بغداد ـ «القدس العربي»: ابرزت الصحف العراقية بعض اهتمامات الشارع العراقي هذه الايام مثل انتهاك سيادة العراق ومخاطر المشروع الطائفي ومحاولات تفعيل الحراك الجماهيري ودعوات تقسيم نينوى وانتشار الفساد وأمل العراقيين في الجيش واضرار الافكار الشوفينية.
قانون للتدخل الخارجي
ونشرت صحيفة الزمان المستقلة مقالا للكاتب فاتح عبد السلام جاء فيه ، «هل بات قدراً محتوماً لا فكاك منه بقاء العراق ساحة للتدخلات الخارجية تحت ستار الطلب الحكومي أو مكافحة الإرهاب العالمي؟.
متى تنتهي قصة مفتاح الخراب، ذلك انّها عندما بدأت بإسقاط صدام حسين بغزو خارجي قبل ثلاثة عشر عاماً، كان كثير من المغفلين يتصورون أنّ الأمر انتهى بانتهاء المهمة وجلب حكم جديد، ولكن وضع العراق بعد انهزام قواته المسلحة في الموصل وتكريت في ساعات أمام أنفار من تنظيم الدولة ازداد سوءاً، وجرى رفع راية التدخل الخارجي عن طيب خاطر وانشراح صدر ومباركة عمائم، ونسينا الدعوات التي استهلكتها بعض الأحزاب ذات الإلهام الفارسي للتخلص من الاحتلال الأمريكي قبل خمس سنوات، ليصبح من جلس على الكرسي أو افترش مائدته حولها في حال استجداء للجيش الأمريكي الذي أنكروا (فضله) وتوهموا انهم أسقطوا صدام من دونه، ليخلصنا من احتلال داعش وايقاف زحفه إلى بغداد. وبذلك بات أمراً عادياً بقاء العراق مشرعاً لتدخلات عسكرية دولية رسمية وغير رسمية. ولا أرى في ذلك غرابة مع نقص تأهيل الساسة العراقيين ليقوموا بحكم العراق بطريقة بناء بلد وحفظ كرامة شعب وأرض. لكن ذلك الوضع القائم حتى اللحظة لا يتسق أبداً مع السيادة التي قد تتوافربدرجات أعلى وأوضح لدى أية شركة عملاقة متعددة الجنسية لها تأثير في السوق والسياسة الدولية. ما الحل؟ ما دام لا أحد يعترف بأسباب الهزيمة أمام داعش ويحاسب بائعي دماء الشهداء ومبددي أموال العراق.
ما الحل ؟ مادامت هناك أوهام في رؤوس، أقل ما يقال عنها، متعفنة بالجهل والطائفية تصر على تكرار الفظائع ولا أقول الأخطاء.
لم يبق أمام برلمانكم إذا أراد أن يصدق مرة إلا أن يسن قانوناً يسمح للتدخل الخارجي تحت أي مسمى، لكي يرفع الحرج عنكم وعن حلفائكم في الجوار.
المشروع الطائفي يجدد نفسه
ونشرت صحيفة الصباح الجديد شبه الرسمية، مقالا لعبد المنعم الاعسم ذكر فيه ان «المشروع الطائفي يجدد نفسه على الدوام، فيختلط بالسياسة والفقه والتاريخ والدعاية والأكاذيب ليقدم لنا وصفة منقحة، مغشوشة، للحرب الأهلية، التي لا تعدو عن كونها حرباً جاهلية، وابطالها محاربون من فصيلة دم واحدة، وإن تحدروا من طائفتين.
وبأردية ولغة وسيناريوهات جديدة يندفع هذا المشروع المصنّع، الآن، إلى مقدمة مسرح الصراع السياسي، ساعياً ـ في تبكير مخطط له للانتخابات ـ إلى أن يضع الملايين من اتباع الطائفتين في خيار من شقين أحلاهما مرّ، فإما ان تقبل الطلاق والانفصال وشق النسيج الوطني إلى كيانين، وإما ان تتجرع القتل الجماعي على دفعات.. بالتحديد مثلما يخيرنا اللص بين كل ما نملك أو الموت، فنسترخص اسباب الحياة نظير ان نبقى على قيد الحياة.
المشروع الطائفي، يغير من الجبهتين، على الجبهتين، ومن زاوية يبدو للمحلل الموضوعي أن الطرفين يعقدان تحالفاً غير مكتوب لإدارة اللعبة الغاشمة في كل مكان وموقع عمل وعبادة ويتبادل الاتهامات بطريقة مرسومة وعلى مستوى عال من التنظيم بحيث تثير الذعر والذعر المقابل على اوسع نطاق، ثم يأتي دور ساسة الأحزاب الطائفية ليقطفوا الثمار ويمسحوا الدماء الطاهرة بخرق من التطمينات المغشوشة، وتكرار القول بأن الطرف الثاني هو الطائفي والمسؤول عما يجري، وفي النهاية: اعطونا ولاءكم لنحميكم.
بوجيز الكلام، النسخة المنقحة للمشروع الطائفي تهدد هي ايضاً باقالة العراق من الخارطة».
الائتلاف الاجتماعي للتغيير
وكتب فارس كمال نظمي مقالا في صحيفة المدى المستقلة، ذكر فيه، «بالنظر للعجز الوظيفي المتزايد وحالة الاحتضار السياسي المتفاقمة التي تبديها سلطة المحاصصة الإثنية في العراق حيال خيار الإصلاح السياسي الجذري، وما يترتب على ذلك من اتساع حجم الفراغ السياسي الذي بات يهدد سلامة الدولة والمجتمع..
وبالنظر لاتساع المشاعر الشعبية بحتمية التغيير السياسي البنّاء الذي انبثقت ضرورته من تهرؤ شرعية السلطة الحالية موضوعياً وذاتياً..
وبالنظر للنضج الأخلاقي الفريد الذي أبدته قطاعات مهمة من الجماهير العراقية، وغالبيتها من الشباب، طوال الشهور الماضية، في حراكها الاحتجاجي السلمي المرتكز عفوياً إلى فلسفة اللاعنف..
وبالنظر للضرر غير القابل للإصلاح الذي أصاب هيبة الدولة العراقية ومكانتها التاريخية بسبب الأداء الفاشل والرث للسلطة، بالتزامن مع رغبة شعبية متعاظمة لاستعادة مشاعر الكبرياء والكرامة الوطنية..
بالنظر لكل هذه العوامل، تبرزُ حاجة موضوعية إلى بلورة إطار هيكلي ينظم أداء الجماهير المدنية في مساعيها الاحتجاجية ضد نظام الطائفية السياسية وما أنتجه من فساد سلطوي ودولتي غير مسبوق، وتردٍ كارثي في قطاع الخدمات، وتضاعف أعداد الفئات الفقيرة والمهمشة بالملايين مع غياب الحد الأدنى من الضمانات الاقتصادية والاجتماعية لهم، وتطرف ديني إرهابي ابتلع مساحات واسعة من أراضي البلاد.
ويمكن لهذا الإطار أن يتخذ صيغة تجمع احتجاجي بتسمية أولية قابلة للتعديل هي «الائتلاف الاجتماعي العراقي» يضم كافة الشخصيات والجماعات والتنسيقيات الراغبة بالانضمام إليه من كل المحافظات العراقية. وهو يستهدف في مراحله الأولى أن يكون تجمعاً شعبياً يسعى لحشد جهود الجمهور المدني المنخرط في الحركة الاحتجاجية، ويبتعد عن تبني أية أطر ايديولوجية أو سياسية محددة، إذ يمارس نشاطه السلمي بوصفه حركة اجتماعية مطلبية تنادي بإصلاح بنية السلطة السياسية الحالية جذريا».
مكونات نينوى
وتناول المقال الافتتاحي لصحيفة المشرق المستقلة، دعوات تقسيم نينوى، جاء فيه، «نينوى مهددة بوحدتها الإدارية والبشرية والجغرافية ومرشحة «أمريكياً!» للتحول من محافظة تلم جميع مكوناتها إلى مجاميع من الشراذم المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل في سبيل إنشاء أربعة كانتونات للتركمان والمسيحيين واليزيديين والشبك وكل كانتون له علَم وسيادة ودستور وحكومة ووزراء!
الجمهوريون والديمقراطيون يدعمون مطالب المسيحيين تحت شعار «الحفاظ على المسيحية في الشرق الاوسط» وهو شعار المؤتمر الثالث للمسيحيين الذي سيعقد في الولايات المتحدة خلال أيام.
لماذا قاتل أهل الشمال الأمريكي أهل الجنوب الأمريكي بكل ضراوة وأعادوهم إلى الحظيرة الوطنية وحافظوا على وحدة البلاد الأمريكية بينما تستهين أمريكا بوحدة العراق بل وتشجع على تفكيكه وإضعافه؟
المسيحيون لهم حقوق يجب أن تمنح ويجب على العراقيين الحفاظ على هذا المكون الذي تعرض للسحق والإبادة على يد التنظيم المجرم وكذلك الحال مع اليزيديين لا أن تطلق بعض الأفواه في بعض الأوساط المسيحية واليزيدية اتهامات وإهانات ضد العرب في نينوى.
عراق اليوم في محنة حقيقية وإن جميع المكونات في امتحان أخلاقي وتاريخي كبير وهائل وسيحاسب كل عراقي وكل مكون عراقي على موقفه من وحدة البلاد».
شكر للفاسدين
ونشرت صحيفة العالم، مقالا عن الفاسدين، جاء فيه، «أشعر أن هنالك خطأ كبيرا ارتكبه الشعب العراقي؛ حيث لم يقدموا الشكر والتقدير والعرفان لبعض الطبقة السياسية الفاسدة، وهؤلاء السراق وأغبياء المواطنة والخونة، الذين ارتكبوا أخطاء جسيمة وبحاجة لنا أن توقف عندها ونشكرهم، ونقول لهم أن ثلث الوطن ضاع ونهبت ثروته، وكشفوا أمامنا وجوه كنا نعتقدها مقدسة ومجاهدة ونُقاسمها رغيف الخبز والمعناة؛ لذا الشكر يأتي لأنهم علمونا دروس الوطنية وأن الأخطاء الفظيعة أنزلتنا إلى درك إنهيار الدولة وفقدان الوطن، ومن الدروس؛ تطور الديمقراطية والتمييز بين الغث والسمين والصادق والكاذب. ثمة قرائن وشواهد تدلل على أن بعض من الطبقة السياسية؛ بمنتهى السفاهة والجهل والحماقة والإصرار على الأخطاء والفشل، وكل أزمة لها إرتباط بسابقتها وأسوأ منها، وكأنهم يشحذون الهمم ويستجدون الألفاظ والخطابات والأفعال؛ لمزيد من المآسي والنكبات والإنحدار إلى هاوية الأنانية، وعندما يتفجر الغباء لا تجد؛ إلاّ تقسيم لمغانم ومكاسب فئوية لا تتعدى فترة ثم تعود بالنقمة على فاعلها وشعبها.
إن الشعب العراقي تلقى كيلا من الضربات، التي دفعت كثير من عقوله للصحوة والإنتباه، ومن هول النكبات والأخطاء تعلم؛ أن الملمات إستنهاض للهمم وصحوة ضمير وتحديد بوصلة وتشخيص الأخطاء والمخطئين، وأن النجاح مبني على تجاوز الخطأ والخطيئة.
ومن والواجب على المجتمع شكر كل فاشل وغبي سياسي؛ تصدى للمسؤولية ولم يك قدرها، وإنحدر إلى إنحطاط أخلاقي وسياسي، وأنها دروس نشكر من وقع في أخطائها ليعلمنا طريقنا الصحيح، وإذا أعدنا الأخطاء سنكون شركاء من إنحدر بنا إلى هكذا واقع، فألف ألف شكر للفاسدين والأغبياء والسراق والخونة».
الجيش… أمل العراق
ونشرت صحيفة طريق الشعب الصادرة عن الحزب الشيوعي مقالا جاء فيه، «يرى الكثير من المراقبين والمحللين، ان الجيش العراقي صار يشكّل أملاً كبيراً للعراقيين الآن من اجل تلاحم مكونات البلاد، بعد ان سادت العسكرة فيها، بسبب الغزو الخارجي واخطائه الكبرى والتدخلات المسلحة والإرهابية لبلدان الجوار، وصولاً إلى الحرب ضد التنظيم الإجرامية الإرهابية، التي صارت تشارك فيها ابرز واقوى دول العالم، اضافة إلى انواع الإرهاب المستشري وبسبب الصراعات الطائفية التي لا تتوقف.
في وقت صارت فيه القوة ركناً هاماً للحكام المتنفذين وللقوى السياسية المتأسلمة التي تستطيع عمل الكثير بالتلويح بالقوة، ان لم تستخدمها اساساً في فرض ما تريد بالميليشيات التي لا يحكمها القانون الحكومي، فيما تحاول اوساط متنفذة ونيابية شمول ميليشيات بـ (حصانة) من المحاسبة، بسوق اسباب متنوعة.. في اجواء وادوار اقليمية يسود فيها منطق وممارسات القوة والتلويح بها.
ويحمّل متخصصون مسؤولية الضعف في الجيش، على قيادات عسكرية فاسدة واخرى تدين بالولاء لأشخاص لا حدود لأطماعهم ولا خبرة عسكرية لديهم ابرزهم المالكي في دورات حكمه، على حد وصف وكالات أنباء محايدة، اضافة إلى اهمال وطرد أعداد كبيرة من الضباط الذين تحتاج البلاد كفاءاتهم، بجريرة كونهم من العهد المباد دون التريث بدراسة اوضاعهم.
في وقت تتزايد فيه المطالبات بالتشديد على حصر السلاح بيد الدولة، وعدم السماح للمظاهر المسلحة خارج المؤسسات الرسمية من خلال ميليشيات او جماعات مسلحة مهما كانت مسمياتها، التي تتستّر بها انواع العصابات الإجرامية، وتستّرت وتتستر بها انواع التدخلات والمخططات الخارجية.
تتوجه الآمال إلى الجيش لأنه يوحد العراقيين على طريق الأهداف العادلة في مستقبل افضل، ولكونه اداة فاعلة للتآخي بين كل المكونات العراقية، ان أُحسن بناؤه وتوجيهه».
القومية المفرطة
وكتب كفاح محمود كريم مقالا في صحيفة التآخي المقربة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، جاء فيه، «حينما يصل الشعور بالانتماء إلى العرق مستوياته العليا يكون قد بدأ بإلغاء الآخرين لحساب ذلك الشعور، وعن طريق يدخل تدريجيا إلى مرحلة التعصب الأعمى، الذي يمقت أي عرق آخر ويتصور بأنه العرق الأنقى والأكثر حقا بالعيش والاستحواذ على السلطة والمال وفرص الحياة من الأعراق الأخرى، التي ينظر إليها المتعصب وكأنها مخلوقات أقل آدمية منه، ولأجل ذلك دفعت البشرية نظير ذلك الشعور عشرات الملايين من البشر قتلى ومعاقين وعبيد.
ومن تداعيات تلك الأفكار انتشرت في شرقنا عموما مشاعر تقترب أحيانا كثيرة من الأفكار الشوفينية، وأحيانا أكثر من الشعور الطبيعي بالانتماء إلى عرق معين أو قوم ما، بما نستطيع أن نطلق عليه الشعور القومي المفرط الذي بدأت أولى براعمه مع انهيار الدولة العثمانية وظهور الطورانية السياسية بقيادة كمال أتاتورك في تركيا الحديثة، ومن ثم في العراق وسوريا والعديد من بلدان الشرق الأوسط التي استخدمت أنظمتها السياسية شعورا قوميا مفرطا تجاه المكونات العرقية المختلفة عنهم قوميا ودينيا او مذهبيا، حيث تعرض الأرمن والكرد والشيعة والإيزيديين والمسيحيين واليهود والبهائيين إلى أبشع أنواع الصهر والإلغاء والتهجير، بل وحتى الإبادة الكلية كما حصل للأرمن والكرد قبل نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين، وتبعتها عملية التتريك والتفريس والتعريب سيئة الصيت لمعظم المكونات العرقية المختلفة في كل من تركيا وإيران والعراق وسوريا، أنتجت جميعها عمليات إبادة جماعية وثقافية منظمة.
إذ دفعت شعوب الدول متنوعة المكونات القومية والدينية في الشرق الأوسط، بحورا من الدماء تحت مظلة الوطن الواحد والشعب الواحد، وقد أثبتت تجربتها على مدى ما يقرب من قرن من الزمان، وبمختلف أشكال النظم السياسية التي حكمتها، فشل إقامة دولة المواطنة بمنظور مدني متحضر، وعليه فقد آن الأوان للمجتمع الدولي ومؤسساته، أن يستفتي هذه المكونات العرقية والقومية والدينية والمذهبية على مصيرها وشكل الحكم الذي تريده سياسيا وجغرافيا لضمان حياتها وأمنها وتطورها، وبدون هذا الخيار سننتظر حروبا أكثر شراسة ووحشية في ظل حكومات القومية المفرطة والتدين الأعمى».
مصطفى العبيدي
شكراً للاستاذ العبيدي الذي يوجز لنا بين الفينة والاخرى اَراء الصحفيين العراقيين ” الاحرار ” فيما يكتبون ويعلّقون على كل ما يخص ويتعلّق بشؤون الوطن منذ 2003 وان دل هذا على شئ فأنما يدل على ” حرية القلم والصحافة في العراق وبالتالي أنفراد ” السلطة الرابعة ” بأستقلاليتها (علماً أننا جميعاً كنا نعلم أن الاعلام في جميع منابره كان بيد الحاكم والدولة المستبدة كما كان الحال في عراق صدام حسين) وهذا طبعاً يدعوا للتفاؤل والامل في أن السلطة الرابعة ” العراقية ” سيكون لها الديمقراطية والحرية والاستقلالية في مراقبة السياسة والسياسيين العراقيين خارج ” قبة البرلمان العراقي “….بالمناسبة أستاذنا العبيدي فأنت من هؤلاء الصحفيين العراقيين ” الديمقراطيين الاحرار”… فطوبى لكم جميعاً !!!