عمان ـ «القدس العربي»: تبدو حسابات الحكومة الأردنية متباينة مع حسابات الشارع وتوقعات بعض النخب السياسية حول حجم تأثير جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات المقبلة في العشرين من الشهر المقبل خصوصاً في ظل هواجس سيطرة التيار الإخواني على إيقاع الاقتراع في دوائر انتخابية عدة والمخاوف الأمنية البيروقراطية من عودة الجماعة بقوة لواجهة القرار التشريعي.
الحسابات الرسمية تبدو متعاكسة مع التوقعات العامة وفقا لما اطلعت عليه «القدس العربي» مباشرة من مسؤول بارز في السلطة وأحد أطراف مجلس الأمن القومي والسياسات وهي المؤسسات التي تتخذ القرارات الأساسية وتعقد اجتماعاتها بمظلة الديوان الملكي.
حسب التقدير الرسمي سيحصل الإسلاميون في نسختهم الأساسية من التنظيم الإخواني الأصلي على عدد من مقاعد قد يكون الأعلى مع الإشارة الى أن المخاوف من حجم تأثير الإخوان المسلمين لا أساس لها في الواقع.
رقم مقاعد الحد الأعلى المشار إليه سمعته «القدس العربي» مباشرة من القيادي في التنظيم الشيخ مراد العضايلة كأساس مقترح للحد الأدنى في حال المشاركة في الانتخابات قبل أكثر من اربعة اسابيع على إعلان قرار إنهاء المقاطعة.
في التقدير الرسمي ايضاً يتزايد الحديث عن صعوبة القبول بترشيح التيار الإخواني لشخصيات مثيرة للجدل وفيها شبهة قانونية مثل الرجل الثاني والقوي في التنظيم الإخواني الشيخ زكي بني إرشيد حيث ستمنعه الدوائر المختصة من المشاركة في قوائم الترشيح بسبب الحكم الجنائي الصادر بحقه قبل اشهر في القضية المشهورة باسم «الإساءة للإمارات».
بني ارشيد حظي بحكم بالسجن لعام ونصف عام وخسر نحو 20 كيلوغراماً من وزنه لكنه غادر السجن قوياً في الجانب السياسي والقانون يمنع ترشيح أي مواطن حوكم بتهمة تزيد عقوبتها عن عام واحد، الأمر الذي يعني ان القرار اتخذ بالتصدي رسمياً لأي محاولة قانونية من جانب الشيخ إرشيد للترشيح للانتخابات.
الأمر نفسه قد يطال الشيخ علي ابو السكر القيادي البارز والبرلماني السابق الذي يبدو انه مهتم جداً بالانتخابات بعدما زار رئيس هيئتها المستقلة الدكتور خالد كلالده وطالب علنا النخب التي تعيق الإصلاح بعدم تسريب الأنباء عن تأجيل الانتخابات.
تعليقات «مجاملة» من مختلف الأوزان خرجت من الشيخ ابو السكر الذي سبق ان سجن ايضا وقد تمنع صفحته المسجلة في الأمن ترشيحه إذا ما تقدم علماً بأن المستشارين القانونيين التابعين لحزب جبهة العمل الإسلامي يؤكدون بان السجن والعقوبة اللذين حظي بهما ابو السكر لا يمنعان ترشيحه.
كلالده كان قد صرح علناً بان الهيئة لن تقبل ترشيح أي شخص باسم جماعة الإخوان المسلمين التي لم تعد شرعية في الواقع بعد سحب ترخيصها ومنح ترخيص بالإسم نفسه للمنشق عنها الشيخ عبد المجيد الذنيبات.
وما يبدو في ظل غرف القرار انه يقلق السلطات ليس عدد مقاعد التيار الإخواني حسب المعطيات ولكن عدد النواب «الإسلاميين» في برلمان 2016 حيث يتوقع ان تشارك في الانتخابات بدون إعتراض حكومي ثلاثة تيارات خلافاً للإسلاميين المستقلين هي الجمعية الموازية للإخوان بقيادة الذنيبات وحزب الوسط الإسلامي وحركة زمزم التي ترخصت مؤخراً وقصداً قبل الانتخابات كحزب سياسي.
الأطراف الثلاثة المشار إليها منشقة تماماً عن التنظيم الأم للإخوان المسلمين ومشكلة السلطات ليس بالموقف التشريعي فقد قال أحد الوزراء لـ«القدس العربي» بأن التيارات الأربعة ويقصد الجماعة الإخوانية والأحزاب الثلاثة المنشقة عنها تنطلق من الوعاء نفسه الفكري والإيديولوجي عندما يتعلق الأمر بالقضايا والملفات السياسية والاجتماعية تحديداً.
بمعنى آخر لا يوجد فارق كبير بين الإخوان المسلمين والمنشقين عنهم من حيث المواقف من غالبية القضايا رغم العلاقة الإيجابية التي تربط المنشقين بالسلطات الرسمية وفي بعض الأحيان الأمنية فعند التصويت والتشريع والرقابة ستتخذ المواقف نفسه من القضايا الكبيرة اجتماعيا وإقليميا واقتصاديا بسبب التماثل في الخلفية التربوية الحزبية والإيديولوجيا. لذلك تبدو خيارات السلطة في الجزء المتعلق ببدلاء التيار الإخواني من قدامى الإخوان انفسهم والمنشقين عنهم ايضا ضيقة ولا تنطوي على فارق كبير وحيوي.
بسام البدارين