برازيليا – أ ف ب – تشارف قضية اقالة الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف على نهايتها الثلاثاء، بجلسة مناقشات أخيرة ثم تصويت تاريخي سيؤدي ما لم تحدث مفاجأة، الى اقصاء اليسار عن الحكم في أكبر بلد في اميركا اللاتينية.
وبعد ثمانية أيام من انتهاء دورة الألعاب الاولمبية في ريو دي جانيرو، عادت البرازيل الى واقعها الحزين بين أسوأ انكماش اقتصادي منذ عقود وأزمة سياسية تاريخية تفاقمها فضائح فساد.
واعتباراً من الساعة التاسعة (12,00 ت غ)، سيستمع أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 81 والمكلفين التحقيق في هذه القضية منذ الخميس الماضي برئاسة رئيس المحكمة الفدرالية العليا ريكاردو ليواندوسكي، للمرة الأخيرة لحجج محامي الطرفين الذين سيمهلون ساعات للتحدث والمناقشة.
في نظر الاتهام، ارتكبت أول سيدة تنتخب رئيسة للبلاد “جريمة مسؤولية” تبرر اقالتها عبر التلاعب بحسابات عامة لإخفاء حجم العجز وعبر اصدار مراسيم تتضمن نفقات بدون ضوء أخضر من البرلمان.
وفي نظر الدفاع كل الرؤساء السابقين فعلوا الأمر نفسه، والأمر ليس سوى “انقلاب” مؤسساتي دبرته المعارضة اليمينية بقيادة نائبها السابق ميشال تامر (75 عاماً) الذي ينتمي الى يمين الوسط وأصبح خصمها.
وتامر الذي يتولى الرئاسة بالنيابة حالياً بعد تعليق مهام الرئيسة في ايار/مايو، سيحل محلها حتى الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة التي يفترض ان تجري في نهاية 2018، على الرغم من ان ملفه القضائي — أدين بالإفراط في تقديم هبات لحملات انتخابية — الذي منعه من الترشح للانتخابات لثمانية اعوام.
– تامر “مطمئن” –
أكد ميشال تامر الاثنين، انه “مطمئن تماماً” خلال استقباله في القصر الرئاسي ستين رياضياً مثلوا البرازيل في الاولمبياد. وهو يفتقد الى الشعبية تماماً مثل روسيف. وينتظر تامر اقالة الرئيسة ليتوجه الى الصين الثلاثاء او الأربعاء لحضور قمة لمجموعة العشرين.
وعلى بعد كيلومترات من القصر الرئاسي وفي مجلس الشيوخ، بدت روسيف التي جاءت للدفاع عن نفسها في فرصة أخيرة، أكثر جدية. وقالت “نحن على بعد خطوة من انهيار مؤسساتي خطير وتكريس انقلاب حقيقي”.
وذكرت بانفعال بالساعات القاسية للحكم العسكري الديكتاتوري (1964-1985) عندما سجنت وتعرضت للتعذيب.
وقالت “كنت أشعر بالخوف من الموت ومن آثار التعذيب على جسدي وروحي (…) لكنني لم استسلم، بل قاومت. اليوم أخشى موت الديموقراطية”.
واختتمت خطابها الدفاعي بالقول “صوتوا ضد اجراءات الإقالة، صوتوا من أجل الديموقراطية”.
– تصويت مساء الثلاثاء –
ولحوالى 12 ساعة، واجهت المناضلة السابقة البالغة من العمر 68 عاماً، سيلاً من اسئلة اعضاء المجلس.
وقد اتهمها خصومها في يمين الوسط والمحافظون بأنها كذبت، عبر اخفاء حجم الأزمة لتي نجمت خصوصاً عن تراجع اسعار المواد الأساسية.
وقال عضو مجلس الشيوخ المعارض تاسو جريصاتي، خصوصاً ان “التي تحاكم ليست السيدة التي واجهت الديكتاتورية بشجاعة كبيرة. هذه السيدة التي تحاكم هناك هي رئيسة الجمهورية ديلما روسيف”. واتهمها “بالتقليل من خطورة افعالها”.
وردت روسيف بصبر وهدوء على كل منهم واختارت المواجهة بينما في 1992 قدم الرئيس فرناندو كولور استقالته، عشية التصويت في مجلس الشيوخ قبل اقالته.
وفي ختام المناقشات بين المحامين الثلاثاء، يمكن لكل من البرلمانيين ال81 — وأكثر من نصفهم يشتبه بتورطهم في الفساد او تستهدفهم تحقيقات — التحدث لعشر دقائق مما يرجئ التصويت النهائي الى مساء الثلاثاء او الى الليل.
وكل التقديرات ترجح اقالة روسيف. فحسب ارقام لوسائل الاعلام البرازيلية، سيصوت أكثر من ثلثي أعضاء المجلس — الحد الأدنى المطلوب — لمصلحة اقالتها.
وستؤدي اقالتها المرجحة الى حرمانها من ممارسة اي وظيفة حكومية لثماني سنوات، والى انهاء حكم اربع حكومات متعاقبة لحزب العمال اليساري في البرازيل منذ 2003.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع الاثنين، لتفريق متظاهرين أضرموا النار في جادة رئيسية في ساو باولو للاحتجاج على اجراءات اقالة روسيف، اثناء مشاركتها في جلسة مجلس الشيوخ.
وقامت شرطة مكافحة الشغب بتفريق آلاف المتظاهرين في جادة باوليستا الرئيسة في وسط العاصمة الاقتصادية للبلاد، حيث أغلق متظاهرون شوارع وأحرقوا سلات نفايات.
وفي برازيليا تجمع ألفا مؤيد لروسيف أمام مقر مجلس الشيوخ وهم يهتفون “تامر ارحل وديلما عودي!”، وكذلك بضع مئات في ريو دي جانيرو بدون ان تسجل اي حوادث تذكر.
وفي مكان قريب تجمع عشرات من مؤيدي اقالة روسيف بالقرب من مجلس الشيوخ قامت الشرطة بفصلهم عن مؤيدي الرئيسة التي علقت مهامها.