نواكشوط – «القدس العربي»: فاجأ الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أمس مؤيديه ومعارضيه على حد سواء، بإعلانه لأول مرة وبشكل لا لبس فيه، عن عدم نيته الترشح لولاية أخرى وأنه لم يسع لذلك قط.
وشكل هذا الإعلان الذي عرضه الرئيس ولد عبد العزيز ضمن خطاب ختم به أمس الحوار السياسي، ضربة قاسية غير متوقعة للمعارضة الموريتانية المتشددة التي بنت حراكها وخطابها على أساس توجه الرئيس ولد عبد العزيز، الذي تنتهي ولايته الأخيرة منتصف عام 2019، نحو تعديل الدستور للترشح لمأموريات أخرى.
ورفع هذا الإعلان الخاص بدورات ولاية الرئاسة، نسبة مؤيدي الرئيس ولد عبد العزيز في دهاليز التواصل الاجتماعي، حيث سجل مدونون معارضون له، إعجاباً واسعاً بتكتيكاته السياسية وتقديراً كبيراً لمناوراته.
وأكد الرئيس ولد عبد العزيز الذي انتزع من المعارضة خطابها المنحاز لحماية الدستور، «أن تعديل المادة 28 من الدستور يصب في مصلحة شخص واحد هو أنا محمد ولد عبدالعزيز الواقف أمامكم، ورغم أن الكثير من المشاركين طالبوا بتعديلها لكن لم يسبق لي أن طالبت بذلك تعديلاً أو تغييراً تحت أي ظرف كان، ولم يسبق لي كذلك أن تحدثت عن رغبتي في ولاية ثالثة، وبالتالي فان دستور الجمهورية لا ينبغي أن يكون موضوعاً لتلاعب البعض من خلال التعديل لمصلحة شخص أو فئة وإنما يجب أن يتم ذلك على أساس المصلحة العامة، سبيلاً لترسيخ الديمقراطية وهذا ما ينبغي أن نسعى اليه ونهدف له».
«وأود هنا التأكيد لكم كذلك، يضيف الرئيس الموريتاني، أنني لا أجد حرجاً في المطالبة بتعديل الدستور لصالحي ولا أخاف من ذلك بدليل أنني قمت في السابق بإلغاء الدستور، لكنني أعتبر أن ذلك لا يخدم مصلحة الشعب الموريتاني، وأنا مؤمن بالمحافظة على الدستور، وهذه القضية ينبغي أن تكون محسومة ومتجاوزة ولن يسمح باستخدامها لزعزعة أمن البلد واستقراره».
وأضاف «يجب أن نكون واضحين في هذا الشأن فما أعلنته بخصوص عدم رغبتي في مأمورية أخرى، ليس خوفاً ولا طمعاً وإنما حرصاً على المصلحة العليا للبلد التي ينبغي أن نضعها نصب أعيننا، وكل من تسول له نفسه زعزعة البلد بهذه الذريعة ستتصدى له الدولة وسيتم اتخاذ الإجراءات المناسبة لتوقيفه عند حده».
وقال «إن الهدف الأساسي لهذا الحوار هو ترسيخ الديمقراطية وتقوية الوحدة الوطنية، إذ لا مجال لطرح أمور شخصية لا تمت بصلة الى الشأن العام، ولا مجال لطرح أمر يخص شخصاً بعينه، وأعود اليوم لتأكيد أن هناك من دأبوا على محاولة التشكيك وإثارة الفتن والمشاكل لهذا البلد الغالي، حاولوا ذلك من خلال ركوب موجة الثورات التي كانت نتيجتها هدامة للأسف على بعض البلدان التي اجتاحتها ، ويحاولون اليوم الترويج لأكاذيب وادعاءات لا أساس لها ولم يسبق لأحد أن تبناها، ولا وجود لها إلا في خيال أولئك، لا لشيء سوى خلق مشاكل للبلد وربط مصيره بدول غير مستقرة لا أريد تسميتها».
وخاطب الرئيس الموريتاني معارضيه قائلاً «إن الهدف الأساسي من هذا الحوار هو ترسيخ الديمقراطية لمصلحة من شارك فيه ومن غاب عنه تماماً ومن علق مشاركته فيه في آخر المطاف»، (مشيراً هنا لرئيس التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير الذي قاطع جلسات الحوار بعد المشاركة فيها).
«فمخرجات هذا الحوار، يقول الرئيس الموريتاني، واضحة لا غبار عليها ولا لبس فيها، وسيتم تطبيقها لكونها لا تصب في مصلحة شخصية وإنما تصب في مصلحة الشعب الموريتاني برمته ومصلحة أجياله القادمة، فتقوية الوحدة الوطنية مهمة لتماسك الشعب الموريتاني الذي عانى في الماضي من مشاكل جمة استهدفت كيانه ووحدته، ويوجد بعض المسؤولين عن تلك المشاكل للأسف الشديد ضمن مقاطعي هذا الحوار ومن تقاعسوا عنه لعدم اهتمامهم بالشعب الموريتاني ومصلحته العليا وتقدمه وازدهاره».
وتابع بلهجة حادة «عندما أدرك هؤلاء أن الباب مسدود أمام تحقيق مآربهم الشخصية انبروا للترويج للأكاذيب، وما جرى الحديث عنه بشأن المادة 26 من الدستور و المادة 28 إنما يتعلق بمطالبة البعض (مسعود ولد بلخير الذي جاوز سن الترشح) بتغيير سن الترشح للرئاسة لمصلحة ما لا يتجاوز ثلاثين ألف شخص من عموم سكان موريتانيا حسب الإحصائيات البيومترية».
ودافع الرئيس الموريتاني عن حل مجلس الشيوخ، مشدداً على «أن حل هذا المجلس أمر موضوعي قد لا يكون البعض موافقاً عليه ولكن الشعب الموريتاني لا يمكن أن يفرض عليه رأي مجموعة بعينها ولا رأي حزب ولا رأي رئيس، مضيفاً قوله «سينظم استفتاء في هذا الشأن لا يستطيع أحد منعه ولا الوقوف في وجهه وسيكون الشعب الموريتاني هو الحكم في هذا الشأن حسبما ينص عليه الدستور الذي هو المرجعية». ونص الاتفاق الذي تمخض عنه الحوار السياسي الشامل على تنظيم استفتاء عام قبل نهاية السنة الجارية. وأضاف الرئيس الموريتاني «لقد اقترحنا بديلاً عن مجلس الشيوخ إنشاء مجالس جهوية منتخبة لتعزيز الديمقراطية وتوسيع فرص التنمية وتقريبها من المواطنين ولتساوي الفرص بين الولايات في تدخلات الدولة، والحد من الفوارق وسد النواقص في مجال التعليم والصحة والاقتصاد وتعزيز اللامركزية».
وأضاف متحدثاً عن نقاط أخرى في الاتفاق السياسي «اتفقنا كذلك على تغيير رموز وشعارات الدولة وتحسين العلم الوطني الذي نعتز به لكن لا ضير في إدخال تعديلات عليه بعد استفتاء الشعب الموريتاني على ذلك وهو أمر بسيط ولم يسبق للشعب الموريتاني ان استفتي على العلم الحالي، ووضع تضحيات الشعب الموريتاني في الاعتبار خصوصاً أن ذلك العلم تم اختياره على أساس اعتبارات لا تخلو من ارتجالية ولا يعرف أحد سبب اختيار الوانه».
وجاء خطاب الرئيس الموريتاني بعد جلسة علنية نظمت فجر أمس وعرض خلالها الاتفاق السياسي الذي تمخض عنه الحوار الذي نظمته الحكومة مع معارضة الوسط، لمدة عشرين يوماً وغابت عنه المعارضة المتشددة.
ووقع الاتفاق السياسي عن رئاسة الجمهورية، الوزير الامين العام للرئاسة الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف ـ فيما وقعه عن المعارضة المشاركة بيجل ولد هميد رئيس حزب الوئام الديمقراطي الاجتماعي، وعن أحزاب الأغلبية عثمان ولد الشيخ احمد ابي المعالي رئيس حزب الفضيلة.
ونص الاتفاق السياسي على أمور منها إلغاء غرفة مجلس الشيوخ وهو إلغاء يعارضه أعضاء الغرفة وترى المعارضة فيه منفذا قد يدخل منه الرئيس لترتيب بقائه في السلطة أو التحكم في تحديد خلفه في الرئاسة.
ونص الاتفاق على تأسيس مجالس جهوية للتنمية بديلاً عن مجلس الشيوخ، وتوسيع النسبية في الانتخابات العامة ومراجعة تشكيلة وصلاحيات هيئات الرقابة على الانتخابات ومراجعة تشكيل وصلاحية المحكمة الدستورية، كما نص الاتفاق على دمج المجلس الاسلامي الأعلى ووسيط الجمهورية في مجلس واحد تحت مسمى «المجلس الأعلى للفتوى والمظالم».
ونص الاتفاق على تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية والجمعية الوطنية لضمان التوازن بين السلطات وتنفيذ مخرجات الحوار السياسي لعام 2011 ومراجعة المدونة الانتخابية لجعلها محل إجماع أكبر وأكثر مواءمة لمتطلبات الديموقراطية من خلال تنظيم انتخابات بلدية ونيابية سابقة لأوانها.
كما تضمن الاتفاق تعزيز نظام النسبية وإعادة النظر في اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات لجعلها محل إجماع اكبر، ومدها بالاستقلالية المالية وكل الصلاحيات واختيار أعضائها بشفافية ، وتعزيز دور المعارضة الديمقراطية ومراجعة نمط تسييرها ومراجعة القانون المنظم للأحزاب السياسية وتكييفها مع متطلبات حوار 2011 وكذا مراجعة تمويل الأحزاب السياسية على أسس منصفة وشفافة. وفي مجال الاصلاحات الدستورية، نص الاتفاق على عدم اعتماد أي شيء بخصوص المادة 26 المعدلة المتعلقة بسقف عمر الترشح لرئاسة الجمهورية والمادة 28 المتعلقة بالمأموريات، وذلك حفاظاً على الإجماع، ونص الاتفاق على أن يخلف رئيس الجمعية الوطنية رئيس الجمهورية في حالة شغور منصب الرئيس. واتفق الطرفان على آليات وإجراءات في مجال تعزيز دولة القانون والعدالة الاجتماعية، كما اتفقوا على إجراءات تضمن الفصل الفعلي للسلطات وإصلاح العدالة واستقلالية القضاء والعمل على تعزيز السلطة القضائية والوحدة واللحمة الوطنية.ونص الإتفاق السياسي على إجراءات لضمان حياد الادارة والتحسين من فعاليتها وضمان ولوج المعارضة الى وسائل الاعلام العمومية وإعطاء الأولوية ضمن البرامج العمومية، لمكافحة مخلفات الرق ولمحاربة الفقر وتعزيز الحالة المدنية وتسهيل ولوج جميع المواطنين لخدماتها، إضافة لدعم القوات المسلحة في مهمتها الأساسية مع دعم محاربة الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة. وألغى الاتفاق محكمة العدل السامية واقترح توزيع صلاحياتها بين القضاء والمجلس الدستوري مع الإبقاء على اختصاص البرلمان بسلطة الاتهام، إضافة لتعزيز المجلس الدستوري وإجراء بعض التحسينات على العلم الوطني وتغيير النشيد الوطني ليتضمن شحنة من الوطنية وتثمين رموز الدولة. وستحال نتائج الحوار السياسي حسب الاتفاق السياسي الى لجنة متابعة تضم ممثلين عن الأغلبية الداعمة لرئيس الجمهورية والمعارضة الديموقراطية المشاركة، وسيتم تحديد تشكيلة لجنة المتابعة ومهامها وصلاحياتها لاحقاً ضمن جدولة للمهام والآجال والمسؤوليات.
ولد عبد العزيز هو انقلابي و لم ينقلب على نظام استبدادي و انما انقلب على نظام دمقراطي و هو يدرك ان سيف العدالة سيبقى مسلط على رقبته و ما ان يغادر السلطة حتى يجد نفسه في دوامة لن تنتهي،سيسعى للتحايل و مؤكد ان الرئيس القادم اما هو نفسه او شخص مقرب منه قد يكون زوجته او احد ابناءه ،لذلك ما قيل ف لا يصدقه الا الاطفال و يشبه حواديث ما قبل النوم و بيننا و بين ٢٠١٩ مدة لا يستهان بها و سيأتيك بالاخبار من لم تزود…