فوضى خلال اول اجتماع لمناقشة مشروع الدستور في تونس

حجم الخط
0

تونس ـ ا ف ب ـ د ب ا: تم بسرعة تعليق النقاش في اول جلسة مخصصة لمشروع الدستور التونسي الجديد في المجلس الوطني التأسيسي صباح الاثنين بسبب توتر بين الاسلاميين ومعارضيهم حول مسودة الدستور التي تاخرت صياغتها كثيرا.
ويفترض ان يسمح تبني الدستور بقيام مؤسسات دائمة في تونس بعد سنتين ونصف من فرار الرئيس السباق زين العابدين بن علي في وجه اول ثورة عربية.
لكن ‘النقاش العام’ الذي بدا قبيل الساعة 10,00 متاخرا بنحو ساعة تقريبا، علق بعد اقل من نصف ساعة وذلك بعد احتجاج نواب معارضين بالصراخ على مقرر لجنة صياغة الدستور الاسلامي الحبيب خضر.
واتهم المقرر بادراج فصول مثيرة للجدل بشكل تعسفي في مشروع الدستور.
وتستثنى تلك ‘الاجراءات الانتقالية’ التي تسمح للقوانين المصادق عليها في ظل حكومة النهضة منذ انتخاب المجلس الوطني التاسيسي في تشرين الاول (اكتوبر) 2011، من المراقبة الدستورية لمدة ثلاث سنوات.
ومن جهة اخرى تمدد تلك البنود الى ما لا نهاية صلاحيات المجلس التشريعية ولا تحدد جدولا زمنيا للانتخابات التي ينتهي معها دور المجلس التاسيسي.
وندد عدد من نواب المعارضة الاثنين في بيان بما اعتبروه ‘عملية تزوير وقعت في اشغال اللجان التاسيسية’.
من جانبها انتقدت محرزية العبدي نائب رئيس المجلس التاسيسي بشدة سلوك بعض المعارضين الاثنين.
ووصفتهم في تصريح لاذاعة موزاييك اف ام بـ’الاقزام’ منددة بـ’عدم نضج في صفوف المعارضة’.
واحتج بضع مئات من الاشخاص ضد مشروع الدستور امام المجلس الوطني التاسيسي الذي يتعرض الى انتقادات شديدة بسبب خلل في اشغاله وخصوصا لتغيب النواب عن الجلسات.
وعلاوة على ‘الاجراءات الانتقالية’ يرى قسم من المجتمع المدني والمعارضة ان مسودة الدستور لا تضمن بشكل كاف الحريات.
وقالت منظمة العفو الدولية في حزيران (يونيو) ان المشروع ‘ينتهك مبادئ من القانون الدولي في مجال حقوق الانسان’ لانه يمنح الدستور قيمة قانونية اعلى من المعاهدات الدولية التي وقعت عليها تونس.
في المقابل يبدو انه هناك اجماعا حول توزيع السلطات التنفيذية بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية.
وقد اصرت حركة النهضة طويلا على نظام برلماني محض قبل ان تقبل ان يحتفظ رئيس الدولة بصلاحيات هامة في مجالي الدفاع والدبلوماسية. وعدل الاسلاميون عن ادراج الاسلام كمصدر وحيد للتشريع في هذا النص.
واعلن رئيس المجلس التاسيسي مصطفى بن جعفر قبل ان يضطر الى رفع الجلسة ‘اننا حاولنا صياغة دستور على اسس متينة تضمن الحريات وحقوق الانسان وحقوق المرأة’.
كما اعتبر بن جعفر وهو علماني حليف النهضة، ان المشروع ‘لا يمثل حزبا او قوى بشكل خاص (…) بل هو دستور جميع التونسيين والتونسيات’.
وقال سمير بالطيب الناطق باسم حزب المسار، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) ، إن نواب المعارضة كانوا يفضلون مزيدا من الحوار قبل عرض الدستور على النقاش داخل المجلس حتى يحصل توافق أوسع حوله.
وأضاف أن ‘المآخذ متعددة بشأن صياغة كثير من الفصول أبرزها الفصول 141 و76 و30′. وقال أيمن الزواغي النائب عن تيار المحبة لـ(د.ب.أ) :’كثير من النواب أحسوا بسرقة مجهوداتهم التي قدموها طيلة عام ونصف لكن ما حصل أن آراء الأقلية التي اشتغلت داخل اللجان هي التي تم تغليبها وعرضها للنقاش العام’.
وأضاف :’نحن كتيار المحبة مثلا طالبنا بمنع السياحة الحزبية أي انتقال نائب من حزب إلى آخر وقوبل مطلبنا بالتصويت الإيجابي في مناسبتين داخل اللجان لكنه تم حذفه من قبل المقرر العام في الصيغة النهائية للمسودة’.
كما تنتقد المعارضة التقييدات الحاصلة لشروط الترشح لمنصب الرئيس من بينها شرط السن المحدد بـ75 سنة واستثناء مزدوجي الجنسية إضافة إلى غياب التنصيص الصريح على مفهومي الأمن الجمهوري والجيش الجمهوري.
وقال الزواغي :’مع هذه التقييدات يصبح الدستور الأول لتونس بعد الاستقلال عام 1959 أفضل من الدستور الجديد رغم التعديلات المشوهة التي أدخلت عليه’.
وأضاف :’هناك مخاوف الآن من أن نمر من ديكتاتورية فرد في الحكم السابق السابق إلى ديكتاتورية الأغلبية والائتلافات الحزبية وهو أمر أكثر خطورة’.
من جانبه، قال زياد العذاري النائب في المجلس التأسيسي عن حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم وتملك أغلبية المقاعد بـ88 مقعدا من أصل 217 إن مسودة الدستور الرابعة شهدت تطورا كبيرا عن النسخ السابقة بشهادة خبراء القانون الدستوري.
وأضاف :’المعارضة قدمت نسخة منقوصة لدى المجلس التأسيسي بما فيها الصلاحيات المعدلة لرئيس الجمهورية وكونية حقوق الإنسان وغيرها، المعارضة تريد فقط إعادتنا للمربع الأول وجزء منها بصدد إهدار الوقت’.
من جهته، اعتبر رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة والنائب في المجلس التأسيسي عامر العريض إن جلسة امس لمناقشة مشروع الدستور تعد خطوة متقدمة ومهمة بعد جملة التوافقات والحوارات التي حصلت داخل المجلس وخارجه.
وقال العريض لـ(د.ب.أ) :’وقع التنصيص على جميع التوافقات في مشروع الدستور. ولكن نحن ما زلنا الآن أمام مشروع ما يعني أن هناك حلقة أخرى من الحوار العام والنقاش فصلا فصلا للدستور ما سيسمع بالنظر في كل المقترعات للتعديل’.
وكان متوقعا ان يعبر كل نائب خلال جلسة الاثنين عن رايه في المشروع قبل تحديد الجدول الزمني للمصادقة على الدستور.
وتتطلب المصادقة على مشروع الدستور اغلبية ثلثي اعضاء المجلس التاسيسي واذا تعذر ذلك ينظم استفتاء لاعتماده. ووعد اسلاميو حركة النهضة وحلفاؤهم من وسط اليسار في المؤتمر من اجل الجمهورية وفي التكتل بالعمل على حشد الدعم من خارج ائتلافهم للمصادقة على مشروع الدستور.
وكانت الاحزاب الرئيسية اتفقت على مهلة سنة اعتبارا من تاريخ انتخاب المجلس الوطني التاسيسي في 23 تشرين الاول (اكتوبر) 2011، لصياغة الدستور الجديد.
من جهة اخرى تعتبر المصادقة على الدستور اساسية لتحديد الجدول الزمني للانتخابات بينما وعد رئيس الحكومة علي العريض بانتخابات قبل نهاية السنة الجارية.
لكن يرى خبراء ان اجراء ذلك خلال 2013 غير متوقع حيث انه لم يتم بعد تنصيب الهيئة المكلفة تنظيم الانتخابات ولا المصادقة على القانون الانتخابي.
وتجهد البلاد ايضا في التوصل الى الاستقرار منذ قيام الثورة في ظل ازمات سياسية ونزاعات اجتماعية وانتشار الحركات السلفية المتطرفة.
وقال بن جعفر امام النواب صباح الاثنين ‘اننا نخضع لضغوط هائلة امنية واجتماعية واقتصادية وسياسية’ مضيفا ‘يجب علينا ان نعمل على وضع حد لهذه المرحلة الانتقالية بتنظيم انتخابات في اقرب الاجال وافضل الظروف’.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية