تونس – «القدس العربي»: تقدمت جمعية تونسية بشكوى قضائية لإيقاف قرار تسهيل إجراءات التملك العقاري لليبيين في تونس، محذرة من إمكانية استغلال القرار من قبل الجماعات المتطرفة للتغلغل في تونس وتنفيذ عمليات إرهابية جديدة.
وكانت إدارة الملكية العقارية في تونس أصدرت قبل أيام «مذكرة» تقضي بإعفاء المواطنين الليبيين من الإدلاء برخصة الوالي في العمليات العقارية، والتي تنص عليها الاتفاقية المبرمة بين الطرفين والتي تمت المصادقة عليها عام 1962، وبررت القرار الجديد بوجود عدد كبير من الليبيين المقيمين في تونس ولديهم عقارات كثيرة لم يتمكنوا من تسجيلها بشكل قانوني بسبب عدم تمكنهم من الحصول على «رخصة الوالي».
وقال رئيس جمعية «فورزا تونس» (جمعية مدنية) سهيل بيّوض لـ»القدس العربي»: «تقدمنا بشكوى استعجالية البارحة لإيقاف تنفيذ هذا القرار والذي نعتبره بالغ الخطورة لأنه اتُخذ وكأن ليبيا لا تزال دولة قائمة الذات ولا تعج بالمجموعات الإرهابية التي تبحث عن ملاذ كي تتغلغل فيه وتجعله مكاناً لتبييض الأموال وقاعدة لعملياتها الإرهابية». وأضاف «هذا القرار سيشكل فرصة ثمينة لهذه المجموعات التي ستتخذه غطاء قانونياً من أجل التغلغل في تونس، كما أنه سيربك ويشتت المجهود الأمني في تونس الذي بدأ يحقق نجاحات على الميدان، وهو أيضاً سيثقل كاهل التونسي الذي لم يعد قادراً على اقتناء منزل وسيزيد من حدة تدهور الطاقة الشرائية للتونسيين (لأن القدرة الشرائية لليبيين أقوى من التونسيين)».
وكان عدد من السياسيين التونسيين رحبوا في وقت سابق بهذا القرار، معتبرين أنه سيساهم في إعادة إحياء الاتفاقيات القائمة بين تونس والدول المجاورة في إطار الاتحاد المغاربي، فضلاً عن «إيجابياته» التي ستسمح للتونسيين بامتلاك عقارات في الخارج (في حال تطبيق المعاملة بالمثل).
وعلق بيوض على ذلك بقوله «السياسي يخدم عادة مصالحه الحزبية الضيقة ورأس المال الذي يدعمه ولا يهمه مصالح الشعب، ومن ثم فإن اتحاد المغرب العربي غير قائم حالياً، وثمة فوارق كبيرة بين دول المغرب والجزائر وتونس التي لا تزال مؤسسات الدولة فيها قائمة ومستمرة في عملها، في حين أن مفهوم الدولة في ليبيا اندثر الآن ومؤسساتها لم تعد موجودة، والغريب في الأمر أن هذه المعاهدة (الخاصة بتملك الليبيين للعقارات في تونس) تعود إلى عام 1962 فلماذا يتم تفعيلها الآن وبعد أكثر من نصف قرن، ومن ثم فإن هذه الاتفاقية أبرمت عندما كانت هناك دولة ليبية واليوم لم تعد الدولة الليبية قائمة الذات وهنا تكمن الخطورة، ونحن عموماً ليست لنا أية مشكلة مع الأخوة الليبيين، لكننا نخشى أن يشكل القرار غطاء قانونيا للجماعات الليبية المتطرفة للدخول إلى تونس، كما أسلفت».
وسبقت لجمعية «فورزا» المتخصصة في القضايا الاجتماعية والثقافية أن تقدت بعد مقترحات لتعديل بعض القوانين كالقانون رقم 52 الذي يفرض عقوبات صارمة على مستهلكي المخدرات، حيث ساهمت بتقديم مشروع لتعديل القانون وتخفيف العقوبات على مستهلكي القنب الهندي (يفترض أن يناقشه البرلمان قريبا)، كما قامت بحملة مضادة لمواجهة حملة «التشويه» التي قامت بها وسائل الإعلام الإيطالية ضد زيت الزيتون التونسي، وخاصة بعد ان احتلت تونس المركز الأول عالمياً في صادرات زيت الزيتون.
وقامت مؤخراً بعدة تظاهرات للتعريف بالأوضاع الاجتماعية الصعبة التي يعيشها سكان حي «جبل الجلود» المتاخم للعاصمة التونسية، والذي يفتقر سكانه إلى بعض الخدمات الأساسية كالماء الصالح للشراب والكهرباء والبنية التحتية، كما أن منازلهم العشوائية معرضة للهدم من قبل السلطات، وفق ما يؤكده رئيس الجمعية.
حسن سلمان