تمر علينا هذه الأيام الذكرى السنوية الأولى لانتخاب أعضاء المؤتمر الوطني وفق رؤى الديمقراطية الغربية فتقدمت الأحزاب ببرامجها ومنهم من ترشح وقدم نفسه على انه مستقل سرعان ما كشف عن وجهه الحقيقي الصفيق بانضمامه (عودته) إلى احد الأحزاب القائمة (القبلية منها والإيديولوجية) التي جهزته ويحسب أنه يخدع الشعب وما يخدع إلا نفسه، فالليبيون حديثي العهد بالأحزاب ولكنهم لن يغفروا لأولئك المنافقين الذين يهرولون خلف المال والجاه، ليأخذوا نصيبهم من الكعكة خاصة وأن البلد في حالة انفلات بكافة المجالات وعلى الأخص هدر المال العام . أقول بعد مرور عام ألا يسأل هؤلاء أنفسهم عما قدموه للشعب الذي انتخبهم ووقف طوال اليوم الصيفي ‘الحار’ في طوابير لانتخابهم، بعد أن أعجبتهم الشعارات التي رفعت التي تنبذ الولاء القبلي وبناء ليبيا الواحدة الموحدة، علّ هؤلاء المنتخبون يجلبون له الأمن والأمان، فمنذ الأيام الأولى لدخولهم ‘الريكسس’ سارعوا إلى تحديد رواتبهم والمهايا والمزايا التي ناضلوا من اجلها ‘عبر الحملات الانتخابية’ والحجة لئلا تمتد أيديهم إلى المال العام خارج القانون(حرام!)، بينما لم تتحسن رواتب المواطنين إلى يومنا هذا، ونشاهد بين الفينة والأخرى قيام شرائح المجتمع المتعددة بوقفات احتجاجية لغرض تحسين رواتبها في ظل ارتفاع الأسعار لكافة متطلبات الحياة وما ينتج عنه من توقف الخدمات للجمهور،كذلك ذهاب البعض للعمرة (الأراضي المقدسة) على حساب المجتمع لأنهم رأوا أنها فرصة قد لا تتاح لهم لاحقا، أما الآخرون فإنهم اعتمروا وحجوا إلى أماكن أخرى من العالم (لكل مذهبه وكعبته) قد لا يستطيعون الوصول إليها بأموالهم ‘ الشخصية .’. خلال هذه المدة لم نشاهد توافقا بين النواب والمختارون من قبلهم لتسيير الأمور وتقديم الخدمات بل هناك تضارب في الآراء وكل طرف يسفه الآخر وكأنما الوزراء قد فرضوا على النواب المحترمين، وكل طرف لا علم له بما يقوم به الطرف الآخر أو هكذا أوحوا لنا، أو لنقل أن كل طرف يتصرف على انه الممثل الشرعي والوحيد للشعب الليبي المغيّب. لم يحقق الطرفان أيا من الأهداف الرئيسية المنشودة وهي إعداد الدستور، المصالحة الوطنية، وتحقيق الأمن في بلد يشهد انفلاتا امنيا بفعل انتشار السلاح، بل ازدادت الأمور تعقيدا، فالجيش الوطني الذي يتحدثون عن تكوينه لم نلحظه بل جميعنا يعرف أن كافة الأحزاب صغيرها وكبيرها لها اذرع (أجنحة) عسكرية مزودة بكافة أنواع الأسلحة لحماية النواب الأجلاء والوزراء الميامين، لا يهم من وجد أولا الكيان السياسي أم العسكري (البيضة أم الدجاجة) فالأمر سيان والنتيجة هي مصادرة طموحات الشعب في العيش بكرامة فوق أرضه بعد عامين ثقيلين فقد الشعب خلالهما الآلاف من أبنائه وأعداد هائلة من المعوقين. لقد أعطى الوزير الأول مهلة للمليشيات بالخروج من طرابلس وانقضت المهلة دون أن تخرج المليشيات والسؤال هو: هل لدى الوزير الأول القدرة على إجبار تلك المليشيات بالخروج أم أن ذلك مجرد تصريح لإيهام الرأي العام أن الحكومة قوية ونسي أو تناسى أن الجمهور يعرف أن السلطة بيد المجموعات المسلحة وان ليس ‘للدولة’ سلطة على أي جزء من تراب الوطن بما فيها مقار المؤسسات الحكومية. سمعنا عن معتقل العقيلة واتساع رقعته وجسامة مآسيه (وشاهدنا بعض تلك الماسي من خلال شريط عمر المختار ) واليوم اتسع المعتقل ليشمل (يكتسح) ليبيا بأكملها والفارق الوحيد ان الذين اقاموا المعتقل ايطاليون بينما الذين وسّعوا المعتقل ليبيون ‘متطلينون’، كم اتمنى ان تقوم القنوات الفضائية الاخذة في الازدياد التي تقول انها ليبية والإذاعات المحلية بإذاعة قصيدة رجب بوحويش الشهيرة ‘ما بي مرض’ لنرثي انفسنا ونحن احياء جراء اعمالنا الاجرامية التي فاقت كل تصور. أليس من الأفضل للنواب والوزراء الذين لهم ‘ذات’ ولم يحققوا شيئا يذكر للشعب خاصة وأن ما تبقّى لهم من وقت في السلطة ليس كثيرا أن يسعوا جاهدين إلى تحقيق مطالب الشعب أو إعلان الاستقالة المبكرة بدلا من الوعود الزائفة والاستمرار في المسلسل التخريبي الممنهج. وأنا أتابع آخر تطورات الوضع بمصر العروبة، تمنيت لو أن لنا جيشا قويا يأخذ زمام المبادرة وينقذ البلد كما فعل الجيش المصري العظيم وأزاح حكم الإخوان الذين عاثوا في الأرض فسادا ولم يجلبوا إلا الفتنة للشعب المصري. وان لم ترتق اعمال الاخوان بمصر الى مستوى اعمال عصاباتنا المسلحة. ميلاد عمر المزوغي