الضم الزاحف هو ما يفعله الفلسطينيون في المناطق ج

حجم الخط
0

في بداية حديثي، ولراحة القراء الذين ولدوا بعد اوسلو، بودي أن اذكر بان مناطق يهودا والسامرة تنقسم من ناحية السيطرة الى ثلاث مناطق (أ = عرب، ج = لنا، ب = فوضى). في المناطق ج توجد، أو يفترض ان توجد سيطرة امنية ومدنية كاملة لدولة اسرائيل، من خلال صاحب السيادة الذي هو القائد العسكري.
يوجد القليل جدا من الامور التي تثير الاعصاب اكثر من الضم الزاحف: بناء المنازل، اقامة البلدات، المباني العامة، شق الطرق، حفر المحاجر، اقامة مباني صناعية ومنشآت تطهير للنفايات. كل هذه، عندما تجري بإذن أو بدون إذن في المناطق ج، هي مثابة ‘ضم زاحف’. مثل هذه العملية، معناها استخفاف طويل المدى بقوانين التخطيط والبناء، تجاهل قيم الطبيعة المحمية، تمدين زائد وسيطرة على مناطق خضراء، تلويث المياه الجوفية، اعطاء شرعية لخارقي القانون بالجملة. اين مراقبي الادارة المدنية؟ شرطة ‘شاي’ (المناطق)؟ النيابة العامة في قيادة المنطقة الوسطى؟ وزارة حماية البيئة؟
ثمة احساس مبرر في أن ‘القيادة السياسية’ تعطي الاذن لهذه الاعمال، إذ لا يحتمل ان تقام مدينة جديدة شمال اريحا من دون أن تأذن الادارة المدنية بها، حسب تعليمات وزير الدفاع. لا يحتمل ان عشرات المحاجر غير القانونية تحفر في نطاق الخط الاخضر من دون أن يكون أحد ما يغمض العيون، إن لم نقل لا سمح الله يستفيد شخصيا. كيف يحتمل أن تشق الطرق عديدة المسارات من دون إذن السلطات؟ كيف يحتمل أن تحفر مواقع نفايات هائلة (تتضمن أيضا أبرتهايد قمامة) وتدار من دون ترخيص؟ لماذا تبنى الاف المنازل، ومنها مباني عامة كبرى (مثلا مدرج لـ15 الف مشاهد) في المنطقة ج، على اراضي الدولة، والحكومة تقف مكتوفة الايدي؟ وحتى أجوبة بسيطة ايضا على سؤال ‘كم من أوامر الهدم صدرت وكم منها نفذ بالفعل’، لا يمكن الحصول عليها.
‘الضم الزاحف’ هذا يقوم به العرب في المناطق ج. ‘رئيس الوزراء’ السابق في السلطة الفلسطينية، سلام فياض، أعد ونفذ خطة لاقامة دولة فلسطينية في يهودا والسامرة من دون أن يحتاج الى محادثات واتفاقات، بل فقط من خلال خلق حقائق، مئات المشاريع اقيمت على الارض، معظمها بتمويل الاسرة الاوروبية. بعضها بموافقة الادارة المدنية، بعضها بتجاهلها، أولوية مطلقة تعطى للسيطرة على اراضي الدولة في المناطق ج. الاف المنازل العربية تبنى خلافا للقانون، ولكن أوامر الهدم التي صدرت بحقها من قبل مراقبي الادارة لم تنفذ، بتعليمات من ‘القيادة السياسية’ (في الماضي ايهود باراك واليوم موشيه يعلون). مدينة نويعمة في شمال اريحا تتحقق من دون ذرة احتجاج من جانب من يعارض مثلا اقامة بلدة لمخلي غوش قطيف في قطاع لخيش او اقامة بلدات يهودية في النقب. شركة حماية الطبيعة انضمت الى المحتجين على اقامة مدفن كبير في منطقة ريمونيم (للعرب فقط) ولكن ‘القيادة السياسية’ لا تأبه بها.
نتنياهو، الذي يعارض توجه الفلسطينيين الى الامم المتحدة لنيل اعتراف كامل بدولة فلسطينية، لانه يرى في ذلك خطوة ‘احادية الجانب’ يتجاهل بكل قوته فياض ومواصلي دربه، ممن يقيمون الدولة الفلسطينية على الارض. وليس لانه لا يحسن رؤية ما يحصل، بل لان العملية تخدمه جيدا. هكذا يمكنه ان يساعد في اقامة الدولة الفلسطينية في قلب وطننا، من دون أن يضطر الى الدفاع عن نفسه على نحو دائم أمام ناخبيه. فيداه لم تسفكا دما، سيقول بعد ذلك، الوحش نشأ من تلقاء ذاته. والان لا يتبقى سوى الاعتراف بوجوده.

هآرتس 1/7/2013

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية