عمان ـ «القدس العربي»: ابتعاد الهيئة المستقلة لإدارة الإنتخابات عن تصدر المشهد فجأة في الأردن يثير المزيد من التساؤلات خصوصاً أن تلك الجرعات الإعلامية التي تتحدث عن «ضمانات النزاهة» توقف قلبها عن الخفقان في الشارع وعلى نحو مفاجئ ايضاً.
الشخص المركزي في الهيئة وهو رئيسها الدكتور خالد الكلالده ولنحو أسبوع يغادر اضواء الإعلام والإرشاد والتوجيه والتعليق وبعد ايام فقط من «محادثة ساخنة» بالمعنى البيروقراطي مع أحد المسؤولين في مؤسسة سيادية تاركاً الساحة نسبياً لمساحات التشجيع التي ينفرد فيها وزير التنمية السياسية موسى المعايطة الذي «تباطأت» ايضاً فجأة أنفاسه الحماسية في الأيام الأربعة الأخيرة ولسبب مجهول.
يقال اليوم وبعد مرحلة معقدة من التكهنات ومخاوف اجتياح الإخوان المسلمين لمقاعد برلمان 2016 بأن الكلالده وهو يساري مسيس إنحشر في خريطة النخب بين خيارين ففي حال النجاح في الانتخابات سيترشح لتشكيل حكومة جديدة وفي حال الإخفاق وإحراج المؤسسة سيغادر موقعه الحالي.
في حالة الفوضى التي تثيرها تطبيقات قانون الانتخاب منذ قرر الإخوان المسلمون إحراج الجميع والمشاركة بكثافة بـ126 مرشحاً دفعة واحدة لم يعد ممكنا الانتباه لتلك العبارة التي يتردد ان القطب اليساري وعضو مجلس الأعيان بسام الحدادين رددها علنا وهو يشيد بـ»القانون اليساري» على اساس ان القانون الجديد قد يعيد إنتاج المشهد في الإتجاه المعاكس للإخوان المسلمين.
سبق لـ «القدس العربي» ان استمعت لحدادين وهو يتحدث عن «زواج كاثوليكي « بين الدولة والإخوان طالما عرقل وعطل التنمية السياسية واستهدف قوى اليسار الوطنية والقومية.
وفي وقت لاحق ناقشت «القدس العربي» مع المعايطة محاذير وحجم الأذى الناتج عن اي محاولة للتدخل في الإنتخابات.
في كل الأحوال انتج التحالف الإصلاحي الإخواني حالة من الإرباك طالت الأجهزة الحكومية وخصوم التيار أيضاً ليس فقط بسبب كثافة الهجمة في الترشح للانتخابات وبـ26 دائرة دفعة واحدة. ولكن لأن أصوات الثقل العشائري والمحافظ التي كانت تنتج التوازن جرى تعطيلها بسياسات استبدال النخب واستبعاد المؤثرين والمشايخ الحقيقيين وعلى مدار سنوات.
ما يفعله الإخوان المسلمون حصرياً في الأردن هذه الأيام هو الاستغلال السياسي الخشن ولأقصى مدى لثغرات رسمت بالقانون الجديد الصادر بإسم اليسار وهو يرتمي بأحضان الدولة ويشارك في الحكم على غفلة من الجميع لاستهداف الإخوان أنفسهم. وعليه أصبحت قصة «حضور بسيط للإخوان» وراء ستارة الأحداث وتقلصت هوامش المناورة وتبينت ثغرات متعددة بالنص القانوني مع جاهزية غير متوفرة لتجهيز قوى بديلة دفعت حتى طبقات من رجال الدولة للشك بان احتضان الإخوان مجدداً مقصود ومبرمج.
وعليه اصبح الكلالده بالنسبة للكثيرين داخل المؤسسة الرسمية «الرجل الذي ورط الدولة بالقانون الجديد» لأن العيوب كشفت بالوقائع الأن.
هذه الثغرات التي نتج عنها الكثير من التخبط السياسي والبيروقراطي مسؤولية المستوى الأمني ترقيعها ومعالجتها كما يحصل في العادة وبصورة متكررة سيتهرب السياسيون لاحقاً من تحمل مسؤولياتهم وتوجه اصابع الاتهام شعبياً لمراكز الثقل المطالبة بإصلاح ما أفسده البيروقراطيون.
تلك مسألة أخرى لكن المستجد الأهم اليوم بعد تواري الهيئة المستقلة عن الأنظار بصورة غامضة هو بروز نغمة «التراخي» في مسألة إجراءات نزاهة الإنتخابات ونمو «التخبط» في مواجهة محاولات الإخوان المسلمين إشهار قوائمهم حيث وجهوا الدعوة للجمهور للحضور في وسط ضاحية عبدون الراقية بالقرب من سفارة النظام السوري بعد منع حفلهم في المدرج الروماني.
في ساحات عامة لا تعيق السير وقطع أراضٍ مملوكة لأشخاص لا يمكن منع النشاطات الانتخابية وهذا ما يحاول الإسلاميون استثماره في الوقت الذي وقع فيه الحكام الإداريون بحالة إرتباك ملموسة بعدما ظهرت مؤشرات التوتر على غرف العمليات وتوقفت الهيئة المستقلة عن تصدر مشهد المرجعية لكل صغيرة وكبيرة.
اليوم منعت نشاطات شبابية انتخابية لتيارات ضد الإسلام السياسي ايضاً وأزيلت يافطات وصور بقرارات «بلدية» والمجموعة التي تستثمر المال السياسي باسم «الولاء» تنفق الملايين في الشارع على مقرات ضخمة ومرفهة وعلى بيوت عزاء تقام للبسطاء وتستثمر حتى في الموت كما يحصل في الدائرة الثالثة للعاصة عمان برعاية مليونير مرشح.
اليوم تلتقط مجموعة راصد الرقابية صوراً لعسكريين يستصدرون بطاقات أحوال مدنية بزيهم الرسمي وتسأل عنهم وتنشر وكالة عمون الصور ويأتي الجواب على شكل استصدار بطاقات للمستخدمين المدنيين في الأجهزة العسكرية. ويتحدث المراقبون عن عملية «غير قانونية» لمراجعة سجلات ناخبين اصبحت قطعية بحكم القانون ولا تعلق السلطات على الأمر.
الأدلة والقرائن بهذا المعنى تتزايد على «ضمور» الحديث عن نزاهة الانتخابات وصمت الهيئة المستقلة و«تراجع» نغمة الشفافية واسترخاء الهيئات الرقابية وبروز مؤشرات لا يمكن نكرانها والأخطر لا يمكن ضبطها على «سيناريوهات التدخل».
بسام البدارين
*يا عمي اللي بسمع بالإنتخابات يعتقد
إنه بأمريكا أو أوروبا..؟؟؟!
* لا توجد ( نزاهة ) ولا وعي سياسي
ولا ثقافة تقبل الطرف الآخر
لا بالاردن ولا بأي دولة عربية.
* هذه الحقيقة يعرفها الجميع ولكن
معظم ( الساسة ) لا يريدون الاعتراف بها
لغاية بنفس يعقوب ولتحقيق أهداف
شخصية وحزبية ضيقة بعيدة عن مصلحة
الوطن والمواطن المطحون الغلبان والله المستعان .
سلام
الحقيقة التي اتفق فيها مع الكاتب بان الكلالدة ورط الدولة الاردنية شر ورطة بهذا القانون المسخ وسينتهي دوره وستنتهي مهمته الى غير رجعة بعد هذه المرحلة.
وهناك امر تم الانتباه اليه في بعض الدوائر وهو ان هناك زيادة كبيرة بعدد المقترعين يفوق العدد الاصلي لكل دائرة وهنا تكمن المشكلة.
وهذا يطعن بنزاهة الانتخابات ويبدد كل التعهدات بنزاهتها.
هذه الانتخابات ستكون بمثابة وصمة عار على جبين مسار الاصلاح السياسي في الاردن الذي قطع شوطا كبيرا ولكن تراجع بقوة بسبب هذا القانون.
ومهما كانت نتائج الانتخابات فليس من المبرر او النتظر ان يظهر القانون بثوب الطاهر العفيف