أمام البرلمان أسوة بعدد من بلدان العالم بحيث يفضي إلى إقرار قانون مصري يحمل الأتراك مسؤولية ما يصفونه بالمجازر التي طالت مليونا ونصف المليون أرميني أثناء الحرب العالمية الأولى. والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا لواعترفت أنقرة بثورة 30 يونيو/حزيران التي أطاحت بحكم الإخوان المسلمين هل كنا سنقدم على تلك الخطوة؟ بالطبع لا. إذن الموقف ليس مبدئيا يعبر عن اقتناعات راسخة بيد أنه في خضم الأزمات، وكم هي كثيرة وفيها كانت تركيا البادئة، لم نلجأ لهذا الإجراء. إضافة إلى ذلك فتوصيف القضية معقد تحكمه نوازع سياسية ربما تجاوزت الحقائق. دعونا من تصفية الحسابات مع أردوغان فالأخير زائل لا محالة والشعب التركي هو الذي سيبقى وحتما لن يغفر لنا موقفنا إذا حملناه وزر مقتل الأرمن فى ذلك الفضاء البعيد.
وحملت الصحف نبا وفاة صديقي وزميلي والكاتب في جريدة «الوفد» حازم هاشم كما لا يزال أخي وزميلي عبد العظيم مناف يصارع الموت في مستشفى الزهيري في الجيزة .

ليبرالية اقتصادية وشمولية سياسية

ونبدأ بالمعارك والردود المتنوعة والمتناقضة التي تناول أصحابها موضوعات شتى واتجه بعضها إلى الرئيس السيسي فوجدنا زميلنا في «الشروق» محمد عصمت يشن هجوما مباغتا ضد الرئيس يوم الثلاثاء بقوله عنه في عموده « أوراق « :
قد يرى البعض أن توجهات نظامنا السياسي الراهن عبارة عن خليط غير متجانس من شمولية عبدالناصر وانفتاح السادات وعناد مبارك وهي تركيبة لا تسمح بتوقع إقدام النظام على إجراء إصلاحات ديمقراطية حقيقية، وهو أمر لم يعد سرًا على كل حال فللرئيس السيسي نفسه تصريحات قديمـــة بأن الأوضــــاع في مصر لا تسمح بإقامة نظام ديمقراطي كما هو الحال في دول أوروبا، وأن المصـــريين بحاجة إلى 25 عامًا لكي يتمكنوا من ممارسة الديمقراطية على النمـــط الغربي. أزمة النظام الحقيقية تتمثل في رغبته في تبني ليبرالية اقتصـــادية لأقصـــى مدى متاح وشــمولية ســـياسية لأقصـــى درجة ممكنة في تناقض صارخ مع المنطق ومع الدستور ومع كل القيم التي نادت بها ثورة 25 يناير/كانون الثاني، بل ومع أهـــداف النظــام نفسه في تحقيق الرخاء ورفع مستوى معيشـــة المصــريين. ما يثير القلق هو غياب أي حلول مؤسسية لهذه الأزمة فقوى المعارضة مشتتة ولا تملك برنامجًا عمليًا ولا قواعد جماهيرية معتبرة تؤيدها، تضغط بها على النظام لتقديم تنازلات ديمقراطية، والبرلمان لا يمارس صلاحياته بالشكل الذي يرضي الناس سواء في فتح ملفات المعتقلين والأوضاع في السجون وتوسيع المجال العام وتفعيل مواد الدستور الخاصة بالحريات ونظام الحكم أو مناقشة قضية تيران وصنافير أو سد النهضة ومواجهة الإرهاب والأفكار المتطرفة.
وقبل ذلك كله كارثة الارتفاعات المستمرة في الأسعار التي تزيد من قسوة الحياة على ملايين المصريين في مثل هذه الأوضاع التي تغلق فيها السلطة كل الأبواب السلمية للتغيير سيكون اللجوء للعنف هو النهاية المنطقية لتصاعد الغضب المكتوم فى الصدور، وهو سيناريو لا أعتقد أن أحدًا عاقلًا حتى من أشد المعارضين للنظام يتمنى حدوثه في مصر الآن، ومع ذلك فإن كل السياسات الحكومية تدفعنا دفعًا إليه! .

الشعب وقود التجربة

لا لا هذا كلام رفضته بشده في اليوم نفسه الثلاثاء الجميلة والأستاذة بكلية الطب في جامعة القاهرة الدكتورة غادة شريف بقولها في مقالها الأسبوعي في «المصري اليوم» :
ألم يقل الرئيس السيسي بأنه لا يملك عصا سحرية؟! إذن لماذا تعتقد الحكومة أنه وحده سيحل المشاكل؟ الحكومة يا حمادة وليس الشعب هي التي تصر على أن الرئيس معه تلك العصا! لقد أدمنت الحكومة الفرجة على الرئيس وهو يسافر هنا وهناك يعقد الاتفاقيات ثم يأخذون منه الاتفاقية ويلفونها في شال حرير أحمر ويضعونها على باب جامع!! همه دماغهم كده! ربنا خلقهم كده! يؤمنون بأن مجهود الرئيس بمفرده كافٍ وأنه ليس مطلوبا منهم على الإطلاق أن يترجموا اتفاقياته لعمل مثمر! في كل الدنيا تجد الوزراء يقتحمون ملفاتهم بجد واجتهاد إلا عندنا في مصر تجد المسؤول من دول ليس أكثر من خرزة زرقاء! وربما سوداء! .
لكن زميلنا وصديقنا عصام كامل رئيس تحرير جريدة «فيتو» المستقلة التي تصدر كل ثلاثاء أخبرنا بأنه رأى في المنام ما يدعو للدهشة قال عنه :
رأيت فيما يرى النائم بين يقظة غير مستقرة ونوم غير مستغرق أن الرئيس عبد الفتاح السيسي طلب عددا من مستشاريه للاجتماع بهم وتسربت إلينا نحن جماعة الصحافيين بعضا من محاور النقاش التي كان على رأسها طرح الرئيس لسؤال مهم وجوهري على السادة المجتمعين معه: مصر إلى أين؟! تدخل الرئيس مؤكدا أن الهدف من الاجتماع طرح جميع الرؤى لا تهميش ولا إقصاء ولا تخوين، نحن أمام مشكلة مصيرية ولا بد لها من حل ولقد اجتمعت بكم لتفعيل لغة الحوار والخروج من المأزق. هنا ساد صمت رهيب في القاعة تدخل على إثره أحدهم الذي لم تكن ملامحه واضحة في المنام وهو يقول: سيادة الرئيس هنا مربط الفرس لأنك تفاجئ الشعب بمشروعات يوميا والشعب ليس جزءا من إنجازاتها ولذا فإن الأمر بحاجة إلى توسيع دائرة النقاش. استطرد الرجل: إجمع الأحزاب السياسية والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني ليكونوا جزءا من الحل، لا حل دون مشاركة الجميع، المشكلة مصرية ومصيرية والشعب ممثلا في نقاباته وعماله وفلاحيه وأحزابه ومؤسساته هو صاحب القول الفصل، هو من يجب أن يتحمل عبء المسؤولية، لا تتحملها وحدك، ولا تنفرد بها، كل الناس يعرفون لك الفضل في مواجهة الخطر منذ بدايته، ولكنهم سيادة الرئيس كانوا المحرك الرئيسي للتغيير ويجب أن يظلوا هم وقود التجربة. هنا ضجت القاعة بالتصفيق وعلى إثر ذلك وجه الرئيس إلى عقد المؤتمر الأول للقوى الوطنية تحت شعار «مصر إلى أين؟» ودعا المجتمعين إلى وضع الأطر العامة للمؤتمر الأول للقوى الوطنية على أن تدعى جميع القوى دون استبعاد أحد، وطلب من الجميع الاصطفاف ونبذ الخلافات والعمل بروح الفريق للوصول إلى الأمل المنشود. انتهى الاجتماع دون أن أستيقظ من حلم يراود كل الوطنيين .

عمل المؤسسات بحاجة إلى نسف

وإذا كان عصام نائما يوم الثلاثاء فإن زميلنا وصديقنا محمد أبو الحديد رئيس مجلس إدارة مؤسسة «دار التحرير» الحكومية الأسبق التي تصدر صحف «الجمهورية» و«عقيدتي» و«المساء» كان مستيقظا أمس الأربعاء، ولذلك قال في عموده اليومي في الصفحة الأخيرة عن اجتماع الرئيس مع الشباب :
لا أعرف تفاصيل ما يتلقاه الشباب ­­­المنضم إلى البرنامج الرئاسي لتأهيلهم للقيادة إلا من خلال القليل الذي تنشره الصحف أو يعرض على شاشات التليفزيون من حوارات وآخرها برنامج المحاكاة الذي شاركهم الرئيس السيسي جانبا منه أول أمس. لذلك لست في موقع يسمح لي بإبداء ملاحظات أو إسداء نصائح لكني استطيع فقط أن أتحدث عما تابعت من تجارب شبابية سابقة عاصرت مولد منظمة الشباب في منتصف الستينيات من القرن الماضي، فقد ولدت عام 1965 وهو عام تخرجي في الجامعة أزعم أن برنامجها لبناء وتأهيل الشباب للقيادة كان مكتملا في جوانبه النظرية والعملية الداخلية والخارجية. لم يكن يقتصر فقط على التثقيف النظري بالمحاضرات بل يمتد إلى إقامة معسكرات عمل منتظمة يتم فيها توزيع تكليفات بمهام على الشباب بعد تقسيمهم إلى مجموعات لكل منها قيادة، وبعض هذه التكليفات يتم تنفيذها داخل المعسكر وبعضها لخدمة البيئة المحيطة خارجه فقد كان هناك اهتمام بالتفاعل. من هنا يمكن أن أقول إن التفاعل مع المجتمع والتعرف الميداني على الواقع مهم جدا في إعداد الشباب وتأهيله للقيادة ولابد من تدريبهم على التواضع واحترام المواطنين الذين سيقودونهم في المستقبل. في الوقت نفسه فإن هذا المجتمع في حاجة إلى تغيير وهذا يتطلب إتاحة أوسع الفرص أمام الشباب للإطلاع على تجارب الخارج الناجحة من خلال تبادل الوفود الشبابية حتى يستطيع أن يقود عملية التغيير بنجاح وفي الطريق الصحيح. إن محاكاة نماذج عمل مؤسسات الدولة القائمة مطلوب ليس لتثبيت هذه النماذج ولا لتقليدها بل للتمرد على سلبياتها فأساليب وأدوات عمل بعض هذه المؤسسات تحتاج لمن ينسفها نسفا حتى تستطيع مصر الانطلاق إلى المستقبل.

برلمان متخصص في التصفيق

وإذا تركنا محمد أبو الحديد بالصفحة الأخيرة في «اليوم السابع» واتجهنا مباشرة إلى الصفحة الأخيرة في «الشروق» في اليوم نفسه سنجد زميلنا فهمي هويدي في مقاله اليومي يوجه نقدا للفكرة من أساسها بقوله :
أيصح حين نحاول تأهيل الشباب المصري لقيادة المستقبل أن ندعوهم إلى محاكاة البرلمان؟ إذ بدلا من أن نداري عليه ونقوم بواجب الستر المطلوب لمثل حالته فإننا نستدعي ملفه ونفتحه أمام الشباب كي يتذكروا كيف شكلته الأجهزة الأمنية وكيف يدار بحيث تخصص في التصفيق والموافقة، وكيف صار ممثلا للحكومة دون الشعب. ثم إنني لا أعرف ماذا تكون الإجابة لو أن أحد الشبان عنَّ له أن يسأل عما فعله البرلمان في الرقابة على الحكومة ومحاسبتها، أو عن سبب تجاهله للقضايا الكبرى المثارة في مصر من مسألة الجزيرتين إلى سد النهضة مرورا بأزمة الدولار والفشل المشهود في الدفاع عن الجنيه المصري، إلى غير ذلك من الأسئلة المحرجة المسكوت عليها التي تنكأ جراحا تصيب الشباب بالإحباط واليأس وتشجعهم على الهجرة من البلد وليس على المشاركة في مستقبله. لست مقتنعا لا بفكرة تأهيل الشباب للمشاركة في صنع القرار من خلال برنامج موضوع ومحاضرات تلقى ومنتديات تعقد ولا بتولي رئاسة الجمهورية تلك المهم، ذلك أن المشاركة في القرار لا تتم بالتلقين ولكنها جزء من الثقافة السياسية للمجتمع .

كلام منظّرين

ولوحظ أن الصحف أهتمت في الأيام الثلاثة الماضية وحتى أمس بتصريحات للدكتور عصام حجي المستشار العلمي لرئيس الجمهورية السابق المستشار عدلي منصور والتي طالب فيها بتشكيل فريق رئاسي لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية عام 2018. ونشرت «اليوم السابع» أمس الأربعاء حديثا مع رئيس حزب الوفد السيد البدوي أجراه معه زميلنا أمين صالح قال فيه :
«أود أن أوجه رسالة إلى الدكتور عصام حجي فمع احترامي لقيمته العلمية فأنا أنصحه بالبعد عن السياسة فالسياسة لها رجالها وأتمنى أن يساهم في خدمة وطنه في مجال العلم. أثني على فكرة حجي بوضع برنامج رئاسي. وأشار إلى أنه من الناحية النظرية يمكن إعداد برنامج يجعل مصر دولة متقدمة لكن الصعوبة في التطبيق إذ أن مصر تصطدم بتراكمات 60 عاما من التخبط والفساد والاستبداد، وأصبح فيها دولة عميقة في كل مؤسسة وهيئة. كلام المنظرين غير قابل للتنفيذ، وفي النهاية من حق أي أحد الترشح للرئاسة والشعب هو صاحب القرار. أنا أؤيد ترشيح الرئيس السيسي لدورة رئاسية أخرى وصوتي سيكون له كما أن أربع سنوات غير كافية على الإطلاق لأي شخص لانتشال مصر مما تعاني منه. مصر ليست أمريكا وليست دولة مستقرة فنحن نواجه حربا شرسة ونواجه إرهابا وحروبا تدبر لنا خارجية وداخلية ولن يستطيع أحد أن ينجز في أربع سنوات فقط أو يحمي دولة من محاولات السقوط والفشل، والسيسي بيشتغل بس أحنا كمان محتاجين الشعب يشتغل معاه « .

رجال مبارك

وإلى رجال نظام مبارك الذين فتحت لهم صحيفة «المصري اليوم» صفحاتها للتعبير عن آرائهم وهو موقف نعيد الإشادة به لأن هذا حقهم، فقد واصل يوم الاثنين زميلنا محمد علي إبراهيم رئيس تحرير «الجمهورية» الأسبق سرد ما قال إنها أسرار تنشر للمرة الأولى أشاد فيها بنظام مبارك ورجاله وما حققه ولم ينس طبعا مهاجمة الرئيس السيسي فقال عن مقابلة له مع وزير المالية خفيف الظل الدكتور يوسف بطرس غالي وما زعم أنها أسرار :
في تموز/ يوليو 2008 ذهبت إليه كان يعد خطة جديدة للإصلاح الاقتصادي بعد فرض الضرائب العقارية وتشمل إلغاء الإيجارات القديمة ورفع الدعم نهائيا، وضم عائدات البترول للموازنة العامة لسد العجز وتطبيق المعاش المبكر ووقف التعيين بالحكومة نهائيا، وللأسف فإن هذه الخطة تطبق الآن بصورة أكثر عنفا مما خطط له غالي لأن معدل النمو الحقيقي الآن 2 ٪ وأيام د. نظيف كان 5 ٪ ويقترب من 8 ٪ وليس هناك سياحة أو بترول أو تصدير. الآن النشاط التجاري والتصدير بخير والعملة مستقرة لا تقلق! إحنا بنعمل كده عندنا رصيد هائل من الدولارات «36 مليار دولار» لا نأخذ معونات من أحد نعتمد على السياحة وقناة السويس والبترول. أجبته لكن سياسة حكومة د. نظيف هي بيع القطاع العام وقمتم بخصخصة شركات وبيع بنك الإسكندرية وتنوون بيع بنك القاهرة؟ رد يوسف بطرس: «هذه حلول ضرورية لأن الراجل الكبير (يقصد مبارك) لا يريد رفع الدعم وحتى عندما حركنا أسعار البنزين والسولار ومنتجات البترول في 2007 أعطى الموظفين علاوة 30 ٪ فزاد عجز الموازنة. سألته: إيه الحل؟ قال نصدر سندات خزانة دولارية تدر عائدا ضخما لمن يشتريها. بالخارج الأذون تنفد تاني يوم من إصدارها فهناك دلائل بسيطة على قوة الاقتصاد المصري. نحن مرشحون للدخول في مجموعة الاقتصاديات البازغة مع الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا سعر صرف الدولار ثابت من 7 سنوات. تقييم المؤسسات المالية لنا مرتفع جدا، لم نحصل على قروض من البنك الدولى إلا مرتين في عهد مبارك الأولى عام 93 بقيمة 375 مليون دولار وبها نفذنا المرحلة الأولى من الإصلاح الاقتصادي، والمرة الثانية كانت 1996 بقيمة 434 مليون دولار، ولم نسحب قيمة القرض واعتبر لاغيا، ولكنه ساهم في السماح لمصر بإلغاء 50 ٪ من ديونها المستحقة لدى الدول الغنية الأعضاء في صندوق النقد الدولي.
البنوك جزء من الأمن القومي

وفي الحقيقة لم يقل الدكتور يوسف أن إلغاء خمسين في المئة من ديون مصر الخارجية لم يكن بسبب قوة اقتصادها وإنما بسبب مشاركتها في حرب تحرير الكويت عام 1991. وكان الدين الخارجي خمسين مليار دولار تم خفضه إلى النصف ومع ذلك ظل يرتفع إلى أن وصل إلى أربعة وثلاثين مليار. وهذه أرقام معلنة رسميا ولا يليق به أن يغير من هذه الوقائع. أما الدين الداخلي في عهده فارتفع إلى ما يقارب التريليون جنيه وهي أرقام معلنة أيضا في عهده. أما الأهم فإنه كشف عن حقيقة أهداف حكومته التي رأسها الدكتور أحمد نظيف وشكلها جمال مبارك عندما قال إنه كان يتم بيع القطاع العام وبيع بنك الإسكندرية وكانوا ينوون بيع بنك القاهرة بأن هذه حلول ضرورية لأن الراجل الكبير مبارك لا يريد رفع الدعم .
وسياسة بيع كل ما تملكه الدولة والتخلص منه وكأنه رجس من الشيطان كان سياسة معلنة من الحكومة، ودار صراع عنيف بين الوزراء من مجموعة جمال مبارك وبين الجيش متمثلا في وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي والمخابرات العامة وعدد من الوزراء ومن مسؤولي الحزب الوطني من غير مجموعة جمال. ووصل الأمر إلى أنه بعد بيع بنك الإسكندرية صرح طنطاوي علنا بأنه لن يتم السماح ببيع أي بنك آخر، وأن الجيش على استعداد لشراء بنك القاهرة. وقال إن البنوك الوطنية جزء من الأمن القومي لمصر، كما أن وزير الطيران المدني أحمد شفيق قال عن خطة بيع شركة مصر للطيران والمطارات: «على جثتي». ومن يراجع التقارير في «القدس العربي» في هذه الفترة سيجد تفاصيلها كاملة، ووصل الأمر إلى أنه في اجتماعات مجلس الوزراء كان المشير طنطاوي يعامل رئيس الوزراء أحمد نظيف وكأنه لا صفة له ويعامل وزير الاستثمار محمود محيي الدين بعداء شديد .

الدولة تسلم رقبتها

المهم أنه من غير اللائق أن يتحدث خفيف الظل عن وقائع غير حقيقية إنما الأهم أن محمد علي إبراهيم بعد أن انتهى من سرد ما اعتبره أسرارا بينما لا يوجد فيها سر واحد استدار للرئيس السيسي لمهاجمته وموجها إليه الاتهام بأنه يريد فصل ستة ملايين موظف والإبقاء على مليون فقط فقال :
أولى الخطوات هي أن يدفع الاقتصاد الرسمي ضرائبه فمازال 50 ٪ من هذا الاقتصاد لا يسدد شيئا كما 70 ٪ من الاقتصاد غير رسمي أيضا، من ثم فإن الضرائب تستقطع من الموظفين الذين تهدف الدولة إلى تصفيتهم إلى مليون فقط. في الوقت ذاته الإصلاح الاقتصادى لن يتم إلا بالشفافية. مثلا كانت هناك مفاوضات «سرية مع صندوق النقد الدولي منذ فترة وأعلنت عنها وزيرة الاستثمار، ثم عادوا وأنكروا وزعموا أن الرئيس شدد على القدرة على تسديد أي قروض مستقبلا، فقضينا 3 أشهر نتفاوض على 3 مليارات ثم قفزنا إلى 12 مليار. خطورة الاقتراض في هذا التوقيت أن الدولة تسلم رقبتها لمن تزعم أنهم يتآمرون عليها ثم تنقلب على الشعب بإجراءات قمعية إذا انتقد أو نصح أو اقترح حلا لمشكلة. حاليا نسبة الفقر تزيد على 48 ٪ والقروض حوالي 21 مليار دولار. وإذا تكلمت يقولون لك أنظر للإيجابيات التي من أهمها أن الرئيس ـ وهو ليس اقتصاديا أو مصرفيا ـ رأس المجموعة الاقتصادية فجادت قرائحهم بحزمة السياسات والإجراءات الإصلاحية التى كان ممكنا أن ينقذونا بها قبل أن يلهبنا الغلاء على ظهورنا. ومن المؤكد أن الأسعار لن تهبط مرة أخرى حتى إذا هبط الدولار. الدولة والبرلمان يناقضان نفسيهما، يشكيان عجز الموازنة ويرفعان مرتبات ومعاشات الضباط والقضاة ونواب المجلس. من يشعر بالعجز لا يمكن أن يطلب زيادات أو يستثني فئات.

نجوا بسرقاتهم

هذا ولم يكن محمد علي إبراهيم يدري ما ينتظره في اليوم نفسه في «الأخبار» على يد زميلنا خالد رزق الذي قال فيه عن ثورة يناير/كانون الثاني وإسقاط نظام مبارك :
كانت بلدي هي الأحلى والأعظم على وجه الأرض لثمانية عشر يوماً كاملة خاض فيها شعبنا معركة التحرر الثوري الأمجد من الديكتاتورية والفساد والعمالة والتبعية. كانت بلدي هي عنوان للحلم الوطني الأزهى حتى سلمت مقاليدها لرجال التابع الفاسد المخلوع حسني مبارك يوم ظن أهلها أن شهود الفساد ومن تماشوا مع سياسات التبعية وارتهان القوة والقرار المصري لدى البيت الأبيض من الممكن أن يكونوا أسوياء « لم « تمتد أيديهم لمال الشعب ولم تلوث ضمائرهم وتنتزع منها مبادئ الوطنية المصرية على مذبح الولاءات للحاكم ولعطاياه وللسيد الأمريكي الآمر من وراء المحيط. أنقذ شعبنا الوطن من نظام مبارك و»جماله وعزه» ومنع جريمة التوريث، ومنح لرجال الوطن في المؤسسات فرصة حقيقية للتكفير عن إثم الصمت المجرم على كل فساد مبارك ومقامراته بأمن الوطن، فكان واجباً عليهم أن يقودوا الوطن لواقع ومستقبل أفضل وأن يردوا لهذا الشعب كل ما نهبه نظام الفساد ورجاله، ولكنهم وبدلاً من ذلك تفننوا في إيجاد المخارج للعصابة الساقطة وكبيرها فنجا أفرادها بسرقاتهم وجرائمهم جميعها.

علاج صندوق النقد

وإلى معارك أخرى تهتم باقتصاد مصر ومستقبله خاصة بعد التفاوض مع بعثة صندوق النقد الدولي التي قال عنها يوم الثلاثاء رجل الأعمال وصاحب «المصري اليوم» صلاح دياب في عموده اليومي «وجدتها « الذي يوقعه باسم «نيوتن» مبشرا بمستقبل واعد :
كان عندنا شبه اكتئاب قومي سببه انفلات سعر الدولار أصبح يضارب فيه كل من يقدر على ذلك، مصريون وغير مصريين، لكني تفاءلت عندما استعانت مصر بصندوق النقد الدولي. هذه الخطوة معناها أننا في حالة انتباه وأننا نراجع أنفسنا فالمراجعة واجبة وصحية حتى وإن كانت متأخرة. نعلم أن صندوق النقد سيضع روشتة علاج تؤكد لمصر طريق النجاة عبر الإصلاح الاقتصادي الشامل قد لا يضع الصندوق في حساباته اعتبارات مصرية، اعتبارات خاصة بظروف المواطن المصري، اعتبارات اجتماعية هو لا يعلمها نحن نعلمها. هذا ما سوف تتولاه الحكومة، هذه مسؤوليتها بالدرجة الأولى. ليس شرطاً أن نلتزم بتفاصيل روشتة العلاج برمتها، علينا وضع التباديل والتوافيق التي تحقق النجاة للاقتصاد المصري مع مراعاة الاعتبارات الخاصة بنا. بهذا سنصل إلى بر الأمان، أي عندما يصل العجز في الميزانية إلى أقل من 10 فى المئة، مثلا 12 مليار دولار حجم قرض الصندوق، حصلنا على أكثر منها من دول عربية شقيقة وقفت مع مصر. الأهم من قرض الصندوق هو الحصول على شهادة دولية معتمدة عن صحة الاقتصاد المصري، شهادة تفتح الأبواب المغلقة وتوفر الاطمئنان للمستثمر المصري والأجنبي على السواء. حينها ستنطلق مصر في أكثر من مجال في الزراعة الحديثة، في الصناعة، في السياحة إلى أن تحتل مصر مكانتها المستحقة .

تفاؤل بخطة الإصلاح

وفي اليوم نفسه نشرت جريدة «البوابة» في صفحتها السابعة تصريحات للدكتورة نجلاء الأهواني وزيرة التعاون الدولي السابق أدلت بها لزميلتينا نيرة الرفاعي وانجي السيد قالت فيها:
تصريحات الرئيس تأتي وفق النتائج المرتقبة لخطة الإصلاح الاقتصادي التي تسعى لتطبيقها الحكومة الحالية، مشيرة إلى أن التأثر الإيجابي لسوق المال لا ينتظر التوقيع أو حتى دخول القرض لخزانة الدولة بل مجرد الإعلان عن بدء إجراءات الاتفاق على القرض أثر بشكل ملحوظ على سعر العملة الأجنبية وكذلك على سوق البورصة. وأشارت إلى أن التخوفات من اللجوء إلى صندوق النقد في غير محلها. إن الاقتراض متاح في أي وقت وفقا للظروف الاقتصادية التي تمر بها أي دولة من الدول الأعضاء بالصندوق، وإن مدى تأثير القرض على الشارع المصري مرهون بكيفية استخدام واستغلال الحكومة له. إن تصريحات الرئيس موجهة للمضاربين بتخزين الدولار، مشيرة إلى أنه من الطبيعي لجوء المضاربين للبيع مع استقرار سعر الدولار معربة عن تفاؤلها من الخطة الإصلاحية.
وأمس الأربعاء طمأننا زميلنا عبد الفتاح الجبالي، الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة مؤسسة «الأهرام» الأسبق ورئيس مجلس إدارة جريدة «الوطن» حاليا، في مقاله الأسبوعي في «الأهرام» بقوله عن قرض الصندوق :
انتهى الجدل العقيم حول حتمية تعارض هدفي النمو السريع واعتبارات العدالة، إذ يقدم الواقع الاقتصادي الحديث العديد من الدلائل على إمكانية تحقيق هذين الهدفين فى آن واحد. من هذا المنطلق كان من الضروري الحصول على تسهيل ائتماني من الصندوق ليس فقط للمساهمة في سد الفجوة التمويلية في البلاد وهي مسألة مهمة وضرورية جدا نظرا لضعف المدخرات المحلية وازدياد عجز الموازنة العامة للدولة وارتفاع الدين العام، بالإضافة إلى ما تحدثه من آثار على سعر الصرف وتراجع الاحتياطيات النقدية، ولكن، وهو الأهم، للحصول على ثقة المستثمرين والمؤسسات التمويلية الأخرى بغية ضخ المزيد من الاستثمارات في دولاب الاقتصاد المصري، مع العلم أن البرنامج لا يرتبط بمشروطيات معينة ولكنه يتطلب الالتزام بالسياسات والإجراءات التي يتم الالتزام بها من جانب الحكومة وتنفيذها بالجدول الزمني المتفق عليه مع الأخذ بالحسبان أن الهدف الأول من هذا الاتفاق هو تعزيز الثقة في السياسات الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي قد لا تضطر الحكومة لسحب كل هذه الأموال .
لكن هذا لم يقنع زميلنا وصديقا الرسام الموهوب في «المصري اليوم» عمرو سليم فأخبرنا أمس أنه شاهد بأم عينيه أن «أراجوز» خرج من صندوق النقد يغيظ المواطن الفقير الذي قام بثورتين .

الخطبة المكتوبة تطوير للخطاب الديني

هذا ولا تزال المعركة بين وزارة الأوقاف ووزيرها الدكتور الشيخ محمد مختار جمعة وبين الأزهر حول خطبة الجمعة المكتوبة وتصميم الوزير عليها رغم معارضة الأزهر ممثلا في هيئة كبار العلماء التي رفضت الخطة. ووضح تماما أن وزير الأوقاف مسنود من الدولة التي ترى أن الخطبة المكتوبة جزء أساسي من تطوير الخطاب الديني ومنع استخدام المساجد من جانب البعض لنشر التطرف أو الفتنة الطائفية .
ويوم الاثنين قال زميلنا في «الأهرام» عماد عريان :
إذا كان الأزهر الشريف حتى يومنا هذا يحظر تشخيص هيئة الرسول الكريم وصحابته على شاشات التلفزيون والسينما لأسباب ذكرت في عديد من المناسبات فهل يجوز لأحد علمائه في معرض دفاعه عن الخطبة المرتجلة أن يعتبر خطيب الجمعة نائبا عن الرسول في عظته التي يلقيها من فوق المنبر؟ لا شك في أنه يصعب جدا إنْ لم يكن من المستحيل وضع أي إنسان في مقام النبي، ولكن استمرار الحديث الأسبوع الماضي حول الخطبة المكتوبة كانت هناك أكثر من مفاجأة من بينها بيان هيئة كبار علماء الازهر الرافض للخطبة المكتوبة متناسين الظروف الخطيرة التي تعيشها مصر لأسباب كثيرة من بينها الخطاب الديني غير المنضبط الذي «شرعن» لكثير من المهاويس للقتل والتدمير باسم الدين، ومن المفاجاة الأخرى أن البعض من الرافضين زعموا أن الخطبة المكتوبة تقود إلى تجميد وليس تجديد الخطاب الديني ليصبح السؤال أيضا متى كانت خطبة الجمعة مجالا للابتكار والتجديد وهل هي المكان أو المجال الطبيعي لتحقيق ذلك؟ إن معظم أئمة التجديد والتنوير قدموا إبداعاتهم وابتكاراتهم وأبحاثهم وفتاواهم العصرية بعيدا عن المنابر وخطبة الجمعة. ومرة أخرى وحتى لا تلتبس الأمور يبدو أن علماء الأزهر الشريف أصدورا بيانهم قياسا على أنفسهم ومستوياتهم الراقية بعيدا عن الواقع المؤسف. وإذا كان الأزهر الشريف لا يوافق على الخطبة المكتوبة فكل الأمل ألا يعارضها أو يقف في طريقها حتى لا يبدو وكأنه يسير في الاتجاه المعاكس بالنسبة لتطلعات الأمة لعهد جديد من الاستنارة .
وفي اليوم التالي، الثلاثاء، قال زميلنا بـ «الجمهورية» محمد منازع :
والحقيقة التي لابد منها ولا يمكن إخفاؤها أن ضعف مستوى أئمة الأزهر والأوقاف وعدم تمكن الكثيرين منهم من التبحر في العلم الديني وأيضاً عدم حفظ القرآن والجهل بأصول الفقه، كل ذلك أفسح المجال أمام جماعات التشدد وجعلها تنتشر في كل مكان وتنتقل هنا وهناك، وجذبت الآلاف من الشباب وأصبحت لها قواعد في الشارع معظمهم يطيع طاعة عمياء ولا يفهمون قول الله تعالى «والذين إذا ذكَّروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً» وخروجاً من هذا وذاك ولضبط المشهد العام وتجديد الخطاب الديني طرح الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف فكرة «الخطبة المكتوبة». وإنني أرى أن النية طيبة والهدف نبيل مع ذلك كان لابد من النقاش حولها أولا ولا تكون قراراً أو أمراً عسكرياً واجب التنفيذ. وعلى الجانب الآخر كان لابد من الحوار بالحسنى وطرح وجهة النظر الرافضة بما يليق بأسلوب العلماء ورجال الدين لا أن يتحول المشهد إلى قتال وحرب وإلى التربص والتصيد للأخطاء وإعلان التحدي .علماءنا الأجلاء هذه الأساليب لا تليق بكم ولا تحولوا الأمر إلى فتنة.

السلطة تغلق الأبواب السلمية للتغيير وتدفع باتجاه العنف… والرئيس متهم بالتخطيط لفصل ستة ملايين موظف

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية