بيروت – «القدس العربي» : أعلن وزير الخارجية المصرية سامح شكري أمس دعم بلاده لإستقرار لبنان وتجاوز التحديات التي يتعرض لها سواء كانت سياسية او اقليمية، معرباً عن قلقه «مما يعانيه هذا البلد في أزمة الرئاسة المرهونة بالتوافق بين اللبنانيين»، ومعبّراً عن تطلع بلاده لان تلعب دوراً ايجابياً في معاونة الاطراف كافة للتوصل الى تسوية لهذا الاستحقاق، والخروج من هذه الأزمة»، ومؤكداً «سعيها لدعم التواصل مع كل المكونات السياسية اللبنانية وتوفير أرضية لمزيد من التفاهم لأنه السبيل للخروج من الازمة الحالية والاستقرار».
وأجرى الوزير المصري جولة على كبار المسؤولين فزار والوفد المرافق الذي يضم سفير مصر لدى لبنان محمد بدر الدين زايد، مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري وتم عرض التطورات في لبنان والمنطقة، والتحرك المصري حول الاستحقاق الرئاسي اللبناني .
بعد اللقاء قال الوزير المصري حول الاستحقاق الرئاسي «عبرّت للرئيس بري عن تطلع مصر لان تلعب دوراً ايجابياً في معاونة الاطراف كافة للتوصل الى تسوية لهذا الاستحقاق، والخروج من هذه الازمة».
واضاف «مصر لها تراث وتواصل تاريخي مع لبنان، ولها اهتمام لتعزيز الاستقرار والامن للشعب اللبناني وضرورة العمل للتوصل الى تسوية من خلال التواصل والتفاهم بين كافة العناصر والاطياف السياسية. اي دور نقوم به هو بالتعاون والمشاركة لجميع العناصر السياسية الفاعلة، ونعمل بذلك لتحقيق الاستقرار ليس فقط للبنان ولكن ما يعّم من استقرار على المنطقة بشكل متكامل وتعزيز الوحدة والتضامن العربي والخروج من الازمات الطاحنة التي تواجه الدول العربية في هذه المرحلة. التحديات مشتركة للدول العربية كافة وعلينا مواجهتها بمزيد من الجهد والعمل والتفاهم، ونحن على اتم الاستعداد للتعاون في ذلك بقدر التواصل والتفاهم الذي ينشأ ويزداد قوة وفاعلية لتحقيق المصالح المشتركة».
وعن العناصر التي تعتمد عليها مصر في تحركها قال شكري « الشأن اللبناني يحظى باهتمام من الدول كافة، وما نقوم به هو تأكيد للحرص الذي توليه مصر للاشقاء في لبنان وتواصلها التاريخي مع جميع المكوّنات اللبنانية، ونسعى الى توفير ارضية مناسبة تيسّر التفاعل والتفاهم بين هذه العناصر كافة».
كذلك زار الوزير المصري السراي، حيث التقى رئيس الحكومة تمام سلام وقال بعد اللقاء «كانت فرصة ثمينة في بداية زيارتي الى لبنان الشقيق، ونقلت اليه تحيات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء شريف اسماعيل، وأكدت له دعم مصر لإستقرار لبنان وتجاوزه التحديات التي يتعرض لها سواء كانت سياسية او اقليمية، ومصر على استعداد دائم لتوثيق علاقاتها الثنائية مع لبنان وللعمل المشترك على تجاوز التحديات».
وأضاف شكري «الظروف في المنطقة العربية تتطلب المزيد من التضامن وإدراك أهمية الحفاظ على الدولة وقدرتها على توفير الاستقرار والأمن وسلامة اراضي الدول العربية، والعمل على توثيق التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية ما يتطلب منا تكثيف جهودنا وتضافرها لتحقيق كل هذه الاهداف بشكل يؤدي للحفاظ على الخصوصية السياسية في كل الدول العربية، في وقت يتم التفاهم فيه على ان التوافق والتفاهم يؤديان الى تحقيق مصلحة الشعوب ما يجعلنا نسير الى الامام لنحقق طموحات كافة الشعوب العربية».
وتابع «نحن نتطلع خلال زيارتنا الى التأكيد من جديد، مدى اهتمام مصر وحكومتها بالاوضاع في لبنان وادراكنا للتأثيرات التي تنتج عن الصراعات القائمة في سوريا والضغوط التي نتجت عن ذلك والعبء الذي يتحمله لبنان وضرورة العمل على رفع هذه الأعباء والعمل على استقرار الاوضاع في المنطقة بشكل يتيح استمرار العمل للوفاء بالاستحقاقات في الوضع السياسي».
ورداً على سؤال عن عنوان الرؤية المصرية التي قد تتبلور في مرحلة لاحقة الى مبادرة قال «نحن نعمل في إطار سعينا لدعم علاقاتنا والتواصل مع كل المكونات السياسية اللبنانية وتوفير أرضية لمزيد من التفاهم لأنه السبيل للخروج من الازمة الحالية والاستقرار، وتوفير الدعم لهذا المسار في إطار توافق وتفاهم منطلق من خصوصية الاوضاع. هدف زيارتي هو لتأكيد إهتمام مصر بالشأن اللبناني وتوثيق العلاقة بين البلدين خصوصاً ان هناك إرثاً تاريخياً من هذا التواصل، ومصر تعمل دائماً لتحقيق مصلحة مشتركة بعيداً عن ممارسة اي نوع من الضغوط او النفوذ لأنها متصلة بوضع ومكونات سياسية لا بد من ان تصل الى نقطة تفاهم فيما بينها لتحقيق المصلحة».
وزار وزير الخارجية المصرية قصر بسترس، حيث التقى نظيره اللبناني جبران باسيل وعقدا بعد اللقاء مؤتمراً صحافياً استهلّه باسيل بالقول «أرحّب بالضيف العزيز على لبنان الأخ الصديق وزير الخارجية المصري لوجوده في لبنان، ومصادفة هذه الزيارة مع الذكرى السنوية العاشرة لانتصار لبنان في حرب تموز على العدو الإسرائيلي. نحن أمام فرصة جديدة للتعاون الدائم والممتاز بين لبنان ومصر ولإبراز أكثر وأكثر لدور مصر الساهر على المصالح العربية. للبنان مصلحة استراتيجية وحاجة استراتيجية أن تستعيد مصر دورها القيادي والرائد في المنطقة العربية، لأنّها تبقى تمثّل لنا واحة إعتدال في المنطقة، وهي ولبنان يتبادلان الدور الإيجابي الذي يمثّل الامتداد العربي الذي نفخر به باتجاه ثقافات وحضارات وأديان العالم كلّه. هذا الدور وهذه الصورة التي نحتاجها لمكافحة ومواجهة الإرهاب وإعطاء الصورة الحقيقية عن شعوبنا وبلداننا».
وقال «سمعنا من الأخوة المصريين حاجتهم الى لبنان مستقرّ وقوي، ونحن نُدرك أنّ هذا اللبنان القوي يكون بالحفاظ على استقلاله وسيادته واستمداد قوّته الشرعية من قوة شعبه. إنّ الشرعية الشعبية هي الأمر التي مرّت به مصر لتخرج من أزمتها، إنّها الممرّ الوحيد للبنان للخروج من أزماته الداخلية السياسية. إنّ الممر الوحيد هو الشرعية الشعبية المعطاة للسلطات الدستورية في لبنان، هذا ما يؤمّن الاستقرار وديمومة الحلّ السياسي، وهذا ما يجعل من لبنان قوياً هو حاجة لشعبه وللمنطقة وبلدانها واستقرارها».
وسيواصل الوزير المصري جولته اليوم ويزور قبل الظهر معراب، حيث سيلتقي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بعدما التقى مساء امس في السفارة المصرية المزيد من السياسيين.
وتعليقاً على الدخول المصري على خط معالجة الأزمة اللبنانية أوضحت أوساط دبلوماسية أنه «ليس الدخول المصري الأول من نوعه الى حقل «الألغام» السياسية اللبنانية. فالقاهرة حاولت مطلع العام الجاري الاضطلاع بمسعى لبناني – إقليمي لحل أزمة الشغور الرئاسي، بالتعاون مع فرنسا، الإ انه انطفأ قبل ان يبصر النور بعد ان لمست مصر من خلال جولة سفيرها في لبنان محمد بدر الدين زايد آنذاك على المسؤولين اللبنانيين ومن خلال اتصالاتها الدولية، أن الطبخة الرئاسية لم تنضج بعد.
أما اليوم، فيحط وزير الخارجية المصرية سامح شكري في لبنان حيث يمضي 3 أيام، وهذه الزيارة حسب الأوساط في هذا التوقيت بالذات، ليست صدفة، ولا بد ان تكون نتيجة تجمّع عوامل ايجابية شجعت القاهرة على تشغيل محركاتها مجدداً. والزيارة لن تكون مخصصة فقط لتجديد القاهرة وقوفها الى جانب لبنان، بل لا شك انها تأتي لإحياء الجهود المصرية على خط ملء الشغور».
وتكشف الأوساط بحسب ما نقلت معلومات صحافية «ان جزءاً واسعاً من لقاءات شكري مع المسؤولين اللبنانيين سيكون استطلاعياً حيث سيستمع الى وجهات نظرهم في شأن الاستحقاق الرئاسي والسبل الكفيلة بإنجازه. الا انه سيحمل اليهم في المقابل، تحذيراً من مغبة استمرار الشغور وتداعياته السلبية على استقرار لبنان السياسي والامني والاقتصادي، وسيدعوهم الى الاسراع في بلورة تفاهم داخلي على حل للازمة الرئاسية بما يواكب رياح التهدئة التي يتوقّع ان تلفح المنطقة في الاشهر القليلة المقبلة».
وتعتقد الأوساط أنه «بدلاً من تفاهم يبدو حتى اللحظة مستحيلاً بينها وبين السعودية، فإن إيران ربما باتت مستعدة لنسج تسوية «ما» مع مصر في شأن لبنان، نظراً الى ثقلها السني وحجمها ودورها في المنطقة، لا سيما بعد أن فقدت طهران ورقة «حماس» في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وورقة الحشد الشعبي في العراق، وتكاد ورقة الحوثيين تسقط منها في اليمن. وعليه، قد تلجأ ايران الى التعاون مع مصر لايجاد حل يحفظ لها مكسب «حزب الله» في لبنان قبل فوات الاوان».
وتختم «ان مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الاخيرة الانفتاحية تجاه الرئيس سعد الحريري وتبشير النائب محمد رعد بعده باقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، توحي بتبدل ايجابي طرأ على موقف طهران».
الى ذلك، لم يتأكد ما اذا كان الوزير المصري نقل الى المسؤولين اللبنانيين مقترحاً بإستضافة مؤتمر للقادة اللبنانيين في مصر على غرار مؤتمر الدوحة للمساعدة في ايجاد حل إلا أن بعضهم لم يستبعد أن يكون مثل هذا الاقتراح وارداً.
سعد الياس