ثورة على رداءة الدراما… بطلها اليوتيوب

حجم الخط
0

لبنان – ريان سعيد: تلتقط الدراما السورية «البعثية» أنفاسها الأخيرة، حيث فقدت في السنوات الأخيرة وهجها الذي جعلها متصدرة لأعوام، وينصرف صنّاعها اليوم نحو الافتخار بـ»الكم المُنتَج» في ظل «الأزمة»، وهو المصطلح الذي تكرس استخدامه في مسلسلاتهم التي قاربت كل الأمور إلا الواقع السوري، حيث الاقصاء سيد الموقف، ويخال للمشاهد أن معارضة النظام خيال إعلامي لا أكثر، فلا مظاهرات ولا قصف أو اعتداءات تُذكر؛ وحتماً لا ثورة في حساباتهم الدرامية… لذا ظهر ما يمكننا تسميته بـ»ثورة درامية» على المضمون.
اعتلى منبر الحريات «اليوتيوب» نموذجان شعَرا بضرورة نقد السخف الذي افترش شاشاتنا. الأخوان ملص «أحمد و محمد» لعلهما أبرز من نقد الدراما السورية من خلال برنامجهما «دراما ورمضان» حيث أعادا هذه التجربة للسنة الثانية عبر قناتهم الخاصة على اليوتيوب. تخرّج التوأم ملص من محترف دمشق المسرحي ومعهد أورنينا، شكّلا سوياً حالة من الإبداع وصلت إلى فرنسا حيث يستقران اليوم، لهما في السينما عدة أعمال حازا فيها على ألمع الجوائز العالمية، أبرزها جائزة هوليوود للأفلام القصيرة عن فيلم «رحلة البحث عن عباس كيارستامي»، وجائزة في مهرجان «فايرفري» عن فيلم «فيفا»، جائزة أفضل فيلم وأفضل ممثل من مهرجان «turbo» عن فيلم «115» للأفلام القصيرة، أما فيلم أيام الكرز الذي امتد تصويره لمدة سنة إبّان الثورة السورية في معرة النعمان حصل على جائزة مهرجان لوس أنجلوس كأفضل وثائقي طويل.
«بدأت الفكرة قبل سفرنا إلى سويسرا لعرض مسرحية قصيرة، حين شاهدنا قبيل رمضان 2015 «PROMO» للمسلسلات السورية التي شعرنا بأن نسبة الكذب وتلميع صورة الجيش الأسدي واضحة جدا ومقرفة». هكذا افتتح الأخوان ملص حديثهما عن فكرة البرنامج، وأضافا «قررنا أن نقوم بفكرة بعد أن شاهدنا الشعب المطالب بحريته مسوّقاً في الدراما بأنه ارهابي، لذا قررنا الاستفادة من خبرتنا المسرحية، وعزمنا تحميل فيديو على الفيسبوك، لنشاهد لدى عودتنا تفاعل الناس، وعندها قررنا الاستمرار.»
وعما إذا كان النقد الدرامي أحد نتائج الثورة يجيب الأخوان ملص: «النقد نتاج ثورة طبعاً، واليوتيوب إحدى الأسلحة التي أزعجت النظام، وستزعج أي ديكتاتور.» فيما يخص نقد الدراما قبيل الثورة وعما إذا كانت آنذاك فوق النقد، يجيبان «الفساد الدرامي موجود قيبل الثورة وطبعاً كانت هنالك أخطاء مثلما توجد أعمال خالدة، ولكن حالة التقديس للدراما هي التي انتهت اليوم، والموضوع مترابط جداً لو نظرنا إليه بعمق، فسقوط أول تمثال لحافظ الأسد هو سقوط لكل أنواع التقديس.»
استكملنا حديثنا فيما يخص خروج الدراما من جلدها والباسها ثوباُ مستعار، ليعلّقا بالقول «الدراما التي لا تحترم نفسها طبيعي أن تخرج من جلدها، يقول أمل دنقل: الفنان يجب أن يكون معارضاً، لأنه يحلم دائماً بواقع أجمل، في الدراما السورية يطبقون المقولة هذه بالعكس تماما.»
كان لا بد أن نعرج في حديثنا نحو مسلسلات البيئة الشامية وتحديداً باب الحارة، ليجيبا عنه بشكل ساخر «باب الحارة يشبه عمل (القازوز) أي المشروبات الملونة، سيئ جداً للصحة لكنه كما يقول أهل الشام (شغل وماشي) وبالتالي أهم ما في الموضوع هو الاستهلاك و(المعمل شغال)».
« اليوتيوب بالنسبة لنا كاستراحة محارب، أو كأنه مزحة تشيخوف في قصته القصيرة المشهورة، أعتقد أننا لبينا رغبة المشاهدين المهتمين ولم يكن الهدف هو السخرية بقدر التوضيح.» يجيب التوأم ملص بشأن نسبة المشاهدة الجيدة، وفيما إذا يبرران إيجابية النسبة لنيلهما من صناع الدراما استطردا ضاحكين «هدفنا النيل من الفكرة والنفاق الفني لا الأشخاص، فعندما يكون الفن فاسدا، سينتج فساداً في الجو العام حتماً لذا يكفي نكران للواقع واستسخاف لعقلية المشاهد.»
في المقلب الآخر، كانت الدراما السورية أيضاً على موعد مع ناقد جديد أضاف نكهة مختلفة بأسلوبه الذي جذب المشاهدين ببرنامجه «حمصوود»، يقدمه السوري عبدالرحمن دندشي وهو خرّيج سينما وإخراج، الذي أشاد الأخوان ملص به ووصفاه بـ»الصديق الذي لديه خطة واضحة ينفذها في عالم اليوتيوب وعادت عليه بنتائج جيدة» ويضيفا بشأنه، «عبدالرحمن شخص أكاديمي يفهم تماماً ما يقوم به وهذا مهم، ووجود هذا النوع من البرامج المستقلة التي تعبّر عن أفكار حرة، مهمة لنا كمجتمع عربي تعوّد على التقديس».
وفي حوار سريع مع عبدالرحمن دندشي الذي عرّف أن فكرة برنامجه «ترفيهية، ساخرة وغير معقدة تستهدف كل ما يعرض على التلفزيون والسينما عما قريب.» يُذكر بأن حمصوود سبق وأن نقد العديد من البرامج العربية أيضاً، أما فيما يخص رسالته كبرنامج تمنى ابن 27 عاماً «أن يتم تناول ما ننتقده في برنامجنا بطريقة جدّيّة تساهم في تطوير الدراما ليس السورية فقط بل العربية أيضاً « وأضاف في سياق أهمية النقد بأنه «أثبت مساهمته في التطوير على الصعيد السياسي والاجتماعي وفي الدراما والتلفزيون حتماً وهنالك نماذج عملية حصلت فعلاً في الدول الخارجية ساهم انتقادها إلى تطوير أدائها.»
ختم عبدالرحمن كلامه واعداً جمهور برنامجه بشمولية النقد قائلا «سنتوسع في انتقادنا ليشمل الدراما المصرية قريباً من ثم الدراما العربية وقد ننقد حتى الأفلام الأمريكية الجديدة، وأتمنى فعلاً أن يتطور البرنامج ويعود بالمتعة للجماهير، بالإضافة للفائدة ولو 1% على أن يلامسها الجماهير فعلاً». والجدير بالذكر أن نسبة المشاهدة لفيديوهات حمصوود وصلت لـمليوني مشاهدة وتلاقي رواجاً بين الجماهير التي لم تعد تتلقف وتصمت بل تشاهد وتنقد.

ثورة على رداءة الدراما… بطلها اليوتيوب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية