نواكشوط – «القدس العربي»: بعد أن نسي ذكره لأسابيع عاد الحوار الشامل للظهور من جديد على واجهة المشهد السياسي الموريتاني الذي ينتظر منذ أكثر من عام تنظيم هذا التشاور الذي تريده السلطة شاملا لأبرز أطياف المشهد، وترفض المعارضة الجادة المشاركة فيه قبل الاستجابة لشروط وممهدات تؤمن انعقاده بعيدا عن استغلال السلطة له، وتكفل تطبيقا حقيقيا غير مجزء لمخرجاته.
وحسب معلومات نشرتها صحيفة «البديل» المقربة من السلطة أمس فقد «تم تحديد السادس من تشرين الأول / اكتوبر المقبل موعدا نهائيا لافتتاح جلسات الحوار الوطني الذي يجمع الأغلبية الحاكمة مع أحزاب المعارضة».ولفتت مصادر «البديل» إلى «أن المشاركة في هذا الحوار ستكون نوعية من كلا الفريقين الموالي والمعارض».
وعن مخرجات الحوار الوطني، أوضحت مصادر الصحيفة «أن الأطراف المشاركة اتفقت حتى الآن على النقاط الرئيسية التي سيتم نقاشها خلال الجلسات، مع إفساح المجال لنقاش أي مقترح جديد يطرحه أي من المشاركين في الحوار».
وأكدت مصادر البديل «أن الجهات المشرفة وضعت اللمسات الأخيرة على عملية التحضير لضمان انطلاقة ناجحة لثاني حوار وطني شامل يتم تنظيمه في موريتانيا منذ العام 2011»، مشيرة إلى أن تغيير سن الترشح القانونية لرئاسة الجمهورية وإلغاء مجلس الشيوخ وحسم خلافة الرئيس في حالة العجز أو الوفاة ستكون من أبرز البنود المطروحة على طاولة حوار تشرين الأول/ اكتوبر 2016».
وانتقدت «البديل» تلكؤ المعارضة الموريتانية في قبول عروض الحوار التي تقدمت بها السلطات، مؤكدة «أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز دعا أكثر من مرة لحوار وطني شامل وبدون شروط، لكن أطرافا في المعارضة رفضت تلبية هذه الدعوة ووضعت العديد من الشروط والمطالب التعجيزية».
وعكسا لما ذكرته صحيفة «البديل» بخصوص موعد الحوار، نقلت صحيفة «تقدمي» ذات الخط المعارض عن مصادر وصفتها بـ «المتطابقة» أنه قد «تم تعجيل موعد الحوار المرتقب بين الموالاة وبعض الأحزاب التي تصنف أنفسها “معارضة” ليكون في الـ 29 من الشهر الجاري بدل الموعد الأول الذي كان محددا في السادس من تشرين الأول/اكتوبر المقبل».
وتوقعت «تقدمي» مشاركة كل من « أحزاب المعاهدة (معارضة الوسط) إلى جانب أحزاب الموالاة، وكتلة الوفاق التي يرأسها محمد ولد بربص، وحزب التحالف الديمقراطي الذي يرأسه يعقوب ولد أمين، وحزب قوس قزح الذي يرأسه آلاسان همادي با، وحزب التحالف من أجل العدالة والديموقراطية برئاسة صار إبراهيما مختار، وحركة «أفلام» (مدافعة عن قضايا الزنوج).
وأكدت صحيفة «تقدمي» الاستقصائية المطلعة «أنه سيتم، خلال الحوار المنتظر، اقتراح تعديل للدستور يقضي بتمديد مأموريات الرئيس لأكثر من اثنتين، كما سيُقترح أيضا تعديل سن الترشح لتتجاوز السن المحددة في الدستور الحالي، وستتقدم بالاقتراح أحزاب تصنّف نفسها بأنها “معارضة”. أما حزب الاتحاد من أجل الجمهورية فقد صدرت له، حسب «تقدمي»، أوامر من الرئيس عزيز بأن يتحاشى أن يصدر الاقتراحان عنه».
وضمن الموضوعات، التي يتوقع أن يتضمنها جدول أعمال الحوار المرتقب، أكد موقع «كمبي صالح» الإخباري، أنها ستشمل محاور عدة بينها «الإصلاحات الدستورية، وتتضمن مقترحا بإلغاء غرفة مجلس الشيوخ ومقترحا بشأن نيابة رئيس الجمهورية»، إضافة «لمحور يتعلق بالإصلاحات السياسية، التي تؤمن حياد الإدارة، والتقطيع الانتخابي، واللجنة المستقلة للانتخابات، وقوانين النسبية».
وذكر الموقع أن «الحوار سيشمل مقترحات أخرى بشأن الحكم الرشيد واللامركزية، ونمط الحكم، ومحاربة الفساد، ومقترحا آخر يتعلق بالتوزيع العادل للثروة».
وفيما تتقدم التحضيرات للحوار على مستوى السلطة، تتمسك المعارضة الموريتانية الجادة بموقفها الرافض للمشاركة في «أي حوار يسعى نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز لإطلاقه بشكل أحادي».
واشترط الشيخ سيدي أحمد بابامين الرئيس الدوري للمعارضة في آخر تصريح له حول الحوار «التحضير المشترك للحوار بين المعارضة والحكومة قبل انطلاقة الحوار»، مؤكداً «أن التشاور شرط نجاح أي حوار».
وأوضح أن «تواصل المنتدى المعارض مع الحكومة لم يتجاوز لقاءات تمهيدية لم تفض إلى أية نتيجة، رغم أن التواصل ما يزال مفتوحاً لكن ذلك لا يعني اتفاقاً بين الطرفين على أي شيء لحد الآن». وجدد «استعداد المنتدى للدخول في حوار مع السلطة على أساس الوثيقة التي سبق وأن قدمها للحكومة والتي تتضمن رؤيته للحوار»، مؤكداً «أن المنتدى المعارض متمسك بوثيقته»، وفق تعبيره. وأكد بابامين «أن المعارضة الموريتانية راغبة كل الرغبة في حوار جاد مع السلطة، لكن التمهيد لهذا الحوار لم يستكمل رغم لقاءات كثيرة ودردشات كثيرة بين الطرفين».
وقال « نحن راغبون في الحوار ونطالب بتنظيمه من أجل ترسيخ الديموقراطية وبناء دولة القانون، وقد ضحت مكونات منتدانا بمواقعها الانتخابية من أجل الحوار، ومن غير المعقول اتهامنا بالعزوف عن الحوار أو اتهامنا برفضه».
وأضاف أن «الحوار الذي يسعى له المنتدى ويطمح له هو حوار حقيقي وجاد يخرج البلد من أزمته الحالية»، داعياً « السلطات لتدارس ومعالجة الممهدات الضرورية بما فيها التوقيت وطبيعة المشاركة والأهداف المرجوة»، وفق تعبيره. وإذا لم تحدث تطورات فإن دورة الحوار المرتقبة، ستشهد مقاطعة أحزاب سياسية كبرى بينها حزب تكتل القوى الديوقراطية بزعامة أحمد ولد داداه، وحزب «عادل» برئاسة الوزير الأول الأسبق يحيا ولد الوقف، وحزب «تواصل» المحسوب على إخوان موريتانيا، وحزب اتحاد قوى التقدم برئاسة محمد ولد مولود، وحزب حاتم برئاسة صالح ولد حننه.
عبد الله مولود