اليمن: صراع الهيمنة على الأرض يتسيّد الموقف بين الانقلابيين والحكومة

حجم الخط
1

تعز ـ «القدس العربي»: شهدت الساحة اليمنية خلال الأيام الماضية صراعا شديدا في الهيمنة على الأرض كلا بطريقته، بين الحكومة والانقلابيين، شملت محاولة السيطرة عبر الحسم العسكري من قبل الحكومة، فيما يحاول الانقلابيون شرعنة انقلابهم عبر التحركات السياسية.
وذكرت مصادر رسمية أمس ان نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر قام بزيارة أمس إلى غرفة العمليات المشتركة في جبهة بيحان بمديرية عسيلان في محافظة شبوة (جنوبي شرق اليمن)، برفقة عدد كبير من القيادات العسكرية العليا، بينهم رئيس هيئة الأركان العامة اللواء محمد المقدشي.
وقال مصدر في مكتب الأحمر لـ(القدس العربي) ان «زيارة الفريق علي محسن الأحمر إلى غرفة العمليات المشتركة في جبهة بيحان في محافظة شبوه، جاءت لإثبات جدية التحرك الحكومي نحو الحسم العسكري واستعادة الدولة عبر الخيار العسكري بعد فشل الخيارات الأخرى، وعرقلتها من قبل الانقلابيين».
وأكدت أن تحركاته الميدانية الأخيرة داخل الأراضي تأتي للاشراف المباشر بنفسه على الأداء العسكري والتجهيزات العسكرية على الأرض، ورفع معنويات المقاتلين، وتلمّس همومهم وحل مشاكلهم ليتفرغوا لمقارعة الانقلابيين وحسب».
وأوضح «أن الملف العسكري أصبح حاليا بيد الفريق الركن الأحمر وأن التوجهات حاليا لدى القيادة وقيادة التحالف تسير بقوة نحو الحسم العسكري، بعد تعثر مباحثات السلام وعرقلتها من قبل الانقلابيين الذي يصرون على فرض الأمر الواقع، ويضربون بكل الاتفاقيات والقرارات الدولية عرض الحائط».
وبشأن العمليات العسكرية في محافظة تعز، والتي حققت فيها القوات الحكومية مكاسب عسكرية كبيرة وكسرت الحصار جزئيا عبر تحرير طريق الضباب من السيطرة الحوثية قال المصدر العسكري ان «ملف محافظة تعز أصبح بيد المحافظ علي المعمري، الذي عاد إلى مدينة تعز برا عبر طريق الضباب أمس الأول ليثبت تطهير هذا الطريق الحيوي من السيطرة الحوثية، ويشرف بنفسه على مجريات الأمور هناك، العسكرية والأمنية وغيرها».
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) الحكومي ان «نائب رئيس الجمهورية الفريق الركن علي محسن الأحمر زار الخميس غرفة العمليات المشتركة بجبهة بيحان وعسيلان في محافظة شبوة، التقى خلالها بقادة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وعدد من المواطنين وأبناء القبائل».
وأوضحت أنه اطلع على الجهود المبذولة من قبل قادة الجيش والمقاومة في قيادة الجبهات وترتيب الوحدات العسكرية.
ونسبت إلى الأحمر قوله ان القيادة السياسية تولي اهتماما كبيرا «بتسوية أوضاع المقاتلين في مختلف الجبهات وسعيها الحثيث لتحرير محافظة شبوه وتطبيع الأوضاع فيها بما يخدم أمن واستقرار المواطنين ويؤسس لبناء الدولة الاتحادية».
وذكر مصدر محلي ان قوات عسكرية تابعة للواء 30 مشاة، انتشرت في شوارع مدينة عتق عاصمة محافظة شبوه، عشيّة زيارة الأحمر إلى منطقة عسيلان، وتمركزت في مداخل المدينة ومخارجها، مع حركة تفتيش واسعة للمارة في الطرق، ورفع حالة التأهب والجاهزية العسكرية ومنع دخول السلاح لمركز المحافظة، استعدادًا لاستقبال الأحمر، كأعلى مسؤول حكومي، منذ تحريرها المحافظة من الانقلابيين الحوثيين.
واستعادت قوات الجيش الحكومي والمقاومة الشعبية أمس الخميس، مواقع في الجهة الغربية لمدينة تعز (وسط اليمن)، بعد معارك ضد مسلحي جماعة الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وحسب مصدر ميداني فإن المقاومة سيطرت على وادي حنش، بينما تُمشط قوات حكومية عدة مناطق واقعة بين جبل الهان ومنطقة مدرات، في الوقت الذي تستمر المعارك بين الطرفين، قرب تبة موكنه باتجاه الربيعي.
وقالت وسائل إعلام محلية نقلاً عن مصادر في المقاومة إن «القوات الحكومية تتقدم باتجاه مفرق شرعب بمنطقة حذران، عبر محورين، الأول من جبل هان نحو خط الربيعي، والثاني من اللواء 35 مدرع إلى مصنع السمن والصابون».
وأشار إلى أن القوات الحكومية بسطت سيطرتها على أغلب المباني المطلة على نقطة السمن والصابون، بالتوازي مع تقدم متواصل شمال اللواء 35 مدرع.
إلى ذلك، قال موقع «خبر» التابع للرئيس السابق علي عبدالله صالح أمس الخميس، إن وفد جماعة الحوثيين وحزب صالح، رفض للمرة الثانية اللقاء بالمبعوث الأممي لدى اليمن، «إسماعيل ولد الشيخ»، في العاصمة العمانية مسقط.
ونقل الموقع عن مصدر في الوفد، بأن «ولد الشيخ» وصل مسقط الأربعاء، والتقى وزير الشؤون الخارجية للسلطنة يوسف بن علوي، قبل أن يغادر مسقط مساء الأربعاء.
وكان أحد ممثلي صالح في الوفد «ياسر العواضي» قال الأحد الماضي، إنهم رفضوا لقاء ولد الشيخ حينها، مشترطين بأن يكون اللقاء في العاصمة اليمنية صنعاء، حسب توجيهات صدرت لهم من ما يُسمى بـ«المجلس السياسي».
في غضون ذلك شهدت القضية اليمنية تحركات دبلوماسية إقليمية ودولية مكثفة في المملكة العربية السعودية، حيث أسفر اجتماع وزراء خارجية الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومندوب عن الخارجية البريطانية في جده عن الدفع نحو استئناف مباحثات السلام اليمنية والحيلولة دون الحسم العسكري، في خطوة غير مباشرة بررتها الدول الغربية بوقف الحرب فيما قرأها الشارع اليمني بأنها محاولة من الدول الغربية لإنقاذ الانقلابيين من الحسم العسكري الذي بات وشيكا بعد التحركات العسكرية الحكومية الكبيرة التي تساندها قوات التحالف العربية بغطاءها الجوي.
وفي الوقت الذي اشارت فيه مصادر دبلوماسية أن هذا التحرك الدبلوماسي الغربي جاء لتحريك الجمود الذي أصاب مباحثات السلام اليمنية، بعد أن وصلت إلى طريق مسدود خلال الشهور الثلاثة الماضية، ذكرت مصادر سياسية يمنية أن مواقف القوى الغربية أصبحت ضبابية، حيث تصرح في العلن أنها مع السلطة الشرعية ولا تعترف إلا بها، تراها تمارس أشياء مغايرة من تحت الطاولة.
وأشارت إلى احتمال أن يكون هذا الاجتماع الدبلوماسي غير المسبوق في السعودية بشأن القضية اليمنية قد يكون مكرسا لممارسة الضغط على الرياض لوقف غاراتها الجوية على اليمن، بذريعة الخسائر الإنسانية في الوقت الذي تساندها واشنطن ولندن عسكريا ولوجستيا وتغذيها بالسلاح اللازم لهذا المعركة المصيرية والأهم في تاريخ المملكة العربية العسكرية.
وكشف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مساء امس الخميس في مؤتمر صحافي في مدينة جدة السعودية عن خطة جديدة لإطلاق نسخة جديدة من المباحثات اليمنية المتوقفة، تقضي بتسليم أسلحة المليشيات الحوثية وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وقال كيري «إن تنفيذ الخطة، التي أقرها وزراء دول مجلس التعاون الخليجي، سيبدأ بعقد جلسة مشاورات بين المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ وكافة أطراف الأزمة اليمنية».
وأضاف أن من حق السعودية الدفاع عن نفسها أمام الصواريخ التي تطلقها الميليشيا الحوثية، وأن «الأسلحة الإيرانية في اليمن تمثل ليس فقط تهديدا للسعودية بل للمنطقة كلها.
وقال كيري «إن 80٪ من اليمنيين في حاجة إلى المساعدات الإنسانية، وقد اتفقنا على ضرورة حل سياسي للأزمة في اليمن».
واوضح ان «على الحوثيين إدراك أنهم أقلية في اليمن وان تفاؤلنا يعتمد على موقفهم وداعميهم في المنطقة تجاه الحل السلمي وان المقترح بمشاركة الحوثيين سيكون المفتاح للحل السلمي». أعرب جون كيري عن «قلق بلاده البالغ من الصواريخ الإيرانية التي تطلقها الميليشيات اليمنية باتجاه الأراضي السعودية».
ووصف خلال مؤتمر صحافي عقده مع نظيره السعودي عادل الجبير في جدة أمس الخميس النقاشات مع المسؤولين في السعودية حول الأزمة اليمنية ب»البناءة»، مؤكدا أن «عودة الاستقرار إلى اليمن يمنع داعش والقاعدة من التمدد».
وقال اننا «قلقون من الصواريخ الإيرانية التي تطلقها الميليشيات باتجاه الأراضي السعودية» مشيرا إلى ان «السعودية وواشنطن تتشاركان القلق حيال المأساة الإنسانية في اليمن».
وقال «نأمل عودة الأطراف اليمنية للحوار وإنقاذ الوضع الاقتصادي في اليمن» مؤكدا أننا «حريصون على تقديم المساعدات الإنسانية لليمنيين وتسهيل دخولها «.
وأضاف أنه وافق خلال محادثات مع دول الخليج العربية والأمم المتحدة في السعودية على خطة لاستئناف محادثات السلام في اليمن بهدف تشكيل حكومة وحدة.
وأضاف في مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي عادل الجبير في مدينة جدة السعودية إن الصراع المندلع منذ 18 شهرا والذي شنت خلاله المملكة آلاف الغارات الجوية لصالح الحكومة اليمنية استمر أكثر مما ينبغي وآن له أن ينتهي.
وأضاف الوزير الأمريكي أن جماعة الحوثي المهيمنة في اليمن يجب أن توقف قصفها عبر الحدود مع السعودية وأن تتخلى عن أسلحتها وتشارك في حكومة وحدة مع خصومها المحليين.
وقال «وافقنا على نهج جديد للمفاوضات مع مسارين سياسي وأمني يعملان بالتزامن من أجل توفير تسوية شاملة.
«الاتفاق النهائي… سيشمل في المرحلة الأولى تشكيلا سريعا لحكومة وحدة وطنية وسحب القوات من (العاصمة) صنعاء ومناطق أخرى ونقل جميع الأسلحة الثقيلة ومنها الصواريخ البالستية من الحوثيين والقوات المتحالفة معها إلى أطراف ثالثة».
من جانبه، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير «بحثنا مع كيري الأوضاع في المنطقة وركزنا على الأزمة اليمنية للوصول إلى حل «، مشيرا الى» أن الدول الراعية (للمبادرة الخليجية) أكدت مجددا رفضها للخطوات الأحادية التي اتخذتها الميليشيات الحوثية».
وكان مسؤول بريطاني قد أعلن أن محادثات جدّة أمس الخميس «سوف تركز على إيجاد وسيلة لإنهاء الجمود السياسي في اليمن.
وشارك توباياس إلوود، وزير شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في وزارة الخارجية البريطانية، في اجتماعين عقدا أمس في جدة حول الصراع الدائر في اليمن.
وتأتي هذه المحادثات بعد الاجتماع الرباعي حول اليمن الذي انعقد لأول مرة في لندن في تموز/يوليو الماضي.
وقال بيان لمركز الإعلام والتواصل الإقليمي التابع للحكومة البريطانية ومقره دبي «سوف تركز المحادثات على إيجاد وسيلة لإنهاء الجمود السياسي في اليمن بعد محادثات السلام التي انتهت مؤخرا دون التوصل إلى اتفاق والمساعدات الإنسانية ودعم الاقتصاد اليمني المُتأزِّم».
ونقل البيان عن الوزير البريطاني إلوود قوله إن «اجتماعات اليوم (أمس) تظهر قلقا عميقا لدى المجتمع الدولي حول الصراع الدائر في اليمن. هناك حاجة ملحة الآن، وأكثر من أي وقت مضى، لإيجاد حل يعيد السلام للشعب اليمني الذي أجبر على تحمل وطأة الأزمة».

اليمن: صراع الهيمنة على الأرض يتسيّد الموقف بين الانقلابيين والحكومة

خالد الحمادي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول علي الصومالي Somalia:

    كيري!!!؟ … لبس الثعلب يوماً في ثياب الواعظين!!! …

إشترك في قائمتنا البريدية