من «جيمس بوند» إلى «جين بوند»!

أحرص في باريس على مشاهدة المعارض الدورية في المتاحف، غثها وسمينها. وآخر ما شاهدته في مجمع «لافيليت» المعرض الطريف بعنوان «جيمس بوند» ويضم معظم أسلحته السرية في مواجهة (عدوه) كساعاته المتفجرة وسياراته الاستثنائية ومسدساته الخاصة وغير ذلك من بضاعة (الاستثارة) الناجحة للمتفرج في أفلامه، ولا أنزه نفسي عن ذلك فقد شاهدت أفلامه كلها!!..
الجميل جداً في المعرض إنه يذكرنا بتطور النظرة إلى المرأة في الغرب من خلال مواقفه (الجيمسبوندات) نحوها. فقد كانت الجيمسبوندية تمثل «المرأة الدمية»، الجسد الجميل للمتعة التي ترمي بنفسها على جيمس بوند. وكان رئيس جيمس بوند وآمره رجل ستيني في مكتب تقليدي (والسكرتيرة) بصورتها التقليدية في زمن غربي مضى (أرجو أن يكون قد مضى عربيا!) وهي (موني بيني) سكرتيرة رب العمل الخانعة التي تتنهد شوقاً للحب حين يدخل جيمس بوند إلى المكتب وقد يتعطف عليها بقبلة على خدها. وبعدها تطورت الصورة من نساء بوند الجميلات الخانعات القادمات من أحلام ذكور «شوفينيين» والجميلات الخارجات من البحر في ثياب مختزلة للإغراء، إلى نساء لاعبات رئيسيات في حقل الإجرام أيضاً (وهو دور لعبته مثلاً الفرنسية الجميلة صوفي مارسو بمهارة استثنائية وهي التي تعيش هذه الأيام (وهي في الخمسين حكاية غرامية ملتهبة (على طريقة جين بوند الأنثى لا جيمس بوند مع شاب ثلاثيني هو سيريل لينياك (الطباخ الكبير الشهير) وفي فرنسا هو برتبة رجل (دولة)! وهي (كوغار) أي امرأ يبادلها الحب شاب يصغرها سنا بكثير.

تبدلوا، وتبدلت صورة المرأة

من المفترض ان يكون جيمس بوند دائماً شاباً تحت الأربعين ليستطيع مقارعة خصومه وإغواء النساء. وهكذا كان لا مفر من تبديل الممثل ليظل بوند شاباً. ولكن ما حدث للنساء في أفلامه هو على نحو اكثر عمقاً، إذ لم تعد المرأة/الدمية بطلة أفلامه بل صار المدير امرأة خمسينية لا تغازله ولا تبالي به كذكر وتصدر له الأوامر بكل وقارها الخمسيني..
وهذا التطور إعلان عن تغير «صورة المرأة» من «دمية جنسية» إلى الرئيسة في العمل، الآمرة الناهية.
وانتقلنا من عصر «جيمس بوند» إلى زمن جين بوند في الغرب.
ولا نجد رئيسته تحاول تحويله إلى «دمية جنسية» كما كان هو يفعل بنساء أفلامه بل جاءت المرأة الأكبر سناً، الأعلى رتبة على درجة كبيرة من الحزم والإنسانية دونما شهوات جنسية.. إنها «جين بوند» لا جيمس بوند. إنها المرأة العصرية التي تحترم التزاماتها المهنية وصلتها بالرجل الوسيم (موظفها) ليس الشيطان ثالثهما!

احد وجوه المرأة العصرية: (الكوغار)

في القاموس الغربي دخلت تسمية (كوغار)، أي المرأة التي تكبر سناً حبيبها بحوالي خمسة عشر عاماً على الأقل.. ومعظم نجمات هوليوود (كوغار) يظهرن مع شبان عشاق صغار..
ولكن علاقات (الكوغار) لم تتسرب بعد إلى أفلام جيمس بوند بصفتها من المرايا العاكسة للعصر، ولم نشاهد حتى الآن على الشاشة جيمس بوند يعشق امرأة تكبره سناً، بل يحترمها (وهذا جميل) كما في علاقته مع مرؤوسته في العمل في أفلامه الأخيرة..

في سن ابنها!

ترى هل سنشاهد في فيلم جيمس بوند المقبل ذلك (البطل الأسطوري) عاشقا لامرأة تكبره سناً أم أن صندوق التذاكر (الذكوري) لا يسمح بذلك؟ في مجتمعاتنا العربــــية قامت القيامة على المطربة صباح حين أحبت شاباً أصغر سناً منها وتزوجت منه، لكن زواج رجل من صبية تصغره سناً بكثير يبدو لنا أمراً عادياً (وقامت القيامة) صحافياً عليها لأن حبيبها في سن ابنها.
في برنامج تلفزيوني حول المرأة (الكوغار) سمعنا شهادات فرنسية لشبان صغار تمتعهم العلاقة مع سيدة تكبرهم سناً حتى بعشرة أعوام أو أكثر. ورجال (الكوغار) لا يتقاضون مالاً، أي ليسوا ما يُدعى (التوي بوي) أي «الرجل الدمية» الذي يتقاضى مالاً بصفته (جيغولو).
وعلاقات (الكوغار) لا صلة لها بالمال بل بالحب على نحو ما كما يشهد بذلك بعضهم على شاشة التلفزيون الفرنسي.
إحدى السيدات قالت في برنامج متلفز مخصص (للكوغار) رأياً مختلفاً وهو أنها لا تستطيع مجرد التفكير بذلك لأنها ترفض أي علاقة بمن يقارب ابنها سناً لأنها ستشعر نحوه بمشاعر الأمومة الخالصة.. وهو رأي أعجبني حقاً واتفق معه.
والسؤال هو: هل يشعر بذلك بعض الذكور العرب في علاقاتهم مع صغيرات بسن بناتهم؟ إنها قضية شائكة لن أخوض فيها!!..

«جين بوند» كعارضة أزياء!

تبدل صورة المرأة في الفضاء العام الغربي تلحظه أيضاً في حقل الإعلان عن الثياب لشركة أوروبية شهيرة للأزياء إذ انتهى لديهم زمان المرأة الدمية وانتقلوا إلى زمن المرأة الحقيقية. وها هي عارضة تقدم زيا للسباحة ببطن مترهل (كمال هي حال الكثير من النساء في الحياة) في صورة من فنان تصوير الأزياء ازميرا بيستروم وأخرى بدينة بصدر عارم جداً وثالثة جالسة في المترو تعرض زياً وقد استرخت ولم تضم ركبتيها كما تجلس النساء بل بوضع مريح (ذكوري) بساقين منفرجتين.. وأخرى صورها الفنان السويدي كاجزا ويسبرغ حليقة الشعر فوق الجبين كالذكور.. والمشاهد تتوالى في الكثير من الإعلانات العصرية التي تتمرد على صورة المرأة التقليدية الدمية إلى امرأة حقيقية يحق لها ان تكون نفسها كالرجل! وقد شاهدت بعضاً من هذه الصور في تحقيق لدافيد ويلكس (جريدة الديلي ميل البريطانية 27/9/16) إلى جانب العديد من التحقيقات المشابهة التي لا يتسع المجال للإشارة إليها.
والسؤال هـــو: ماذا عن المرأة العربــــية والنظــــرة إليها في ربع القرن الأخير؟ هل تبدلت؟ وصوب أي اتجاه؟ تلك هي المسألة!!

من «جيمس بوند» إلى «جين بوند»!

غادة السمان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    ” إحدى السيدات قالت في برنامج متلفز مخصص (للكوغار) رأياً مختلفاً وهو أنها لا تستطيع مجرد التفكير بذلك لأنها ترفض أي علاقة بمن يقارب ابنها سناً لأنها ستشعر نحوه بمشاعر الأمومة الخالصة.. وهو رأي أعجبني حقاً واتفق معه.
    والسؤال هو: هل يشعر بذلك بعض الذكور العرب في علاقاتهم مع صغيرات بسن بناتهم؟ إنها قضية شائكة لن أخوض فيها!!.. ” أهـ
    لقد خضت فيها يا أستاذة غادة بتلميحك الذكي وإنتهى الأمر ! تذكري بأن صلاحية الذكر أطول
    إطمئني يا سيدة الياسمين : لا يفكر الرجال كتفكير النساء لأننا نختلف في أشياء كثيرة
    منها ما هو جسدي ومنها ما هو فكري ومنها ما هو نفسي وروحي وحسي وو
    الرجل حين يتزوج من هي في عمر إبنته تكون رغبته في تجديد شبابه
    أما البنت التي تتزوج من في عمر أبيها فإنها تبحث عن الدلال
    أي أن كل منهما يبحث عن ما هو محروم منه وبالحلال
    أحد أركان الزواج الأربعة هو بالإيجاب والقبول
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول أفانين كبة - مونتريال - كندا:

    مصممة الأزياء العالمية ( كوكو شانيل ) ، هي أول من انقذ النساء اللواتي كانوا حبيسات ” قالب الدُمى” الذي كان يشد على أجسامهم ويعيق أنفاسهم ودورتهم الدموية ، ليظهروا نحافة خصورهم وتضاريس أجسامهم . فتخلصت من طبقات الملابس العديدة والثقيلة ، وأختزلتها بقطع بسيطة أسوةً بالرجل ، و كانت تصاميم عملية ومريحة ولمصلحة المرأة ، وجميلة في نفس الوقت ولا تعيق حركة الجسم .
    أما سؤالك سيدتي عن المرأة العربية ، فمن الظلم أن نقارنها بالمرأة الغربية التي تنشأ على الاستقلالية والثقة بالنفس بالاضافة الى قوانين تحميها ومجتمع يفهمها . فهنالك قصور وتقصير في نشأة المرأة العربية في نواحي كثيرة ، بالاضافة الى قساوة المجتمع عليها ، وقوانين تهضم حقوقها , فهي أول من يضحي ، واخر من يستفيد !
    أفانين كبة
    كندا

  3. يقول Ahmad ismaeil /Holland:

    من اقوال الاستاذ محمد الماغوط

    في كل الامم
    المتاحف مزدحمة
    والمكتبات منتشرة
    الطب يحقق المعجزات
    الاقمار الصناعية تطلق بالمئات
    المختبرات الفضائية تصل للمريخ وعطارد واقاصي الفضاء
    ونحن غارقون في هذا سني وذلك شيعي وهذا حرام وذلك حلال!!

  4. يقول الكروي داود النرويج:

    يادعاة التـــحرير يكفي افتراءً قد عشقتم مرابــــــعَ الإفتراء

    عشقوا الغرب عشقنا للجـــنان نعشق الحور عشقــــهم للبغاء

    ونرى الدين تاج نصرٍ على الــرأ سِ وهم يسفلون نحــــو الغثاء

    يادعاة التغريب إنّا أُنـــــاسٌ قد رفعنا جبــــــاهنا للسماء

    عِزُّنا بالإلهِ والفــــــخرُ فينا بالنبــــــيِّ الكريم والأنبياء

    عَلَّمونا أن الحــــــياةَ جهادٌ دون أعراضــــنا ودون النقاء

    ماكفــاكم في الغرب مليون طفلٍ أنتجتهم خطيئة الدخــــــلاء

    أو بصدقٍ أقولُـــــها ملأَ فمّي نطفةٌ هم نتــــاجُ أهلِ (الزناء)!

    ماكفاكم مليـــــار أنثى تنادي أنقذونا من وطـــــئة الفحشاء

    وخذونا لديكمــــــوا وأرونا لذةَ الــــعيش في ربى الأنقياء

    واقتـــلونا من بعدها إن أردتم واجعلونا في هيئــــة المومياء

    ثم قولوا لقومنا إنَّ ديــــــناً يحفظ العرض ذاك ديـــن الصفاء

    – للإمام موسى الزهراني –
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  5. يقول Ossama Kulliah أسامة كليَّة سوريا/المانيا:

    أولاُ وحقيقة أدعوا وأؤمن بالتحرر لا التحرير! فهذا خطأ لغوي وطبعا المقصود هنا التحرر الفكري والاجتماعي والسياسي … ولا يمكن الفصل بينها بل هو عملية متكاملة يتقدم فيها هذا الهدف أو ذاك هنا وهناك زمنياَ أو مكانياَ أما شخصياً فأن متزوج بامرأة ولا أفكر بما يسمى التحرر الجنسي فالحياة الزوجية هي لنقل الطريق الذي سلكته دون غيره أم التحرر الجنسي الغربي فله مقابل شرقي وهناك نماذج كثيرة منهما ومنها تحت غطاء ديني. أما عن بعض ماجاء في المقال فالرجال عادة وليس بالضرورة بشكل فردي كل واحد بالذات هم لايفكرون إلا بالجنس كحق مطلق يبرره تفوقهم البيولوجي الجسمي على المرأة (أو حتى العقلي رغم عدم وجود أي دليل علمي) وسمعت مئات الآراء من هذا النوع وكثيرا من المدافعين عن ذلك ينتمون إلى كافة التيارات الفكرية التقليدية والدينية والحديثة أو المعاصرة فالرجال كالغرب في السياسة بالنسبة لهم المرأة عبارة عن “مصالح” للرجل. وأخيرا حسب تجربتي هنا في الغرب لم أجد أي سبب يجعل من المرأة لا تساوي الرجل حتى في الجنس والتفوق الجنسي للرجل له أثرة مع تقدم العمر لكن ليس له أهمية كبيرة وعلية لا أجد وبالفعل وأعرف أمثلة من الواقع أي سبب يمنع أي امرأة أن تعيش أو تتزوج رجل يصغرها سننا (ليس بدافع الاستغلال كما هو معروف عند الرجال والمرفوض طبعاً) ويذكرني ذلك بقول احد شعراء الجاهلية
    عشقتها شمطاء أولادها شيب وللناس فيما يعشقون مذاهب

  6. يقول Ossama Kulliah أسامة كليَّة سوريا/المانيا:

    أولاُ وحقيقة أدعوا وأؤمن بالتحرر لا التحرير! فهذا خطأ لغوي وطبعا المقصود هنا التحرر الفكري والاجتماعي والسياسي … ولا يمكن الفصل بينها بل هو عملية متكاملة يتقدم فيها هذا الهدف أو ذاك أما شخصياً فأن متزوج بامرأة ولا أفكر بما يسمى التحرر الجنسي فالحياة الزوجية هي الطريق الذي سلكته أم التحرر الجنسي الغربي فله مقابل شرقي وهناك نماذج كثيرة منهما ومنها تحت غطاء ديني. أما عن بعض ماجاء في المقال فالرجال عادة وليس بالضرورة بشكل فردي كل واحد بالذات هم لايفكرون إلا بالجنس كحق مطلق يبرره تفوقهم البيولوجي الجسمي على المرأة (أو حتى العقلي رغم عدم وجود أي دليل علمي) وسمعت مئات الآراء من هذا النوع وكثيرا من المدافعين عن ذلك ينتمون إلى كافة التيارات الفكرية التقليدية والدينية والحديثة أو المعاصرة فالرجال كالغرب في السياسة بالنسبى لهم المرأة عبارة عن “مصالح” للرجل. وأخيرا حسب تجربتي هنا في الغرب لم أجد أي سبب يجعل من المرأة لا تساوي الرجل حتى في الجنس والتفوق الجنسي للرجل له أثرة مع تقدم العمر لكن ليس له أهمية كبيرة وعلية لا أجد وبالفعل وأعرف أمثلة من الواقع أي سبب يمنع أي امرأة أن تعيش أو تتزوج رجل يصغرها سننا (دو) يذكرني ذلك بقول احد شعراء الجاهلية
    عشقتها شمطاء أولادها شيب وللناس فيما يعشقون مذاهب

إشترك في قائمتنا البريدية