مدريد- ‘القدس العربي’: تتفاعل قضية عميل وكالة الأمن القومي الأمريكي إدوارد سنودن الذي كشف عن أكبر عملية تجسس تنفذها واشنطن ولندن ضد العالم، حيث يتسبب في توتر العلاقات الدولية، لاسيما بعد اتخاذ دول أمريكا الجنوبية قرارات راديكالية منددة ببرامج التجسس هذه، مؤكدة تطوع عدد من دول المنطقة في تقديم اللجوء السياسي لسنودن. ويحذر غرين غرينولد، صحافي ‘الغارديان’ الذي فجر الملف أن هذا العميل قد يلحق أضرارا غير متوقعة بمصالح الولايات المتحدة في العالم.
وانفجر ملف إدوارد سنودن الشهر الماضي عندما كشف أن الولايات المتحدة تمتلك برنامجا للتجسس على العالم بدون استثناء، واسمه ‘بريزم’ يتجلى في تقديم شركات أمريكية مثل غوغل وآبل وسكايب والفايسبوك بيانات الى الاستخبارات الأمريكية. والبرنامج الثاني هو ‘تمبرا’ يتمثل في اعتراض الولايات المتحدة وأمريكا وبريطانيا كل مكالمات واتصالات العالم.
ويتفاعل ملف إدوارد سنودن بشكل كبير. وكانت الجريدة الفرنسية ‘لوفيغارو’ قد كتبت عندما انفجر الملف، أن قضية سنودن تتخذ أبعادا جيوستراتيجية حقيقية بسبب هروب هذا العميل الى الصين ثم روسيا، وهما البلدان اللذان يزاحمان واشنطن على النفوذ في العالم. وتعود وكالة أسوشيتد برس الأمريكية وتنشر تحليلا منذ أيام بعنوان ‘سنودن يزيد من عقدة العلاقات الدولية’، حيث ركزت على ردود فعل دول العالم وأهمها تلك الصادرة عن أمريكا الجنوبية.
وعمليا، فالتحدي الكبير في ملف سنودن يأتي من أمريكا الجنوبية كما تكتب المحللة فيكي بيلاييث، حيث انتقدت صمت الاتحاد الأوروبي. ومن مظاهر هذا الصمت تصريح وزير الدفاع الإسباني بيدرو مورنيس الذي أكد منذ أيام قائلا ‘يجب أن نبحث قضية التجسس الأمريكي ولكن لا ننسى أن الولايات المتحدة تساهم بـ70′ في توفير الدفاع للاتحاد الأوروبي عبر الحلف الأطلسي’.
لكن قمة دول ميركوسور، وهي فنزويلا والأوروغواي والبرازيل والأرجنتين، التي جرت في الأوروغواي منذ ثلاثة ايام تبنت مواقف متشددة تجاه الولايات المتحدة، فاجأت حتى الإدارة الأمريكية. وجاء في جرائد برازيلية أن واشنطن قلقة بسبب مشاركة البرازيل في المواقف الراديكالية، وهي التي كانت تتحفظ في كثير من مواقف أمريكا الجنوبية تجاه البيت الأبيض.
في هذا الصدد، أصدرت الدول الخمس المشكلة لميركوسور بيانا تنديديا شديد اللهجة ضد الولايات المتحدة، تتهمها بالتجسس لا لأهداف مكافحة الإرهاب بل لمعرفة المخططات المالية والعلمية لهذه الدول ودول العالم، وتستعملها ضدهم.
في الوقت ذاته، استدعت الدول الخمس سفراءها في إيطاليا وفرنسا واسبانيا والبرتغال للتشاور معهم بعد قرار هذه الدول التماطل في الترخيص لعبور طائرة رئيس بوليفيا إيفو موراليس الأجواء الأوروبية، عائدا من موسكو بعد حضوره لقمة منتجي الغاز، حيث كانت تعتقد هذه الدول الأوروبية أنه يحمل العميل سنودن معه على متن الطائرة.
ورغم تحذير واشنطن دول العالم بأنها لن تتساهل مع أية دولة إذا منحت اللجوء السياسي لسنودن، فقد تحدت بعض دول أمريكا الجنوبية التحذير الأمريكي وعرضت على عميل وكالة الأمن القومي الأمريكي اللجوء، وهي وهي نيكاراغوا وفنزويلا وبوليفيا. ويبدو أن سنودن سيتقدم بلجوء سياسي الى روسيا، حسبما أفادت مختلف وسائل الاعلام الروسية.
وفي تطور في ملف سنودن، كشف الصحافي البريطاني غرين غرينولد في حوار مع الجريدة الأرجنتينية ‘لنسيون’ عدد أول أمس، أن سنودن لديه آلاف الوثائق في حالة نشرها سيضع الولايات المتحدة في موقف حرج للغاية. وتابع أن هذه الوثائق تتضمن كيفية التجسس على كل دولة في العالم، وتشكل في الوقت نفسه، أحسن ضمانة لتفادي سنودن الاغتيال.