داروينية إم بي سي، و جدل البوركيني، محطات فضائية تتسول الإعلان

البرامج التلفزيونية (وبعض الدراما التي لها أجزاء)، أيضا تخضع لنظرية النشوء والتطور والارتقاء. فهناك أعمال تلفزيونية تتطور طبيعيا وتمر بمراحل التجربة وتمر بالإخفاقات لتصل أحيانا إلى ذروتها فإما أن تستمر بالتطور أو تنهار بالتشوه من جديد.
مثلا، كلام نواعم، البرنامج الشهير الذي استنسخ بنجاح فكرة البرنامج الأمريكي «ذا فيو -The View»، كان صعوده صاروخيا بحضور كاريزمي لمقدماته الأربع في بداياته، ثم تبدل وتغيرت مقدماته ما أدى في النهاية إلى عودته كبرنامج عادي خارج المنافسة الاستقطابية للمشاهدين.
وهناك برامج أيضا أخذت الإم بي سي بمحاولات استنساخها من التجارب التلفزيونية الأمريكية مثل البرنامج الفاشل الذي انتهت مواسمه مبكرا «CBM» والذي اختار اسمه بقلب أحرف اسم محطة « MBC» و استنسخ البرنامج الأمريكي الكوميدي الأشهر في تاريخ أمريكا «ساترداي نايت لايف – Saturday Night Live»، استنساخا مطابقا ليفشل بجدارة.
البرامج الصباحية، لا يمكن تحديد الناسخ والمنسوخ فيها، فهي فكرة تلفزيونية عامة، ومشاع، وهي ناجحة لأي محطة تلفزيون، ونجاح أي برنامج صباحي عن آخر، يعتمد على مقدميه غالبا، وحجم الكاريزما التي يحملونها.
صباح الخير يا عرب، هو سيد برامج الصباح في شبكة إم بي سي، وهو اليوم نموذج للتطور والارتقاء، وقد تبدل مقدموه بشكل واضح مؤخرا، لننتهي بالحسناء صاحبة الحضور اللطيف السعودية جيهان الحداوي ومواطنها الوسيم ذي الحضور أيضا بدر آل زيدان.
برامج الصباح تقريبا فقراتها متشابهة، فكل تلك البرامج عموما فيها مذيع و مذيعة، وكنبة خلفها زرع أخضر وطاولة عليها ورد و فنجانين (قهوة أو ميرميه أو أي شيء)..و فقرة صحية و فقرة استشارات أسرية تتحدث فيها مختصة ما عن تربية الأطفال بأفضل شكل، ومختصة بالورورد وفقرة أكل وطبخ! وأحيانا هناك فقرة أبراج وفلك (برامج الصباح اللبنانية تبدع فيها) إذا ما الذي يميز برنامجا عن آخر في صباح كل يوم.
إنه التقديم، والتقديم يحتاج حضورا شخصيا يتلمسه المشاهد فيشعر بثقالة الدم أو بخفة الظل والحضور.
صباح الخير يا عرب، وصل مرحلة الروقان، بنكهة سعودية نادرة.

قلة عقل

لا يزال النقاش في محطات الفضاء البلجيكية والفرنسية يدور على خلفية قضية «البوركيني»، ورغم حسم مجلس الدولة الفرنسي الأمر بتعليق قانون المنع، وهو انتصار لدولة القانون والمجتمع المدني أمام المد الشوفيني الآتي، لا محالة برأيي في السنوات المقبلة، إلا ان الحوار مستمر، وهو يعكس اضطرابات العالم الراهن.
برأيي أن هناك خطا فاصلا دقيقا يفصل المتطلبات الأمنية لأزياء البشر وما يرتدونه وبين حرية الناس في الملبس بما لا يتعارض والقانون.
أن تمنع النقاب مثلا في دولة علمانية ترفض تطرف الرموز الدينية للجميع بلا استثناء، فهذا مقبول، أو تمنعه لغايات كشف الشخصية وهويتها فهذا ضرورة أمنية ومطلوبة.
أما أن تمنع ملابس «غريبة عنك» لأنها فقط غريبة عنك وعن أجواء الشاطئ فهذا قلة عقل من الدولة الفرنسية.
قوة القانون تصبح متوحشة حين تستقوي بها الشرطة على مدني أيا كان أو كانت.. خصوصا في حالة امرأة تتمدد وحيدة على الشاطئ.
كل ما فعلته المرأة أنها كانت شاذة عن محيطها…و هذا له محكمته المجتمعية ..لا قوة بوليسية.
البوركيني أراه شخصيا رداء تنكريا وأكرر هذه رؤيتي الشخصية!
البوركيني…حيلة جديدة وتقليعة ستنتهي لأن للبحر و شطآنه والسباحة عموما قواعد لا تنفع معها أي حيلة.
كل ما فعلته الدولة الفرنسية أنها أهانت قوتها البوليسية ووضعت القانون في حرب مع طواحين هواء.

إعلانات الانتخابات

المهنية في العمل التلفزيوني تتفاوت، وهذا يمكن تلمسه بمرور هادئ على قنوات فضائية عربية مختلفة، لتعرف أي منها يقف وراءه فريق محترفين متخصص بكل تفصيلة تبثها الشاشة، أو محطة الون مان شو، التي لغايات اقتصادية وجهل صاحبها يمكن لها أن توظف شخصا ليكون مخرج برامج وسائق صينية الشاي في الوقت نفسه، أو مراسل محطة ومراسل بريد المكاتب في آن واحد.
في الأردن، إلى جانب محطة التلفزيون الأردني الرسمية، ومحطة رؤيا المحترفة بجدارة، بينهما محطات تلفزيونية طارئة على الفضاء مبعثرة على الريسيفر كفواصل ترقيم في نص بلا معنى.
هذه المحطات مثلا، وفي موسم الانتخابات النيابية الحالي وحمى الدعايات، وجدت متنفسا ماليا لها لتعيش فترة أطول، لكن حين تراقب الإعلان الانتخابي على شاشتها تكتشف حجم اليأس فيها لاستحلاب كل فلس دعاية يمكن حشره على شاشتها المقسمة إلى إعلان رئيسي وشريطين أو ثلاث دعايات أسفل الشاشة.
فنحصل مثلا على إعلان رئيسي مفاده «انتخبوا فلان الفلاني مرشحكم ضد الفساد والمحسوبية» وتحته مباشرة شريط إعلاني يظهر كمتمم للشعار الانتخابي مفاده «أحذية النزهة، خير ما ترتدونه في الشتاء»، والشريط الواقع أسفلهما نقرأ فيه : «طناجر لقت غطاها، أفضل الأدوات المنزلية».
هذه الصدف الطريفة مسلية لقراءة واقع فانتازي مثل واقع الانتخابات الأردنية.

كاتب أردني يقيم في بروكسل

داروينية إم بي سي، و جدل البوركيني، محطات فضائية تتسول الإعلان

مالك العثامنة

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    قنوات التلفزيون النرويجي بلا دعاية ولا إعلان
    ولكن على كل مالك تلفزيون بالنرويج دفع مبلغ يعادل 400 دولار سنوياً للحكومة كضريبة !
    أليست الدعايات أرحم ؟
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول Mohammad:

    البوركيني…حيلة جديدة وتقليعة ستنتهي لأن للبحر و شطآنه والسباحة عموما قواعد لا تنفع معها أي حيلة!
    سؤال:
    يعني برأيك يا عزيزي القاعده في البحرهي إما السباحه بدون ثياب أو فلا سباحه وفي اي الدساتير موجوده هذه القواعد؟ هل هو قانون نبتون ؟ ام هو قانون مخترعين الازياء و الراغبين في حصر البحر ضمن مصالحهم وعدم رؤية ما يعكر مزاجهم في التعري؟ و هل هذه القواعد ساريه ايضا في جميع البحار؟ يعني في العقبه و بحر غزه مثلا؟

    1. يقول حسين عبدالجليل الخرطوم/واشنطون:

      أحسنت يااخ محمد .
      وهل يظن الكاتب أن مايسميه “قواعد البحر و شطآنه والسباحة ” ثابتة مثل قوانين الفيزياء والكيمياء ? فهو لو راجع صور لباس البحر القديمة للنساء الغربيات لوجدها أكثر إحتشاما مما هي عليه اليوم .

  3. يقول محمد صلاح - الاردن:

    نظرية داروين اسمها الدقيق هو (أصل الانواع بوسائل الانتخاب الطبيعي، او حفظ العرق الانسب في الصراع على الحياة)

    ادخال كلمة النشوء و نسبها لنظرية داروين التطورية هو من وسائل التدليس التي مورست قديما للتشويش على العامة، ارجوا تحري الدقة و شكرا

إشترك في قائمتنا البريدية