الناصرة – «القدس العربي» : تسبب الهجوم العنيف الجديد على غزة بتلاسن إعلامي بين تركيا وبين إسرائيل غداة اتفاقهما على المصالحة واستئناف العلاقات الدبلوماسية، بعد قطيعة استمرت ست سنوات منذ الاعتداء على أسطول الحرية التركي في مايو/ أيار 2010. واشارت تركيا الى ان اتفاق المصالحة مع إسرائيل لا يمنعها من التعقيب على أعمالها وانتقاد هجماتها على الشعب الفلسطيني. وقال رئيس الحكومة التركية، بن علي يلدريم إن تطبيع العلاقات مع إسرائيل لن يمنع تركيا أبدا من الإعراب عن موقفها حيال المسألة الفلسطينية. وأضاف أن تركيا تريد التوضيح بأنها لا تتقبل ولا توافق على الهجوم الإسرائيلي على غزة.
ونشرت وزارة الخارجية التركية بيانا جاء فيه «إن حقيقة تطبيع علاقاتنا مع إسرائيل لا تعني أن نصمت امام مثل هذه الهجمات على الشعب الفلسطيني، بل سنواصل الدفاع عن النضال الفلسطيني». وأكدت أن هجوم سلاح الجو الإسرائيلي يتعارض مع القانون الدولي وخاصة مع الأخلاق.»
في المقابل وبخلاف مرات سابقة التزمت فيها إسرائيل الصمت، ردت هذه المرة بشدة على بيان الشجب التركي، ونشر الناطق بلسان وزارة الخارجية، عمانوئيل نحشون، بيانا جاء فيه «من المفضل ان تفكر تركيا مرتين قبل انتقاد العمليات العسكرية لبلد آخر.» وأوضح أنه رغم تطبيع العلاقات مع تركيا، فإن إسرائيل لن تصمت على « شجبها الواهي الفارغ « وستواصل الدفاع عن مواطنيها الأبرياء في مواجهة كل إطلاق للنار على اراضيها، بناء على القانون الدولي ومسؤولياتنا وضمائرنا.»
ويبدو أن هذا التلاسن لن يعيد عجلة التطبيع بين تركيا وإسرائيل للوراء، فالمصالح المشتركة تدفع كلا منهما لتسديد ما هو أقرب للضريبة الشفوية دون القيام بأي خطوة عملية من شأنها المساس بالعلاقات المتجددة اليوم.
من جهته يأتي انتقاد تركيا رغم التطبيع استمرارا لمواقف معهودة في السياق الفلسطيني، وفيه تؤكد عدم تخليها عن حركة حماس، كذلك إسرائيل اختارت الرد هذه المرة وبلهجة عالية من أجل عدم الظهور بصورة سلبية في نظر الإسرائيليين بالأساس بعدما اضطرت الى تسديد 20 مليون دولار كتعويضات لعائلات الضحايا الاتراك. لكن إسرائيل أيضا غير معنية بتوتير العلاقات المتجددة مع تركيا لدرجة تقترب من الغليان، وهذا ما أكده وزير الإسكان الجنرال بالاحتياط آفي جالانط بقوله إن الشجب التركي الحاد غير مفاجىء بيد أنه لن يؤثر على موقف أنقرة. كما أوضح لإذاعة جيش الاحتلال أمس أن دولا كثيرة توجه انتقادات لإسرائيل وتحافظ على علاقاتها معها، مشددا على أن اتفاق المصالحة لن يتراجع. وتابع «ندرك أن تركيا اليوم تدعم الإخوان المسلمين وحماس ومع ذلك لن تؤثر الكلمات على السلوك التركي فنحن وهم نأخذ بالحسبان مصالح مشتركة».
مقابل انزعاج إسرائيل من الانتقاد التركي الشديد فإنها تقبلت بسرور معلن تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي يبرئها من تهمة الإرهاب رغم قتل الأطفال الفلسطينيين. وعشية الهجوم الإسرائيلي الذي شمل خمسين غارة جوية على غزة استقبل شكري طلابا مصريين في مكتبه. وردا على سؤال أحدهم زعم أنه لا يوجد ما يبرهن وجود علاقة بين إسرائيل وبين منظمات إرهابية، مدعيا أنها تواجه تحديات كثيرة بلورت معا استراتيجيتها الأمنية.
مثل هذا الموقف من وزير خارجية الشقيقة العربية الكبرى يضع بين يدي إسرائيل ذخائر دعائية لا تقدر بثمن وتمنحها ضوءا أخضر للمزيد من الاعتداءات على غزة وعلى الفلسطينيين. هذا لا يعني أن إسرائيل ستشن عدوانا جديدا غدا، فالرد العنيف قبل يومين يهدف لبناء ميزان رعب جديد ومحاولة ردع المقاومة الفلسطينية. علاوة على استغلال إسرائيل الصاروخ الذي سقط في مدينة سديروت من أجل تحقيق مكاسب تكتيكية قوامها ضرب منشآت عسكرية واستخباراتية في غزة. هذه المرة تطابقت حسابات الجيش المعني بوقف تساقط الصواريخ رغم معارضته التصعيد الأمني أو مغامرة جديدة في غزة مع اعتبارات وزير الأمن الجديد أفيغدور ليبرمان الذي سبق ورفع التوقعات منه بفعل تهديداته بإسقاط حماس والرد بقسوة على كل عملية ضد إسرائيل. ليبرمان الذي يتطلع للمنافسة على رئاسة الوزراء في إسرائيل يهدف بهذا الرد العنيف أن يميز ذاته عن بقية وزراء الأمن السابقين والظهور بصورة سيد الأمن صاحب أطول وأغلظ عصا ضد الفلسطينيين على أمل زيادة شعبيته والفوز بنقاط سياسية.
ولا شك أن الانتخابات البلدية الفلسطينية ورغبة حماس في إجرائها شجعت إسرائيل على الترجيح بأن غاراتها لن تقابل برد فلسطيني الآن وأن حماس ستصعد ضبطها للأمن في القطاع ولمنع منظمات صغيرة من إطلاق نار نحو مستوطنات إسرائيلية. هذا إضافة إلى رهانها بأنها تقدر أن حماس معنية بالهدوء فيرالوقت الراهن لعدة أسباب أخرى تتعلق بالاعتبارات العسكرية وبمحاولة ترتيب أوراقها مع مصر وتسديد رواتب الموظفين. بالتأكيد هذا لا يعني تنازل حماس عن بندقيتها وعن كونها حركة مقاومة، ورغم الحصار ما زال بيدها ما يرعب إسرائيل ويلحق بها الأذى، ومع استمرار هذا الحصار الإسرائيلي الدولي فإن الانفجار المقبل شبه حتمي لاسيما بعد فعل عسكري يقتل فيه مدنيون يدفع نحو الانزلاق لمواجهة جديدة خاصة أن ليبرمان سبق وكرر موقفه بضرورة استـغلال أول فرصـة لإسـقاط حماس من الحـكم.
وديع عواودة
تركيا بارعه دائما في الكلام بلا فعل أي انها تشجب و تستنكر و هذا نهاية المطاف .
رد على الاخ من لندن. تركيا با رعة في الكلام لكن الكثير من الدول العربية بالقيام بدور الاخرس الذي لا يهش ولا ينشرة وعلى رأسهم الشقيقة الكبرى ذات القيادة الملهمة والتي سيقود هذه الامة الى الهاوية والهلاك. وهذا طبيعي عندما تكون شرعية الكثير من هذه النظم خارجية لا داخلية. والله من وراءالقصد