مهارة الإعلاميين مرهونة بقدرتهم على توجيه السباب للمواطنين… وترامب بطل قومي عند أنصار السيسي

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : الجماهير تستعين بالصبر والصلاة على الكوارث التي خلفتها السلطة الحاكمة على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، بينما السلطة ذاتها تسلط «كتائبها الإعلامية» ليسبوا الأغلبية التي صدقت النظام الذي وعدها بالجنة، فإذا به يلقي بها في سعير الدنيا، حيث لا غذاء ولا دواء ولا قيمة لما يحملون من رواتب، بعد أن اطلقت السلطة رصاصة الرحمة على العملة الوطنية.
من يتابع الفضائيات المصرية والعديد من الصحف ينتابه هلع من كل تلك الأبواق التي لا تكف عن استخدام أحط الألفاظ في معايرة المواطنين واتهامهم بالشره في المأكل والمشرب والكسل والأنانية والحقد والحسد، يحدث هذا في تلفزيون الدولة الذي يدفع المصريون رواتب العاملين به من جيوبهم، كما يحدث في الفضائيات التي يملكها رجال أعمال لازالوا يشعرون بالحنين لدولة مبارك. وبالأمس تواصل مسلسل سباب المصريين بسبب شكواهم من استحالة الحياة وضنك المعيشة، بعد الإجراءات الاقتصادية التي أقدمت عليها الحكومة مؤخراً بقلب من حديد وبجرة قلم.
واهتمت الصحف المصرية الصادرة أمس الجمعة 11 نوفمبر/ تشرين الثاني أيضاً بالثناء على الرئيس الأمريكي الجديد، رغم عدائه الذي أعلن عنه من قبل لحقوق الشعب الفلسطيني وهجومه على الأقليات في بلاده ومنها الإسلامية بطبيعة الحال، وذهب الجنوح ببعض الكتاب لدعوة السيسي للتنسيق مع ترامب للقضاء على ما تبقى من قواعد الإخوان والإسلاميين في بلدانهم وإلى التفاصيل:

لا تشتموا الشعب

البداية مع السخرية من المصريين من قبل أعوان النظام من الإعلاميين وهو الأمر الذي يحزن محمد علي إبراهيم في «المصري اليوم»: «معايرة الشعب بالأمان والطعام والأمن لا فضل فيها للحكومة أو الرئيس.. إحفظوا الجميل للمصريين.. هذا الشعب هو الذي حمى بلده قبل أي أحد.. ما يتمتع به الوطن من استقرار وهدوء مقارنة بالدول المجاورة لا فضل فيه للسيسي، أو شريف إسماعيل أو علي عبدالعال. المصريون هم كلمة السر.. أثبتوا قدرة فريدة على تحمل الأهوال طوال ستة أعوام بدءا من الانفلات الأمني ثم الإرهاب وتهديدات الإخوان، ثم الأزمة الاقتصادية ثم القرارات الأخيرة التي أطاحت بمدخراتهم وخسفت بقيمة الجنيه الأرض وأشعلت النار في الأسعار وهم صابرون.. تحملوا كل هذا بصبر وسماحة ورغبة حقيقية في تجنب المزيد من الاضطرابات، والأمل في مستقبل أفضل. لكن هذا كله لم يجد تقديرا من ولاة الأمور لرعاياهم.. يبدو أنهم فهموا الحديث الشريف للرسول عليه الصلاة والسلام «كلكم راع» على أساس أننا أغنام أو حيوانات في حظيرة. كان يجب على الحكومة أن تحترم تضحيات الناس وحبهم لبلدهم لا أن تعايرهم بسلوكيات يشاركهم فيها أهل الحكم أنفسهم.. كان من حق المصريين أن يكونوا شركاء في اتخاذ القرارات وفي تحديد أولويات الإنفاق العام.. هذا إذا كان ولاة الأمور يعتبرون أنهم يحكمون بني آدمين لهم حقوق وعليهم واجبات.. أما إذا كانوا يحكمون قطيعا من الأبقار كما يتصورون فلهم كل الحق أن يفعلوا ما يرونه صالحا.. بمعنى آخر الحكام يطلبون من المصريين التضحية والسهر والجوع واحتمال الصعب لأن الأصعب مقبل ولابد أن نهيئ أنفسنا لذلك.. موافقون.. من ثم لابد أن نكون شركاء في اتخاذ القرار وليس مجرد متفرجين».

لا تسخروا من

الهجمة الإعلامية الشرسة التي يتعرض لها الشعب المصري حاليا لإقناعه بانتصار الدولة على الدولار، رغم مرارة الواقع الذي يسوده انهيار الصادرات والسياحة، تذكر وليد بدران في «مصر العربية» بإذاعة صوت العرب أثناء هزيمة 1967 والاستخدام «البلدي» للقوة الناعمة. والقوة الناعمة هي أداة الدولة لتوصيل رسالتها باستخدام الإعلام والفن، وإذا كان الاستخدام البلدي هو السائد حاليا، فإنه والحق يقال لم يخل عصر مبارك، رغم فساده، من استخدام ذكي وراق لها، كما هو الحال في فيلم «الفرح». فكرة الفيلم الأساسية تدور حول القرار الذي يمكن أن يتخذه الإنسان في ثانية واحدة ولكنه قد يؤثر على مسار حياة الكثيرين. لكن مخرج الفيلم سامح عبد العزيز تعمد أن تكون لفيلمه نهايتان، وهو أمر ليس معهودا في السينما المصرية.
ويشكل المكان، الحارة الشعبية التي يقام فيها الاحتفال، محورا أساسيا لفيلم «الفرح»، إذ لا يتغير المكان إلا في بعض المشاهد مما يجعل الجمهور يعيش في أجواء أقرب إلى المسرح. بطولة الفيلم جماعية لأكثر من 10 أشخاص يعيشون في منطقة شعبية ويجمعهم حفل زفاف شعبي يقام بهدف واحد فقط هو جمع المال لزينهم (خالد الصاوي) الذي يسعى لشراء «ميكروباص» فاختلق أختا وهمية وعرسا وهميا ليتلقى «النقوط» من سكان المنطقة الذين سبق وجاملهم في أفراحهم وتتقبل والدته (كريمة مختار) الفكرة على مضض وتعترض على وجود راقصة وكحوليات ومخدرات في الفرح «لأننا نريد من الله الستر»، وهي تحاول ثني الراقصة (سوسن بدر) عن عملها وإقناعها بالإقلاع عنه والتوبة. ويؤكد الكاتب عندما نرى مثل هذا الفيلم نعلم أننا نتعرض حاليا لقوة «شرشوحة» لا تمت للنعومة بصلة».

نمرود ليس قوياً بما يكفي

بمناسبة استعراض السلطة لقوتها في مواجهة بوادر ثورة الغلابة استدعى جمال الجمل في «المصري اليوم» من رحم التاريخ تلك الشخصية المثيرة للجدل: «تقول الأسطورة أن الله عاقب نمرود بن كنعان، فسلط عليه بعوضة دخلت في أنفه واستقرت في رأسه ومكثت تأكل من دماغه طوال 400 سنة مثل مدة حكمه للأرض وتجبره على الناس، فكان يضرب رأسه بالنعال حتى أمر السياف بضرب رأسه بالسيف، وحينها هلك النمرود ولم تصب البعوضة إلا بقطع في جناحها، فذهبت إلى الله جل علاه تشتكي فقال لها: لك الدنيا وما فيها. فقالت البعوضة: لا أريد الدنيا.. أريد أن يرجع جناحي كما كان. فقال تعالى أن الدنيا لا تساوى عنده جناح بعوضة. سمعت قصة نمرود، ضمن حواديت الطفولة التي شكلت خيالي، ولما كبرت اهتممت بمعرفة الفوارق والاختلافات بين الروايات الشعبية والتوراتية والقرآنية لقصة أول جبار في الأرض، وأدركت أن «دلالة القصة» أهم من تفاصيلها، فالقوة وحدها لا تستطيع أن تضمن المُلك، بل ولا تحمي صاحبها، فكما في قصص جبارين كثيرين، يخلط الناس التفاصيل، فتتشابه قصص الطغاة ونهاياتهم، حيث يحكى أن نمرود رأى حلما اختفت فيه الشمس وظهر مكانها كوكبٌ صغير في السماء، ولما طلب تفسير الحلم من الكهنة والمنجمين، أخبروه أن اختفاء الشمس نذير باختفائه واختفاء ملكه على يد مولود جديد، فأمر بذبح كل غلام يولد، ونجا سيدنا إبراهيم الذي تحدى ربوبية نمرود وأصنامه، وهكذا تشابهت القصة مع قصة فرعون وسيدنا موسى، لإعادة إنتاج عبرة الطاغية الجبار الذي تقضي عليه قوة أصغر بشكل غير متوقع».

العواقب وخيمة

نتحول إلى ثورة الغلابة التي كان محدداً لها امس حيث حذر عماد الدين حسين رئيس تحرير «الشروق» السلطة من مغبة عدم نجاحها في حل المشكلات والأزمات القائمة في مصر. وقال: «سواء خرجت أعداد كبيرة أو صغيرة في يوم الجمعة، فأغلب الظن أن أجهزة الأمن المصرية ستحاول احتواء الأمر خلال هذا العام، والمؤكد أن هذه الأجهزة استعدت بما فيه الكفاية، وشعارها إنها لن تسمح لأحد أن يفاجئها كما حدث لها يوم 28 يناير/كانون الثاني 2011 الذي سماه المتظاهرون المصريون «جمعة الغضب»، وكان نقطة تحول أساسية قلبت الأمور من مجرد الاحتجاج على سياسات وزارة الداخلية إلى رفع شعارات «عيش حرية عدالة اجتماعية» وانتهت بشعار: «الشعب يريد إسقاط النظام». وأشار إلى أن مرور يوم الجمعة على خير وسلام، لا يعني أن الأزمة الحقيقية قد انتهت، فالقضية ليست 11/11 ولكن اليوم التالي لهذا الحدث، سواء كان 12/ 11 أو 13/ 11 أو أي يوم آخر يمكن أن يدعو فيه البعض إلى مظاهرات أخرى. وحذر الحكومة من فشلها في حل الأزمات الطاحنة التي تواجهها البلاد، قائلا :»الأزمة الاقتصادية الراهنة ضربت غالبية شرائح وطبقات المجتمع، ليس فقط الفقراء والمعدمين والطبقة الوسطى، بل بعض أبناء الطبقات العليا، الذين تعطلت مشروعاتهم ومصانعهم وتجارتهم بسبب اختفاء الدولار أو ارتفاع سعره بنسبة زادت عن 100٪». واختتم حسين مقاله قائلا: «ما لم تتمكن الحكومة من إدارة الأزمة بكفاءة في الأسابيع المقبلة، وتسيطر على انفلات الأسعار والتضخم المتوقع، وتزيد الاستثمار وتوفر المزيد من فرص العمل وتزيد الصادرات وتستعيد حركة السياحة، وتبلور خططا تقنع غالبية المواطنين بأن التقشف لن يطال الفقراء فقط، بل القادرين والحكومة نفسها، وأن يشعر المواطنون بأن هناك أملاً في الغد. من دون كل ذلك فإن مرور 11/ 11 من دون قلق، لن يعني أن الأزمة قد انتهت، بل فقط تم تأجيلها إلى موعد آخر».

عليه أن يختار الآن

بعد أن أظهر الرئيس السيسي توجهاته الاقتصادية، وانحيازاته الاجتماعية، وتصوراته السياسية، بشكل لا لبس فيه تواجه السلطة حسب عمار علي حسن في «المصري اليوم» ثلاثة خيارات أساسية، على النحو التالي: «خيار الحفاظ على نظام الحكم بأي ثمن: ليس من قبيل التجني أن نقول إنه لم يحدث، إلى الآن، تغيير جوهري أو جذري وعميق في نظام حسني مبارك، فقد ذهب هو أو سقط عن عرشه، وبقيت «المباركية» طريقة في تفكير السلطة. وتحت ذريعة أن لا صوت يعلو فوق صوت «مكافحة الإرهاب» وجدت السلطة السياسية التي يأتي على رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسي مبرراً تسوقه لعموم الناس بأن الوقت لا يسمح بترف اسمه «إنجاح الثورة».
خيار الانتصار للثورة: هذا الخيار هو أكثر الخيارات نجاعة في كسب الشرعية، وتعزيز رضا الجماهير، والحفاظ على تماسك الدولة، وغلق الطريق أمام إعادة الأمور إلى الوراء، سواء بعودة المباركية أو بعودة الإخوانية. فالثورة، بمعنى الرغبة في تغيير الأوضاع إلى الأفضل، مطلب تلتف حوله الأغلبية الكاسحة من المصريين.
لكن ما يعوق هذا المسار الآن هو أن من جلسوا على مقاعد الحكم بعد يونيو/حزيران 2013 ليسوا من الثوريين، ، بل يقود كثير منهم الثورة المضادة.. خيار الإصلاح: يعنى هذا الخيار عدم الاستجابة الفورية والسريعة لاستحقاقات الثورة، واتباع النهج الإصلاحي الذي يقوم على ترك الآليات والإجراءات التي يحددها الدستور من تداول سلطة، وتعددية سياسية، وتكافؤ فرص، لكن هذا المسار يبدو متعثراً الآن، خاصة مع عدم احترام الدستور، وعدم مكافحة الفساد، وسن قوانين تضيق على الحريات. في ضوء ما سبق، يبدو خيار الانتصار للثورة من قبيل التفكير بالتمني. كما أن خيار «الإصلاح» الحقيقي يبدو مستبعداً، وإن تطرقت السلطة إليه فإنها لن تغادر الدعاية الجوفاء والمظهرية، لهذا يبقى الحفاظ على النظام هو الخيار الذي تسلكه السلطة، وتسوقه باعتباره يمثل الحفاظ على الدولة، وتفعل وستفعل كل شيء في سبيل تحقيق هذا الهدف، بما يزيد من الفجوة بينها وبين الشعب».

فرصة تاريخية

لازالت أصداء هزيمة هيلاري كلينتون تتوالى وها هو رئيس تحرير «الأهرام» محمد عبد الهادي علام يرى أن امام السيسي وكلينتون فرصة تاريخية لإنجازات كبرى: «فوز ترامب وهزيمة كلينتون يعني تقويضا جديدا لأركان مشروع التمكين وفتح الطريق أمام عودة مصر إلى ممارسة دورها الطبيعي «مركز الثقل» في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، والفرصة سانحة ويتعين استغلالها من الطرفين.. وحتى نقتنص فرصة العمل مع إدارة جديدة في واشنطن تتفهم الدور المصري بمنطق المشاركة والتوافق بشأن قضايا حيوية، يستوجب الأمر أن نعيد ترتيب أوراقنا ونتغير بما يتوافق مع لعب دور أكثر مركزية في المنطقة، والجرأة في التعامل مع مواقف إقليمية معلقة، من بينها دول ترعى تنظيمات الإرهاب بشكل علني. ولا يخفى على الإدارة السياسية في القاهرة وواشنطن أن وصول رئيس يحمل أفكارا للتعامل مع الجماعات المجرمة التي تقوض مجتمعات وتهدم اقتصاديات في الشرق الأوسط، هو تطور سيدفع تلك الجماعات ـ برعاية الأطراف الإقليمية والدولية نفسها الداعمة لها ـ إلى تصعيد عملياتها وتصعيد المواجهة والحرب، سواء مع الدولة المصرية أو المجتمع، قبل وصول الرئيس الأمريكي الجديد إلى البيت الأبيض يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل. ومن ثم فإن فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية مع فريق كفء من السياسيين والدبلوماسيين وخبراء الأمن القومي تحت قيادة دونالد ترامب هو فرصة جاءت في موعدها تماما، بعد أن تكالبت علينا قوى وجماعات تعمل لمصالح ضيقة أو خاصة، وعواصم تجهل قيمة ما تدافع عنه مصر من حماية هويتها ومصالح أشقائها في المنطقة، بدون أن تساوم أو تقايض مع أحد».

العرب لا يعرفون

لازال إعصار فوز ترامب يتوالى، وبدوره يؤكد رئيس التحرير التنفيذي لـ«المصريون» محمود سلطان: «أن مشكلتنا الأساسية هي استبطان كل مساوئنا، وإسقاطها على الحالة الأمريكية.. فنعتقد أن الكونغرس ـ مثلا ـ يشبه البرلمان المصري، وأن الرئيس الأمريكي مطلق اليد، ويفصل القوانين ويأمر البرلمان والإعلام والمثقفين ويجمعهم إلى مكتبه البيضاوي بإشارة من أجهزته الأمنية، مثلما يحدث في عالمنا العربي الهزلي حاليا، بل إن الإعلام المصري كان يسأل ما إذا كان الأمريكيون سيقاطعون الانتخابات الرئاسية، لاحظ ـ هنا ـ الإعلام المصري كان يتابع ما يحدث في أمريكا، ومصر المنقسمة على الشرعية موجودة في رأسه، فاعتقد أن هناك إخوانا وسلطة ومعارضة وأجهزة أمنية «واقعين في بعض»، فتوقع أن يقاطع أمريكيون الانتخابات. هذا جزء يسير من التشوه العقلي والوعي والاستبطان المرضي للحالة المصرية. وتصور أن العالم كله بما فيه أمريكا مثل مصر. وفي السياق فإن الخوف من ترامب أو الاستبشار بانتصاره، ليس مبالغا فيه وحسب، وإنما أيضا جزء ـ كما قلت ـ من استبطان «هزلية» المشهد المصري وعبثيته وإسقاطه على الحالة المصرية. أمريكا دولة مؤسسات واستراتيجيات ثابتة ومستقرة، ومُثل وطنية عليا، ووظيفة الرئيس سواء كان متطرفا أو معتدلا هو تنفيذ «المدونة الوطنية» المستقرة، التي لا خلاف ولا انقسام وطني عليها. الكرة ليست في الملعب الأمريكي.. وإنما على العرب أن يقدموا للعالم قبل أمريكا بانهم يستحقون الاحترام. المسألة ليست صعبة، علينا أن نسأل لم يحترم العالم أندونيسيا وماليزيا وتركيا.. وهي دول مسلمة؟ فهل حالنا «الهزلي» بكل تفاصيله يشجع على أن يحترمنا أحد؟».

المنطق السليم لا ينتصر دائما

ونبقى مع تداعيات نتائج الانتخابات الأمريكية حيث يرى نادر بكار في «الشروق»: «أن كلينتون صاحبة الأداء المنطقي، كلينتون عالية التعليم، كلينتون المثقفة كلينتون المحنكة سياسيا كلينتون القادرة على استيعاب أعقد المشاكل التي يواجهها الآن صناع السياسات العامة لم تفز.. بينما فاز باكتساح ترامب غير المنطقي، ترامب الشرس، ترامب العنصري، ترامب الوقح مع النساء والرجال والدنيا بأسرها..من قال إن المنطق السليم ينتصر دائما؟ الكثيرون تفاجأوا لأنه قد تلاشى في أذهانهم الخيط الفاصل بين ما تحب أن تراه في الواقع وما هو واقع ٌبالفعل.. وقعت في الخطأ ذاته ضمن كثيرين حول العالم وأغفلت الاحتمال الآخر، رغم ما توافر له من عوامل نجاح، حتى لو كانت ضئيلة وقتها.. عوامل نجاح لم يتنبه إليها العقل اللاوعي عند من رأى استحالة فوز ترامب ــ وكنت أحد هؤلاء ــ للأسباب المنطقية التي ترجح كفة هيلاري.. حسنا من قال إننا حول العالم نتشارك القدر نفسه من المنطقية في التحليل والمعقولية في الطرح.. من قال إننا جميعا على درجة الرشد نفسها؟ ولست مع ذلك أميل إلى فرضية نهاية العالم التي يتناقلها الكثيرون مبشرين بسيناريوهات كارثية خلال فترة ترامب الرئاسية.. أعتقد أنه من زاوية اندلاع الحروب وإمكانية استخدام السلاح النووي مثلا فهذا أمر ٌلا يؤثر فيه وصول ترامب إلى سُدة الحكم.. وليس صحيحا أن بإمكان رجل له سمات ترامب الشخصية أن يضغط يوما على زر ليبيد نصف العالم في لحظة نزق.. الأمر أعقد من ذلك بكثير جدا.. وما قيل أثناء الانتخابات كان حتميا للتخويف من الرجل، تماما كما فعل هو ضد منافسته، بل أن احتماليات تقاسم النفوذ والتفهم المشترك لحدود مصالح أمريكا وروسيا في منطقة الشرق الأوسط على سبيل المثال هو السيناريو الأكثر واقعية».

القديسة هيلاري

ونتحول للحرب على الإخوان فبحسب «الوطن» قال ثروت الخرباوي، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، «إن دعوات جماعة الإخوان بالتظاهرات يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني، هدفها استغلال الأزمات التي يمر بها الشعب المصري، عقب حزمة القرارات الاقتصادية التي أصدرتها الحكومة خلال الأيام القليلة الماضية، واستفزاز الشعب بها، لتحقيق مخططاته التي يسعى إليها. وأضاف الخرباوي، خلال حواره في برنامج «من الآخر» على فضائية «روتانا مصرية» مع الإعلامي محمد العقبي، يوم الخميس: «لن تكون هناك تظاهرات يوم الجمعة ولكن من الممكن أن تكون هناك تجمعات متفرقة بهدف التصوير والترويج، مؤكداً أن الإخوان ليس لديهم قدرة على الحشد». وتابع: «جماعة الإخوان قامت بإنشاء قسم صناعة الأزمات، في كافة محافظات الجمهورية، لخدمة مصالحها، وخلق وافتعال الأزمات داخل الشارع المصري»، مشيراً إلى أن الإخوان ترفع الآن شعارات 25 يناير/كانون الثاني، بناء على توجيهات عليا تابعة للجماعة، مع التعليمات بعدم الهتاف لصالح محمد مرسي الرئيس المعزول، حتى يستقطب كافة فئات المجتمع. وأكد الخرباوي أن اختيار يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني لم يكن عشوائيا ولكنه يوم «المحارب الأمريكي» الذي أصرت على هذا الموعد هي هيلاري كلينتون، لافتاً إلى أن الإخوان أصيبوا بخيبة أمل عقب خسارتها في السباق الرئاسي الأمريكي، متابعا: «الإخوان يعتبرونها قديستهم».

المتحرش جدير بأمريكا

أن يحكم أمريكا رجل متحرش.. أفضل للعالم من امرأة قاسية هكذا يعترف مجدي سرحان في «الوفد»: «الرجل المتحرش يمارس أفعاله خلسة وعندما يتم ضبطه تكون فضيحته بجلاجل. أما المرأة القاسية فهي شريرة.. مدمرة منافقة، إذا حدثت كذبت، وإذا وعدت أخلفت وإذا اؤتمنت خانت، وكذلك الرجل إذا كان قاسياً. ربما يتفق ترامب وهيلاري في كرههما لنا.. لكن الفارق أن هذا يجاهرك بالعداء بينما تلك تتصنع الود وتطعن في الخفاء.. ترى أيهما أقل ضررا؟ فاز ترامب الجمهوري الليبرالي المتشدد.. القادم من خارج «منظومة الشر» التي تحكم العالم منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها عام 1945.. فاز رغم ما كانت تحظى به منافسته من دعم وحشد وتأييد من كل مؤسسات الدولة الأمريكية العميقة ومعظم «الماكينة الإعلامية» الرهيبة، بما في ذلك «غول السوشيال ميديا» الجبار. ورغم ما أُنْفِق من مليارات على هيلاري القاسية دفعتها جماعات ضغط في الداخل، على رأسها اللوبي الصهيوني الواسع السلطات والتأثير في بلاد «العم سام»، أو دفعها «أمراء مراهقون» مغامرون يحترفون تجارة «الحرب بالإنابة» ويحسبون أنفسهم أشقاء لنا وحلفاء.. زورًا وبهتانَا».
لماذا يكرهونه؟
السؤال موجه لمعارضي السيسي، حيث يتولى عبده مباشر الدفاع عنه في «الأهرام» معدداً إنجازاته: «في مواجهة حملات الغضب والإحباط والكراهية والاكتئاب ضد الرئيس السيسي، يحق لنا أن نتساءل: ما هي الأخطاء التي وقع فيها الرجل وأثارت هذه الموجات العالية النبرة؟ هل أخطأ بإطلاقه حملة شاملة ومستمرة للقضاء على «فيروس سي» الذي نال من أكباد ما يقرب من خمسة ملايين مصري؟ لقد نجحت الحملة جدا، ووفرت العلاج للجميع، ولم تعد هناك قوائم انتظار، ومع ذلك مازالت مستمرة. هل أخطأ الرجل عندما أبدى حرصه على حل مشكلة رغيف الخبز المزمنة؟ لقد أثمر هذا الحرص، وانتهت تماما طوابير الاقتتال من أجل الحصول على الخبز؟ ولم تكتف المنظومة بذلك، بل أتاحت الفرصة لكل من يوفر في استهلاك الخبز ليحصل على مجموعة من النقاط تتيح له الحصول على سلع أخرى مقابلها. هل أخطأ لأنه بدأ مشوار القضاء على العشوائيات، وتوفير سكن عصري وملائم لقاطنيها؟ هذه المشكلة المزمنة أعجزت كل المسؤولين من قبله، ولكنه لم يقبل بهذا العجز، ووضع مخططا قابلا للتنفيذ والنجاح، وتم فعلا توفير مئات الآلاف من فرص الحصول على مسكن لكثير من هؤلاء الغلابة؟ هل أخطأ لأنه حل مشكلة الكهرباء التي عاني منها المصريون طويلا؟ هل أخطأ لأنه عمل على إنشاء ورصف سبعة آلاف كيلومتر من الطرق، تربط بين كل أنحاء مصر؟ هل أخطأ بإنجاز مشروع ازدواج الممر الملاحي لقناة السويس، ما أدى إلى اختصار زمن رحلة العبور».
مائدة الشيطان

اهتم موقع «مصر العربية» على نحو خاص بتقرير نشر على موقع «إسرائيل شيلانو» العبري يتحدث عن أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عند اتصاله بالرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لتهنئته فور إعلان النتائج قال له «نتطلع لعملنا المشترك في الحرب على الإسلام الأصولي». وعرج الموقع على تحضير ترامب طاقم عمله الخاص بالشرق الأوسط قائلا: «قبل نحو أسبوعين أقام دونالد ترامب لجنة استشارية مهنية خاصة بشؤون الشرق الأوسط، بهدف العمل معه خلال ولايته حال انتخابه رئيسا. كل عضو في هذه اللجنة خبير في مجاله. الكثيرون من بين أعضائها الـ 15 مسلمون، أو مسلمون سابقون، مثل وليد فارس الخبير في الإرهاب الإسلامي ونوني درويش المولودة في مصر، التي يعرفها معظمنا بسبب قصتها الشخصية المثيرة»، وذلك في إشارة إلى درويش مؤسسة منظمة «عرب من أجل إسرائيل». في المقابل أشار «إسرائيل شيلانو» لما اعتبرها منظمات وجمعيات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدثة مثل CAIR مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية و ICNA الدائرة الإسلامية لأمريكا الشمالية و ISNA الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية، وزعم أن هذه المنظمات التي نمت وترعرعت في ظل إدارة أوباما، وباتت تتدخل بشكل كبير في السياسة الداخلية الأمريكية. وقال» CAIR تنظيم سياسي بكل ما تحمل الكلمة من معان، وضع مصطلح «الإسلاموفوبيا»، ونصح زعماؤه أوباما بعدم استخدام مصطلح «الإرهاب الإسلامي»، وصاروا أصحاب بيت في البيت الأبيض».

الاكاذيب لن تنقذنا

«لا يعد اللوم الدائم للإعلام المواجه أو الرافض منصفاً، إذا ما كان كاشفاً للجانب الآخر من الحقيقة مهما كانت مرة، حقيقة يؤمن بها عادل نعمان في «الوطن» وكذلك ليس التدليل الدائم للإعلام الداعم والراضي مصيباً، إذا ما خرج عن الصواب وزيف الحقيقة، ووالى لدرجة النفاق وشجع وهلل دون مردود، وأعان دون رؤية حقيقية عادلة، وفي هذا للأسف الكثير. فليس الإفراط في مليارات المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ، وتهويل الأرقام علانية أمام المشاهدين إلا تزييفاً لواقع وتضليلاً عن الحقيقة، وحين يتساءل الإعلام المشاكس عن مليارات المؤتمر الاقتصادي، باحثاً عن أسباب عزوف المستثمرين وطرق العلاج، يتهم بالتشويه والتحريف والتضليل، في الوقت ذاته يوصف من ضلل وأسرف بالوطنية والنزاهة. وحين كان الإعلام المخالف صادقاً مع نفسه وألقى الضوء على ري الخضر والفاكهة بمياه الصرف الصحي، نقلاً حقيقياً لواقع مر نعيشه ونراه، يجب أن نعترف به ونصححه مهما كانت عواقبه وتداعياته، أغمضت الدولة عينيها عن جريمة ترتكب تحت سمعها وبصرها، سواء في حق التصدير أو في حق المواطن، ولم تتحرك لتصحيح وضع كارثي يدمر صحة المواطنين، وكأن الأمر لا يعنيها، واكتفت بلوم وتأنيب واتهام الإعلام المشاكس والرافض الذي كشف الحقيقة، ولم يزيفها ولم يسترها. وليس توجيه الإعلام المخالف السؤال عن مقتل خمسة مواطنين عزل من السلاح، والمتهمين بقتل الإيطالي ريجيني سوى بحث عن الحقيقة، وحين يطالبون بالتحقيق العادل فإن كانت أياديهم نظيفة منها وجبت تبرئتهم، ورد الاعتبار لهم أمام أهلهم وأولادهم وشعبهم، وتعويض أهلهم عن ظلم وجفاء يعانون منه، وإن كانت غير ذلك نعلن عن الجريمة التي ارتكبوها واستحقوا عقابها، يتهم الإعلام المعاكس بالوقوف في خندق الأعداء وتشويه صورتنا أمام العالم».

مزورون بالقطعة

«ترزح الساحة بالكثيرين من الذين يعملون لحساب السلطة، ومن بينهم كما يشير حلمي القاعود في «الشعب» أستاذ الجامعة الذي يفترض أنه في ذروة الوعي وقمة الهرم الفكري، ويدرك أبعاد ما يجري حوله، ويعلم أن الشعوب لا تتقدم إلا بالحرية والكرامة والشورى والعدل، حين يتحول إلى مجرد مخبر أو كاتب تقارير أو ماسح بيادة، لأنه لا يستريح إلى الإسلام وقيمه وأخلاقه، فاعلم أن مصر ليست بخير
حين يتحول أستاذ الجامعة إلى مجرد مطبلاتي لقائد الانقلاب، ومداهن له، ويتناسى ما درسه في تخصصه العلمي حول الطبيعة العدوانية النكدة للعدو النازي اليهودي، ويتصور أن مبادرات الاستسلام والإذعان يمكن أن تقنع اليهود الغزاة بالسلام الحقيقي، والتخلي عن الوحشية التي يأمرهم بها خطابهم الديني وكتابهم المقدس، وإعادة الحقوق أو جزء منها لأصحابها؛ فاعلم أن مصر ليست بخير. حين يتحول الصحافي الذي يخاطب الناس في صحيفة يومية إلى مجرد تلميذ بليد في مدرسة النفاق والتضليل، فيقلب الحقائق، ويدلس على القراء، ويحول شعبه إلى أعداء يجب على السلطة الانقلابية أن تقاتلهم وتستأصلهم وتنزع الجنسية عنهم، لأنهم مسلمون ويتمسكون بدينهم وقيمه وأخلاقه؛ فاعلم أن مصر ليست بخير .هذه النماذج النفاقية الرخيصة حين تتصدر المشهد الانقلابي تعني أن مصر مقبلة على مجهول مُفزع لا يعلم إلا الله إلى أين يصب أو ينتهي .الصفوة الثقافية في المجتمع يفترض أن تكون حائط صدّ يحمي الشعب من الاستبداد والطغيان والقمع والارتماء في أحضان العدو. الصفوة الثقافية في أمريكا اللاتينية أيام حكومات العسكر الانقلابية؛ كانت مثالا رائعا لهذا الحائط. لقد دفعوا ثمنا باهظا، موتا وسجنا ومطاردة ونفيا، ولم يهادنوا أعداء الحياة وحملة البنادق وقادة الدبابات والطائرات.. التاريخ سجل لهم بالفخر والتمجيد دورهم العظيم في تحرير بلادهم».

مهارة الإعلاميين مرهونة بقدرتهم على توجيه السباب للمواطنين… وترامب بطل قومي عند أنصار السيسي

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية