السعودية وتركيا تتجرعان «الخذلان الأمريكي» أنقرة تلقي بثقلها لدعم الرياض أملاً في تفعيل «التحالف الإستراتيجي»

حجم الخط
6

إسطنبول ـ «القدس العربي»: تُبدي تركيا دعما متسارعا وكبيرا جداً للسعودية في مواجهة قانون «جاستا» الأمريكي الذي يهدف إلى مقاضاة المملكة، في موقف يُظهر رغبة أنقرة العالية في توطيد علاقات أوسع وأقوى مع الرياض التي ظلت مترددة لفترة طويلة في تفعيل «التحالف الإستراتيجي» مع أنقرة.
وبات ما تطلق عليه وسائل الإعلام التركية «الخذلان الأمريكي» عاملاً مشتركاً يجمع بين السعودية التي تنتظر النتائج «الكارثية» لإقرار القانون الأمريكي الجديد، وبين تركيا التي ترفض واشنطن تسليمها فتح الله غولن المتهم بقيادة محاولة الانقلاب وتواصل دعم المليشيات الكردية التي ترى فيها أنقرة خطراً كبيراً على أمنها القومي.
وبين التردد السعودي السابق، والحماس التركي المتزايد لـ«تحالف إستراتيجي» يستطيع تعزيز دور ومكانة البلدين في الأزمات المتلاحقة في الإقليم المتوتر، وجد الطرفان نفسيهما أمام تحد واحد يفرض عليها رفع مستوى التنسيق والتعاون كحد أدنى حول العديد من الملفات المشتركة في المنطقة، وهو ما جسده تصريح لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن نايف، قال فيه «نحن وتركيا مستهدفون ونحتاج لبعضنا البعض».
والأربعاء الماضي، أبطل الكونغرس الأمريكي «فيتو» الرئيس باراك أوباما بشأن مشروع القانون المسمى «العدالة ضد رعاة الإرهاب»، بعد أن صوت مجلسا النواب والشيوخ في جلستين منفصلتين على رفض نقض أوباما، وبالتالي رفض مجلس الشيوخ الأمريكي «فيتو» الرئيس بشأن مشروع قانون يسمح للناجين وعائلات ضحايا هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 بمقاضاة دول أجنبية في قضايا الإرهاب ويستهدف بالدرجة الأولى السعودية، والأحد قامت أرملة أمريكية لأحد ضحايا الهجمات، برفع دعوى قضائية ضد المملكة العربية السعودية، بزعم دعمها هجمات إرهابية على الأراضي الأمريكية.
وعلى الرغم من مرور أشهر على توقيع اتفاقيات تتعلق بالتنسيق والتعاون الاستراتيجي بين تركيا والسعودية، لم تبد الرياض حماساً كافياً لتفعيل هذه الاتفاقيات وتطبيقها على أرض الواقع، إلا أن وقوف تركيا الواضح إلى جانب المملكة في أزمة الحج مع إيران، ومعارضتها العلنية للقانون الأمريكي الذي يستهدف السعودية من المفترض أن يدفع الرياض إلى إعادة حساباتها والسعي لتوطيد العلاقات بشكل أكبر من أنقرة.
الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وبعد أن وجه انتقادا شديدا إلى قرار الكونغرس، قال في خطاب له أمام البرلمان التركي، السبت: «إن قرار الكونغرس السماح بإجراء ملاحقات بحق السعودية هو أمر سيء.. هذا الأمر ينافي مبدأ المسؤولية الفردية في حال وقوع جريمة. نامل بإعادة النظر في هذا القرار الخاطىء وتصحيحه في أسرع وقت».
لكن أردوغان رفع لاحقاً حدة هذه التصريحات، وقال في لقاء تلفزيوني، الأحد، إن «تركيا والسعودية مستهدفتان.. هناك تطورات وقحة جدا ضد العالم الإسلامي وعلى بلدان العالم الإسلامي التضامن لمواجهتها»، مضيفاً: «المملكة وتركيا مستهدفتان وكذلك إذا ما نظرنا إلى التطورات في سوريا وليبيا والعراق وتونس، هذه التطورات لا يمكن أن نتركها جانبا، هذه التطورات ليست بمعزل عن بعضها البعض».
واستطرد: «في واقع الأمر نجد أن كافة المكائد والمخططات موجهة للعالم الإسلامي، وبالتالي يجب على بلدان العالم الإسلامي أن تتضامن»، محذراً من مغبة عدم التضامن، قائلا: «وإن لم يتحقق هذا التضامن فإننا سنخسر الكثير، وسنجد الكثير من النزيف».
وقالت وسائل إعلام تركية إن أردوغان وجه وزيري الخارجية والعدل التركيين بضرورة عمل كل الممكن من أجل مساندة السعودية في مواجهة القانون الأمريكي.
وتأمل تركيا من السعودية تفعيل تعاون أكبر بين البلدين في المجالات السياسية والأمنية لا سيما المتعلقة بالأزمة السورية ومحاولة إيجاد تكتل إقليمي يستطيع الخروج عن محددات السياسة الأمريكية في المنطقة وبشكل خاص الفيتو المتعلق بمنع تسليح قوات المعارضة السورية بأسلحة متطورة، وربما السعي لمشاركة قوات برية سعودية في عملية درع الفرات لتوسيعها وفرض مخطط المنطقة الآمنة في شمال سوريا. كما تسعى أنقرة بقوة إلى أن تجتذب الاستثمارات السعودية لا سيما وأن الولايات المتحدة التي كانت الوجهة الأولى لمليارات المملكة باتت مكانا غير آمن ومن المتوقع أن تسعى المملكة لإيجاد أسواق جديدة لها بعيداً عن السوق الأمريكي الذي بات يهدد بتجميد الأموال السعودية بفعل القانون الأخير.
في المقابل ربما تسعى السعودية إلى إحداث اختراق في موقف القيادة التركية تجاه مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي لتحقيق تقارب في مواقف حلفائها، وفي هذا السياق أبدى أردوغان ليونة جديدة اتجاه السيسي عقب زيارة ولي العهد السعودي بتأكده ضرورة تحقيق تقارب اقتصادي وإمكانية حدوث تقارب سياسي مع مصر، لكنه اشترط للأخيرة إطلاق سراح مرسي والمعتقلين السياسيين على خلفية الانقلاب.
وزير الثقافة والإعلام السعودي عادل زيد الطريفي أشاد بالعلاقات النموذجية بين بلاده وتركيا، وأكد في تصريحات نشرتها صحيفة «ديلي صباح» التركية أن «أمن تركيا هو أمن السعودية والعكس بالعكس.. أمن تركيا مهم للمنطقة بأسرها»، لافتاً إلى أن السعودية تتعاون عن قرب مع الحكومة التركية لمنع أي عمليات من قبل أتباع غولن في السعودية أو المنطقة.
وفي هذا السياق، رأى رئيس تحرير صحيفة «يني شفق» التركية المقربة من الحكومة «إبراهيم قرة غُل»، إن «قانون جاستا» «لا يهدف لنهب ثروات المملكة العربية السعودية فحسب، بل جاء بمثابة أوّل إشارة لخطة الولايات المتحدة للهجوم على قلب المنطقة على غرار احتلالها للعراق وأفغانستان».
وقال في تغريدة نشرها عبر حسابه في موقع «تويتر»، إن القانون «فتح المجال أما عائلات ضحايا محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا لمقاضاة الولايات المتحدة أيضًا، لأن مُدبّري الانقلاب يقيمون في مدن أمريكية حاليًا»، معتبراً أن «القانون الأمريكي يُعد بمثابة إشارة لخطة أمريكية تهدف لنهب مليارات الدولارات التابعة للملكة العربية السعودية، والاستعداد لشن هجوم ضد الأخيرة مستقبلا».
وزار ولي العهد السعودي محمد بن نايف برفقة عدد كبار من المسؤولين السعوديين، تركيا، يومي الجمعة والسبت الماضيين، حيث قلده أردوغان وسام الجمهورية، مثمّنًا زيارته إلى تركيا في فترة وصفها بـ«الحرجة».

السعودية وتركيا تتجرعان «الخذلان الأمريكي» أنقرة تلقي بثقلها لدعم الرياض أملاً في تفعيل «التحالف الإستراتيجي»

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    الحل الوحيد لمجابهة الحلف الصفوي الصليبي الصهيوني هو بالإتحاد رغم الخلافات لمصلحة السنة المستهدفين بكل مكان
    والسؤال هو : ماذا تفعل منظمة التعاون الإسلامي غير الشجب ! و لماذا لا تتكون نواة لجيش إسلامي ؟
    أليست الباكستان دولة إسلامية نووية ؟ اللهم فك أسر الرئيس الأسلامي الدكتور مرسي
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول مراقب.المانيا:

    التحالف بين القوتين الإقليميتين. لا يقدم ولا يؤخر اذا لم تكن مصر متحالفة.معهما.لكن المشكلة ألأخرى الحادة .أن هذه الدول الثلاثة مقيدة بشكل كبير ..معاهدات واتفاقيات .وتفاهمات.مع الدول الكبرى .يعني أوراق الضغط ضعيفة للغاية..تركيا تتحرك ضمن الشطرنج ااروسيي.المملكة الشقيقة بكل الأحوال بحاجة للغرب في ظل التحديات القوية على حدودها.من جهة العراق أو اليمن. أما مصر العرب فلا تتحالف مع الذي رفع شعار رابعة في القصر الجمهوري في اتقرة. الحل ؟؟؟؟.ترك السلطان وخطوطه الحمراء واطماعه.بالارض العربية وخاصة في حلب والموصل. والبحث عن حلولا عربيا لمشاكلنا. ..كيف؟؟؟؟.العودة إلى المسلمات وإلى التطلعات القومية التي على أساسها تحررنا من الحكم العثماني والفرنسي.وان نحيي شعارات الثورة الفلسطينية .وان يكون هدفنا ولقاؤنا.في القدس .والتوفيق من الله عزه وجل .

  3. يقول هشام. د:

    نحتاج لرجال من طينتك يا شيخ كروي، يا ريث تترك رغد العيش في النرويج وتعود لتشارك الشعوب المغلوبة على أمرها المحن ونوائب الدهر، فالشعوب المنهكة في أشد الحاجة أكثر من أي وقت مضى لمن ينير لها الطريق ويشحذ العزائم ويشاركها السراء والضراء قولا وعملا.

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      حياك الله عزيزي هشام وشكراً لطيب كلامك وأنا بالخدمة وحيا الله الجميع
      مكاني المناسب هنا بالقدس العربي لاسيما أني أعمل بالسياسة هنا بالنرويج
      بسم الله الرحمن الرحيم
      وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122) التوبة
      ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول عبد الرزاق شوقي من المغرب:

    لا شك انها خطة من الولايات المتحدة لنهب خيرات السعودية وباقي دول الخليج تباعا بعدما ويلات امريكا في حروبها الاخيرة في الشرق الاوسط واستعادة بعض اموالها التي خسرت في الحروب

  5. يقول zaki:

    ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب ان أمريكا كالعقرب تلدغ الصديق فبل العدو

إشترك في قائمتنا البريدية