عمان «القدس العربي»: يبدو الخيط «أرفع» مما ينبغي ومشدوداً للغاية عندما يتعلق الأمر بالنغمة الحائرة التي تربط الأردن بالسلطة الفلسطينية وتحديداً رئيسها محمود عباس خصوصاً عشية الانتخابات البرلمانية في الأردن حيث «الإخوان المسلمون» والانتخابات التشريعية حيث حركة حماس.
عبارات المجاملة بين الطرفين وصلت الأسبوع الماضي لمسافة لم تصل لها من قبل بعد عامين من الشكوك المتبادلة علناً وسراً ومرحلة شبه قطيعة بين السلطة الفلسطينية وعمان سياسياً ودبلوماسياً وأزمات صامتة.
الرئيس عباس يزور عمان ويتعشى مع نحو 30 شخصية فيها ويرفع شعار «أنا لا أخفي شيئاً عن أخي جلالة الملك وأشاور عمان في كل صغيرة وكبيرة»، فيما تدخل عمان بالتوازي وعبر القاهرة حصرياً على خطوط ما يسمى بالمصالحة الداخلية بين أقطاب حركة فتح وتقترح وراء الكواليس «إحتواء» أزمة القيادي محمد دحلان فيتجاوب عباس بكلمات تبدو إيجابية لكن مؤسساته تماطل في تنفيذ اي خطوة حقيقية نحو تلك المصالحة.
السلطة وعبر لسان مسؤولين كبار في السلطة تقول لنخب وفي عمان بأن «سوء التفاهم» فقط مع وزير الخارجية ناصر جودة وليس مع المؤسسة الأردنية نفسها، وجودة يرد بهدوء مشيراً لإنه وزير خارجية المملكة الأردنية الهاشمية ولا يعزف منفرداً.
يتجاوز الطرفان بعملية مدروسة حساسية مسألة الوزير جودة ويتقدم رئيس الوزراء الأردني الدكتور هاني الملقي الذي كان سفيراً في القاهرة لسنوات على هامش قمة الملك عبدالله الثاني- عبد الفتاح السيسي بصيغة تغرق في «مجاملة» الرئيس عباس وتشكره في البيان الثنائي الختامي بالإسم على دوره في «إحتواء الخلافات الداخلية» في حركة فتح وأبناء المؤسسة الفلسطينية بظرف حساس.
رغم كل تلك «المغازلات» المتبادلة بين عباس وعمان لم يحظ الأخير بلقاء «ملكي» خاص رغم عبوره لليلتين فيما تدعم الدبلوماسية الأردنية فكرة «توريط روسيا» بعملية السلام والقضية الفلسطينية ما دامت «موجودة في الجوار وقريبة بكل الأحوال» على رأي الوزير جودة.
وفي الوقت نفسه لا يفهم الأردن مسألة اساسية قوامها الحماس المفاجئ عند عباس وأركان حركة فتح لتنظيم الانتخابات بعد أيام فقط من انتخابات البرلمان الأردني رغم ما طرح في القاهرة من أفكار لتأجيل الاستحقاق الانتخابي الفلسطيني قليلاً حيث تؤشر التقارير الميدانية الأولية إلى ان حماس ستضعف في قطاع غزة لصالح السلطة وحركة فتح لكنها «قد تجتاح» في الضفة الغربية وتسيطر على التشريعي.
لا يطرح الأردنيون هذه النقطة بصورة علنية او رسمية ويرتابون من الأجندة الزمنية المباغتة التي دفعت عباس للحماس لإجراء الانتخابات حيث قال وفي عمان بأنها ستجري وفي كل الأحوال ومهما كانت النتائج.
في القياسات الأردنية التي لا تعلن وتتجول في الكواليس والأروقة ثمة إنطباع عن إسترسال رموز السلطة في «التلاعب» مع الأردن لكن بدون تحديد هوية وشكل هذا التلاعب.
وفي المقاربة نفسها يتحدث مسئولون أردنيون بصوت اعلى قليلاً عن صعوبة هضم فكرة تصدر حركة حماس لانتخابات الضفة الغربية الوشيكة بعد اقل من شهر واحد على انتخابات برلمانية أردنية مثيرة سيتصدر فيها على الأرجح إذا كانت نزيهة – حلفاء حماس الإخوان المسلمون.
الحسبة السياسية هنا تبدو عصية وغامضة نسبياً بالنسبة للمراجع الأردنية خصوصاً وان عمان دفعت باتجاه مسألتين: المصالحة فتحاوياً مع تيار دحلان وتأجيل الاستحقاق الانتخابي الفلسطيني، في السياقين يرفض عباس وبإصرار ويمتدح الأردن الذي يراقب عباس وهو «يمتدح ويرفض» في الوقت نفسه. والغموض هنا لا تبدده مغازلات التصريحات الإيجابية من الطرفين.
وفي المقايسات المقابلة يسأل قادة فلسطينيون من طراز عباس زكي في دواوين عمان عن سر العقدة في إصرار الأردن على التعامل مع السلطة بذهنية «الأخ الأكبر والأقوى»، الأهم هو الاستفسار عن التالي: لماذا تصرون على الإعتقاد بان خوفكم من الإخوان المسلمين ينبغي ان ينسحب علينا لتكريس الخوف من حماس؟
..ذلك استفسار يبدو معقداً وصعباً لكنه مطروح وبقوة ويبدد الانطباع الإعلامي المرسوم بان العلاقة مع عباس وقيادات فتح وأركان السلطة أردنياً تندرج فعلاً تحت بند «سمن على عسل» فهي أقرب اليوم لصيغة سمعتها «القدس العربي» من رئيس وزراء أردني اسبق وهو يتحدث عن «قليل من السمن لكن بدون عسل».
بسام البدارين