بيروت- «القدس العربي» : كل الأنظار شخصت أمس إلى جلسة مجلس الوزراء التي قاطعها وزيرا التيار الوطني الحر جبران باسيل والياس بو صعب وتضامن معهما وزير الطاشناق أرتيور نظريان على خلفية الموقف المعترض على التمديد للامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير ورفض التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي.
وانعقدت هذه الجلسة في ظل تشكيك التيار العوني بميثاقيتها نظراً لغياب مكوّنين مسيحيين عنها هما التيار وحزب الكتائب اضافة إلى القوات اللبنانية التي لم تنضم اصلاً إلى الحكومة. وكذلك غاب عن الجلسة وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي لم يُعلن عن سبب غيابه، والوزيران المستقيلان أشرف ريفي وآلان حكيم.
وعلى الرغم من جدول أعمالها العادي، تحوّلت جلسة مجلس الوزراء إلى حدث استثنائي نتيجة انعقادها في ظلّ غياب وزيرَي التيّار الوطني الحر ووزير حزب الطاشناق، وأضيف إلى الوزراء الغائبين وزير منسحب، هو الوزير ميشال فرعون الذي كان طالب بتأجيل الجلسة، ثمّ انسحب منها انسجاماً مع موقفه بعدم طرح أيّ بنود خلافيّة في غياب مكوّنين أساسيّين. علماً أنّ فرعون كشف، بعد انسحابه، عن أنّ وزيري حزب الله أيّداه في التأكيد على وجوب عدم طرح أيّ بنود خلافيّة، ولو أنّهما لم ينسحبا من الجلسة.
وعلمت «القدس العربي» أن الوزير فرعون « كرّر المطالبة بتأجيل اجتماعات الحكومة إلى فترة يتخللها نقاش مع الفريق الغائب في هذه المحطة السياسية الدقيقة التي تحتاج إلى الحد الادنى من التضامن الحكومي»، مذكّراً «بأن جلسات الحكومة تأجلت 3 أشهر بسبب ملف النفايات، ولذلك فتأجيل فترة وجيزة أفضل كي لا يحصل مع التيار الوطني الحر ما حصل مع حزب الكتائب الذي استقال لأكثر من سبب وربما في جزء منه لعدم حصول حوار كاف معه».
وتطرق الوزير إلى موضوع ميثاقية الجلسة فقال «إن ميثاقية أو دستورية الجلسات يجب أن ننظر اليها بإتفاق «الوفاقية» الذي حصل بعد فراغ الرئاسة، وهناك نقص في التمثيل المسيحي السياسي في هذه الجلسة، وقد إتفق على أن لا تؤخذ قرارات بمعارضة مكوّنين اساسيين وبالتالي ماذا عن المراسيم المطلوب توقيعها؟».
وبعدما لاحظ فرعون رغبة في المضي ببعض المواضيع على جدول الاعمال إنسحب من الجلسة، وأعلن أنه يعبّر بذلك عن استقلاليّته عن مختلف الفرقاء. لكن هذا الموقف لم يعجب بعض الوزراء كالوزير رشيد درباس الذي توجّه بالانتقاد المباشر إلى فرعون الذي تلقّى بعد انتهاء الجلسة، سيلاً من الاتصالات الهاتفيّة المهنّئة، من بينها لوزراء غائبين.
وقال الوزير بطرس حرب «إن احترام بعضنا لا يعني ابتزاز بعضنا ونحن لا نرد على النسب التي تبجّح بها بعض الوزراء المقاطعين، وقرارنا أن نتعايش ونسيّر أمور البلاد في انتظار انتخاب رئيس الجمهورية، إن هناك فريقاً يعطّل انتخابات رئاسة الجمهورية وهو ما يضرب ميثاقية السلطة ويضطرنا جميعاً لممارسة صلاحيات الرئيس مجتمعين، واقترح السير بالجلسة مع مراعاة طلب زملائنا بعدم طرح القضايا الخلافية».
واضاف حرب «اذا كنا لا نريد ممارسة صلاحياتنا فأدعو إلى الاستقالة وتحويل حكومتنا إلى حكومة تصريف اعمال خصوصاً أننا نتحمّل الكثير من التضحيات لابقاء الهيكل وعدم انهياره، وسأكون اسعد الناس اذا تركنا هذه الحكومة التي نتعرض بسبب وجودنا فيها إلى ممارسات لا تليق بمسؤولين عن البلد واللبنانيين».
وختم «إن غياب حزب أو أكثر يدعونا إلى الحذر ولكنه لا يعطل سلطة أو يشلّها وإلا سيصبح مجلس الوزراء رهينة ارادة فريق أو آخر».
وفور انسحاب فرعون، اعتبر الوزير المستقيل ألان حكيم أنّه «بغياب وزير الكتائب ووزراء التيّار الوطني الحر والطاشناق عن اجتماع مجلس الوزراء وانسحاب الوزير فرعون، فإنّ هذه الجلسة ومختلف القرارات الصادرة عنها هي غير ميثاقيّة»، وكان سبقه موقف مماثل للوزير الياس بو صعب.
من ناحيته، أمل رئيس الحكومة «أن تكون الأجواء السياسية التي أحاطت بالجلسة عابرة»، مشيراً إلى أنه «يأخذ في الإعتبار المواقف التي عبّر عنها بعض الوزراء، كأفراد أو كقوى سياسية، لكن هذه المواقف يجب ألا تكون سبباً لمزيد من التعثر في عمل مجلس الوزراء».
وقال «اذا كان هناك إنطباع بوجود قرار دولي أو إقليمي بالمحافظة على لبنان، فالحري باللبنانيين أنفسهم أن يكونوا حريصين على بلدهم وعلى استقراره وتماسكه في هذه المرحلة الصعبة».
وأعرب سلام عن استعداده للتعاون مع الجميع لإيصال البلاد إلى بر الأمان، داعياً «كل الأطراف إلى الابتعاد عن المماحكات «وتغليب المصلحة الوطنية على أي اعتبار آخر»، متمنياً « على الوزراء المباشرة بدراسة جدول أعماله وإتباع القاعدة المعتمدة في الجلسات والقاضية بتأجيل المواضيع الخلافية». واعتبر» أن إنتاجية الجلسة تُعطي إشارة سياسية بأن الحكومة ماضية في تحمل الأمانة الوطنية الموكلة إليها».
وكانت الاتصالات تسارعت قبيل الجلسة لعدم الوصول إلى مأزق ولترك المجال امام المشاورات، وتمنى الوزير فرعون تأجيل الجلسة وكذلك فعل نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري لكن الرئيس سلام بقي متمسكاً بعقدها ونقل عن اوساطه قولها «لن تتعطل الحكومة كلما قرّر فريق مقاطعتها احتجاجاً على ملف لا يعجبه».
وأجرى سلام اتصالاً بالرئيس نبيه بري الذي يعارض تعطيل عمل الحكومة وتبلغ منه مشاركة وزراء كتلة التنمية والتحرير، وإتفق معه «على تأخير اتخاذ أي قرار يتسم بالاهمية على أن يهدينا الله جميعاً للجلسة المقبلة» بحسب ما قال بري.
وأوفد حزب الله الوزير محمد فنيش للقاء رئيس الحكومة بعد بيان لرئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد دعا «الى تأجيل الجلسة نظراً للتداعيات التي قد يثيرها الموقف الاحتجاجي وانطلاقاً من الحرص على احاطة عمل مجلس الوزراء بمناخات الشراكة الايجابية بين كل مكوناته في هذه المرحلة».
وعادت كتلة الوفاء للمقاومة وجدّدت دعوتها امس إلى «التنبه من التهميش لمكون اساسي في البلاد وهو «التيار الوطني الحر» إذ لا يمكن ان يستقر العمل السياسي بدون مشاركته»، لافتة إلى أن «الأزمة السياسية وصلت حداً خطيراً يهدد هيكل الدول ما يتطلب حساً وطنياً والخروج من المكابرة التي يصر عليها تيار المستقبل».
وكان الوزير الياس بوصعب رأى «ان الوزراء المسيحيين المستقلين الذين حضروا الجلسة هم أعجز وأضعف من ان يؤمنوا التغطية الضرورية للحكومة لانهم يمثلون ما بين 7 و8 بالمئة من المسيحيين فقط»، موضحاً انه لا يعني بكلامه «تيار المردة».
واشار إلى «ان الاستعانة بهؤلاء الوزراء الآن تشبه ما كان يحصل في ايام الوصاية السورية من نفخ لبعض الاسماء والادوار»، متسائلاً «لو ان النائبين عقاب صقر وغازي يوسف يمثلان الشيعة في الحكومة وسط غياب حزب الله وحركة أمل، هل تكون الميثاقية مصانة في هذه الحالة»؟ وأضاف: «باختصار نريد التوصل إلى حل أصلي لا تايواني. فلقد ولى زمن تسويات الـ «فوبيجو» او «التقليد»، وحان وقت المعالجة الحقيقية، تحت طائلة تطور أزمة الحكم إلى أزمة نظام».
تزامناً، انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي بموقف الوزيرة أليس شبطيني التي تحدّثت عن حجم التيّار الوطني الحر وأهميّة النوعيّة بقولها «ليس المهم ما يُحكى عن التمثيل بل المهم النوعية»، فنالت شبطيني سيلاً كبيراً من الشتائم والانتقادات، وأعاد كثيرون نشر صور لها وهي نائمة أو تلعب باللوح الالكتروني!
سعد الياس