البرلمان لم يعد سيد قراره ويسير بسرعة نحو الهاوية.. والدستور مجمد في أدراج اللجنة التشريعية

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : واصلت الصحف المصرية القومية الرئيسية الثلاث «الأهرام» و»الأخبار» و«الجمهورية» أمس الأربعاء 23 آب/أغسطس نشر الجزء الثالث والأخير من حوار رؤساء تحريرها مع الرئيس السيسي ولم يكن فيه جديد يلفت انتباه الأغلبية باستثناء قوله عن الحوادث الطائفية الأخيرة: « نحن في حاجة إلى جهد مجتمعي من جانب مؤسسات الدولة واستيعاب وفهم مكونات النسيج المصري، وإنني أتساءل هل التناول في وسائل الإعلام والتواصل كان واعيا أم لا؟ إذا كان واعيا فإن الآثار تكون أقل. علينا أن نصوب أي أخطاء في العلاقة داخل النسيج المصري الواحد، وأن ندرك أن العبث الذي يتم هناك من يحاول إذكاءه وإحداث خلاف داخل النسيج المصري، لكن مجابهة ذلك تتطلب إرادة واعية وقناعة بأن نسيج المجتمع قوي وسوف يزداد قوة».
أما الأغلبية فلا تزال تركز على ما يهمها، فمن يستخدمون مترو أنفاق القاهرة اهتموا بتأكيد وزير النقل جلال السعيد بأنه ستتم زيادة سعر التذكرة، من دون أن يحدد قيمتها لتغطية خسائر المؤسسة الكبيرة، ما سيثير غضب البعض وفرح آخرين، إذ أخبرنا أمس الأربعاء في «الأخبار» زميلنا وصديقنا الرسام هاني شمس أنه شاهد زوجة وابناءها فرحون وهي تقول لزوجها البائس:
ـ خلي اللي معاهم فلوس يركبوا المترو علشان نعرف نشحت منهم كويس.
والأقباط مهتمون بمتابعة تطورات قضية مشروع قانون بناء وترميم الكنائس. وكثير من الأسر تتابع المرحلة الثالثة من عمل مكاتب تنسيق القبول في الجامعات، ومن يحجون مهتمون بالسفر وسعر الريال السعودي. ومن يتابعون الأسعار مهتمون بتأكيد الحكومة توفير السلع لذوي الدخل المحدود بأسعار معقولة. والذين استولوا على أراضي الدولة أو خالفوا الشروط من زراعة إلى إقامة منتجعات مهتمون باستمرار اللجنة التي يرأسها مساعد الرئيس للمشروعات القومية ورئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب في مطاردتهم والتصميم على تحصيل حقوق الدولة منهم. ومن استولوا على أراضي من الأوقاف وجدوا أنفسهم أمام المشكلة نفسها، إما التسوية وقبول الأسعار التي تفرضها اللجنة أو المصادرة والبيع في المزاد العلني كما حدث فعلا. والجزارون وبائعو الخراف مهتمون بالأسعار التي ستبيع بها الحكومة الخراف بالتقسيط وأسعار اللحوم في المجمعات، وهناك فئة بدأت مخاوفها تتزايد من استمرار عمليات الهجوم على ضباط وجنود الشرطة داخل المدن وكثرة القتلى، وكذلك حوادث البلطجة على الطريق الدائري وعدم اتخاذ الشرطة إجراءات قاسية في التعامل معهم. أما عن السياسة فلا أحد يهتم بها بما فيها الأحزاب نفسها. وإلى بعض مما عندنا..

معارك سريعة

ونبدأ بالمعارك السريعة والخاطفة التي بدأها زميلنا محمود الكردوسي رئيس التحرير التنفيذي لجريدة «الوطن» أمس الأربعاء بقوله في بروازه اليومي «كرباج» عن المواطن: «متى يكون المواطن «خطا أحمر»؟ عندما يكون صاحب حق ولا يعرف كيف يحصل عليه. عندما يكون مهاناً في طعامه وشرابه وصحته وتعليمه ومسكنه.عندما يشعر بأن الحكومة تتفنن في «الأخذ» منه لتسد عجزها وتداري فشلها وقلة حيلتها مع الميسورين والقادرين. عندما ينتخب برلماناً ويكتشف أنه خدع فيه. عندما يقرأ ويسمع عن وقائع ورموز فساد ولا يرى رأساً واحداً يطير. عندما يحب الرئيس ويثق فيه ويطلب منه تأمين «حاضره» فينشغل عنه بـ«المستقبل». عندما يجد نفسه في موضع اختيار بين «حفر قناة سويس جديدة» و«كيلو رز وحزمة جرجير» بلا صرف صحي. هل المواطن المصري الآن.. «خط أحمر»؟. الآن، وفي كل وقت.. «لو عمل اللي عليه».

الشعب يعاني الغلاء

أما زميلنا في «الأخبار» جميل جورج فأثار في فقرة من فقرات يومياته المنشورة في الصفحة الأخيرة ما عاناه من الأطباء بقوله عندما ذهب للكشف عند أحدهم: «السكرتارية طلبت ألف جنيه «‬الفزيته» ووجدت طبيبا كان يقف إلى جواري يدفع الألف جنيه، واعتذرت في الانصراف على أن أعود مرة أخرى، واتساءل أين حق الزمالة وفقا للقسم الذي أداه في مستهل حياته ويعلمه لابنائه، والسؤال لوزير الصحة ونقابة الأطباء أين أنتم من ممثل هذه الممارسات؟ ولوزير المالية أين أنتم من تحصيل حق الدولة من كبار الأطباء الذين بلغ دخل أحدهم في مدينة نصر ستة عشر ألفا ومئتي جنيه، إيراد اليوم، بعد أن اقتحم اللصوص العيادة الأسبوع الماضي؟ أقول لكبار الأطباء الرحمة الرحمة الرحمة، إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، إن الشعب كله أصبح يعاني الغلاء بما في ذلك الطبقة المتوسطة التي تآكلت، والطب كما تقولون مهنة إنسانية قبل كل شيء وليست تجارية، وهنا أستعير كلمات العالم الدكتور مجدي يعقوب عندما قال: إن لم تستطع علاج المريض فلا تؤذيه».

مريض الـ«في آي بي»

وما ذكره جميل حدث لي شخصيا عند الأزمة التي تعرضت لها مؤخرا فقد أوصانا البعض بطبيب قلب شهير وتوسط لحجز دور لي وفوجئت بأن المطلوب للكشف ألف جنيه لأني مريض «في آي بي» أي مستعجل ووجدت غرفة مكتوب عليها «في آي بي» ثم اكتشفت أن حكاية مريض «في آي بي» منتشرة حتى في مستشفي دار الفؤاد، وكان في السابق الأطباء يزيدون من قيمة الكشف إذا كان المريض مستعجلا، أي لا يريد انتظار حجز موعد إنما يريد الكشف في اليوم نفسه بالإضافة إلى أنه أثناء إجراء بعض العمليات وقبل الانتهاء منها يطلب الطبيب اتعابه وهذا الذي يحدث في مجال الطب.

مهنة الطب مرتع الجزارين

ويوم الثلاثاء قال زميلنا في «الأهرام» أنور عبد اللطيف: «إن مهنة الطب لم تعد مهنة حنان، بل أصبحت مرتعا لجزارين لا يقلون عنفا عن البلطجي الذي يقطع الطريق لكي يأخذ كل ما في جيبك، وبمجرد أن يقع المريض تحت رحمته يجره في سكك لا أول لها ولا آخر، عصابة تبدأ بميليشيات دعائية عبر قناة فضائية، ثم معمل التحليل والأشعة والفحوص، وإيمانا بدور الأهرام في الدعوة لتنقية وهيكلة وغربلة مهنة الطب وغيرها من المستغلين والمتاجرين، فإننا نرجو الداعين لدعم صندوق الرعاية الصحية للقضاة أو رجال الشرطة أن يتبرعوا أولا لتحسين أحوال الأطباء الشباب وزيادة بدل العدوى للأطباء من فيروسات الجشع و«ليبحثوا مع الشرطة» عن الأطباء ملائكة الرحمة الذين لم يلوثهم الجشع واللهفة على المال، بل يحملون العلم أمانة على أكتافهم من سلالة الدكتور مصطفى الرفاعي وعلي المفتي وغيرهما، التي شارفت على الانقراض وحين يتوفر هذا النوع من الأطباء سينهض على أكتافهم وبسببهم المجتمع كله وستصبح فاتورة علاج «القاضي» و«الشرطي» خالص مع الشكر».
وهذا لا يعني أن هناك أطباء مختلفون فأنا أعرف طبيب قلب شهير كان إذا أحس أن المريض الذي يكشف عليه فقيرا يطلب منه الانتظار في العيادة قليلا ثم يستدعي احد العاملين في العيادة ويطلب منه شراء الأدوية التي كتبها للمريض في الروشتة من الاجزاخانة ويعطيها للمريض ويعيد إليه ثمن الكشف.

المستشفيات الخاصة لا تختلف عن العامة

والمشكلة نفسها تعرض لها في «الجمهورية» زميلنا زياد السحار وهو مندهش من الانحطاط الذي أصاب الجميع في تعاملهم مع بعضهم بعضا قال: «لا أتصور تلك المعاملة السيئة التي يلقاها المرضى، سواء في المستشفيات العامة أو الخاصة، فإذا كانت الأخيرة لا يقدر حتى الأغنياء الآن على التعامل معها، في ظل الأرقام الفلكية في الأسعار، حيث أخبرني صديق أنه اضطر أن يدفع تكاليف إقامة في غرفة عناية مــركــزة 12 ألف جـنـيه في لـيـلة واحــدة، وعندما ذهب بأمه المريضة وهي تتمتع بعلاج التأمين الصحي، فإنه طاف المستشفيات من دون أن يجد غرفة لها، ولكن أشد ما آلمه هو المعاملة الغليظة من الأطباء الصغار والممرضات مع تلك الحالة في هذه الظروف الإنسانية الصعبة».
أين هو ضمير رئيس البرلمان؟

وآخر المعارك السريعة يوم الثلاثاء ستكون لزميلنا محمود مسلم رئيس تحرير «الوطن» الذي اندهش من عدم تنفيذ مجلس النواب الحكم النهائي لمحكمة النقض بإبطال عضوية أحمد مرتضى منصور وأحقية عمرو الشوبكي فيها فقال وهو غير مصدق ما يحدث: « كان أمام مجلس النواب فرصة ذهبية ليشعر الناس بأن هناك تغييراً قد طرأ على أداء البرلمان المصرب، وإذا كان القانون لم يكن يطبق قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني، حيث تُركَن تقارير محكمة النقض، فالآن الأمر اختلف تماماً، خاصة أن دستور 2014 يلزم صراحة المجلس بتنفيذ أحكام النقض من دون مناقشة. كان أولى بـالدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب الجديد، أن ينحاز للدستور الذي زعم في أولى جلسات البرلمان أنه هو الذي كتبه، لكن الرجل لم يفعل، وماطل فى التنفيذ بطريقة تعكس إما ارتباك المجلس، أو أن البرلمان لم يعُد «سيد قراره»، وفي الحالتين، فإن البرلمان سيظل يوصم في التاريخ بأنه صاحب سابقة إحالة أحكام «النقض» إلى اللجنة التشريعية لمناقشتها، وفتح مجال العبث حولها بآراء لا تمت للقانون بصلة، تارة بانتظار التظلم، وهو أمر غريب، حيث إن أصغر دارس للحقوق يعرف أن حكم النقض بات ونهائي وينفذ من دون انتظار تظلمات، وتارة أخرى بأنه ليس من حق المحكمة إدخال نائب بدلاً من آخر، ودورها فقط إقرار بطلان الانتخابات وإعادتها، وهو تفسير مختل للدستور الذي شارك «عبدالعال» في صياغته، كما يدّعي، حيث إن «النقض» قبل ثورة يناير وفي ظل عدم وجود نص صريح بالدستور قد حكمت بأحقية أكمل قرطام بدلاً من محمد المرشدي في دائرة المعادي، وظل الحكم حبيس الأدراج في اللجنة التشريعية، كما يحدث الآن. كنت قد تفاءلت برئاسة المستشار بهاء أبوشقة للجنة التشريعية، رغم أن القيادي الوفدي تم تعيينه في البرلمان خلال 6 سنوات من نظامَين مختلفَين «مبارك والسيسي»، لكن أداءه في هذه القضية جعلني أفقد الثقة فيه كسياسي محايد يتبع القانون حتى لو على رقبته، لكن الرجل أعطى الدستور إجازة وقبل مناقشة حكم النقض، وهو يعلم أن البرلمان لا يملك فيه سوى التنفيذ، وشارك في المماطلة، ولا أعلم لصالح مَن؟ بل إنه ترك الحبل لمرتضى منصور في الحديث، رغم أن القانون يمنع النائب من التحدث في أمور شخصية تخصه هو أو أقاربه، لكن يبدو أن العتاب ليس في محله، فكيف ننتقد غياب القانون بينما الدستور الذي هو أبو القوانين تم تجميده فى أدراج اللجنة التشريعية، وإذا كان مرتضى يسعى لذلك بحكم أنه لم يقسم قسماً صحيحاً على الدستور، وتواطأ البرلمان في تمريره، فكيف لأستاذ الجامعة الدكتور علي عبدالعال والمحامي الأشهر بهاء أبوشقة ونواب المجلس الذين أقسموا قسماً صحيحاً على احترام الدستور أن يفعلوا ذلك؟ هل غاب الضمير القانوني؟ أم حصل على إجازة؟ في الحالتين البرلمان يسير بسرعة نحو السقوط إلى الهاوية».

الأقباط

وإلى أشقائنا الأقباط ومعركة مشروع قانون بناء وترميم الكنائس وما يثيره من خلافات قال عنها يوم الثلاثاء في «اليوم السابع» صديقنا العزيز الكاتب جمال أسعد عبد الملاك «ناصري»: «كانت هناك آراء ومقترحات كثيرة حول مشروع القانون داخل الكنيسة وخارجها من بعض ناشطي الأقباط الذين دائما ما يحاولون استغلال قضايا المصريين الأقباط للظهور الإعلامي ولتعويض إثبات الذات سياسياً، بادعاء البطولة أمام الأقباط، فهم المدافعون عنهم. كانت هناك بعض المواد التي لم توافق عليها الكنائس وقد ظهر هذا في تعدد المسودات، فهناك بعض المواد المطلوب تعديلها أثناء المناقشة في البرلمان مثل، تحديد مساحة الكنيسة بما يتوافق مع عدد السكان، وبالطبع عدد السكان اليوم غير عدد السكان بعد قرن أو نصف القرن، فهل ستعاد توسعة الكنيسة كل فترة زمنية؟ هنا وجدنا ما يسمى بالمنظمات القبطية تحت مسمى طائفي بغيض ومرفوض، بل يكرس للدولة الدينية بامتياز، والغريب أن هؤلاء يدعون ويكذبون بأنهم دعاة الدولة المدنية. ولا نعرف ما هي قانونية هذه المنظمات التي لا تخضع للقانون، فهى ليست أحزاباً سياسية وليست جمعيات أهلية أخذت موافقة من وزارة التضامن، وحتى لو كان هذا فهذه الجمعيات ليس من حقها العمل السياسي، خاصة ذات الرؤية الطائفية، في الوقت الذي توجد فيه أحزاب تتبنى قضية هذا القانون مثل «المصريين الأحرار» وحزب «الوفد» وائتلاف 25/30 في البرلمان، فلماذا لا يكون الحوار أو القبول أو الرفض أو التعديل على أرضية سياسية حزبية؟ ولكن هذه التنسيقات وتلك المنظمات بسلوكها واجتماعاتها الإعلامية ووجود الشخصيات العامة مثل المستشارة تهاني الجبالي تعتبر تحجيما للأحزاب وللممارسات السياسية، وهو الشيء الذي يعطي رسالة سلبية لباقي المجتمع، خاصة الذين يأخذون موقفاً من هذا القانون، كما أن المزايدات الشعاراتية التي توجد احتقانا طائفيا مثل المطالبة بأن ينص القانون على أن تعلو منارة الصليب في الوقت الذي ينص عليه المشروع على أن مبنى الكنائس يخضع للتقاليد الكنسية لكل كنيسة، فكنائس الأرثوذكس والكاثوليك غير البروتستانت فهذه ادعاءات كاذبة للبطولة، وعدم فهم للواقع السياسي الذي لا نستطيع إغفاله أو إسقاطه، فما سبب المشكلة؟ ولماذا يتم الهجوم على الكنائس وحرقها؟ ألا يوجد قانون بل قوانين جنائية تحاسب وتحاكم على هذا الجرم الذي يحدث في حق الكنائس؟ لكنه المناخ الطائفي والفكر الديني الذي يجب تصحيحه وتطويره فهل هذه الزفة وتلك المزايدات ستصب في صالح القانون؟» 

فتاوى ظاهرها العسل وباطنها السم

ومن جمال أسعد إلى زميلتنا الجميلة في جريدة «وطني» القبطية وعضو مجلس نقابة الصحافيين حنان فكري وقولها في يوم الثلاثاء أيضا في «المقال» عن أعضاء مجلس النواب:
«يحركهم شيوخ الفتنة متمنطقين بفتاوى تتمتع برواج كبير، رغم كل نداءات تجديد الخطاب الديني التي صدعونا حديثا عنها، من دون تفعيلها. أهم تلك الفتاوى فتوى حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام، التي تضمنها العدد رقم «56» الصادر في شهر ديسمبر/كانون الأول سنة 1980 وأجاب عليها الشيخ محمد عبد الله الخطيب عضو مكتب الإرشاد للجماعة حينها ومفتيها في القضايا الشرعية والسياسية، وقسمها آنذاك إلى ثلاثة أقسام طبقا لمركز الدراسات والأبحاث العلمانية في العالم العربي. تناول القسم الأول فيها البلاد التي أحدثها المسلمون وأقاموها كالمعادي والعاشر من رمضان وحلوان، وهذه البلاد وأمثالها لا يجوز فيها بناء كنيسة ولا بيعة. والثاني ما فتحه المسلمون من البلاد بالقوة كالإسكندرية هذه أيضا لا يجوز بناء هذه الأشياء فيها حسب تعبير المفتي. وبعض العلماء أفتى بوجوب الهدم لأنها مملوكة للمسلمين. أما القسم الثالث فيختص ما فتح صلحا بين المسلمين وبين سكانها والمختار هو إبقاء ما وجد فيها من كنائس وبيع على ما هي عليه في وقت الفتح، ومنع بناء أو إعادة ما هدم منها والتفسير البديهي للقسم الأول أن المسيحيين محاصرون لا يصلون إلا في الأماكن التي بنيت فيها كنائس سابقا، ولا يتمكنون من التنقل أو العيش، وهو حق يكفله الدستور وإذا انتقلوا لا يتعبدون وإذا تعبدوا يموتون أو يسحقون أو يسحلون، كما يحدث. والتفسير المنطقي للجزء الثاني من الفتوى الذي ينص على أن الأماكن التي فتحها المسلمون لا يجوز بناء هذه الأشياء «اللي هي الكنائس» يعني أنه على المسيحيين مغاردة هذه المدن وتركها وهو ما يحدثه البعض قسرا في عمليات التهجير المتكررة في العامرية في الاسكندرية، ولنا فيها أقوى مثال على ذلك. أما الجزء الثالث ما فتح صلحا يظل متروكا حتى تهدمه عوامل الزمن وشيخوخة الأحجار، وهو ما تحتويه النسخة الجديدة من القانون ضمنيا وليس صراحة، بعد أن عادت الحكومة لتضيف تعديلاتها خاصة في ما تضمنته المادة الخامسة من المشروع الجديد لقانون بناء وترميم الكنائس، التي تنص على «إلزام المحافظ بالتنسيق مع الجهات المعنية» للرد على طلب بناء الكنائس وضم الأديرة للقانون واشتراط وجود كثافة قبطية لبناء كنيسة تلك الكثافة التي تحدث عنها شيوخ كوم اللوفي مع عدم وجود نصوص صريحة في مسألة البناء والهدم ثم إعادة البناء، بل إن المشروع تجاهل تماما إعادة البناء واعتبرها حالة بناء جديدة تحتاج لتراخيص جديدة وليست التعديلات التي تنطوي على الأفكار ذاتها الواردة في الفتوى سالفة الذكر لكنها مغلفة بنصوص في ظاهرها العسل وفي باطنها يرقد السم ويسري في جسد المواطنة».

عصا الأغلبية المتجبرة

وفي اليوم التالي أمس الأربعاء شن زميلنا روبير الفارس في «المقال» هجوما عنيفا ضد البابا تواضروس قال فيه: «جاءت إشادة البابا تواضروس الثاني بما يسمي بيت العائلة ووصفه له باعتباره مؤسسة مصرية مجيدة تسعى لبناء مصر، كخنجر في قلب كل قبطي يتمنى أن يعامل في مصر كمواطن وليس ذميا يعيش تحت سماء القضاء العرفي والصلح بالإجبار، لكنه يبدو بالفعل يحيا رجال الدين الكبار في معزل حقيقي عما يعانيه أبناؤهم الذين يعانون أشد المعاناة من الواقع السيئ والمدمر وتحت حكمه، كنا نتمنى من قداسة البطريرك أن يقدم لنا تقريرا مفيدا عن إنجازات بيت العائلة والمزايا التي نالها الأقباط في ظله وتحت حكمه، وقتها كنا سوف نخرس ونبلع المجاملة الكبيرة في حلوقنا بعد شربة ماء بارد، ولكن حيث أن الواقع يؤكد أن بيت العائلة الذي يقوده الأزهر الشريف لم يقدم لمصر أي شيء مفيد وبالتالي لم يقدم للأقباط غير تعطيل استخدام القانون والتلويح بعصا الأغلبية المتجبرة ضد أقلية عددية منكسرة ومحبطة بعد العيش في رخاء حلم دولة مدنية حديثة لم يكتمل».

البابا تواضروس يحبط الأقباط

وفي العدد نفسه تعرض البابا تواضروس الثاني إلى هجوم آخر من زميلنا كيرلس عبد الملاك طالبه فيه بالتشبه بالبابا شنودة وقال: «استشعر بشكل واضح أن أحد ما ممن يجولون حول البابا قد أقنعه بأنه لابد أن يختلف عن سلفه البابا شنودة الثالث في منهجه وشخصيته، لكي يصنع إنجازا متفردا يكتب في تاريخه. وعلى الجانب الآخر هناك من يدفعه دفعا إلى التسمك بالأقوال اللينة في حوارته أو رسائله الإعلامية إلى السلطة الحاكمة، بحجة التمثل بحكمة البابا شنودة كي لا يتحول إلى خصم للحكام، ومن ثم يفقد طرق التواصل معه. أرجوك يا قداسة البابا تواضروس إقتد بالبابا شنودة في التمسك بحقوق الأقباط، فما أقوى موقفه المجيد أمام الرئيس الراحل أنور السادات حينما رفض أن يكون الأقباط كبش فداء التطبيع مع إسرائيل، كما رفض تمييع حادثة الزاوية الحمراء الطائفية فوقف إلى جوار الأقباط بكل إصرار مخالفا بموقفه هذا الإرادة الرائية، فكان القرار الساداتي بعزل البابا واعتقاله في دير الأنبا بيشوي في خضم ما عرف باعتقالات سبتمبر/أيلول سنة 1981 هذا القرار الرئاسي العنتري غير الساري كنسيا الذي حفظ حياة البابا من الاغتيال على منصة السادات الذبيح بأيدي الإرهابيين الذين احتضنهم وسلمهم بالرعاية فانقلبوا عليه ليكون بديل البابا شنودة في واقعة الاغتيال الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة الأسقف الشهير، إن هذا السيناريو التراجيدي الاستثنائي يؤكد أن المتمسك بالحق لا يضيع أجره عند الله».

دفاع عن الرئيس وهجوم عليه

وإلى الرئيس عبد الفتاح السيسي وما يتعرض له من هجمات قال عنها في «أخبار» الثلاثاء زميلنا وصديقنا عبد القادر شهيب: «من دون مصادرة حق الباحثين عن رئيس جديد آخر غير الرئيس عبدالفتاح السيسي ومن دون التقليل من شأن الساعين لقطع الطريق على السيسي للترشح لفترة رئاسية جديدة، فإنني أبادر بالقول إن هؤلاء واهمون والسبب أن رغبتهم في إبعاد السيسي عن منصبه أو منعه من الاستمرار فيه قد طغت عليهم إلى حد أضعفت قدرتهم على قراءة سليمة للواقع، واقع مصر داخليا وخارجيا. أعرف أن الراغبين في رئيس جديد لمصر غير السيسي يبذلون جهودا حثيثة بدأت مبكرا لمنعه من الترشح لفترة رئاسية جديدة، وينفقون الكثير لتحقيق ذلك وتحديدا لجذب الناخبين بعيدا عنه، ويحظون بدعم لوجيستي خارجي كبير يتمثل بلغة العسكريين في تمهيد نيراني إعلامي مكثف يستهدفه الآن بشكل مركز، ثم إن السيسي ما زال حتى الآن يعتمد أسلوب المصارحة والمكاشفة مع عموم الناس، وهذا أسلوب يتيح له تبديد أو تقليص آثار كل محاولات الراغبين في النيل منه، أو الذين يستهدفون تشويش علاقته بالرأي العام، ولعل هذا يفسر كثافة التمهيد النيراني الإعلامي الذي يستخدمه الساعون لمنعه من الترشح لفترة رئاسية ثانية، أو الباحثون عن رئيس جديد يصلح بديلا له في انتخابات الرئاسة المقبلة، الذين يبدو أنهم لم ينتهوا في بحثهم هذا إلى ما يسعون إليه لأن رغبتهم في إبعاد السيسي عن قصر الاتحادية هي الطاغية عليهم. أيضا فإن السيسي لا يحظى فقط بتأييد شعبي يسمح له بالاستمرار في منصبه حتى نهاية فترته الرئاسية والترشح لفترة رئاسية ثانية، وإنما هو يحظى بدعم ومساندة قوية من القوات المسلحة ليس فقط لأنه ابن من ابنائها وإنما لقناعة داخلها بسلامة وصحة مواقفه وما ينتهجه من سياسات، وهذا يمكن رصده بوضوح في الجهد الذي تقوم به القوات المسلحة في إنجاز العديد من المشروعات الكبيرة العديدة التي يتم تنفيذها في ربوع البلاد والتي تعد بنودا أساسية في برنامجه الانتخابي وهذا معناه أن الرهان من قبل البعض على تكرار ما حدث بالنسبة للجيش في يناير/كانون الثاني 2011 ويونيو/حزيران 2013 هو رهان خاطئ ولن يتكرر».

الاعتراف بالفشل أول مقدمات الإصلاح

لكن كان في انتظار شهيب في الصفحة الخامسة عشرة من «المصري اليوم» في اليوم نفسه زميلنا عبد الناصر سلامة رئيس تحرير «الأهرام» السابق أيام الإخوان الذي يشترك مع رجال مبارك في مهاجمة السيسي إذ شن هجوما معاكسا قال فيه في بابه «سلامات»: «كَثُر الحديث في الآونة الأخيرة حول تراجع شعبية الرئيس، استطلاعات رأي، تكهنات توقعات قراءات كلها تتحدث عن تراجع، إلا أنها تختلف في ما بينها على الحجم أو النسبة. قد يكون الهوى الشخصي هو الغالب على معظمها. الاستطلاعات في مجتمعنا بصفة عامة لم ترْقَ إلى المستويات العالمية، سواء من حيث النضج أو الدقة أو حتى التجرد. على الأغلب يرفض الناس المشاركة لأسباب كثيرة الخوف قد يكون أهمها. يصل رفض المشاركة إلى ما يزيد على 50٪‏ أحياناً في أوساط المستهدفين، هم لا يثقون في ذلك الذي يَسأل، قد يكون جهة أمنية، ما بالنا إذا كان السؤال عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني؟ ما بالنا إذا كان السؤال شائكا كالحديث عن رأيهم في الرئيس الجديد؟ هو القفز على الاستطلاعات المتعلقة بالشعبية إلى أخرى تتعلق بأسباب التراجع جميعها أوضاع تدعونا إلى التوقف أمامها بقوة تجعلنا على يقين بأن اللاحق ليس كالسابق أبداً. أستطيع الزعم أن الرئيس قد وجد دعما شعبياً في بداية توليه المنصب ربما هو الأعلى في العالم، وصل إلى ما يزيد على 90٪،‏ الأسباب في ذلك كثيرة لسنا بصدد الحديث عنها الآن. الأمر الآن أصبح يتعلق بعامة الشعب أصبح يتعلق بوعود لم تُنفذ أصبح يتعلق بقرارات ما كان يجب أن تخرج إلى النور أصبح يتعلق بمشروعات غير مجدية استنزفت الدولة والمواطن في آن. أصبح يتعلق بمسؤولين ليسوا على مستوى المسؤولية. أصبح يتعلق بقرارات وخطط لا تتناسب أبداً ومستوى المرحلة. أصبح يتعلق بالكذب والخداع. أصبح يتعلق بتدهور الاقتصاد بانهيار العملة بارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع بارتفاع كبير في أسعار الخدمات برواتب لا تناسب حجم تلك المتغيرات، بفساد واضح من دون مواجهة حقيقية، بمحسوبية واستثناءات على كل المستويات. الأهم من كل ذلك هو انعدام الشفافية هو أن يعلم المواطن أخبار وطنه من الخارج، أي استطلاعات مشبوهة وأي تصريحات خادعة وأي لجان إلكترونية مأجورة جميعها لن تجدى نفعاً. الاعتراف بالفشل أول مقدمات الإصلاح لنبدأ مرحلة ما بعد التغييب إن أردنا النجاة مرحلة الشفافية لتكون نقطة البدء».

رئيس بشروطه!

وفي «المقال» أمس الأربعاء شن زميلنا وصديقنا الكاتب محمد الخولي «ناصري» هجوما آخر ضد الرئيس من زاوية أخرى إذ قال: «لم نسمع في العصر الحديث مرشحا لرئاسة جمهورية دولة على وجه الأرض يضع شروطا على ناخبيه قبل أن يعلن نيته الترشح للرئاسة، هذا فقط يحدث في مصر وتحديدا مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو ما صرح به الزميل ياسر رزق رئيس تحرير جريدة «الأخبار» عقب لقاء الرئيس برؤساء تحرير الصحف القومية الثلاث «الأهرام» و«الجمهورية» و«الأخبار» رزق قال في مداخلة هاتفية مع أحد البرامج: «إن السيسي أكد أن ترشحه لفترة رئاسية أخرى ستكون بشروطه لكن أحدا لم يسأل الرئيس عن هذه الشروط، وينتظر الجميع حتى يلقي علينا الرئيس بشروط وسنجد من يبررها وأن من يجلس على كرسي رئاسة الجمهورية يرى نفسه وحده هو من يعلم ويستطيع، بينما الباقي لابد أن يكونوا جنودا لديه، ينفذون ما يقوله بلا نقاش ولا تردد. أما الوضع الطبيعي أن نسأل ونستفسر ونضع شروطنا أيضا هذا حق الشعب سيدي الرئيس من حقهم أن يقيموا ما قمت به في الفترة الأولى لرئاستك الجمهورية، وليس حقك أنت أن تضع شروطا وتنتظر من الناس قبولها حتى ترضى وتترشح مرة أخرى».

البرلمان لم يعد سيد قراره ويسير بسرعة نحو الهاوية.. والدستور مجمد في أدراج اللجنة التشريعية

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية