القاهرة – القدس العربي – من كمال القاضي: خلال السنوات الماضية وبالتحديد قبل قيام ثورة 25 يناير كان للموسم الرمضاني الدرامي مقدمات تبدأ قبل ظهور الرؤية بأيام وأحيانا بأسابيع.
هذه المقدمات تتمثل في مشاحنات ومعارك ومشاجرات بين النجوم والمنتجين والمخرجين وأصحاب القنوات حول ما تم تسويقه وما لم يتم وما سوف يعرض ودونه الذي لا مكان له على خريطة البرامج، كانت هذه المعارك هي الأبرز قبل بدء الشهر الكريم، وحتى بعد تعدد الفضائيات الخاصة ظلت لهذه الإشكالية آثاراً تذكر لكون التليفزيون المصري في الفترات الماضية كان يعد من أهم النوافذ التي يطل منها النجوم على جمهورهم في العالم العربي كله.
الآن وفي ظل ما نراه ونشهده من أحداث ساخنة ومضطربة لم يعد بوسع أحد التركيز في المسلسلات أو ترتيب عرضها أو القنوات التي تعرضها فالدائرة السياسية المفتوحة أوسع من أي دائرة أخرى، وبالتالي لا مجال للتفكير في شيء غير ذلك، علماً بأن كمية ما تم انتاجه هذا العام يفوق التقديرات التي كانت متوقعة بكثير وأغلب ما يطرح له صلة بالأحداث والقضايا الراهنة، لكن ثمة مشغوليات ومخاوف حتماً ستؤثر على نسبة المشاهدة طوال الشهر.
ومن باب التعرف على الأنواع والمفاهيم الدرامية سنقرأ بعض الأعمال قراءة أولية وسنسبق المشاهد نوعا ما في الإطلاع على الأجواء العامة لبعض المسلسلات المختارة ذات العناوين الملفتة، ومن بينها على سبيل المثال مسلسل ‘نظرية الجوافة’ بطولة إلهام شاهين وهو العمل الأكثر سخرية من اجتهادات من يعتبرون أنفسهم اصحاب نظريات فقهية في الحلال والحرام والمنح والمنع وأصول السياسة والحكم وتطبيق الحدود والقوانين، وبرغم ان المسلسل ليس كوميدياً إلا أنه لا يخلو من مفارقات تفجر الضحك وتضع كثير من علامات الاستفهام حول ما أوصل المجتمع المصري لهذه الحالة المذرية من العبث والفوضى الفكرية!
مسلسل آخر عنوانه ‘خطوات الشيطان’ يعرض في الشهر الفضيل الذي تُسلسل فيه الشياطين بسلاس من حديد، ولأن الموضوع ذاته متصل بشياطين الإنس فقد يكون منطقياً مشاهدة العمل الفني الذي قد يتناغم في محتواه أيضاً مع ما هو دائر على الساحة من اشتباكات وتناحرات للوثب على السلطة واحتلال الكرسي.
ومن نظرية الجوافة وخطوات الشيطان ننتقل إلى لعبة الموت، ذلك المسلسل الذي يقوم ببطولته ماجد المصري، النجم الذي اصبح وجوده في رمضان تقليداً سنوياً بعد نجاحه في أعمال سابقة، ولعبة الموت إشارة لا تخفي دلالتها على كيس فطن وإن اختلف التناول عما نذكره من أحداث ووقائع تشبه كل ألعاب الموت وليس لعبة واحدة من ألعابه لكنه تنويع على الخطر أياً كان شكله وطبيعته وهنا يظهر ما يمكن أن نعتبره تجانساً ين ما نعيشه في الواقع وما نراه على الشاشة.
وحول ‘نيران صديقة’، العمل الفني الأبرز يتمركز الاهتمام، فالبطلة منة شلبي نجمة سينمائية كبيرة لها شعبية ومن الطبيعي أن يكون لها نصيب وافر من مساحة المشاهدة، لا سيما أن رصيدها يسمح بذلك ولها تجارب ناجحة على مدار الأعوام الماضية.
هند صبري وغادة عبدالرازق وسوسن بدر ثلاثة نجمات كبيرات لهن حضور طاغي في ثلاثة مسلسلات هم: الوالدة باشا وحكاية حياة والشك وتدار بينهن مباراة ساخنة في الأداء والتأثير ومحاولة الاستقطاب الجماهيري لم تحسم بعد وستكشف عنها الحلقات القادمة وإن كنا نتكهن بأن الأصوات ستكون متقاربة لكفاءة البطلات الثلاثة فهناك إجماع عليهن من النسبة الغالبة من الجمهور.
بدون ذكر أسماء وذات وفرعون والرجل العناب أربعة مسلسلات رئيسية تدخل سباق هذا العام وتندرج موضوعاتها تحت ما أشرنا إليه، العلاقة الحتمية بين ما نعيشه بالفعل وما نراه على الشاشة بالضرورة، فمسلسل ‘ذات’ مثلا هو في الأصل مأخوذ عن رواية سياسية مهمة للكاتب الكبير صنع الله إبراهيم وبطبيعة الحال لا يمكن أن يخرج الخط الدرامي عما تطرحه الرواية أو ما طرحته قبلاً من قضايا سياسية ومجتمعية وأفكار لها ذات الصلة بما يتكرر اليوم ونعيش بصدده.
هذه القراءة مجرد محاولة لاستباق الأحداث في الحلقات القادمة من أهم الأعمال نعرضها بإيجاز شديد كنوع من التلخيص لمن لا تتاح له الفرصة لمشاهدة الأعمال كاملة.